الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ميزان العدل والمساواة، وإرادة الخير والنهوض للأمة قاطبة.
7-
المقصد الكلي الجامع لكل تلك لمقاصد، وهو تحقيق استقرار النظام واستمراره، واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان، كما جاء على لسان الشيخ التونسي محمد الطاهر بن عاشور في كتابه:"مقاصد الشريعة الإسلامية"1.
ولن يكون النظام العام مستقرًا ومستمرًا إلا إذا ارتكز على العدل والمساواة وإعطاء كل ذي حق حقه، وغير ذلك مما ذكرناه من مقاصد وفوائد قبل قليل.
1 مقاصد الشريعة لابن عاشور: ص63.
المطلب السادس: مقاصد العقوبات
العقوبات: هي جملة الحدود والتعازير الموضوعة لمعاقبة من يستحق العقاب؛ لأجل عدة مقاصد ومصالح نورد بعضها فيما يلي:
1-
العقوبات هي جوابر لأصحابها، وهذه الجوابر قد تكون حسية ومادية كما هو الحال في وجوب ضمان ما أخذه السارق أو الغاصب، وفي الدية للقتل، وغير ذلك.
وقد تكون معنوية ونفسية؛ وذلك بحصول الارتياح وذهاب الغيظ والتَّشفِّي والثأر.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبادة بن الصامت: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف؛ فمن وَفَّى فأجره على الله،
ومن أصاب شيئًا عوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب شيئًا من ذلك في الدنيا فستر الله عليه، فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه، قال: فبايعناه على ذلك" 1.
2-
العقوبات هي زواجر، أي أنها موضوعة لأجل زجر المعتدين والجناة وردعهم؛ ولأجل انزجار غير المعتدين وغير الجناة كيلا يفكروا أو يعزموا على الاعتداء والتعدي والانحراف.
قال ابن القيم:
"فكان من بعض حكمته سبحانه ورحمته أن شرع العقوبات في الجنيات الواقعة بين الناس بعضهم على بعض، في النفوس والأبدان والأعراض والأموال كالقتل والجراح والقذف والسرقة، أحكم سبحانه وجوه الزجر الرادعة عن هذه العقوبات غاية الإحكام، وشرعها على إكمال الوجوه المتضمنة لمصلحة الردع والزجر، مع عدم المجاوزة لما يستحقه الجاني في الردع؛ فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنا الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس؛ وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته وحكمته ورحمته ولطفه وإحسانه وعدله، لتزول النوائب وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوات، ويقتنع كل إنسان بما آتاه مالكه وخالقه، فلا يطمع في استلاب غيره حقه"2.
3-
إرضاء المجني عليه، وإذهاب غيظه ونقمته، ودفع أخذه بالثأر الذي قد لا يكون عادلًا؛ إذ ترك معاقبة الجاني تؤدي غالبًا أو قاطعًا إلى الانتقام.
1 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة.
2 إعلام الموقعين: 2 / 114.