المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثامن: واضع علم التوحيد - طريق الهداية مبادئ ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة

[محمد يسري إبراهيم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: أهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأول: مصطلح أهل السنة والجماعة

- ‌أولًا: تعريف المصطلح باعتبار مفرداته:

- ‌ تعريف السنة لغة واصطلاحًا:

- ‌ثانيا: تعريف المصطلح باعتبار تركيبه الإضافي:

- ‌الفصل الثاني: سبب التسمية وذيوعها:

- ‌الفصل الثالث: مشروعية هذه التسمية:

- ‌الفصل الرابع: بين مصطلح أهل السنة ومصطلحات أخرى

- ‌أولاً: الفرقة الناجية

- ‌ثانيا: الطائفة المنصورة:

- ‌ثالثا: أهل الحديث:

- ‌رابعا: السلف:

- ‌الفصل الخامس: الخصائص والصفات العامة لأهل السنة والجماعة

- ‌أولا: أهل السنة ليس لهم اسم يجمعهم سوى هذا الاسم:

- ‌ثانيا: أهل السنة لا يجمعهم مكان واحد، ولا يخلو عنهم زمان:

- ‌ثالثا: أهل السنة مشتغلون بأبواب الخير كافة:

- ‌رابعا: أهل السنة نمط واحد في باب الاعتقاد وأصول الدين:

- ‌خامسًا: أهل السنة أحرص الناس على الاتباع والائتلاف، وأبعد الناس عن الافتراق والاختلاف

- ‌سادسًا: أهل السنة أعلم الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبعهم:

- ‌سابعًا: أهل السنة يجمعون بين واجب الاجتماع على الأئمة وأهل الحل والعقد من الأمة

- ‌ثامنا: أهل السنة يوالون بالحق ويعادون بالحق ويحكمون بالحق:

- ‌تاسعًا: أهل السنة أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌عاشرًا: أهل السنة لا يتخلون عن واجب، ولا تزال طائفة منهم قائمة به إلى قيام الساعة:

- ‌الفصل السادس: الانتساب لأهل السنة والجماعة:

- ‌الباب الثاني: علم التوحيد مبادىء ومقدمات

- ‌الفصل الأول: مبادىء علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: حد علم التوحيد

- ‌المبحث الثاني: أسماء علم التوحيد

- ‌المبحث الثالث: موضوع علم التوحيد

- ‌المبحث الرابع: حكم علم التوحيد

- ‌المبحث الخامس: فضل علم التوحيد

- ‌المبحث السادس: استمداد علم التوحيد

- ‌المبحث السابع: نسبة علم التوحيد

- ‌المبحث الثامن: واضع علم التوحيد

- ‌المبحث التاسع: غاية علم التوحيد

- ‌المبحث العاشر: مسائل علم التوحيد

- ‌الفصل الثاني: خصائص العقيدة عند أهل السنة والجماعة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: التوقيفية "الربانية

- ‌المبحث الثالث: الوسطية

- ‌المبحث الرابع: العقلانية

- ‌المبحث الخامس: الفطرية

- ‌المبحث السادس: الشمولية

- ‌الفصل الثالث: قواعد وضوابط الاستدلاال على مسائل الاعتقاد

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: الإيمان والتسليم والتعظيم لنصوص الوحيين

- ‌المبحث الثاني: جمع النصوص في الباب الواحد وإعمالها

- ‌المبحث الثالث: اشتمال الوحي على مسائل التوحيد بأدلتها

- ‌المبحث الرابع: حجية فهم الصحابة والسلف الصالح

- ‌المبحث الخامس: الإيمان بالنصوص على ظاهرها ورد التأويل

- ‌المبحث السادس: درء التعارض بين صحيح النقل وصريح العقل

- ‌المبحث السابع: موافقة النصوص لفظًا ومعنى أولى من موافقتها في المعنى دون اللفظ

- ‌المبحث الثامن: الكف عما سكت عنه الله ورسوله وأمسك عنه السلف

- ‌الملاحق

- ‌الملحق الأول: فهرس تفصيلي لمسائل العقيدة عند أهل السنة والجماعة

- ‌الملحق الثاني: تعريف ببعض مصنفات العقيدة عند أهل السنة والجماعة

- ‌الخاتمة:

