الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ حاجَّ مُوسأ آدمَ فَقَالَ لَهُ أنْتَ الَّذِي أخْرَجْتَ الناسَ مِنَ الجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وأشْقَيْتَهُمْ قَالَ قَالَ آدَمُ يَا مُوسَى أنْتَ الذِي اصْطَفَاكَ الله بِرِسالَتِهِ وبكَلَامِهِ أتَلُومُنِي عَلَى أمْرٍ كَتَبَهُ الله عَليَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَني أوْ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَنِي قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى..
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور قبل هَذَا الْبَاب، ومطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تَأْخُذ من قَوْله:(وأشقيتهم) .
وَأَيوب بن النجار، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْجِيم وبالراء أَبُو إِسْمَاعِيل الْحَنَفِيّ اليمامي. قَوْله:(أَو قدره) ، شكّ من الرَّاوِي، وَعند مُسلم:(أتلومني على أَمر قدره على قبل أَن يخلقني بِأَرْبَعِينَ سنة) وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بالتقدير هُنَا الْكِتَابَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَو فِي صحف التَّوْرَاة وألواحها، أَي: كتبه على قبل خلقي بِأَرْبَعِينَ سنة، وَقد صرح بِهَذَا فِي الرِّوَايَة الَّتِي بعد هَذِه وَهُوَ قَوْله: قَالَ: بكم وجدت الله كتب التَّوْرَاة قبل أَن أخلق؟ قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ سنة، قَالَ: أتلومني على أَن عملت عملا كتبه الله عَليّ قبل أَن يخلقني بِأَرْبَعِينَ سنة؟ فَهَذِهِ الرِّوَايَة مصرحة بِبَيَان المُرَاد بالتقدير وَلَا يجوز أَن يُرَاد بِهِ حَقِيقَة الْقدر. فَإِن علم الله وَمَا قدره على عباده وأراده من خلقه أزلي لَا أول لَهُ (فَإِن قلت) : مَا الْمَعْنى بالتحديد الْمَذْكُور وَجَاء فِي الحَدِيث أَن الله قدر الْمَقَادِير قبل أَن يخلق الْخلق بِخَمْسِينَ ألف سنة؟ قلت: المعلومات كلهَا قد أحَاط بهَا الْعلم الْقَدِيم قبل وجود كل مَخْلُوق وَلكنه كتبهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ زَمَانا دون زمَان فَجَائِز أَن يكون كتب مَا يجْرِي لآدَم قبل خلقه بِأَرْبَعِينَ سنة إِشَارَة إِلَى مُدَّة لبثه طيناً، فَإِنَّهُ بَقِي كَذَلِك أَرْبَعِينَ سنة، فَكَأَنَّهُ يَقُول: كتب على مَا جرى مُنْذُ سواني طيناً قبل أَن ينْفخ فيّ الرّوح وَالله سبحانه وتعالى أعلم.
12 -
(سورَةُ الأنْبِياءِ عليهم السلام
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة الْأَنْبِيَاء، وَقَالَ ابْن مرْدَوَيْه: عَن عبد الله بن الزبير وَعبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهم: أَنَّهَا نزلت بِمَكَّة، وَكَذَا قَالَ مقَاتل. وَفِي (مقامات التَّنْزِيل) : اخْتلفُوا فِي آيَة مِنْهَا وَهِي قَوْله: {أَفلا يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} (الْأَنْبِيَاء: 44)، قَالَ: بِالْقَتْلِ والسبي، وَعَن عَطاء: بِمَوْت الْفُقَهَاء وَخيَار أَهلهَا، وَعَن مُجَاهِد: بِمَوْت أَهلهَا، وَعَن الشّعبِيّ: بِنَقص الْأَنْفس والثمرات، وَعَن السخاوي أَنَّهَا نزلت بعد سُورَة إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام، وَقبل سُورَة الْفَتْح، وَهِي مائَة واثنتا عشرَة آيَة وَأَرْبَعَة وَثَمَانمِائَة وَتسْعُونَ حرفا، وَألف وَمِائَة وثمان وَسِتُّونَ كلمة.
9374 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حدَّثنا غُنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ أبي إسْحاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ ابنَ يَزِيدَ عنْ عَبْدِ الله قَالَ بَنِي إسْرَائِيلَ والكَهْفُ ومَرْيَمُ وطهَ والأنْبِياءُ هُنَّ مِنَ العِتاقِ الأوَّلِ وهُنَّ مِنْ تِلَادِي.
(انْظُر الحَدِيث 8074 وطرفه) .
