الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
41 -
(سُورَةُ إبْرَاهِيمَ عليه السلام
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة إِبْرَاهِيم عليه السلام.
بسَّمِ الله الرَّحمانِ الرَّحِيمِ
لم تثبت الْبَسْمَلَة إِلَّا لأبي ذَر وَحده، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: فِيهَا آيَة وَاحِدَة مَدَنِيَّة وَهِي قَوْله تَعَالَى: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} (إِبْرَاهِيم: 82) وَعَن الْكَلْبِيّ: هِيَ مَدَنِيَّة نزلت فِيمَن قتل ببدر، وَعَن ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة: نزلت بِالْمَدِينَةِ من سُورَة إِبْرَاهِيم: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} الْآيَتَيْنِ وسائرها مكي، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: مَكِّيَّة. وَهِي ثَلَاثَة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ حرفا، وَثَمَانمِائَة وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ كلمة، وإثنتان وَخَمْسُونَ آيَة.
قَالَ ابنُ عبّاسٍ: هادٍ دَاعٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} وَلَكِن هَذَا فِي سُورَة الرَّعْد. وَالظَّاهِر أَن ذكر هَذَا هُنَا من بعض النساخ. وَفسّر لفظ: هاد، بقوله: دَاع، وروى هَذَا التَّعْلِيق الْحَنْظَلِي عَن أَبِيه: حَدثنَا أَبُو صَالح حَدثنَا مُعَاوِيَة عَن عَليّ عَن ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ مُجاهدٌ صَدِيدٌ قَيْحٌ ودَمٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: {من وَرَائه جَهَنَّم ويسقى من مَاء صديد} (إِبْرَاهِيم: 61) لم يذكر هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وروى هَذَا التَّعْلِيق ابْن الْمُنْذر عَن مُوسَى عَن أبي بكر عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، وَعَن قَتَادَة: هُوَ مَا يخرج من جلد الْكَافِر ولحمه، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب وَالربيع بن أنس: هُوَ غسال أهل النَّار، وَذَلِكَ مَا يسيل من فروج الزناة يسقاه الْكَافِر.
وَقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ أيادِيَ الله عِنْدَكُمْ وأَيَّامَهُ
أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ أنجاكم من آل فِرْعَوْن} (إِبْرَاهِيم: 6) الْآيَة وَفسّر نعْمَة الله بقوله: أيادي الله، والأيادي جمع الْأَيْدِي، وَهُوَ جمع الْيَد بِمَعْنى: النِّعْمَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق الْحميدِي عَنهُ.
وَقَالَ مُجاهِدٌ منْ كلِّ مَا سألْتُمُوهُ رَغِبْتُمْ إلَيْهِ فِيهِ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {وسخر لكم اللَّيْل وَالنَّهَار وآتاكم من كل مَا سألتموه} (إِبْرَاهِيم: 33 و 43) أَن مَعْنَاهُ وأعطاكم من كل مَا رغبتم
إِلَيْهِ فِيهِ، وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين: مَعْنَاهُ وآتاكم من كل مَا سألتموه وَمَا لم تسألوه، وَعَن الضَّحَّاك: أَعْطَاكُم أَشْيَاء مَا طلبتموها وَلَا سألتموها على النَّفْي على قِرَاءَة: من كل، بِالتَّنْوِينِ، صدق الله تَعَالَى كم من شَيْء أَعْطَانَا الله وَمَا سألناه إِيَّاه وَلَا خطر لنا على بَال، وَعَن الْحسن رحمه الله: من كل الَّذِي سألتموه، أَي: من كل مَا سَأَلْتُم.
يَبْغُونَها عِوَجاً يَلْتَمِسُونَ لَها عِوَجاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ويصدون عَن سَبِيل الله ويبغونها عوجا} (إِبْرَاهِيم: 3) الْآيَة، هَذَا وَقع هُنَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَهُوَ الصَّوَاب لِأَنَّهُ من تَفْسِير مُجَاهِد أَيْضا، وَفسّر قَوْله: يَبْغُونَهَا، بقوله: يَلْتَمِسُونَ لَهَا، وَقد وَصله عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، قَالَ: يَلْتَمِسُونَ لَهَا الزيغ والعوج بِالْفَتْح فِيمَا كَانَ مائلاً منتصباً كالحائط، وَالْعود وبالكسر فِي الأَرْض وَالدّين وشبههما، قَالَه ابْن السّكيت وَابْن فَارس.
