الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن: طرق إثبات مقاصد الشريعة
المطلب الأول: الاستنباط المباشر من القرآن والسنة
…
المبحث الثامن: طرق إثبات مقاصد الشريعة
يصطلح على تسمية هذا المبحث بمسالك الكشف عن المقاصد، أو سبل ثبات المقاصد، أو طرق كشف وتعيين المقاصد، وغير ذلك1.
ويمكن أن نورد بيان تلك المسالك ضمن مسلكين كبيرين، على ضوء ما قرره بالخصوص كل من الشاطبي وابن عاشور2.
المطلب الأول: الاستنباط المباشر من القرآن والسنة
سواء من خلال مجرد الأمر والنهي الابتدائين التصريحيين3، أو من خلال اعتبار علل الأمر والنهي4.
ومثال الأمر والنهي: أمره تعالى بالصلاة والزكاة والحج وإقامة العدل والإحسان والشورى....، ونهيه عن الفواحش والمعاصي والمحرمات..، وكل تلك الأوامر مُعللة بحكم ومقاصد جلب الخير والنفع للإنسان، ودفع الشر والضرر عنه.
1 عنوان الشاطبي لذلك بقوله: "فصل في بيان الجهات التي يعرف بها مقاصد الشارع على الحد الأوسط" الموافقات: 2/391. وعنوان ابن عاشور لذلك بقوله: "طرق إثبات المقاصد الشرعية". المقاصد: ص19.
2 عقدت مقارنات بين الرجلين فيما يتعلق بتلك المسلك، انظر: مسالك الكشف..د. النجار: ص19-20.
3 الموافقات: 2 / 393.
4 الموافقات: 2 / 393.
فَيُفهم من الأمر الشرعي أن مقصود الشارع، ومراده يتمثل في القيام بالمأمور به، وكذلك يُفهم من النهي الشرعي أن المقصود منه هو تجنب المنهي عنه وتركه والابتعاد عنه؛ فالأمر والنهي هما الطريق الأول لمعرفة المقاصد الشرعية وإثباتها وتقريرها. أو من خلال النصوص التقريرية1.
ومثال النصوص التقريرية: جملة الآيات والأحاديث التي أقرت كثيرًا من المقاصد والمصالح، كمقصد رفع الحرج الذي أقرته الآية الكريمة:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} 2، ومقصد مراعاة التيسير والتخفيف والذي أقرته الآية:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} 3. وكمقصد العدل والحرية الثابت بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} 4 وقوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} 5. أو من خلال تتبع الأدلة الواردة حول علة واحدة، ومثالها: النهي عن الاحتكار، وعن بيع الطعام قبل قبضه، وعن بيع الطعام بالطعام نسيئة، وكل ذلك قد أفاد مقصد تيسير رواج الطعام وتحصيله6، أو من خلال تتبع السكوت النبوي الوارد في موضع الحاجة إلى البيان الشرعي، فيدل ذلك السكوت على أن المقصد في عدم النطق بالحكم وليس بالتصريح به، ومثاله سجود الشكر7، أو من خلال تتبع اجتهادات السلف8.
1 المقصود النصوص التي أقرت المقاصد، وليس مجرد السنة التقريرية فحسب.
2 سورة الحج، آية 78.
3 سورة البقرة، آية 185.
4 سورة النحل، آية 90.
5 سورة البقرة، آية 256.
6 المقاصد: ابن عاشور: نص 20-21.
7 الموافقات: 2 / 409.
8 المقاصد: ابن عاشور: ص27، 28.