الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونَصْر المظلوم، وجَبْر الكسير، ورَفْع بعض خلقه على بعض وجَعْلِهم درجات؛ ليُعرف قدرُ فضله وتخصيصه، فاقتضى ملكه التام وحمده الكامل أن يخرجهم إلى دار تحصل فيها محبوباته سبحانه، وإن كان لكثير منها طرق وأسباب يكرهها، فالموقوف على الشيء لا يحصل بدونه، وإيجاد لوازم الحكمة من الحكمة، كما أن إيجاد لوازم العدل من العدل، كما ستقف عليه في فصل إيلام الأطفال إن شاء الله
(1)
.
الوجه الثامن والعشرون:
أنه سبحانه أبرَزَ خلقه من العدم إلى الوجود ليجري عليه أحكام أسمائه وصفاته، فيظهر كماله المقدّس ـ وإن كان لم يزل كاملًا ـ، فمن كماله ظهور آثار كماله في خلقه وأمره، وقضائه وقدره، ووعده ووعيده، ومنعه وإعطائه، وإكرامه وإهانته، وعدله وفضله، وعفوه وانتقامه، وسعة حلمه، وشدّة بطشه.
وقد اقتضى كماله المقدّس سبحانه أنه كل يوم هو في شأن، فمن جملة شؤونه أن يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، ويشفي مريضًا، ويفك عانيًا، وينصر مظلومًا، ويغيث ملهوفًا، ويجبر كسيرًا، ويغني فقيرًا، ويجيب دعوة، ويُقِيل عثرة، ويعز ذليلًا، ويذل متكبرًا، ويقصم جبارًا، ويميت ويحيي، ويُضحِك ويُبكي، ويخفض ويرفع، ويعطي ويمنع، ويرسل رسله من الملائكة ومن البشر في تنفيذ أوامره، ويسوق مقاديره التي قدّرها إلى مواقيتها التي وقّتها لها، وهذا كله لم يكن ليحصل في دار البقاء، وإنما اقتضت حكمته البالغة حصوله في دار الامتحان والابتلاء.
(1)
في الوجه السادس والثلاثين (279).