الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَليّ وعَلى وَالِدي، وآلفه وارتبطه لَا يَنْقَلِب عني حَتَّى لَا أَزَال شاكراً لَك.
وَقَالَ مُجاهِدٌ: نَكِّرُوا غَيِّرُوا
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي معنى قَوْله تَعَالَى: (نكروا لَهَا عرشها: غيروا، أسْندهُ أَبُو مُحَمَّد من حَدِيث ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد بِلَفْظ: غيروه. وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه أخر صَحِيح عَن مُجَاهِد، قَالَ: أَمر بالعرش فَغير مَا كَانَ أَحْمَر جعل أَخْضَر، وَمَا كَانَ أَخْضَر جعل أصفر غير كل شَيْء عَن حَاله.
وأوتِينا العِلْمَ يَقُولُهُ سُلَيْمانُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ وأوتينا الْعلم من قبلهَا وَكُنَّا مُسلمين} (النَّمْل: 24) وَأَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى أَن قَوْله: (وأويتينا الْعلم) من قَول سُلَيْمَان، وَقَالَ الواحدي: إِنَّه من قَول بلقيس، قَالَ بَعضهم، وَالْأول الْمُعْتَمد. قلت: السِّيَاق والسباق يدلان على أَنه من قَول بلقيس أَنه من قَول قالته مقرة بِصِحَّة نبوة سُلَيْمَان.
الصَّرْحُ بِرْكَةُ ماءٍ ضَرَبَ سُلَيْمانُ قَوَارِيرَ ألْبَسَها إيَّاهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قيل لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا قَالَ أَنه صرح ممرد من قَوَارِير} (النَّمْل: 44)
الْآيَة، وَفسّر (الصرح) الْمَذْكُور بقوله:(بركَة مَاء)
إِلَى آخِره، وَكَذَا أخرجه الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد مثله، ثمَّ قَالَ: وَكَانَت هلباء شعراء، وَمن وَجه آخر عَن مُجَاهِد: كشفت بلقيس عَن سَاقيهَا فَإِذا هما شعراوان، فَأمر سُلَيْمَان بالنورة فصنعت. قَوْله:(قَوَارِير) ، جمع قَارُورَة وَهِي الزّجاج، وَكَانَ سُلَيْمَان أَمر ببنائه وأجرى تَحْتَهُ المَاء وَألقى فِيهِ كل شَيْء من دَوَاب الْبَحْر: السّمك وَغَيره، ثمَّ وضع لَهُ سَرِير فِي صدرها فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَت بلقيس قيل لَهَا: أدخلي الصرح، فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة وَهُوَ مُعظم المَاء، وَعَن ابْن جريج: حسبته بحراً وكشفت عَن سَاقيهَا لتخوض إِلَى سُلَيْمَان عليه السلام، وَبَاقِي الْقِصَّة مَشْهُور. قَوْله:(إِيَّاه) فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: إِيَّاهَا.
82 -
(سورَةُ القَصَصِ)
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة الْقَصَص، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هِيَ مَكِّيَّة إِلَّا آيَة نزلت بِالْجُحْفَةِ وَهِي قَوْله: {إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} (الْقَصَص: 58) أَي: إِلَى مَكَّة، وَعَن ابْن عَبَّاس: إِلَى الْمَوْت. وَعنهُ: إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَعنهُ إِلَى بَيت الْمُقَدّس، وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه: إِلَى الْجنَّة، وَهِي ثَمَان وَثَمَانُونَ آيَة، وَألف وَأَرْبَعمِائَة وَإِحْدَى وَأَرْبَعُونَ كلمة، وَخَمْسَة آلَاف وَثَمَانمِائَة حرف.
لم يثبت لفظ سُورَة والبسملة إِلَّا لأبي ذَر والنسفي.
