الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ قَيْناً فِي الجاهِلِيَّةِ وكانَ لِي دَيْنٌ عَلَى العاصِي بنِ وائِلٍ قَالَ فأتاهُ يَتَقاضاهُ فَقَالَ لَا أُعْطِيك حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ وَالله لَا أكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ الله ثُمَّ تُبْعَثَ قَالَ فَذَرْنِي حَتَّى أمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ فَسَوْفَ أُوتَى مَالا وَوَلَداً فأقْضِيكَ فَنَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةُ: {أفَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بآياتِنا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَداً} (مَرْيَم: 77) ..
هَذَا طَرِيق ثَالِث فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، ومطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. قَوْله:(عَن سُلَيْمَان) هُوَ الْأَعْمَش. قَوْله: (قينا) أَي: حداداً. قَوْله: (ثمَّ أبْعث)، على صِيغَة الْمَجْهُول وَكَذَلِكَ قَوْله:(أُوتى) ، وَالله سبحانه وتعالى أعلم.
6 -
(بابٌ قَوْلُهُ عز وجل: {ونَرِثُهُ مَا يَقُولُ ويأتِينا فَرْدَا} (مَرْيَم:
08)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وجل: {ونرثه} ، أَي: نرث الْعَاصِ بن وَائِل مَا يَقُول من المَال وَالْولد ويأتينا يَوْم الْقِيَامَة فَردا أَي: بِلَا مَال وَلَا ولد، وَقَالَ النَّسَفِيّ: مَعْنَاهُ لَا ننسى قَوْله هَذَا وَلَا نلغيه بل نثبته فِي صَحِيفَته لنضرب بِهِ وَجهه فِي الْموقف ونعيره بِهِ ويأتينا على فقره ومسكنته فَردا من المَال وَالْولد.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ الجِبالُ هَدًّا هدْماً
أَي: قَالَ عبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهما، فِي قَوْله عز وجل:{وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدًّا} (مَرْيَم: 09) هدماً يَعْنِي: فسر الهد بالهدم، وروى هَذَا التَّعْلِيق الْحَنْظَلِي عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن مقَاتل: هداً كسراً، وَعَن أبي عُبَيْدَة: سقوطاً.
5374 -
حدَّثنا يَحْيَى حدّثنا وكِيعٌ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبي الضُّحَى عنْ مَسْرُوقٍ عنْ خَبَّابٍ قَالَ كُنْتُ رَجُلاً قَيْناً وكانَ لِي عَلَى العَاصي بنِ وائلِ دَيْنٌ فأتَيْتُهُ أتَقاضاهُ فَقَالَ لِي لَا أقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتِ لَنْ أكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ قَالَ وإنِّي لِمَبْعُوثٌ منْ بَعْدِ المَوْتِ فَسَوْفَ أقْضِيكَ إِذا رَجَعْتُ إِلَى مالٍ وَوَلَدٍ قَالَ فَنَزَلَتْ أفَرَأيْتَ الَّذِي كَفَرَ بآياتِنا وَقَالَ لأُتَيَنَّ مَالا وَوَلَداً أطْلَعَ الغَيْبَ أمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمانِ عَهْداً كَلَاّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العَذَابِ مدًّا ونَرِثُهُ مَا يَقُولُ ويأتِينا فَرْداً..
هَذَا طَرِيق رَابِع فِي الحَدِيث الْمَذْكُور ومطابقته للتَّرْجَمَة. أخرجه عَن يحيى هُوَ ابْن مُوسَى بن عبد ربه أَبُو زَكَرِيَّا السّخْتِيَانِيّ الْبَلْخِي، يُقَال لَهُ: خت، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق. وَهُوَ من أَفْرَاده.
