الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: تعريف موجز بكتاب "الطبقات" لمحمد بن سعد
اسمه: عنوان النسخة المطبوعة: "الطبقات الكبرى"، وذكره الذهبي والعراقي باسم:"الطبقات الكبير". 1
مؤلفه: قال عنه الحافظ أبو عبد الله الذهبي: "
…
الحافظ العلامة الحجة أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي مولاهم، كاتب الواقدي ومصنف "الطبقات الكبير" في بضعة عشر مجلداً، و "الطبقات الصغير"، ولد بعد الستين ومائة، وطلب العلم في صباه ولحق الكبار، توفي ببغداد سنة (230 هـ ") .
منهج ابن سعد فى كتابه "الطبقات الكبرى" 2:
يمكن تقسيم كتاب "الطبقات الكبرى" إلى الأقسام الآتية 3:
1انظر: سير أعلام النبلاء (10 / 664) ، والتبصرة والتذكرة (3 / 274) .
2لخصته بتصرف - مع الرجوع للطبقات نفسه - مما كتبه الأستاذ الدكتور أكرم العمري في كتابه بحوث في تاريخ السنة (ص: 78 - 80، 183 - 184)، وما كتبه الدكتور محمد بن صامل السلمي في كتابه منهج كتابة التاريخ الإسلامي (ص: 369 - 373) .
3النسخة المطبوعة من طبقات ابن سعد موزعة كما يلي:
أ- قسم السيرة والمغازي ويقع في المجلدين الأول والثاني.
ب- قسم طبقات الصحابة ويقع في المجلدين الثالث والرابع، وقد سقط من هذه الطبعة أكثر من نصف الطبقة الثالثة من الصحابة، وكامل الطبقتين الرابعة والخامسة أيضاً، وقد تم تحقيق الطبقتين الرابعة والخامسة في قسم التاريخ في جامعة أم القرى، وأما باقي الطبقة الثالثة فهو تحت التحقيق في جامعة لندن، رسالة دكتوراه في التاريخ من قبل الأستاذ محمد بن عبد الله السلومي.
ج- قسم طبقات من بعد الصحابة والتابعين وأتباع التابعين فمن بعدهم
…
قد حوته المجلدات الخامس والسادس والسابع، وقد خصص المجلد الثامن للنساء من الصحابيات وبعض التابعيات كحفصة بنت سيرين، وأختها كريمة، وعمرة بنت عبد الرحمن، وقد سقط من هذا القسم معظم الطبقة الثالثة وكامل الرابعة والخامسة ونصف السادسة من تابعي المدينة وأتباعهم، وقد طبع بتحقيق الدكتور زياد منصور في المجلس العلمي في الجامعة الإسلامية بالمدينة، كما يوجد سقط أيضاً في مواضع متفرقة لكنها بأعداد يسيرة.
الأول: السيرة النبوية:
وقد استغرقت من النسخة المطبوعة مجلدين، ويتلخص منهجه في هذا القسم فيما يلي:
1-
سلك فيه منهج مدرسة ابن إسحاق في دراسة السيرة حيث يقدم للأحداث والأخبار بجمع أسانيده إليها ثم يعقب بقوله: "دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا". 1
وكثيراً ما يفعل ذلك في أسانيد شيخه: محمد بن عمر الواقدي. 2
2-
لم يقتصر فيه على ما أخذه عن شيخه الواقدي، بل استقى من مصادر أخرى كثيرة، حيث أكثر الرواية عن نيف وستين شيخاً معظمهم من المحدثين الذين اهتموا بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة
1انظر مثلاً: (2 / 5 - 6) وغيرها.
2انظر مثلاً: (1 / 90 - 91، 117 - 119، 210 - 211، 220 - 221) وغيرها.
والتابعين، وهناك شيوخ آخرون، إلا أنه لم يكثر عنهم.1
3-
يسوق الخبر الرئيس عن الغزوة، فيرويه عن مجموعة الرواة الذين ذكرهم في أول حديثه عن الغزوات ثم يكمل الحديث بروايات مفردة من مصادر متعددة، يسوقها بأسانيدها، وإذا عاد لرواية الجماعة يقدم ذلك بقوله: "قالوا
…
". 2
4-
إذا بدأ في الحديث عن غزوة جديدة، فإنه لا يعيد الأسانيد مجموعة كما يفعل شيخه الواقدي، وإنما يعطف على الأسانيد السابقة بقوله: "ثم غزوة كذا
…
". 3
الثانى: طبقات الصحابة:
وقد قسمهم رحمه الله باعتبار سابقتهم في الإسلام وفضلهم إلى خمس طبقات 4، وهي:
الأولى: من شهد بدراً من المهاجرين والأنصار.