يُقالُ: كلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إلاّ وَجْهَه، إلَاّ مُلْكَهُ، ويُقالُ: إلاّ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ الله
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي آخر سُورَة الْقَصَص: {وَلَا تدعُ مَعَ الله إل هَا آخر لَا إل هـ إلَاّ هُوَ كل شَيْء هَالك إلَاّ وَجهه لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون} (الْقَصَص: 88) وَفسّر الْوَجْه بِالْملكِ، وَكَذَا نقل الطَّبَرِيّ عَن بعض أهل الْعَرَبيَّة، وَكَذَا ذكره الْفراء، وَعَن أبي عبيد إلَاّ وَجهه: إلَاّ جلالة. قَوْله: (وَيُقَال)
إِلَى آخِره، قَالَ سُفْيَان: مَعْنَاهُ إلَاّ مَا أُرِيد بِهِ رِضَاء الله والتقرب لَا الرِّيَاء وَوجه النَّاس.
وَقَالَ مُجاهِدٌ الأنْباءُ الحجَجُ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {فعميت عَلَيْهِم الأنباء} (الْقَصَص: 66) أَن الأنباء هِيَ الْحجَج، وَكَذَا ذكره الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ.
1 -
(بابُ قَوْلِهِ: {إنَّكَ لَا تَهْدِي منْ أحْبَبْتَ ولاكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشاءُ} (الْقَصَص:
65)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك لَا تهدى}
…
الْآيَة. قَوْله: (لَا تهدي)، خطاب للنَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(من أَحْبَبْت) ، هدايته، وَقيل: لِقَرَابَتِهِ.
2774 -
حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخْبَرَنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرَني سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ عَنْ أبِيهِ قَالَ لمّا حَضَرَتْ أَبَا طالِبٍ الوَفاةُ جاءَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ الله بنَ أبي أميَّةَ بنِ المُغِيَرةِ فَقَالَ أيْ عَمِّ قُلْ لَا إل هَ إلاّ الله كَلِمَةً أُحاجُّ لَكَ بِها عِنْدَ الله فَقَالَ
أبُو جَهْلٍ وعَبْدُ الله بنُ أبي أُمَيَّةَ أتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُها عَلَيْهِ وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ المَقالَةِ حَتَّى قَالَ أبُو طالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَأبي أَن يَقُولَ لَا إل هَ إلَاّ الله قَالَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أنْهَ عَنْكَ فأنْزَلَ الله: {مَا كانَ لِلنبيِّ والذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمشْرِكِين} (التَّوْبَة: 311) وأنْزَلَ الله فِي أبي طَالب فَقَالَ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم: {إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ وَلاكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشاءُ} (الْقَصَص: 65) ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة. والْحَدِيث مر فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب إِذا قَالَ الْمُشرك عِنْد الْمَوْت: لَا إل هـ إلَاّ الله. قَالَ الْكرْمَانِي: قيل: هَذَا الْإِسْنَاد لَيْسَ على شَرط البُخَارِيّ إِذْ لم يرو عَن الْمسيب إلَاّ ابْنه، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَتَبعهُ صَاحب (التَّوْضِيح) : هَذَا الحَدِيث من مَرَاسِيل الصَّحَابَة لِأَن الْمسيب من مسلمة الْفَتْح على قَول مُصعب، وعَلى قَول العسكري مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة، فأياماً كَانَ فَلم يشْهد وَفَاة أبي طَالب لِأَنَّهُ توفّي هُوَ وَخَدِيجَة، رضي الله عنها. فِي أَيَّام مُتَقَارِبَة فِي عَام وَاحِد للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، نَحْو الْخمسين، ورد عَلَيْهِمَا بَعضهم بِأَنَّهُ لَا يلْزم من كَون الْمسيب مُتَأَخِّرًا إِسْلَامه أَن لَا يشْهد وَفَاة أبي طَالب كَمَا شَهِدَهَا عبد الله بن أبي أُميَّة وَهُوَ يومئذٍ كَافِر ثمَّ أسلم بعد ذَلِك. انْتهى. قلت: حُضُور عبد الله بن أبي أُميَّة وَفَاة أبي طَالب وَهُوَ كَافِر ثَبت فِي: (الصَّحِيح) وَلم يثبت حُضُور الْمسيب وَفَاة أبي طَالب وَهُوَ كَافِر لَا فِي: (الصَّحِيح) وَلَا فِي غَيره، وبالاحتمال لَا يرد على كَلَام بِغَيْر احْتِمَال، فَافْهَم.
