الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
77 -
(سُورَةُ: {المُرْسِلاتِ} )
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة المرسلات، وَهَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: والمرسلات، بِدُونِ لفظ سُورَة وَهِي مَكِّيَّة بِغَيْر خلاف. قَالَه أَبُو الْعَبَّاس، وَقَالَ مقَاتل: فِيهَا من الْمدنِي {وَإِذا قيل لَهُم ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} (المرسلات: 84) وَقَالَ السخاوي: نزلت بعد الْهمزَة. وَقيل ق، وَهِي ثَمَانمِائَة وَسِتَّة عشر حرفا وَمِائَة وَإِحْدَى وَثَمَانُونَ كلمة وَخَمْسُونَ آيَة. والمرسلات: الرِّيَاح الشديدات الهبوب، والناشرات. الرِّيَاح اللينة قَوْله:(عرفا) نصب على الْحَال أَي: المرسلات يتبع بَعْضهَا بَعْضًا حَال كَونهَا كعرف الْفرس، وعَلى تَفْسِير المرسلات بِالْمَلَائِكَةِ يكون نصبا على التَّعْلِيل، أَي: لأجل الْعرف أَي: الْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان.
جَمَالاتٌ حِبالٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى؛ {إِنَّهَا ترمى بشرر كالقصر كَأَنَّهُ جمالات صفر} (المرسلات: 23، 33) وَفسّر الجمالات بالحبال، وَهِي الحبال الَّتِي تشد بهَا السفن، هَذَا إِذا قرىء بِضَم الْجِيم، وَأما إِذا قرىء بِالْكَسْرِ فَهُوَ، جمع جمالة، وجمالة جمل زوج النَّاقة. وَقَالَ ابْن التِّين: يَنْبَغِي أَن يقْرَأ فِي الأَصْل بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ فَسرهَا بالحبال وَقد قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} (الْأَعْرَاف: 4) هُوَ: حَبل السَّفِينَة وَعَن ابْن عَبَّاس وَسَعِيد بن جُبَير: جمالات صفر، هِيَ حبال السفن، يجمع بَعْضهَا إِلَى بعض حَتَّى تكون كأوساط الرِّجَال وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، وَقَالَ مُجَاهِد: جمالات: حبال.
ارْكَعُوا صَلُّوا لَا يَرْكَعُونَ: لَا يُصَلونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا قيل لَهُم ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} (المرسلات: 84) وَفسّر قَوْله: (ارْكَعُوا) بقوله: (صلوا) وَقَوله: (لَا يَرْكَعُونَ) بقوله: (لَا يصلونَ) أطلق الرُّكُوع وَأَرَادَ بِهِ الصَّلَاة، وَهُوَ من بَاب إِطْلَاق الْجُزْء وَإِرَادَة الْكل وَقَوله:(لَا يَرْكَعُونَ) سقط فِي رِوَايَة غير أبي ذَر، وَفِي بعض النّسخ، وَقَالَ مُجَاهِد: ارْكَعُوا إِلَى آخِره.
{وَسُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ: {هاذا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} (المرسلات: 84) وَالله رَبِّنا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ {اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أفْوَاهِهِمْ} (ي س: 56) .
فَقَالَ: إنَّهُ ذُو ألْوَانٍ مَرَّةً يَنْطِقُونَ وَمَرَّةً يَخْتَمُ عَلَيْهِمْ.
حَاصِل السُّؤَال عَن كَيْفيَّة التلفيق بَين قَوْله: (لَا ينطقون) وَقَوله: {الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم} بَين قَوْله: (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) لِأَن هَذِه الْآيَة تدل على أَنهم ينطقون. وَحَاصِل الْجَواب: أَن يَوْم الْقِيَامَة ذُو ألوان يَعْنِي: يَوْم طَوِيل ذُو مَوَاطِن مُخْتَلفَة فَيَنْطَلِقُونَ فِي وَقت وَمَكَان لَا ينطقون فِي آخر، وَقَوله: لَا يَرْكَعُونَ لم يثبت إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر.
0394 -
حدَّثني مَحْمُودٌ حدَّثنا عُبَيْدُ الله عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ الله رضي الله عنه قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ وَالمُرْسِلاتِ وَإنَّا لَنَتَلَقَّاها مِنْ فِيهِ فَخَرَجَتْ حَيةٌ فَابْتَدَرْناها فَسَبَقَتْنا فَدَخَلَتْ جُحْرَها فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّها..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: {وأنزلت عَلَيْهِ والمرسلات} ومحمود هُوَ ابْن غيلَان، وَعبيد الله بن مُوسَى شيخ البُخَارِيّ وروى عَنهُ هُنَا بالواسطة، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس، وَقد تكَرر ذكره عَن قريب، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وعلقمة هُوَ ابْن قيس، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود. والْحَدِيث قد مضى فِي بَدْء الْخلق.
