الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع: بين مصطلح أهل السنة ومصطلحات أخرى
أولاً: الفرقة الناجية
…
الفصل الرابع: بين مصطلح أهل السنة ومصطلحات أخرى
تقرر فيما سبق أن مصطلح أهل السنة والجماعة مما نطق بمعناه الكتاب والسنة، وتداول لفظه الصحابة والتابعون، وأهل الحق من الأسلاف الصالحين، ومن المفيد أن نتناول مصطلحات أخرى تداولها علماء التوحيد والعقيدة في الدلالة على المذهب الحق في أمور الاعتقاد.
أولا: الفرقة الناجية:
أما مصطلح الفرقة الناجية، فقد دلت عليه ظاهر الأحاديث الكثيرة التي رواها بضعة عشر صحابيا، ويكفي في ثبوت وجود هذه الفرقة الناجية أن تكون هذه الروايات قد ذكرتها بعد ذكر افتراق الأمة.
ومن هذه الروايات: ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بني إسرائيل تفرقت على إحدى وسبعين فرقة، فهلكت سبعون فرقة وخلصت واحدة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، فتهلك إحدى وسبعين وتخلص فرقة"، قالوا: يا رسول الله، من تلك الفرقة؟ ".
قال: "الجماعة، الجماعة"1.
وفي رواية قال: "ما أنا عليه وأصحابي"2.
ووصفها علي رضي الله عنه بأنها المستحقة لقوله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ
1 أخرجه أحمد "12070"، وابن ماجه "3993"، وأبو يعلى "4127"، قال البوصيري في مصباح الزجاجة "4/ 180":"هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".ا. هـ. وصححه الألباني في صحيح الجامع "2042".
2 سبق تخريجه.
وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 181] .
وورد في وصف غيرها من الفرق المناقضة لها أن في قلوبها زيغ، وأن الأهواء تتجارى بها كما يتجارى الكلب بصاحبه1.
وهذا يقتضي بمفهوم المخالفة سلامة الفرقة الناجية من الهوى والزيغ.
وجملة هذه الأوصاف تقضي بأن هذه الفرقة الناجية هي عين أهل السنة والجماعة، إذ هي الجماعة، وهم المستمسكون بما عليه الصحابة2، وهي أولى الناس بالسنة وأبعد الناس عن البدعة، فحيث أطلقت الفرقة الناجية فالمقصود بها أهل السنة والجماعة؛ لأنهم أولى الناس بالنجاة في الدنيا من الافتراق، وفي الآخرة من النار.
قال عبد القادر الجيلاني رحمه الله: "وأما الفرقة الناجية: فهي أهل السنة والجماعة"3.
وقال شيخ الإسلام في أول عقيدته الواسطية: "أما بعد: فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة
…
"4.
1 أخرجه أحمد "16490"، وأبو داود "4597"، والحاكم "443"، من حديث معاوية رضي الله عنه، وصححه الحاكم والألباني في صحيح الجامع "2641".
2 وانظر: فتاوى مهمة لعموم الأمة للشيخ ابن باز ص17.
3 الغنية لطالبي طريق الحق لعبد القادر الجيلاني ص85.
4 العقيدة الواسطية لابن تيمية بشرح الشيخ هراس ص14.