هَذَا الحَدِيث مضى فِي تَفْسِير بني إِسْرَائِيل فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
(بني إِسْرَائِيل)، فِيهِ حذف تَقْدِيره: سُورَة بني إِسْرَائِيل. قَوْله: (والكهف) يجوز فِيهِ الرّفْع والجر، أما الرّفْع فعلى تَقْدِير أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: وَالثَّانِي الْكَهْف، وَأما الْجَرّ فعلى الْعَطف على لفظ: بني إِسْرَائِيل، لِأَنَّهُ مجرور بِالْإِضَافَة التقديرية، وعَلى هَذَا الْكَلَام فِي الْبَاقِي. وَالْعتاق، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة: جمع عَتيق وَهُوَ مَا بلغ الْغَايَة فِي الْجَوْدَة، والتلاد بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق مَا كَانَ قَدِيما والأولية بِاعْتِبَار النُّزُول لِأَنَّهَا مكيات وَأَنَّهَا أول مَا حفظهَا من الْقُرْآن، وَوجه تَفْضِيل هَذِه السُّور لما تضمن ذكر الْقَصَص وأخباراً أَجله الْأَنْبِيَاء عليهم السلام.
وَقَالَ قَتادَةُ جُذَاذاً قَطَّعَهُنَّ
أَي: قَالَ قَتَادَة فِي تَفْسِير: (جذاذاً) فِي قَوْله عز وجل: {فجعلهم جذاذاً إلَاّ كَبِيرا} (الْأَنْبِيَاء: 85) قطعهن، رَوَاهُ الْحَنْظَلِي عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن الْعَبَّاس بن الْوَلِيد عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن قَتَادَة، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: جذاذاً أَي: كسروا قطعا، جمع جذيذ كخفاف جمع خَفِيف، وَقَرَأَ الْكسَائي بِكَسْر الْجِيم وَالْبَاقُونَ بِالضَّمِّ، وبالضم يَقع على الْوَاحِد والاثنين وَالْجمع والمذكر والمؤنث.
وَقَالَ الحَسَنُ فِي فَلَكٍ مِثْلٍ مِثْلِ فَلْكَةِ المِغْزَلِ
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي تَفْسِير: فلك، فِي قَوْله تَعَالَى:{كل فِي فلك يسبحون} (الْأَنْبِيَاء: 33) مثل فلكة المغزل، وَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن الْحسن، وَعَن مُجَاهِد: كَهَيئَةِ حَدِيدَة الرَّحَى، وَعَن الضَّحَّاك: فلكها مجْراهَا وَسُرْعَة سَيرهَا، وَقيل: الْفلك موج مكفوف تجْرِي الْقَمَر وَالشَّمْس فِيهِ، وَقيل: الْفلك السَّمَاء الَّذِي فِيهِ تِلْكَ الْكَوَاكِب.
يَسْبَحُونَ يَدُورُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {كل فِي فلك يسبحون} وَفَسرهُ بقوله: (يدورون) وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: يسبحون يدورون حوله، وَقيل: يجرونَ، وَجعل الضَّمِير وَاو الْعُقَلَاء للوصف بفعلهم.
قَالَ ابنُ عبَّاسٍ نَفَشَتْ رَعَتْ لَيْلاً
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم} (الْأَنْبِيَاء: 87) إِن معنى نفشت رعت لَيْلًا، وَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَهُوَ قَول أهل اللُّغَة: نفشت إِذا رعت لَيْلًا بِلَا رَاع، وَإِذا رعت نَهَارا بِلَا رَاع أهملت، وَعند ابْن مرْدَوَيْه: كَانَ كرماً أينع. قَوْله: لَيْلًا، لم يثبت إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر.
يُصْحَبُونَ يُمْنَعُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ولاهم منا يصحبون} (الْأَنْبِيَاء: 34) وَفَسرهُ بقوله: (يمْنَعُونَ) وَوَصله ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: يمْنَعُونَ، وَعَن مُجَاهِد: ولاهم منا ينْصرُونَ ويحفظون، وَعَن قَتَادَة: لَا يصحبون من الله بِخَير.
أُمَّتُكمْ أمَّةً واحِدَةً قَالَ دِينُكُمْ دِينٌ واحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاعبدون} وَفسّر الْأمة بِالدّينِ، وَعَن قَتَادَة، قَالَ: إِن هَذِه أمتكُم، أَي: دينكُمْ. قَوْله: قَالَ: (دينكُمْ) أَي قَالَ ابْن عَبَّاس: وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ: قَالَ، وَنصب: أمتكُم، على الْقطع.