قَالَ ابنُ عَبَّاس أُولي القُوَّةِ لَا يَرْفَعُها العُصْبَةُ مِنَ الرِّجالِ. لَتَنُوءُ لَتُثْقِلُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز مَا أَن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي الْقُوَّة} (الْقَصَص: 67)
الْآيَة. وَفسّر قَوْله: {أولي الْقُوَّة} بقوله: (لَا يرفعها الْعصبَة من الرِّجَال) والعصبة مَا بَين الْعشْرَة إِلَى خَمْسَة عشرَة قَالَه مُجَاهِد، وَعَن قَتَادَة: مَا بَين الْعشْرَة إِلَى أَرْبَعِينَ، وَعَن أبي صَالح: أَرْبَعُونَ رجلا وع ابْن عَبَّاس مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة، وَقيل: سِتُّونَ، وَفسّر قَوْله:(لتنوء)، بقوله:(لتثقل)، وَقيل: لتميل، وَهَذَا إِلَى قَوْله: يتشاورون، لم يثبت لأبي ذَر والأصيلي، وَثَبت لغَيْرِهِمَا إِلَى قَوْله: ذكر مُوسَى.
فارِغاً إلاّ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} (الْقَصَص: 01) وَفسّر فَارغًا بقوله: (إلَاّ من ذكر مُوسَى) وَفِي التَّفْسِير: أَي سَاهِيا لاهياً من كل شَيْء إلَاّ من ذكر مُوسَى عليه الصلاة والسلام، وهمه، قَالَه أَكثر الْمُفَسّرين، وَعَن الْكسَائي: فَارغًا أَي نَاسِيا، وَعَن أبي عُبَيْدَة أَي: فَارغًا من الْحزن لعلمها بِأَنَّهُ لم يغرق.
الفَرِحِينَ المَرِحِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا تفرح إِن الله لَا يحب الفرحين} (الْقَصَص: 67) وَفَسرهُ بقوله: (المرحين) وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.
قُصِّيهِ اتبِعِي أثَرَهُ وَقَدْ يَكُونُ أنْ يَقُصَّ الكَلَامَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَت لأخته قصيه فبصرت بِهِ عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ} (الْقَصَص: 11) أَي: قَالَت أم مُوسَى لأخت مُوسَى: قصيه، أَي: اتبعي أَثَره، من قَوْلهم: قصصت آثَار الْقَوْم أَي: تبعتها. قَوْله: (وَقد يكون)
إِلَى آخِره. أَرَادَ بِهِ أَن قصّ يكون أَيْضا من قصّ الْكَلَام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {نَحن نقص عَلَيْك} (الْقَصَص: 11) وَمِنْه: قصّ الرُّؤْيَا إِذا أخبر بهَا.
عَنْ جُنُبٍ عَنْ بُعْدٍ عَنْ جَنابَةٍ واحِدٌ وَعَنِ اجْتِنابٍ أيْضاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فبصرت بِهِ عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ} وَفسّر: (عَن جنب) بقوله: (عَن بعد) أَي: بصرت أُخْت مُوسَى بمُوسَى أَي: أبصرته عَن بعد وَالْحَال أَنهم لَا يَشْعُرُونَ لَا يعلمُونَ أَنَّهَا أُخْت مُوسَى عليه السلام، وَعَن ابْن عَبَّاس: الْجنب
أَن يسمو بصر الْإِنْسَان إِلَى الشَّيْء الْبعيد وَهُوَ إِلَى جنبه لَا يشْعر بِهِ، وَعَن قَتَادَة: جعلت أُخْت مُوسَى تنظر إِلَيْهِ كَأَنَّهَا لَا تريده. قَوْله: عَن جَنَابَة أَرَادَ بِهِ أَيْضا أَن معنى عَن جَنَابَة: عَن بعد. قَوْله: (وَاحِد) أَي: معنى عَن جَنَابَة: وَاحِد، وَكَذَلِكَ معنى: وَعَن اجْتِنَاب، وَالْحَاصِل أَن كل ذَلِك بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ: الْبعد، وَمِنْه: الْجنب. سمي بِهِ لِأَنَّهُ بعيد عَن تِلَاوَة الْقُرْآن.
يَبْطِشُ: ويَبْطُشُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أَرَادَ أَن يبطش بِالَّذِي هُوَ عَدو لَهما} (الْقَصَص: 91) وَبَين أَن فِيهِ لغتين إِحْدَاهمَا: يبطش، بِضَم الطَّاء، والآخرى: يبطش، بِالْكَسْرِ.