الثانية: من لهم إسلام قديم ولم يشهدوا بدراً ومن شهد أحداً.
1لمزيد من التفصيل راجع ما كتبه الأستاذ الدكتور أكرم العمري في بحوث في تاريخ السنة (ص: 79 - 80) .
2انظر مثلاً: الطبقات الكبرى (2 / 5 - 6، 10 - 11، 36 - 37) وغيرها.
3انظر مثلاً: الطبقات الكبرى (2 / 8 - 9، 36، 57، 59، 61 - 63، 95) وغيرها.
4تدريب الراوي (2 / 221)، ومنهج كتابة التاريخ الإسلامي (ص: 370 - 371) .
الثالثة: من أسلم بعد أحد وقبل فتح مكة.
الرابعة: مسلمة الفتح ومن أسلم بعد الفتح.
الخامسة: من توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أحداث الأسنان مثل الحسن والحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس
…
". 1
ثم رتب من ترجمهم في كل طبقة على الأنساب، مبتدئاً برهط رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم ثم بقية فروع قريش، وهكذا سائر القبائل من العدنانية ثم القحطانية.
وقد أعاد تراجم بعض الصحابة بحسب المدن التي نزلوا بها عندما يترجم لعلماء كل مدينة - كما سيأتي بيانه - لكنه يختصر الترجمة عندما يعيد ذكرها.
الثالث: طبقات من بعد الصحابة من التابعين ومن بعدهم إلى عصره:
ويختلف عدد طبقاتهم من بلد إلى آخر، فبينما نجده بلغ بهم في المدينة سبع طبقات نجده جعلهم في مكة خمس طبقات، وفي الكوفة تسع طبقات، وفي البصرة ثمان طبقات، وهكذا
…
سار على هذا المنوال في تعداد الأمصار الإسلامية آنذاك.
أما التابعين فقد جعلهم من ثلاث إلى أربع طبقات 2، لكن التمييز بين طبقات التابعين وأتباع التابعين ومن بعدهم في "طبقات ابن سعد" عسير إلا على من له معرفة ودربة واسعة بالرجال، لأنه
1منهج كتابة التاريخ الإسلامي (ص: 370 - 371) ح 7.
2انظر: شرح التبصرة والتذكرة للعراقي (3 / 274) .
يسرد طبقاتهم جميعاً بتعاقب ولم يفصل بينهم كما فعل في تمييز الصحابة عن غيرهم. 1
وفي هذا القسم نجد ابن سعد يقدم لتراجم علماء كل بلد بذكر من نزل ذلك البلد من الصحابة رضي الله عنهم ممن سبق أن ترجمهم في قسم طبقات الصحابة، لكنه يعيد تراجمهم مختصرة. 2
أسلوبه في تراجم الرواة:
اهتم ابن سعد بتراجم الصحابة والتابعين والأتباع من المتقدمين فيطيل تراجمهم ويفصل أخبارهم - أكثر من اهتمامه بتراجم المعاصرين له، ولعل سبب ذلك يعود إلى أثر الصحابة والتابعين في الرواية مما يجعل لأحوالهم وأخبارهم والتعريف بهم أهمية فائقة. 3
ومما يهتم به ابن سعد في الترجمة:
أ- ذكر نسب الراوي من جهة أبيه وربما من جهه أمه أحياناً، ويرجع بذلك إلى ما قبل الإسلام، لذلك كان كتابه غنيّاً بعلم الأنساب مما يدل على تضلعه في هذا العلم.
ب- ذكر أبناء وبنات المترجم مع ذكر أمهاتهم وسرد أنسابهن.
ج- يذكر - في الغالب - كنية الرجل ولقبه كما يذكر المهنة التي كان يزاولها والمناصب الإدارية أو القضائية التي تولاها، كما يذكر رحلاته إلى الأمصار الأخرى، وربما كرر ترجمته بحسب
1بحوث في تاريخ السنة (ص: 183) .
2انظر مثلاً: الطبقات (6 / 5) ، (7 / 5) .