02 -
(بابٌ سورَةُ طهَ)
لَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ: بَاب، أَي: هَذَا بَاب فِي تَفْسِير بعض سُورَة طه، قَالَ مقَاتل: مَكِّيَّة كلهَا، وَكَذَا ذكره ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير رضي الله عنهم، فِيمَا ذكره ابْن مرْدَوَيْه وَفِي (مقامات التَّنْزِيل) مَكِّيَّة كلهَا لم يعرف فِيهَا اخْتِلَاف إلاّ مَا ذكر عَن الْكَلْبِيّ فِي رِوَايَة أبي بكر أَنه قَالَ:{وَمن آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار لَعَلَّك ترْضى} (طه: 031) نزلت بِالْمَدِينَةِ، وَهِي فِي أَوْقَات الصَّلَوَات. وَهِي مائَة وَخمْس وَثَلَاثُونَ آيَة. وَألف وثلاثمائة وَإِحْدَى وَأَرْبَعُونَ كلمة، وَخَمْسَة آلَاف ومائتان وإثنان وَأَرْبَعُونَ حرفا.
بِسم الله الرحمان الرَّحِيم
قَالَ ابْن جُبَير: بالنبطية طاه يَا رجل.
أَي: قَالَ سعيد بن جُبَير: معنى طه بالنبطية: يَا رجل، والنبطية منسوبة إِلَى النبط، بِفَتْح النُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة وبالطاء الْمُهْملَة: قوم ينزلون البطائح بَين العراقين وَكَثِيرًا يسْتَعْمل وَيُرَاد بِهِ الزراعون، وَالْمَذْكُور هُوَ رِوَايَة: قوم، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر والنسفي:
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، قَالَ عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك بالنبطية طه، أَي: يَا رجل، وَتَعْلِيق عِكْرِمَة وَصله ابْن أبي حَاتِم من رِوَايَة حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: طه، أَي: يَا طه يَا رجل، وَتَعْلِيق الضَّحَّاك وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق قُرَّة بن خَالِد عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم فِي قَوْله: طه، قَالَ: يار رجل بالنبطية. انْتهى. وتمثل قَول ابْن جُبَير، روى عَن ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَعَطَاء وَأبي مَالك وَمُجاهد وَقَتَادَة وَمُحَمّد بن كَعْب وَالسُّديّ وعطبة وَابْن أَبْزَى، وَفِي:(تَفْسِير مقَاتل) : طه يَا رجل بالسُّرْيَانيَّة، وَقَالَ الْكَلْبِيّ: عَن ابْن عَبَّاس، نزلت بلغَة على يَا رجل، وَعند ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس: يس بالحبشية يَا إِنْسَان، وطه بالنبطية يَا رجل، وَقيل: معنى طه يَا إِنْسَان، وَقيل: هِيَ حُرُوف مقطعَة لمعان، قَالَ الوَاسِطِيّ: أَرَادَ بهَا: يَا طَاهِر يَا هادي، وَعَن أبي حَاتِم: طه استفتاح سُورَة، وَقيل هُوَ قسم أقسم الله بِهِ وَهِي من أَسمَاء الله عز وجل، وَقيل: هُوَ من الوطي وَالْهَاء كِنَايَة عَن الأَرْض أَي: اعْتمد على الأَرْض بقدمك وَلَا تتعصب نَفسك بالاعتماد على قدم وَاحِدَة، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{مَا نزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} (طه: 2) نزلت الْآيَة فِيمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يتكلفه من السهر والتعب وَقيام اللَّيْل، وَقَالَ اللَّيْث: بلغنَا أَن مُوسَى عليه الصلاة والسلام، لما سمع كَلَام الرب تَعَالَى استقرءه الْخَوْف حَتَّى قَامَ على أَصَابِع قَدَمَيْهِ خوفًا. فَقَالَ عز وجل: طه، أَي: اطمئن، قَالَ الْأَزْهَرِي: لَو كَانَ كَذَلِك لقَالَ: طَأْهَا، أَي: طأ الأَرْض بقدمك، وَهِي مَهْمُوزَة، وَفِي (الْمعَانِي) للفراء: هُوَ حرف هجاء، وحَدثني قيس قَالَ: حَدثنِي عَاصِم عَن زر، قَالَ: قَرَأَ رجل على ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: طَأْهَا، فَقَالَ لَهُ عبد الله: طه، فَقَالَ الرجل: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن أَلَيْسَ إِنَّمَا أَمر أَن يطَأ قدمه؟ قَالَ: فَقَالَ عبد الله: طه، هَكَذَا أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَزَاد فِي (تَفْسِير ابْن مرْدَوَيْه) كَذَا نزل بهَا جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام، بِكَسْر الطَّاء وَالْهَاء، قَالَ: وَكَانَ بعض الْقُرَّاء يقطعهَا، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: طاه، قَالَ الزّجاج: يقْرَأ طه بِفَتْح الطَّاء وَالْهَاء، وطه بكسرهما، وطه بِفَتْح الطَّاء وَسُكُون الْهَاء، وطه بِفَتْح الطَّاء وَكسر الْهَاء.