- ‌المراجع:

- ‌فهرس الكتاب:

الفصل: ‌المبحث الثامن: واضع علم التوحيد

‌المبحث الثامن: واضع علم التوحيد

لا شك أن التوحيد جاءت به الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، وأما علم التوحيد، فقد مر في وضعه وتدوينه بطورين:

أولهما: طور الرواية "ما قبل التدوين"، والثاني: طور التدوين والاستقرار.

وهذه لمحة عن كلتا المرحلتين.

أولا: طور الرواية:

لم يكن الرعيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم بحاجة إلى التدوين في العلوم الشرعية، فقد كانوا يتلقون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحيين،" ويوردون عليه ما يشكل عليهم من الأسئلة والشبهات، فيجيبهم عنها بما يثلج صدورهم، وقد أورد عليه من الأسئلة أعداؤه وأصحابه، أعداؤه للتعنت والمغالبة، وأصحابه للفهم والبيان وزيادة الإيمان"1، وكل ذلك رواه الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم لمن بعدهم، فكانت مسائل الاعتقاد محفوظة في أذهانهم، مستدلا عليها بكتاب ربهم، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولم يقع بينهم اختلاف في شأن العقيدة، بل اجتمعوا على عقيدة صحيحة، سالمة نقية خالية من كل شوب، فكانوا" أقرب إلى أن يوفقوا إلى الصواب من غيرهم بما خصهم الله به من توقد الأذهان، وفصاحة اللسان، وسعة العلم، وتقوى الرب، فالعربية طريقتهم وسليقتهم، والمعاني الصحيحة مركوزة في فطرهم وعقولهم.... علموا التنزيل وأسبابه، والتأويل وآدابه، وعاينوا الأنوار القرآنية، والأشعة المصطفوية، فهم أسعد الأمة بإصابة الصواب، وأجدرها بعلم فقه السنة والكتاب"2.

1 زاد المعاد لابن القيم "3/ 680".

2 إعلام الموقعين لابن القيم "4/ 148-150" بتصرف.

ص: 175

لأجل هذا لم يكن الصحابة رضي الله عنهم بحاجة إلى تدوين علم التوحيد، أو تصنيف كتب فيه.

ثانيا: طور التدوين:

وبدأ هذا في حياة التابعين، وإن وقعت في زمنه صلى الله عليه وسلم صور من الكتابة والتدوين، حيث ابتدأ ذلك الإمام الزهري رحمه الله تعالى، ثم شاع ذلك في النصف الأول من القرن الثاني الهجري، كما فعل الإمام مالك في الموطأ، حيث رتبت الأحاديث على أبواب تتعلق بالتوحيد مثل: باب الإيمان، وباب التوحيد، وباب العلم، إلخ

ولعل هذا التبويب للأحاديث كان النواة الأولى في استقلال كل باب فيما بعد بالتصنيف والبحث.