3بحوث في تاريخ السنة (ص: 78 - 79) .
الأمصار التي ارتحل إليها.
د- في كثير من التراجم يقدم ابن سعد معلومات دقيقة عن الراوي من حيث صفاته الخَلْقية والخُلُقية أو أحواله الدالة على مكانته العلمية أو على عقيدته كما يذكر بعض شيوخه وتلاميذه.
هـ- يستعمل ابن سعد ألفاظ الجرح والتعديل في تراجم من بعد الصحابة كقوله: "ثقة، ثبت، حجة، كثير الحديث"، وقوله:"فيه ضعف، ضعيف ليس بشيء، ليس بذاك"، ونحو ذلك. 1
1بحوث في تاريخ السنة (ص: 79) ، طبقات ابن سعد، مقدمة تحقيق القسم المتمم لطبقات التابعين في المدينة بتحقيق الدكتور زياد منصور (ص: 65) .
ما امتازت به "طبقات" محمد بن سعد على "طبقات" معاصره خليفة بن خياط (ت 420 هـ) 1:
1-
جعل ابن سعد الصحابة خمس طبقات في حين جعلهم خليفة طبقة واحدة، والسبب هو: أن ابن سعد اعتبر في تقسيمهم سابقتهم في الإسلام وفضلهم، أما خليفة بن خياط فلم يعتبر شرطاً سوى كونهم صحابة اشتركوا في صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
2-
يطيل ابن سعد الترجمة - غالباً - وخاصة في طبقات الصحابة والتابعين. 2
3-
يستعمل محمد بن سعد ألفاظ الجرح والتعديل ويذكر بعض تلاميذ وشيوخ المترجم وبعض أخباره وأحواله في حين لا نجد شيئاً من ذلك في كتاب خليفة بن خياط.
4-
تضمن كتاب محمد بن سعد قسماً خصصه للسيرة والمغازي.
أما كتاب خليفة بن خياط فقد خلا من ذلك.
1استندت في هذه المقارنة إلى ما كتبه الأستاذ الدكتور أكرم العمري في بحوث في تاريخ السنة (ص: 78 - 80، 183 - 185) .
2انظر: تراجم الصحابة في المجلدين الثالث والرابع، في التابعين انظر مثلاً: ترجمة محمد بن الحنفية (5 / 91 - 116)، وترجمة سعيد بن المسيب (5 / 119 - 143) وغيرها وفي تابعي الكوفة انظر مثلاً: ترجمة شريح القاضي (6 / 131 - 145) ، وإبراهيم النخعي (6 / 270 - 284) ، وغيرها.
ومما يشترك فيه محمد بن سعد وخليفة بن خياط في كتابيهما ما يلي: 1
1-
إن أساس تقسيم الطبقات عندهما - فيما عدا الصحابة - قائم على اعتبار اللقي بين الصحابة والتابعين، فكبار التابعين هم الذين رووا عن كبار الصحابة ذوي السابقة والفضل، وهم الطبقة الأولى من التابعين، أما التابعون الذين رووا عن صغار الصحابة ولم يلقوا كبارهم لعدم لحاقهم بهم فيكونون طبقة ثالثة أو رابعة، وكذلك فإن من روى عن سعيد بن المسيب وغيره من كبار التابعين يكونون الطبقة الأولى من أتباع التابعين
…
وهكذا.
2-
الاهتمام بالأنساب والرجوع بها إلى ما قبل الإسلام إلا أن هذا قل فيما بعد جيل الصحابة حتى تلاشى في الطبقات المتأخرة، إذ حل مكان النسب إلى القبيلة النسب إلى المدن والمهن ونحو ذلك، وذلك بعد اختلاط العرب بالعجم، وسكناهم المدن والأمصار.
3-
ترتيب الصحابة على النسب بدءاً برهط رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم فسائر فروع قريش فالقبائل العدنانية ثم القحطانية.
4-
إن كلاً منهما يعيد ذكر الصحابة الذين تفرقوا في الأمصار عندما يترجم لعلماء كل مصر، حيث يقدم لتراجم كل مصر بذكر من نزله من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان قد سبق ذكرهم في أول الكتاب.
1استندت في هذه المقارنة إلى ما كتبه الأستاذ الدكتور أكرم العمري في بحوث في تاريخ السنة (ص: 78 - 80، 183 - 185) .