الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجواب العاشر:
أن يقال: لو لم يكن فعله لحكمة وغاية مطلوبة لم يكن مريدًا؛ فإن المريد لا يُعقَل كونه مريدًا إلا إذا كان يريد لغرض وحكمة، فإذا انتفت الحكمة والغرض انتفت الإرادة، ويلزم من انتفاء الإرادة أن يكون موجِبًا بالذات، وهو علة تامة في الأزل لمعلوله، فيلزم أن يقارنه جميع معلوله ولا يتأخر، فيلزم من ذلك قدم الحوادث المشهودة، وإنما لزم ذلك من انتفاء الحكمة والغرض المستلزم لنفي الإرادة، المستلزم للإيجاب الذاتي، المستلزم لقدم الحوادث، وتقرير هذا وبسطه في غير هذا الموضع.
فصل
قال نفاة الحكمة: جميع الأغراض يرجع حاصلها إلى شيئين: تحصيل اللذة والسرور، ودفع الألم والحزن والغم، والله سبحانه قادر على تحصيل هذين المطلوبين ابتداءً من غير شيء من الوسائط، ومَن كان قادرًا على تحصيل المطلوب ابتداءً بغير واسطة كان توسُّله إلى تحصيله بالوسائط عبثًا، وهو على الله محال.
قال أصحاب الحكمة: عن هذه الشبهة أجوبة:
الجواب الأول:
أن يقال: لا ريب أن الله على كل شيء قدير، لكن لا يلزم إذا كان الشيء مقدورًا ممكنًا أن تكون الحكمة المطلوبة بوجوده يمكن تحصيلها مع عدمه؛ فالموقوف على الشيء يمتنع حصوله بدونه، كما يمتنع حصول الابن بكونه ابنًا بدون الأب، فإن وجود الملزوم بدون لازمه محال، والجمع بين الضدين محال.
ولا يقال: فيلزم العجز؛ لأن المحال ليس بشيء، فلا تتعلق به القدرة، والله على كل شيء قدير، فلا يَخرج ممكنٌ عن قدرته البتّة.