الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ربكُم الَّذِي يزجى لكم الْفلك فِي الْبَحْر} (الْإِسْرَاء: 66) وَفسّر: (يُزجي) ، من الإزجاء الزَّاي، بقوله:(يُجري) من الإجراء بالراء الْمُهْملَة، وَيُقَال: مَعْنَاهُ يَسُوق الْفلك ويسيره حَالا بعد حَال، وَيُقَال: أزجيت الْإِبِل سقتها، وَالرِّيح تزجي السَّحَاب وَالْبَقَرَة تزجي وَلَدهَا، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة: يزجي الْفلك أَي يسيرها فِي الْبَحْر، وَالله أعلم.
(بابُ قَوْلِهِ: {وإذَا أرَدْنا أنْ نَهْلِكَ قَرْيَةً أمَرْنا متْرَفِيها} (الْإِسْرَاء:
61)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وجل: {وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة} الْآيَة. أَي إِذا أردنَا إهلاك قَرْيَة أمرنَا، بِفَتْح الْمِيم من: أَمر، ضد نهى، وَهِي قِرَاءَة الْجُمْهُور، وَفِيه حذف تَقْدِيره {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} بِالطَّاعَةِ {ففسقوا} أَي: فَخَرجُوا عَن الطَّاعَة {فَحق عَلَيْهَا القَوْل} أَي: فَوَجَبَ عَلَيْهِم الْعَذَاب {فدمرنا تدميراً} أَي: فخربنا تخريباً وأهلكنا من فِيهَا إهلاكاً، وَفسّر بَعضهم: أمرنَا: بكثرنا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وقرىء (آمرنا) من أَمر يَعْنِي بِكَسْر الْمِيم وَأمره غَيره وأمرنا بِمَعْنى أمرنَا أَو من أَمر إِمَارَة وَأمره الله أَي: جعلناهم أُمَرَاء وسلطناهم. قَوْله: (مُتْرَفِيهَا) جمع مترف وَهُوَ المتنعم المتوسع فِي ملاذ الدُّنْيَا.
1174 -
حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حدّثنا سُفْيانُ أخْبَرَنا مَنْصُورٌ عنْ أبي وائِلِ عنْ عَبْدِ الله قَالَ كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إذَا كَثُرُوا فِي الجاهِلِيّةِ أمِرَ بَنُو فُلَانٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: أَمر، فَإِنَّهُ بِفَتْح الْمِيم وَكسرهَا كَمَا جَاءَت الْقرَاءَات الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة مَبْنِيَّة على الِاخْتِلَاف فِي معنى: أَمر، الَّذِي هُوَ الْمَاضِي، وَالِاخْتِلَاف فِي بَابه.
وَعلي بن عبد الله هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل هُوَ شَقِيق بن سَلمَة وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
قَوْله: (للحي) أَي: للقبيلة. قَوْله: (أَمر) ، بِكَسْر الْمِيم بِمَعْنى كثر، وَجَاء بِفَتْح الْمِيم أَيْضا، وهما لُغَتَانِ جاءتا بِمَعْنى: كثر، وَفِيه رد على ابْن التِّين حَيْثُ أنكر الْفَتْح فِي معنى كثر، وَقَالَ بَعضهم: وَضبط الْكرْمَانِي أَحدهمَا بِضَم الْهمزَة وَهُوَ غلط مِنْهُ. قلت: لم يُصَرح الْكرْمَانِي بذلك بل نسبه إِلَى الْحميدِي، وَفِيه المناقشة.
حدّثنا الحُمَيْدِي حدّثنا سُفْيانُ وَقَالَ: أمِرَ
أَشَارَ بذلك إِلَى أَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة روى عَنهُ الْحميدِي: (أَمر) ، بِفَتْح الْمِيم، وروى عَنهُ عَليّ بن عبد الله: أَمر، بِكَسْر الْمِيم وهما لُغَتَانِ كَمَا ذكرنَا فِي معنى: كثر والْحميدِي عبد الله بن الزبير بن عِيسَى ونسبته إِلَى أحد أجداده حميد، وَقد مر غير مرّة، وَالله سبحانه وتعالى أعلم.