قَالَ ابنُ جُبَيْرٍ والضَّحَّاكُ بالنَّبَطِيَّةِ طهَ يَا رَجُلُ: وَقَالَ مُجاهِدٌ ألْقَى صَنَعَ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا مُوسَى إِمَّا أَن تلقي وَأما أَن نَكُون أول من ألْقى} (طه: 56) أَي: صنع، وَقد مر هَذَا فِي قصَّة مُوسَى عليه الصلاة والسلام، فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عليهم السلام، وَكَذَلِكَ يَأْتِي لفظ: ألْقى، فِي قَوْله:{فَكَذَلِك ألْقى السامري} (طه: 78) وَفسّر هُنَاكَ أَيْضا بقوله: صنع، والمفسرون فسروا كليهمَا فِي الْإِلْقَاء وَهُوَ الرَّمْي.
يُقالُ كلُّ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أوْ فيهِ تَمْتَمَةٌ أوْ فأفَاةٌ فَهْيَ عُقْدَةٌ
أَشَارَ بذلك إِلَى تَفْسِير: عقدَة، فِي قَوْله تَعَالَى:{واحلل عقدَة من لساني} (طه: 72) وَفسّر الْعقْدَة بِمَا ذكره، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: يُرِيد مُوسَى عليه الصلاة والسلام، أطلق عَن لساني الْعقْدَة الَّتِي فِيهِ حَتَّى يفهموا كَلَامي والتمتمة التَّرَدُّد بِالتَّاءِ فِي الْكَلَام، والفأفأة التَّرَدُّد بِالْفَاءِ.
أزْرِي ظَهْرِي
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {هَارُون أخي أشدد بِهِ أزري} (طه: 03 13) فسر الأزر بِالظّهْرِ، وَفِي التَّفْسِير: ألازر الْقُوَّة وَالظّهْر، يُقَال: أزردت فلَانا على الْأَمر، قويته عَلَيْهِ، وَكنت لَهُ فِيهِ ظهرا.
فَيَسْحَتَكُمْ: يُهْلِكَكُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بِعَذَاب} (طه: 16)
الْآيَة. وَفسّر: (يسحتكم) بقوله: (يهلككم)، وَفِي التَّفْسِير: أَي يستأصلكم، يُقَال: سحته الله وأسحته أَي: استأصله وأهلكه، وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَحَفْص عَن عَاصِم بِضَم الْيَاء وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْح لِأَن فِيهِ لغتين بِمَعْنى وَاحِد.
المُثْلَى تأنِيثُ الأمْثَلِ يَقُولُ بدِينكُمْ يُقال خُذِ المُثْلَى خُذِ الأمثَل
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} (طه: 36) وَقَالَ: (المثلى تَأْنِيث الأمثل) يَعْنِي: يذهب بدينكم. وَقد أخبر الله تَعَالَى عَن فِرْعَوْن أَنه قَالَ: إِن مُوسَى وَهَارُون عليهما السلام، يُريدَان أَن يخرجاكم من أَرْضكُم بسحرهما وَفسّر قَوْله (وَيذْهب بطريقتكم المثلى) ذَهَبا بطريقتكم المثلى يَعْنِي: بدينكم، وَهَكَذَا فسره الْكسَائي أَيْضا قَوْله: يُقَال: خُذ المثلى، أَي: خُذ الطَّرِيقَة المثلى، أَي: الفضلى، وَخذ
الأمثل، أَي: الْأَفْضَل، يُقَال: فلَان أمثل قومه أَي: أفضلهم.