وَقَالَ عِكْرَمَةُ حَصَبُ حَطَبُ بالحَبَشِيَّةِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم} (الْأَنْبِيَاء: 89) وَقَالَ عِكْرِمَة: الحصب هُوَ الْحَطب بلغَة الْحَبَش، وَلَيْسَ هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَعَن ابْن عَبَّاس: يَعْنِي الْأَصْنَام وقود جَهَنَّم، وَقَرَأَ بِالطَّاءِ، وَكَذَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، وَقيل: الحصب فِي لُغَة أهل الْيمن الْحَطب، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا أَنه قَرَأَهَا بالضاد الساقطة المنقوطة وَهُوَ مَا هيجت بِهِ النَّار.
وَقَالَ غَيْرُهُ أحَسُّوا تَوَقَّعُوهُ مِنْ أحْسَسْتُ
أَي: قَالَ غير عِكْرِمَة فِي معنى: (أحسوا) فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أحسوا بأسنا إِذا هم مِنْهَا يركضون} (الْأَنْبِيَاء: 21) قَالَ: مَعْنَاهُ توقعوه، أَي الْعَذَاب، وَفِي التَّفْسِير أَي: لما رَأَوْا عذابنا إِذا هم مِنْهَا، أَي: من الْقرْيَة يركضون أَي: يخرجُون مُسْرِعين، والركض فِي الأَصْل ضرب الدَّابَّة بِالرجلِ، وَقيل للسقي. قَالَ معمر: مَوضِع، قَالَ غير عِكْرِمَة وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى. قَوْله:(من أحسست) يَعْنِي أحسوا مُشْتَقّ من أحسست من الإحساس وَهُوَ فِي الأَصْل الْعلم بالحواس وَهِي مشاعر الْإِنْسَان كَالْعَيْنِ وَالْأُذن وَالْأنف وَاللِّسَان وَالْيَد، وَمن هَذَا قَالَ بعض الْمُفَسّرين: يَعْنِي فَلَمَّا أحسوا أَي فَلَمَّا أدركوا بحواسهم شدَّة عذابنا وبطشنا علم حس ومشاهدة لم يشكوا فِيهَا إِذا هم مِنْهَا يركضون أَي يهربون سرَاعًا.
خامِدِينَ هَامِدِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى جعلناهم حصيداً خامدين} (الْأَنْبِيَاء: 51) وَفَسرهُ بقوله: (هامدين) وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، يُقَال: همدت النَّار تمهد هموداً، أَي: طفيت وَذَهَبت الْبَتَّةَ، والهمدة السكتة وهمد الثَّوْب يهمد هموداً أَي: بلَى وأهمد فِي الْمَكَان أَقَامَ، وأهمد فِي السّير أسْرع، وَهَذَا الْحَرْف من الأضداد وَأَرْض هامدة لَا نَبَات بهَا ونبات هامد يَابِس، وَفِي التَّفْسِير معنى خامدين ميتين.
حَصِيدٌ مُسْتَأصَلٌ يَقَعُ عَلَى الوَاحِدِ والاثْنَيْنِ والجَمِيع
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى جعلناهم حصيداً} (الْأَنْبِيَاء: 51) وَفسّر الحصيد بقوله: (مستأصل) وَهُوَ من الاستئصال، وَهُوَ قلع الشَّيْء من أَصله. قَوْله:(يَقع) أَي: لفظ حصيد يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد والاثنان وَالْجمع من الذُّكُور وَالْإِنَاث.
لَا يَسْتَحْسِرُونَ لَا يَعْيُونَ ومِنْهُ حَسِيرٌ وحَسَرْتُ بَعِيرِي
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته وَلَا يستحسرون} (الْأَنْبِيَاء: 91) وَفَسرهُ بقوله: (لَا يعيون) بِفَتْح الْيَاء كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، ورد عَلَيْهِ ابْن التِّين، وَقَالَ: الصَّوَاب الضَّم من الإعياء. قلت: لَا وَجه للرَّدّ عَلَيْهِ بل الصَّوَاب الْفَتْح لِأَن معنى: لَا يعيون، بِالْفَتْح لَا يعجزون، وَقيل: لَا ينقطعون وَمِنْه الحسير وَهُوَ الْمُنْقَطع الْوَاقِف عياً وكلالاً والإعياء يكون من الْغَيْر. قَوْله: (وحسرت بَعِيري) أَي: أعييته.
عَمِيقٌ بَعِيدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {من كل فج عميق} (الْحَج: 72) وَفسّر العميق بالبعيد وَلَكِن هَذَا فِي سُورَة الْحَج، وَاعْتذر عَنهُ بَعضهم بِمَا ملخصه أَنه ذكر فِي هَذِه السُّورَة فجاجاً وَذكر الْفَج اسْتِطْرَادًا. قلت: فِيهِ مَا فِيهِ بل الظَّاهِر أَنه من غَيره.
