الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنت شكيلي أو قرفندي؟ فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان"1.
وقال رحمه الله: "فكيف يجوز مع هذا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تفترق وتختلف، حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى، وقد برأ الله نبيه صلى الله عليه وسلم ممن كان هكذا، فهذا فعل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين واستحلوا دماء من خالفهم، وأما أهل السنة والجماعة فهم معتصمون بحبل الله، وأقل ما في ذلك أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه، وإن كان غيره أتقى لله منه!
…
وكيف يجوز التفريق بين الأمة بأسماء مبتدعة لا أصل لها في كتاب الله، ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ "2.
1 المصدر السابق "3/ 414".
2 المصدر السابق "3/ 419-421".
تاسعًا: أهل السنة أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
أهل السنة والجماعة هم أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ هو من أعظم
أصول الدين، ولكنهم يقومون به على ما توجبه الشريعة، فيلتزمون في نفس
الوقت أصلًا آخر، وقاعدة أخرى عظيمة، هي الحفاظ على الجماعة، وتأليف
القلوب واجتماع الكلمة، ونبذ التفرق والاختلاف.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجهاد، والجمع والأعياد مع الأمراء -أبرارًا كانوا أو فجارًا-، ويحافظون على الجماعات، ويدينون بالنصيحة للأمة"1.
وقال رحمه الله: "من الأمر بالمعروف: الأمر بالائتلاف والاجتماع، والنهي عن الاختلاف والفرقة"2.
1 المصدر السابق "3/ 158".
2 المصدر السابق "3/ 421".
فأهل السنة قد حملوا على عاتقهم مهمة مقاومة المنكر، وجهاد الدعاة إليه من المنافقين ومن آزرهم من الفاسقين، والعمل على إضعاف شأن أهل الريب والفساد، تحقيقًا لقوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104] .
فهم -من بين سائر الناس- قد نذروا أنفسهم لمحاربة المنكرات وأهلها، وإنكارها، وبيان حرمتها وخطرها، وأمر الناس بضدها من الخير والبر والمعروف.
وإذا كان الله عز وجل قد علق خيرية هذه الأمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان به سبحانه وتعالى، كما في قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110] ، كما أنه سبحانه قد امتدح المؤمنين بقيامهم بهذا الواجب العظيم، كما ورد ذلك في قوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71] ، إذا كان ذلك كذلك، فلا شك أن أهل السنة والجماعة هم أصحاب القدح المعلى، والنصيب الأوفر في هذا الباب، إذ هم خير هذه الأمة وأفضلها.
ومن اطلع على سيرة أئمة أهل السنة وتاريخهم ظهر له هذا الأمر واضحا جليا، وعلم أن أهل السنة لا يتركون هذا الواجب حتى لو أصابهم الأذى في سبيل ذلك.
ومن ذلك ما روي أن محمد بن المنكدر، وأصحاب له كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ونالهم في ذلك الأذى من السلطان1.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يخرج بتلاميذه، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويدورون على الخمارات والحانات، فيكسرون أواني الخمور،
1 انظر: الجامع للقيرواني ص155.