الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: أنواع علوم الحديث المتعلِّقة بشخص الراوي أو اسمه مما لم يسبق ذكره في الباب الأول
الفصل الأول: الأنواع المتعلقة بشخص الراوي
المبحث الأول: معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر
…
المبحث الأول: معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر
أولاً: تعريفه:
هو أن يروي الأكبر سنّاً وطبقة أو مكانة وقدراً عمن هو دونه.
والأصل في هذا الباب: رواية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري 2 حديث الجساسة الذي رواه الإمام مسلم. 3
ثانياً: أقسامه 4:
1-
أن يكون الراوي أكبر سناً وأقدم طبقة من المروي عنه كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك، قال السخاوي
(ت 902 هـ) : في خلق غيرهما من شيوخه، أفردهم الرشيد العطار (ت 711 هـ) ، في مصنف سماه "الإعلام بمن حدث عن مالك بن أنس الإمام من مشايخه السادة الأعلام" 5، وكأبي القاسم عبيد الله بن أحمد الأزهري أحد شيوخ الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) ، روى عن الخطيب في بعض تصانيفه، والخطيب إذ ذاك في عنفوان
1سبق ذكر بعض هذه الأنواع في الباب الأول منها: المؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، والمتشابه، ومعاجم الشيوخ، وغيرها.
2التبصرة والتذكرة (3 / 64) ، وفتح المغيث (4 / 165) .
3في كتاب الفتن من صحيحه (4 / 2261) ح 119.
4علوم الحديث (ص: 276 - 277) ، وشرح التبصرة والتذكرة (3 / 64 - 66) ، وتدريب الراوي (2 / 244) .
5فتح المغيث (4 / 165) .
شبابه وطلبه.
2-
أن يكون الراوي أكبر قدراً من المروي عنه، بأن يكون حافظاً عالماً فقيهاً، والمروي عنه شيخاً راوياً فحسب، كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار، وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسى العبسي في أشباه لذلك كثيرة.
3-
أن يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعاً، وذلك كرواية كثير من العلماء والحفاظ عن أصحابهم وتلامذتهم، كعبد الغني الأزدي الحافظ (ت 409 هـ) في روايته عن محمد بن علي الصوري (ت 441 هـ) ، وكرواية أبي بكر أحمد بن محمد البرقاني (ت 425 هـ) عن أبي بكر الخطيب (ت 463 هـ) ، وكرواية الخطيب عن أبي نصر الأمير ابن ماكولا (ت 478 هـ) ، ونظائر ذلك كثيرة.
قال ابن الصلاح (ت 643 هـ) : "ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي كرواية العبادلة 1 وأبي هريرة وأنس بن مالك ومعاوية ابن أبي سفيان وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار، وكذلك رواية التابعي عن تابع التابعي مثل رواية الزهري ويحيى ابن سعيد الأنصاري عن مالك وغير ذلك". 2
قال السخاوي (ت 902 هـ) : "ومن ذلك رواية هشام بن عروة ويحيى بن أبي
1وهم: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله ابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وليس منهم عبد الله بن مسعود لتقدم موته (توفي سنة (32 هـ) قاله أحمد بن حنبل. تدريب الراوي (2 / 219)
2علوم الحديث (ص: 277) .
كثير عن معمر، وكذلك قتادة والزهري ويحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي". 1
ثالثاً: أهمية هذا النوع وفائدة معرفته:
قال ابن الصلاح: "ومن الفائدة فيه أن لا يتوهم كون المروي عنه أكبر أو أفضل من الراوي نظراً إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك فيجهل بذلك منزلتهما". 2
وقال الحافظ السخاوي: "وهو نوع مهم تدعو لفعله الهمم العلية والأنفس الزكية، ولذا قيل: لا يكون الرجل محدثاً حتى يأخذ عمن
فوقه ومثله ودونه 3، وفائدة ضبطه الخوف من ظن الانقلاب في
السند 4، والتنويه من الكبير بذكر الصغير، وإلفات الناس إليه في الأخذ عنه". 5
1فتح المغيث (4 / 167) .
2علوم الحديث (ص: 276) .
3أخرج الخطيب بسنده إلى الإمام سفيان بن عيينة قال: "لا يكون الرجل من أهل الحديث حتى يأخذ عمن هو فوقه وعمن هو دونه وعمن هو مثله". الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2 / 218) رقم 1661، وعن وكيع قال:"لا يكون الرجل عالماً حتى يحدث عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه".
وعن أبي عبد الله البخاري قال: "لا يكون الرجل عالماً حتى يأخذ أو يحدث عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه"، وقد طبق البخاري ذلك في صحيحه فروى عن شيوخه وعن أقرانه وبعض تلاميذه. هدي الساري مقدمة فتح الباري (ص: 479) ط: السلفية بالقاهرة.
4فتح المغيث (4 / 461) .
5فتح المغيث (4 / 167) .