نُكِسُوا رُدُّوا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {نكسوا على رؤوسهم} (الْأَنْبِيَاء: 56) . وَفَسرهُ بقوله: ردوا، على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي، وَعَن أبي عُبَيْدَة، أَي: قلبوا وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: نكسوا متحيرين وَعَلمُوا أَن الْأَصْنَام لَا تنطق وَلَا تبطش، يُقَال: نكسته قلبته فَجعلت أَسْفَله أَعْلَاهُ، وانتكس انْقَلب، وَقيل: انتكسوا عَن كَونهم مجادلين لإِبْرَاهِيم عليه السلام.
صَنْعَةَ لَبُوسٍ الدُّرُوعُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وعلمناه صَنْعَة لبوس لَكِن لتحصنكم من بأسكم} (الْأَنْبِيَاء: 08) وَفسّر: (صَنْعَة لبوس: بالدروع) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اللبوس السِّلَاح كُله من درع إِلَى رمح، وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة: اللبوس الدروع كَانَت صَفَائِح، وَأول من سردها وحلقها دَاوُد عليه السلام. وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: اللبوس عِنْد الْعَرَب السِّلَاح كُله درعاً كَانَ أَو جوشناً أَو سَيْفا أَو رمحاً، وَإِنَّمَا عَنى الله تَعَالَى بِهِ فِي هَذَا الْموضع الدرْع، وَهُوَ بِمَعْنى الملبوس كالحلوب وَالرُّكُوب.
تَقَطَّعُوا أمْرَهُمْ اخْتَلَفُوا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وتقطعوا أَمرهم بَينهم كل إِلَيْنَا رَاجِعُون} (الْأَنْبِيَاء: 39) وَفَسرهُ بقوله: اخْتلفُوا، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَزَاد: وَتَفَرَّقُوا، وَفِي التَّفْسِير: أَي اخْتلفُوا فِي الدّين وصاروا فِيهِ فرقا وأحزاباً، فقد قَالَ عز وجل:{كل إِلَيْنَا رَاجِعُون} فيجزيهم بأعمالهم، وَيُقَال: اخْتلفُوا فصاروا يهود ونصارى ومجوس ومشركين.
الحَسِيسُ والحِسُّ والجرْسُ والهمْسُ واحِدٌ وهْوَ مِنَ الصَّوْتِ الخَفِيِّ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا يسمعُونَ حَسِيسهَا} (الْأَنْبِيَاء: 201) قَوْله: (الحسيس) ، مُبْتَدأ وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ، وَخَبره:(وَاحِد) . قَوْله: (الْخَفي) مَرْفُوع على أَنه خبر الْمُبْتَدَأ الَّذِي هُوَ قَوْله: (وَهُوَ)، وَكلمَة: من، بَيَانِيَّة. وَفِي التَّفْسِير: لَا يسمع أهل الْجنَّة حسيس النَّار أَي صَوتهَا إِذا نزلُوا مَنَازِلهمْ من الْجنَّة. قَوْله: (والجرس) ، بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا وَسُكُون الرَّاء وَهَذَا كُله لم يثبت فِي رِوَايَة أبي ذَر.
آذَنّاكَ أعْلَمْناكَ آذَنْتُكُمْ إذَا أعْلَمْتَهُ فأنْتَ وهْوَ عَلى سَواء لَمْ تَغْدِرْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا آذناك مَا منا من شَهِيد} (فصلت: 74) وَفَسرهُ بقوله: (أعلمناك) وَلَكِن هَذَا لَيْسَ فِي هَذِه السُّورَة بل هُوَ فِي سُورَة حم فصلت وَإِنَّمَا ذكره اسْتِطْرَادًا لمناسبة. قَوْله: (آذنتكم)، فِي قَوْله تَعَالَى:{فَإِن توَلّوا فَقل آذنتكم على سَوَاء} (الْأَنْبِيَاء: 901) وَقد فسره بقوله: (إِذا أعلمته)
إِلَى آخِره. قَوْله: (على سَوَاء) ، مستوين فِي الْإِعْلَام بِهِ ظَاهِرين بذلك فَلَا غدر وَلَا خداع لأحد.
وَقَالَ مُجاهِدٌ: لَعَلَّكُمْ تُسْألُونَ تُفْهَمُونَ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تركضوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أترفتم فِيهِ ومساكنكم لَعَلَّكُمْ تسْأَلُون} (الْأَنْبِيَاء: 31) قَالَ: أَي: (تفهمون)، وَقَالَ الْحَنْظَلِي: حَدثنَا حجاج عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد: وَلَفظه تفقهون، وَكَذَا هُوَ عِنْد ابْن الْمُنْذر.