5 -
(بابٌ: {ذُرِّيّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إنّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً} (الْإِسْرَاء:
3)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وجل: {ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح} إِلَى آخِره
…
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: يَعْنِي يَا ذُرِّيَّة من حملنَا، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وقرىء ذُرِّيَّة بِالرَّفْع بَدَلا من وَاو تَتَّخِذُوا، وَقَرَأَ زيد بن ثَابت رضي الله عنه، ذُرِّيَّة، بِكَسْر الذَّال، وروى عَنهُ أَنه فَسرهَا بِولد الْوَلَد. قَوْله:(إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا)، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ نوح عليه الصلاة والسلام، إِذا لبس ثوبا أَو أكل طَعَاما أَو شرب شرابًا قَالَ: الْحَمد لله، فَسمى عبدا شكُورًا، وَعَن عمرَان بن سليم: إِنَّمَا سمي نوح عليه الصلاة والسلام، عبدا شكُورًا لِأَنَّهُ كَانَ إِذا أكل طَعَاما قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أَطْعمنِي، وَلَو شَاءَ أجاعني، وَإِذا شرب شرابًا، قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي سقاني وَلَو شَاءَ أظمأني، وَإِذا اكتسى، قَالَ: الحمدلله الَّذِي كساني وَلَو شَاءَ أعراني، وَإِذا احتذى قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي حذاني وَلَو شَاءَ أحفاني، وَإِذا قضى حَاجته قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أخرج عني أذاء فِي عَافِيَة وَلَو شَاءَ حَبسه.
2174 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أخْبَرَنا عبدُ الله أخبرنَا أبُو حيَّانَ التَّيْمِيُّ عنْ أبي زُرْعَةَ ابنِ عَمْروِ بنِ جَرِير عنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ أتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ
فَرُفِعَ إلَيْهِ الذِّرَاعُ وكانَتْ تعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْها نَهْسَةً ثُمَّ قَالَ أَنا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيامَةِ وهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ يُجْمَعُ النّاسُ الأوَّلينَ والآخِرِينَ فِي صعِيدٍ واحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ البَصرُ وتَدْنُو الشَّمْسُ فيَبْلُغُ النّاسَ مِنَ الغَمِّ والكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يحْتَمِلونَ فيَقُولُ النّاسُ أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بلغَكُمْ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ بآدمَ فَيأتُونَ آدَمَ عليه السلام فيَقولُونَ لَهُ أنْتَ أبُو البَشَرِ خَلَقَكَ الله بِيَدِهِ ونَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وأمرَ المَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ اشْفَعْ لنا إِلَى ربِّكَ أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ألَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنا فَيَقُولُ آدَمُ إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لمْ يَغْضَبْ قبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وإنَّهُ نَهاني عَن الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ. نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غيْرِي اذْهَبُوا إِلَى نوحٍ فَيَأتُونَ نُوحاً فيَقُولونَ يَا نُوحُ إنَّكَ أنْتَ أوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أهْلِ الأرْض وقَدْ سَمّاكَ الله عبْداً شَكُوراً اشْفَعْ لَنا إِلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ إنَّ رَبِّي عز وجل قدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ولَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وإنَّهُ قَدْ كانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُها عَلَى قَوْمِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إلَى إبْرَاهِيمَ فَيَأتُونَ إبْرَاهِيمَ فَيَقُولونَ يَا إبْرَاهِيمُ أنْتَ نَبِيُّ الله وخَلِيلُهُ مِنْ أهْلِ الأرْضِ اشْفَعْ لَنا إلَى رَبِّكَ ألَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فيَقُولُ لَهُمْ إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليومَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلُهُ ولَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وإنِّي قَدْ كُنْت كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذَباتٍ فذكَرَهُنَّ أبُو حَيَّانَ فِي الحَدِيثِ نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى فَيَأتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ يَا مُوسَى أنْتَ رَسُولُ الله فَضَّلَكَ الله بِرِسالَتِهِ وبِكَلَامِهِ عَلَى النَّاسِ اشْفَعْ لَنا إِلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فَيَقُولُ إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وإنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْساً لَمْ أومَرْ بِقَتْلِها نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى عِيَسى فَيَأتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ يَا عِيسَى أنْتَ رسولُ الله وكَلِمَتُهُ ألْقاها إِلَى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْهُ وكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا اشْفَعْ لَنا إلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فيَقُولُ عِيسَى إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ولَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ ولَمْ يَذْكُرْ ذِنْباً نَفْسي نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَأتُونَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّدُ أنْتَ رسولُ الله وخاتمُ الأنْبِياءِ وقَدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تأخَّرَ اشْفَعْ لَنا إِلَى رَبِّكَ ألَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ فأنْطَلِقُ فآتِي تَحْتَ العَرْشِ فأقَعُ ساجِداً لِرَبِّي عز وجل ثُمَّ يَفْتَحُ الله عَليَّ مِنْ مَحامِدِهِ وحُسْنِ الثَّناءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أحَدٍ قَبْلِي ثُمَّ يُقالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأسَكَ سَلْ تُعْطَهُ واشْفَعْ تُشَفَّعْ فأرْفَعُ رَأسِي فأقُولُ أُمَّتِي يَا رَبِّ أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيُقالُ يَا مُحَمَّدُ أدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأيمِنْ أبْوَابِ