الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البديعة اللفظية (8) : "التفويت
"
هو أن يأتي المتكلم بمعاني شتى من موضوعات مختلفات، كالمدح، والوصف، والإِقرار، والإِنكار، والنُّصْح، والأمر، والنهي، وغير ذلك ويجعل ذلك في جُمْلٍ متفاصلة، مع تساويها في الوزن بوجه عام.
ويكون في الجمل الطويلة والمتوسطة والقصيرة.
ويبدو لي أنّ هذا العنوان الاصطلاحيّ مشتَقٌّ من كلمة "الْفَوْت" وهي الفرجَةُ بين كلِّ إصبعين، تشبيها للجمل المتفاصلة بأصابع الكفّ المتقاربة المتخالفة المتفاصلة.
والأمثلة على هذا النوع من أنواع البديع في القرآن كثيرة منها ما يلي:
المثال الأول: قول الله عز وجل في سورة (الشعراء/ 26 مصحف/ 47 نزول) حكاية لأقوال إبراهيم عليه السلام لقومه:
المثال الثاني: قول الله عز وجل في سورة (آل عمران/ 3 مصحف/ 89 نزول) :
{قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الخير إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ الليل فِي النهار وَتُولِجُ النهار فِي الليل
وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَتُخْرِجُ الميت مِنَ الحي وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الآيات: 26 - 27] المثال الثالث: قول الله عز وجل في سُورَةِ (الرحمن/ 55 مصحف/ 97 نزول) :
{الرحمان * عَلَّمَ القرآن * خَلَقَ الإنسان * عَلَّمَهُ البيان * الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ * والنجم والشجر يَسْجُدَانِ} [الآيات: 1 - 6] .
وهكذا إلى آخر السورة.
المثال الرابع: قول الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه:
"اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالإِسْلَامِ قَائماً، واحْفَظْنِي بِالإِسْلَام قَاعِداً، واحْفَظْنِي بالإِسْلَامِ رَاقِداً، وَلَا تُشْمِتْ بِيَ عَدُوّاً وَلَا حَاسِدَاً، اللَّهُمُّ إِنِّي أسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ خَزَائِنُهُ بِيَدِكْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ خَزَائِنُهُ بِيَدِكَ".
رواه الحاكم عن ابن مسعود
المثال الخامس: خطبة "قَسّ بين سَاعِدة الإِيَادِي" الذي كان أسْقُفَّ نَجْرَان، وخطيبَ العرب، وحَكِيمَها وحَكَمَها في زمانه، توفي سنة "600م".
قال في خطبته التي خطبها في سوق عكاظ:
"أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا وَعُوا، إِنَّهُ مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ. لَيْلٌ دَاج، ونهارٌ سَاج، وَسَمَاءٌ ذَاتُ أبْرَاج، ونُجُومٌ تُزْهِر، وبحَارٌ تزْخَر، وجِبالٌ مُرْسَاة، وَأَرْضٌ مُدْحَاة، وأَنَّهَارٌ مُجْرَاة، إنَّ في السَّمَاءِ لَخَبَرَا، وإِنَّ فِي الأَرْضِ لَعِبَرَا. مَا بَالُ النّاسِ يَذْهَبُونَ وَلَا يَرْجِعُون؟ أَرَضُوا فَأَقَامُوا؟ أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟.
يَا مَعْشَر إيَاد، أَيْنَ الآبَاءُ والأجْدَاد؟ وَأَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ الشِّدَاد؟ أَلَمْ يكُونُوا أَكْثَرَ منْكُمْ مَالاً؟ وأَطْوَلَ آجَالَا؟ طَحَنَهُمُ الدَّهْرُ بِكَلْكَلِه، ومَزَّقَهُمْ بِتَطَاوُلِهِ".
بِكَلْكَلِهِ: أي: بصدره.