قَوْله: (كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَوَقع فِي رِوَايَة جرير، فِي غَار وَوَقع فِي رِوَايَة حَفْص بن غياث بمنى، وَوَقع فِي رِوَايَة للطبراني فِي الْأَوْسَط على حراء قَوْله: (من فِيهِ) أَي من فَمه، قَوْله:(فابتدرناها) أَي: فسبقناها. وَقَالَ أَيْضا: فسبقتنا فيكونون سابقين ومسبوقين. وَالْجَوَاب: إِنَّهُم كَانُوا السَّابِقين أَولا فصاروا مسبوقين آخرا. قَوْله: (شركم) ، مَنْصُوب بِأَنَّهُ مفعول ثَان.
1394 -
حدَّثنا عَبْدَةُ بنُ عَبْدِ الله أخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُور
ٍ بِهاذا.
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أخرجه عَن عَبدة، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الله الصفار الْخُزَاعِيّ عَن يحيى بن آدم بن سُلَيْمَان الْكُوفِي صَاحب الثَّوْريّ.
قَوْله: (بِهَذَا) أَي: بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور، وَكَذَا سَاقه فِي بَدْء الْخلق فِي بَاب خمس من الفواسق.
وَعَنْ إسْرَائِيلَ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الله مِثْلَهُ.
هَذَا مُتَّصِل بِمَا قبله أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن إِسْرَائِيل رَوَاهُ فِي الطَّرِيق الأول عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم، وَفِي هَذَا عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله مثله. أَي: مثل الحَدِيث الْمَذْكُور.
وَتابَعَهُ أسْوَدُ بنُ عَامِرٍ عَنْ إسْرَائِيلَ
أَي: تَابع يحيى بن آدم فِي رِوَايَته عَن إِسْرَائِيل أسود بن عَامر الملقب بشاذان الشَّامي، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة أَحْمد عَنهُ بِهِ.
وَقَالَ حَفْصٌ وَأبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بنُ قَرْمٍ عَنِ الأعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنِ الأسْوَدِ.
أَرَادَ بِهَذَا أَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة خالفوا رِوَايَة إِسْرَائِيل عَن الْأَعْمَش فِي شيخ إِبْرَاهِيم، فإسرائيل يَقُول: عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله، وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة يَقُولُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود، هُوَ ابْن يزِيد النَّخعِيّ عَن عبد الله.
أما رِوَايَة حَفْص هُوَ ابْن غياث فوصلها البُخَارِيّ وَسَيَأْتِي بعد بَاب، وَأما رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم الضَّرْب فأخرجها مُسلم عَن يحيى ابْن يحيى وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أربعتهم عَن أبي مُعَاوِيَة بِهِ، وَأما رِوَايَة سُلَيْمَان بن قرم، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء: الضَّبِّيّ، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وبالباء الْمُوَحدَة، الْبَصْرِيّ فقد تقدّمت فِي بَدْء الْخلق، وَسليمَان هَذَا ضَعِيف الْحِفْظ وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الْموضع الْمُعَلق.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ حَمَّادٍ أخْبَرَنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الله.
أَشَارَ بِهَذَا التَّعْلِيق عَن يحيى بن حَمَّاد الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ شيخ البُخَارِيّ عَن أبي عوَانَة بِفَتْح الْعين الوضاح الْيَشْكُرِي عَن مُغيرَة بن مقسم بِكَسْر الْمِيم الْكُوفِي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة بن قيس النَّخعِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود إِلَى أَن مُغيرَة وَافق إِسْرَائِيل فِي شيخ إِبْرَاهِيم وَأَنه عَلْقَمَة بن قيس، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّبَرَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ حَدثنَا الْفضل بن سهل حَدثنَا يحيى بن حَمَّاد بِهِ، وَلَفظه: كُنَّا مَعَ النَّبِي ت بحراء الحَدِيث، وَقَالَ عِيَاض: إِنَّه وَقع فِي بعض النّسخ، وَقَالَ حَمَّاد أخبرنَا أَبُو عوَانَة، وَهُوَ غلط.
وَقَالَ ابنُ إسْحَاقَ عَنْ عَبحده الرَّحْمانِ بنِ الأسُوَدِ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَبْدِ الله.
أَشَارَ بِهَذَا الْمُعَلق إِلَى أَن للْحَدِيث أصلا عَن الْأسود بن يزِيد من غير طَرِيق الْأَعْمَش وَمَنْصُور وَوصل هَذَا التَّعْلِيق أَحْمد عَن يَعْقُوب بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن ابْن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن عبد الله بن مَسْعُود وَابْن إِسْحَاق هَذَا هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب (الْمَغَازِي) وَوَقع فِي بعض النّسخ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق، وَهُوَ تَصْحِيف.
حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عنِ الأسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ الله بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَارٍ إذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَالمُرْسِلاتِ فَتَلقَّيْناها مِنْ فِيهِ وَإنَّ فَاهُ لَرَطُب بِهِا إذْ خَرَجَتْ حَيَةٌ فَقَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَيْكُمْ اقْتُلُوها قَالَ فَابْتَدَرْناها فَسَبَقَتْنا قَالَ فَقَالَ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّها.
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود، رضي الله عنه، أخرجه عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن جرير بن عبد الحميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ الْكُوفِي عَن عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: (بَينا) ، قد ذكرنَا غير مرّة أَنه ظرف