يأْتَمِرُونَ: يَتَشَاوَرُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قَالَ يَا مُوسَى إِن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك} (الْقَصَص: 02) وَفسّر: (يأتمرون) بقوله: (يتشاورون) وَقيل: مَعْنَاهُ يَأْمر بَعضهم بَعْضًا، وَالْقَائِل لمُوسَى بذلك هوحزقيل مُؤمن آل فِرْعَوْن وَكَانَ ابْن عَم فِرْعَوْن، وَالْمَلَأ: الْجَمَاعَة.
العُدْوَانُ والعَدَاءُ والتَّعَدِّي وَاحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَلَا عدوان عَليّ وَالله على مَا نقُول وَكيل} (الْقَصَص: 82) وبيّنَ أَن معنى هَذِه الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة وَاحِد، وَهُوَ التَّعَدِّي والتجاوز عَن الْحق، وَالْقَائِل بِهَذَا هُوَ شُعَيْب عليه السلام، وقصته مَشْهُورَة.
آنَسَ: أبْصَرَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا قضى مُوسَى الْأَجَل وَسَار بأَهْله آنس من جَانب الطّور نَارا} (الْقَصَص: 92) وَفَسرهُ بقوله: (أبْصر) .
الجِذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الخَشَبِ لَيْسَ فِيها لَهَبٌ: والشِّهابُ فِيهِ لَهَبٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَو جذوة من النَّار لَعَلَّكُمْ تصطلون} (الْقَصَص: 92) وَفسّر الجذوة بقوله: (قِطْعَة) إِلَى آخِره، وَقَالَ مقَاتل وَقَتَادَة: الجذوة الْعود الَّذِي احْتَرَقَ بعضه، وَجَمعهَا جذى، وَالْجِيم فِي جذوة مُثَلّثَة وَهِي لُغَات وقرءات وَمعنى: يصطلون تستدفئون. قَوْله: (والشهاب فِيهِ لَهب)، أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النَّمْل:{إِنِّي آنست نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا بِخَبَر أَو آتيكم بشهاب قبس لَعَلَّكُمْ تصطلون} (النَّمْل: 7) وَفسّر الشهَاب بِأَن فِيهِ لهباً، قَالَ الْجَوْهَرِي: الشهَاب شعلة نَار ساطعة، وَقَالَ: اللهب لَهب النَّار وَهُوَ لسانها، وكنى أَبُو لَهب لجماله.
كأنَّها جانٌّ وهْيَ فِي آيَةٍ أُخْرَى كأنَّها حَيَّةٌ حَيَّةٌ تَسْعَى والحَيَّاتُ أجْناسٌ الجانُّ والأفاعِي والأساوِدُ
هَذَا ثَبت للنسفي، وَأَشَارَ بقوله:(كَأَنَّهَا) إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي هَذِه السُّورَة: {وَأَن ألق عصاك فَلَمَّا رَآهَا تهتز كَأَنَّهَا جَان ولى مُدبرا} (الْقَصَص: 13) قَوْله: (وَهِي فِي آيَة أُخْرَى){كَأَنَّهَا حَيَّة تسْعَى} (طه: 02) وَهُوَ فِي سُورَة طه، وَهِي قَوْله تَعَالَى:{قَالَ: القها يَا مُوسَى فألقاها فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى} وَفِي الشُّعَرَاء: {فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين} (الْأَعْرَاف: 701 وَالشعرَاء: 23) وَلم يذكر البُخَارِيّ هَذَا مَعَ أَنه دَاخل فِي قَوْله: (والحيات أَجنَاس) وَهِي جمع حَيَّة وَهِي إسم جنس يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَالصَّغِير وَالْكَبِير، وَذكر الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن الْحَيَّة والجان والثعبان، فالحية تَشْمَل