ومما أوقد جذوة التدوين ما وقع في آخر زمن الصحابة من بدع، واختلاف في العقدية، كما في مسألة القدر، وكان أول من تكلم به معبد الجهني "ت: 80هـ"، ومسألة التشيع والغلو في آل البيت، وفتنة عبد الله بن سبأ، كما وقعت من قبل بدعة الخوارج وصرحوا بالتكفير بالذنوب، وبعد ذلك نشأ مذهب المعتزلة على يد واصل بن عطاء "ت: 131هـ"، وصنف في مسائل من العقيدة ما خالف به الصحابة والتابعين، وخرج على إجماع خير القرن في الاعتقاد، فتصدى له التابعون بالرد عليه والمناظرة في هذه المسائل، ثم بدأ التصنيف في عقيدة أهل السنة حين أصبح ضرورة لا بد منها لنفي تأويل المبطلين، ورد انحراف الغالين، وكان أول مدون عرفناه في العقيدة -على هذا النحو- هو كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة رحمه الله "ت: 150هـ"، وهو ثابت النسبة إليه، رواه أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي، كما رواه حماد بن أبي حنيفة. حدد فيه أبو حنيفة عقائد أهل السنة تحديدا منهجيا ورد فيه على المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والشيعة، واشتمل على خمسة أبواب -في أتم رواياته-: الأول في القدر، والثاني والثالث في المشيئة، والرابع في الرد على من يكفر بالذنب، والخامس في الإيمان، وفيه حديث عن الأسماء والصفات،

ص: 176

والفطرة، وعصمة الأنبياء، ومكانة الصحابة، وغير ذلك من مباحث العقيدة.

فلو قال قائل: إن واضع علم التوحيد -بمعنى أول من وضع مؤلفا خاصا في الفن من أهل السنة- هو الإمام أبو حنيفة، لكان صادقا ولم يبعد عن الصواب، "وإن كان قد قيل: إن واضعه الإمام مالك بن أنس، وأنه ألف فيه رسالة، وقيل أيضا أنه لما كثرت الفتن أمر المنصور بوضع كتب لإزالتها والرد عليها"1.

كما ثبت أن الإمام ابن وهب رحمه الله "ت: 197هـ"، وضع كتابا في القدر على طريقة المحدثين في جمع الأحاديث، وإن كان دون تبويب.

ولقد نسب كتاب بنفس اسم الفقه الأكبر للإمام الشافعي رحمه الله2 "ت: 204هـ"، تناول فيه مسائل الاعتقاد مسألة مسألة، ورد على الفرق المخالفة في ثنايا كلامه، إلا أن نسبة الكتاب إلى الإمام الشافعي غير موثقة، قال حاجي خليفة في كشف الظنون"

لكن في نسبته إلى الشافعي شك، والظن الغالب أنه من تأليف بعض أكابر العلماء"3.

ثم تتابع التأليف بعد أبي حنيفة في علم التوحيد، ولكن بأسماء مختلفة لهذا العلم، فمن أول ذلك كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام "ت: 224هـ"، وتبعه على هذا كثيرون إلى يوم الناس هذا، كما ظهر مصطلح السنة للدلالة على ما يسمل من الاعتقادات، واشتهر ذلك زمن الإمام رحمه الله، ومن الكتب المصنفة باسم السنة، كتاب السنة لابن أبي شيبة رحمه الله "ت: 235هـ"، والسنة للإمام أحمد رحمه الله "ت: 240هـ"، وغير ذلك، ثم ظهر مصطلح التوحيد في مثل كتاب التوحيد لابن سريج

1 اللؤلؤ المنظوم في مبادئ العلوم لمحمد أبي عليان الشافعي ص237.

2 طبع بتحقيق د. محمد محمود فرغلي.

3 كشف الظنون لحاجي خليفة "2/ 1287".

ص: 177

البغدادي رحمه الله "ت: 306هـ"، وكتاب التوحيد لابن خزيمة رحمه الله "ت: 311هـ"، وواكب ذلك ظهور مصطلح أصول الدين، ثم ظهر التأليف باسم العقيدة أوائل القرن الخامس الهجري، واستقرت حركة التصنيف ومنهج التأليف، واستقل علم التوحيد علما متميزا عن غيره بلقب ومنهج مخصوص.

وأخيرًا فإن فيما سبق بيانه رد على من زعم -من الأشاعرة والماتريدية- أن واضعي علم التوحيد هما: أبو الحسن الأشعري "ت: 324هـ"، وأبو منصور الماتريدي "ت: 333هـ"، حيث سبقا بتآليف كثيرة كتبت على منهج أهل الحديث، أهل السنة والجماعة.

ص: 178