وإذْ تأذَّنَ رَبُّكُمْ. أعْلَمَكُمْ آذَنَكُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ تَأذن ربكُم لَئِن شكرتم لأزيدنكم} (إِبْرَاهِيم: 7)، وَفسّر: تَأذن بقوله: أعلمكُم. قَوْله: (آذنكم) ، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: أعلمكُم ربكُم، وَنقل بَعضهم عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: كلمة (ذَر) زَائِدَة. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل مَعْنَاهُ اذْكروا حِين تَأذن ربكُم، وَمعنى تَأذن ربكُم إِذن ربكُم. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَنَظِير تَأذن وآذن توعد وأوعد، تفضل وَأفضل، وَلَا بُد فِي تفعل من زِيَادَة معنى لَيْسَ فِي أفعل، كَأَنَّهُ قيل: وَإِذ تَأذن ربكُم إِيذَانًا بليغاً تَنْتفِي عِنْده الشكوك، وَقَالَ بَعضهم: إِذْ تَأذن من الإيذان، قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ من التأذين.
رَدُّوا أيْدِيهُمْ فِي أفْوَاهِهِمْ هاذا مِثْلُ كُفُّوا عَمَّا أُمرُوا بِهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {جَاءَتْهُم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} (إِبْرَاهِيم: 9) وَقَالَ ابْن مَسْعُود: عضوا على أَيْديهم غيظاً عَلَيْهِم. قَوْله: (هَذَا مثل)، قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا بِحَسب الْمَقْصُود، مثل كفوا عَمَّا أمرو بِهِ، قَالَ: ويروى: مثل، بالمفتوحتين. انْتهى. وَلم يُوضح مَا قَالَه حَتَّى يشْبع النَّاظر فِيهِ، أَقُول: مثل كفوا، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون التَّاء يَعْنِي: معنى ردوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم مثل معنى كفوا عَمَّا أمروا بِهِ، وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول، وَأما الْمَعْنى على رِوَايَة: هَذَا مثل، بِفتْحَتَيْنِ فعلى طَرِيق الْمثل، أَي: مثل مَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاء من النصائح والمواعظ، وَأَنَّهُمْ ردوهَا أبلغ رد، فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم وَقَالُوا: إِنَّا كفرنا بِمَا أرسلتم بِهِ، أَرَادَ إِن هَذَا جَوَابنَا لكم لَيْسَ عندنَا غَيره، وَيُقَال: أَو وضعُوا أَيْديهم على أَفْوَاههم يَقُولُونَ للأنبياء: أطبقوا أَيْدِيكُم أَفْوَاهكُم واسكتوا، أَو ردوهَا فِي أَفْوَاه الْأَنْبِيَاء يشيرون لَهُم إِلَى السُّكُوت، أَو وضعوها على أَفْوَاههم وَلَا يذرونهم يَتَكَلَّمُونَ.
مَقامِي حَيْثُ يُقيمُهُ الله بَيْنَ يَدَيْهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك لمن خَافَ مقَامي وَخَافَ وَعِيد} (إِبْرَاهِيم: 41) وَفسّر قَوْله: مقَامي، بقوله: حَيْثُ يقيمه بَين يَدَيْهِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره، وَفِي التَّفْسِير: مقَامي موقفي وَهُوَ موقف الْحساب لِأَنَّهُ موقف الله تَعَالَى الَّذِي يقف فِيهِ عباده يَوْم الْقِيَامَة، وَقيل: خَافَ قيامي عَلَيْهِ وحفظي لأعماله.
مِن ورَائِهِ قُدَّامهِ جَهَنَّمَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمن وَرَائه عَذَاب غايظ} (إِبْرَاهِيم: 71) وَفسّر الوراء بالقدام، وَفَسرهُ الزَّمَخْشَرِيّ بقوله: بِمن بَين يَدَيْهِ، وَنقل قطرب وَغَيره أَنه من الأضداد، وَأنْكرهُ إِبْرَاهِيم بن عَرَفَة، وَقَالَ: لَا يَقع وَرَاء بِمَعْنى أَمَام إلَاّ فِي زمَان أَو مَكَان، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: مَعْنَاهُ مَا توارى عَنهُ واستتر.
لَكُمْ تَبَعاً واحِدُها تابِعٌ مِثْلُ غَيَبٍ وغائِبٍ