الجان والثعبان، وَكَانَت حَيَّة لَيْلَة المخاطبة لِئَلَّا يخَاف مُوسَى علهي الصَّلَاة وَالسَّلَام، مِنْهَا إِذا أَلْقَاهَا بَين يَدي فِرْعَوْن، وَعَن ابْن عَبَّاس: صَارَت حَيَّة صفراء لَهَا عرف كعرف الْفرس، وَجعلت تتورم حَتَّى صَارَت ثعباناً وَهِي أكبر مَا يكون من الْحَيَّات فَلذَلِك قَالَ فِي مَوضِع آخر:{كَأَنَّهَا جَان} وَهِي أَصْغَر الْحَيَّات وَفِي مَوضِع آخر: ثعبان، وَهُوَ أعظمها، فالجان ابْتِدَاء حَالهَا والثعبان. انْتِهَاء حَالهَا، وَكَانَ الجان فِي سرعَة فَلذَلِك قَالَ:{فَلَمَّا رَآهَا تهتز كَأَنَّهَا جَان} وَيُقَال: كَانَ مَا بَين لحيي الْحَيَّة أَرْبَعُونَ ذِرَاعا، وَعَن ابْن عَبَّاس: لما انقلبت الْحَيَّة ثعباناً ذكرا صَار يبتلع الصخر وَالْحجر. قَوْله: (والأفاعي) جمع أَفْعَى على وزن أفعل، يُقَال: هَذِه أَفْعَى بِالتَّنْوِينِ، والأفعوان ذكر الأفاعي. قَوْله:(والأساود) ، جمع أسود وَهُوَ الْعَظِيم من الْحَيَّات وَفِيه سَواد، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْجمع الأساود لِأَنَّهُ إسم، وَلَو كَانَ صفة لجمع على فعل يَعْنِي لقَالَ: سود، يُقَال: أسود سالخ غير مُضَاف لِأَنَّهُ يسلخ جلده كل عَام وَالْأُنْثَى: أَسْوِدَة، وَلَا تُوصَف بسالخة.
رِدْءاً مُعِيناً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأخي هَارُون هُوَ أفْصح مني لِسَانا فَأرْسلهُ معي ردْءًا يصدقني} (الْقَصَص: 43) وَفَسرهُ بقوله: (معينا) يُقَال: فلَان رده فلَان إِذا كَانَ ينصره ويشد ظَهره، وَيُقَال: أردأت الرجل أعنته.
عبيد الله ال ابنُ عَبَّاسٍ لِكَي يُصَدِّقُنِي. وَقَالَ غيْرُهُ سَنَشُدُّ كُلَّما عَزَّزْتَ شَيْئاً فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُداً
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ردأ يصدقني} (الْقَصَص: 43) لكَي يصدقني، وَفِي التَّفْسِير: يصدقني أَي: مُصدقا وَلَيْسَ الْغَرَض بتصديقه أَن يَقُول لَهُ: صدقت، أَو يَقُول للنَّاس: صدق مُوسَى، وَإِنَّمَا هُوَ أَن يلخس بِلِسَانِهِ الْحق أَو يبسط القَوْل فِيهِ، ويجادل بِهِ الْكفَّار كَمَا يفعل الرجل المنطيق ذُو الْمُعَارضَة. قَوْله:(قَالَ غَيره)، أَي: غير ابْن عَبَّاس فِي معنى قَول الله تَعَالَى: {سنشد عضدك بأخيك} (الْقَصَص: 53) سنعينك. وَقيل: سنقويك بِهِ، وَشد العضدد كِنَايَة عَن التقوية. قَوْله:(كلما عززت)، من: عز فلَان أَخَاهُ إِذا قوَّاه، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{فعززنا بثالث} (يس: 241) يُخَفف ويشدد أَي: قوينا وشددنا.
مَقْبُوحِينَ: مُهْلَكِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين} (الْقَصَص: 24) وَفَسرهُ بقوله: (مهلكين) ، وَهَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ غَيره: أَي من المتعدين الملعونين من الْقبْح وَهُوَ الإبعاد. وَقَالَ ابْن زيد: يُقَال: قبح الله فلَانا قبحاً وقبوحاً، أَي: أبعده من كل خير، وَقَالَ الْكَلْبِيّ: يَعْنِي سَواد الْوَجْه وزرقة الْعين، وعَلى هَذَا يكون بِمَعْنى المقبحين.