ثُمَّ ائْتُوا صَفاً يُقالُ: هَلْ أتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ يعْني المُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وجل: {فَأَجْمعُوا كيدكم ثمَّ ائْتُوا صفا} (طه: 46) وَأَشَارَ بقوله يُقَال إِلَى آخِره، أَن معنى صفا مصلى ومجتمعاً. وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة، وَعَن مقَاتل الْكَلْبِيّ: مَعْنَاهُ جمعا، حَاصِل الْمَعْنى أَن فِرْعَوْن يَقُول لِقَوْمِهِ: أَجمعُوا كيدكم أَي: مكركم وسحركم، ثمَّ ائْتُوا صفا يَعْنِي مصلى وَهُوَ مجمع النَّاس، وَحكي عَن بعض الْعَرَب الفصحاء: مَا اسْتَطَعْت أَن آتِي الصَّفّ أمس، أَي: الْمصلى.
فأوْجَسَ أضْمَرَ خَوْفاً فَذَهَبَتِ الوَاوُ منْ خِيفَةً لِكَسْرَةِ الخاءِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فأوجس فِي نَفسه خيفة مُوسَى} (طه: 76) وَفسّر أوجس بقوله: أضمر. قَوْله: (خوفًا) أَي: لأجل الْخَوْف، وَقَالَ مقَاتل: إِنَّمَا خَافَ مُوسَى عليه الصلاة والسلام، أَن صنع الْقَوْم مثل صنعه أَن يشكوا فِيهِ فَلَا يتبعوه ويشك من تَابعه فِيهِ. قَوْله:(فَذَهَبت الْوَاو)
إِلَى آخِره، قَالَ الْكرْمَانِي: وَمثل هَذَا لَا يَلِيق بِحَال هَذَا الْكتاب أَن يذكر فِيهِ. قلت: إِنَّمَا قَالَ هَذَا الْكَلَام لِأَنَّهُ مُخَالف لما قَالَه أهل الصّرْف على مَا لَا يخفى.
فِي جُذُوعِ أيْ عَلَى جُذُوعِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} (طه: 17) وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن كلمة: فِي، بِمَعْنى: على، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{أم لَهُم سلّم يَسْتَمِعُون فِيهِ} (الطّور: 83) أَي: عَلَيْهِ.
خطْبُكَ بالُكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَ فَمَا خَطبك يَا سامري} (طه: 59) وَفَسرهُ بقوله: (بالك) . وَفِي التَّفْسِير، قَالَ مُوسَى عليه الصلاة والسلام للسامري: فَمَا خَطبك؟ أَي: فَمَا أَمرك وشأنك الَّذِي دعَاك وحملك على مَا صنعت؟
مِساسَ مَصْدَرُ ماسَّهُ مِساساً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وجل: {فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس} (طه: 79) الْآيَة وَلم يذكر مَعْنَاهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: مساس، مصدر ماسه يماسه مماسة ومساساً، وَالْمعْنَى: أَن مُوسَى عليه الصلاة والسلام قَالَ للسامري: إذهب من بَيْننَا فَإِن لَك فِي الْحَيَاة، أَي: مَا دمت حَيا أَن تَقول: لَا مساس. أَي: لَا أمس وَلَا أمس، فعاقبه الله فِي الدُّنْيَا بعقوبة لَا شَيْء أَشد وأوحش مِنْهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ منع من مُخَالطَة النَّاس منعا كلياً حرم عَلَيْهِم ملاقاته ومكالمته.
لَنَنْسِفَنَّهُ لَنَذْرِيَنَّهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لنحرقنه ثمَّ لننسفنه فِي اليم نسفاً} (طه: 79) وَفسّر: (لننسفنه) بقوله: (لنذرينه) من التذرية، وَفِي التَّفْسِير: أَن مُوسَى عليه الصلاة والسلام، أَخذ الْعجل فذبحه فَسَالَ مِنْهُ الدَّم لِأَنَّهُ كَانَ قد صَار لَحْمًا ودماً ثمَّ أحرقه ثمَّ ذراه فِي اليم أَي: فِي الْبَحْر.
قاعاً يَعْلُوهُ الماءُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فيذرها قاعاً صفصفاً} (طه: 601) وَفسّر القاع بِأَنَّهُ يعلوه المَاء، وَهُوَ كَذَلِك لِأَن القاع مَا يعلوه المَاء، والصفصف المستوي، وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: عَن معمر عَن قَتَادَة: القاع الصفصف الأَرْض المستوية، وَقَالَ الْفراء: القاع مَا انبسط من الأَرْض وَيكون فِيهِ السراب نصف النَّهَار، والصفصف الأملس الَّذِي لَا نَبَات فِيهِ.
