الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البديعة المعنوية (10) : الاستخدام
الاستخدام: أن يُؤتَى بلفظ له معنيان فيرادَ به أوّلاً أحدهما، ويُعَادَ الضمير عليه أو يُشَارَ إليه باسم إشارة مراداً به المعنى الآخر، أو يُرادَ بأحد ضميريه أحَدُ معنَيَيْه وَيُراد بالآخر الآخَرُ منهما، سواءٌ أكان المعنيان حقيقيَّيْن، أم مجازيّيْن، أم مختلفَيْن.
وهذا فنّ بديع يدعو إليه الإِيجاز من جهة، وتَقْدِيرُ ذَكَاء المتلَقِّي وإرضاؤُه من جهة أخرى.
أمثلة:
المثال الأول: قول الله عز وجل في سورة (البقرة/ 2 مصحف/ 87 نزول) :
{شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
…
} [الآية: 185] .
قالوا: {فمن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} أي: ثَبَتَتْ لديه رؤية هلال الشهر، {فَلْيَصُمْهُ} أي: فلْيَصُمْ في أيّامه، فأعيد الضمير على الشهر بمعنى الزّمَنِ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في كلّ يومٍ من أيّامه.
أُطْلِقَ لفظ الشهر على معنى ثبوت دخوله بظهور هلاله، وأعيد الضمير عليه بمعنى الأزمان المخصوصة.
المثال الثاني: قول "جرير أو هو قول "معوّذ الحكماء":
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بأَرْضِ قَوْمٍ
…
رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَاباً
قصد بلفظ السماء أوّلاً المطر الّذي ينزل من الماء، وأعاد الضمير عليه مريداً به النبات الذي يَنْبُت في الأرض بسبب ارْتواء الأرض بالمطر.
المثال الثالث: قول البحتري من قصيدة يمدح بها "ابْنَ نَيْبَخْت" كما في ديوانه:
فَسَقَى الْغَضَا والنَّازِلِيهِ وإِنْ هُمُ
…
شَبُّوهُ بَيْنَ جَوانِحٍ وقُلُوبِ
لفظ "الْغَضَا" أراد به أوّلاً المكان، وأعاد الضمير عليه بعبارة:"والنّازِلِيه" على هذا المعنى، وأعاد الضمير عليه بعد ذلك على معنى شجر الغضا وحَطَبه الصّلب ذي النار الحارّة إذا اشتعل، فقال:"شَبُّوهُ" أي: أو قَدُوه.
المثال الرابع: قول "ابن معتوق الموسوي""1025هـ".
تَاللَّهِ مَا ذُكِرَ الْعَقِيقُ وَأَهْلُهُ
…
إِلَاّ وَأَجْراهُ الْغَرَامُ بِمِحْجَرِي
أراد بلفظ "العقيق" أوّلاً الوادي الذي بظاهر المدينة المنورة، وأعاد الضمير عليه بمعنى "الدَّم" الذي يشبه حجر العقيق الأحمر.
المثال الخامس: قولي صانعاً مثلاً للاستخدام، أُوَجِّهُه لأبي رحمة الله عليه:
شَهْمٌ كَرِيمُ السَّجَايَا فَارِسٌ بَطَلٌ
…
يَحْتَلُّ مِنْ ذُرُوَات الْمَجْدِ أَعْلَاهَا
لَمْ أَلْقَهُ دُونَ أَنْ أَلْقَى نَوَائِلَهُ
…
كَرَوْضَةٍ تَمْنَحُ الْعَافِينَ أَزْكَاهَا
كَمْ صَافَحَتْ يَدُهُ عِنْدَ اللِّقَاءِ يَدِي
…
ومُهْجَتِي بِجَزِيلِ الْحَمْدِ تَلْقَاهَا
المقصود بعبارة "يَدُهُ" عُضْوُهُ من جسده، وأعيد الضمير عليها بعبارة "تَلْقَاها" على معنَى إنعامه وعطيّته، على سبيل استخدام اللفظ في حقيقته أوّلاً، وفي مجازه ثانياً.
***