وصَّلْنا: بَيَّنَّاه وأتْمَمْناهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل لَعَلَّهُم يتذكرون} (الْقَصَص: 15) وَفسّر: وصلناه بقوله: (بَيناهُ) وَعَن السّديّ كَذَلِك، وَعَن الْفراء: أتبعنا بعضه بَعْضًا فاتصل. قَوْله: (وأتممناه) ، الضَّمِير الْمَنْسُوب فِيهِ فِي بَيناهُ يرجع إِلَى القَوْل، الْمَعْنى: بَينا لكفار مَكَّة فِي الْقُرْآن من خبر الْأُمَم الْمَاضِيَة كَيفَ عذبُوا بتكذيبهم.
يُحْياى: يُجْلَبُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَات كل شَيْء} (الْقَصَص: 75) وَفسّر: يجبى بقوله: (يجلب) وَقَرَأَ نَافِع: تجبى، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ. قَوْله:(إِلَيْهِ) أَي: إِلَى الْحرم، وَالْمعْنَى: يجلب وَيحمل من النواحي ثَمَرَات كل شَيْء رزقا من لدنا أَي: من عندنَا.
بَطِرَتْ: أشِرَتْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَكم أهلكنا من قَرْيَة بطرت معيشتها} (الْقَصَص: 85) وَفسّر قَوْله: (بطرت)، بقوله:(أَشرت)، أَي: طغت وبغت، وَقَالَ ابْن فَارس: البطر تجَاوز الْحَد فِي المرح، وَقيل: هُوَ الطغيان بِالنعْمَةِ.
فِي أُمِّها رَسُولا أُمُّ القُرَى مَكّةُ وَمَا حَوْلَها
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ رَبك مهلك الْقرى حَتَّى يبْعَث فِي أمهَا رَسُولا} (الْقَصَص: 95) ، الْآيَة. وَذكر أَن المُرَاد بِأم الْقرى مَكَّة وَمَا حولهَا، سميت بذلك لِأَن الأَرْض دحيت من تحتهَا.
{تُكِنُّ تُخْفِي أكْنَنْتُ الشَّيْءَ أخْفَيْتُهُ وكَنَنْتُهُ أخفَيْتُهُ وأظْهَرْتُهُ}
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَرَبك يعلم مَا تكن صُدُورهمْ مَا يعلنون} (الْقَصَص: 96) وَفسّر: (تكن)، بقوله:(تخفي) وتكن، بِضَم التَّاء من أكننت الشَّيْء إِذا أخفيته. قَوْله:(وكننته) من الثلاثي وَمَعْنَاهُ: خفيته بِدُونِ الْهمزَة فِي أَوله أَي: أظهرته، وَهُوَ من الأضداد، وَوَقع فِي الْأُصُول: أخفيته فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالْهَمْزَةِ فِي أَوله وَلأبي ذَر بِحَذْف الْألف فِي الثَّانِي وَكَذَا قَالَ ابْن فَارس أخفيته سترته وخفيته أظهرته.
{وَيْكَأنَّ الله} مِثْلُ: {ألم تَرَ أَن الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ} (الْقَصَص: 28) يُوَسِّعُ عَلَيْهِ وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأصْبح الَّذين تمنوا مَكَانَهُ بالْأَمْس يَقُولُونَ وي كَأَن الله يبسط الرزق لمن يشار من عباده وَيقدر} وَهَذَا وَقع لغير أبي ذَر، وَفسّر قَوْله:(وي كَأَن الله) بقوله: مثل: (ألم تَرَ) إِلَى آخِره، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ وي، مفصولة عَن: كَأَن، وَهِي كلمة تَنْبِيه على الْخَطَأ وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه، وَعند الْكُوفِيّين إِن: وَبِك بِمَعْنى: وَيلك، وَأَن الْمَعْنى: ألم تعلم أَنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ، وَيجوز أَن يكون الْكَاف كَاف الْخطاب مَضْمُومَة إِلَى وي، وَأَنه بِمَعْنى: لِأَنَّهُ، وَالْكَلَام لبَيَان الْمَقُول لأَجله هَذَا القَوْل أَو لِأَنَّهُ لَا يفلح الْكَافِرُونَ. قَوْله:(وَيقدر)، أَي: ويقتر. قَوْله: (يُوسع عَلَيْهِ)، يرجع إِلَى قَوْله:{يبسط الرزق} وَقَوله: (يضيق عَلَيْهِ) يرجع إِلَى قَوْله: (وَيقدر) .