والصَّفْصَفُ المُسْتَوِي منَ الأرْضِ
قد مر الْكَلَام فِيهِ، وَفِي التَّفْسِير: الصفصف المستوي كَأَنَّهَا من استوائها على صفة وَاحِدَة، وَقيل: هِيَ الَّتِي لَا أثر للجبال فِيهَا.
وَقَالَ مُجاهِدٌ أوْزاراً أثقالاً
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَلَكنَّا حملنَا أوزاراً من زِينَة الْقَوْم} (طه: 78) أَي: أثقالاً، وَهُوَ جمع وزر وَيُرَاد بِهِ الْعقُوبَة الثَّقِيلَة، سَمَّاهَا وزراً تَشْبِيها فِي ثقلهَا على المعاقب وصعوبة احتمالها بِالْحملِ الَّذِي يقْدَح الْحَامِل ويفضض ظَهره، أَو لِأَنَّهَا جَزَاء الْوزر. وَهُوَ الْإِثْم.
منْ زِينَةِ القَوْمِ الحُلِيُّ الَّذِي اسْتَعارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَكنَّا حملنَا أوزاراً من زِينَة الْقَوْم} (طه: 78) وَفسّر زِينَة الْقَوْم بقوله: الْحلِيّ الَّذِي استعاروا، أَي: اسْتعَار بَنو إِسْرَائِيل من الْحلِيّ الَّذِي هُوَ من آل فِرْعَوْن، يَعْنِي: من قومه، وأسنده أَبُو مُحَمَّد الرَّازِيّ من حَدِيث ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، وَفِي بعض النّسخ: وَقَالَ مُجَاهِد: من زِينَة الْقَوْم إِلَى آخِره.
فَقَذَفناها فألْقَيْناها
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فقذفناها فَكَذَلِك ألْقى السامري} (طه: 78) وَفسّر قَوْله: (فقذفناها) بقوله: (فألقيناها) وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: أَي: فجمعناها ودفعناها إِلَى السامري فألقاها فِي النَّار لترجع أَنْت فترى فِيهِ رَأْيك، وَفِي بعض النّسخ: فقذفتها فألقيتها.
ألْقَى صَنَعَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَكَذَلِك ألْقى السامري} وَفسّر: (ألْقى) بقوله: (صنع) وَفِي التَّفْسِير: {فَكَذَلِك ألْقى السامري} أَي: ألْقى مَا مَعَه، مَعْنَاهُ: كَمَا ألقينا.
فَنَسِيَ مُوسى هُمْ يَقُولونَهُ أخْطَأ الرَّبَّ. لَا يَرْجَعُ إلَيْهِمْ قَوْلاً العِجْلُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {هَذَا إل هكم إل هـ مُوسَى فنسي أَفلا يرَوْنَ ألَاّ يرجع إِلَيْهِم قولا} (طه: 98) قَوْله: (هم يَقُولُونَهُ)، أَي: السامري وَمن تبعه يَقُولُونَ: فنسي مُوسَى ربه، أَي: أَخطَأ حَيْثُ لم يُخْبِركُمْ أَن هَذَا إلهه، وَقيل: قَالُوا: فنسي مُوسَى الطَّرِيق إِلَى ربه، وَقيل: نسي مُوسَى إل هه عنْدكُمْ وَخَالفهُ فِي طَرِيق آخر. قَوْله: (لَا يرجع إِلَيْهِم قولا)، يَعْنِي: لَا يكلمهم الْعجل وَلَا يُجِيبهُمْ.
هَمْساً حِسُّ الأقْدَامِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وخشعت الْأَصْوَات للرحمن فَلَا تسمع إلَاّ همساً} (طه: 801) وَفَسرهُ بقوله: (حس الْأَقْدَام) ، وَكَذَا فسره الثَّعْلَبِيّ، أَي: وَطْء الْأَقْدَام ونقلها إِلَى الْمَحْشَر، وَكَذَا فسر قَتَادَة وَعِكْرِمَة، وَأَصله: الصَّوْت الْخَفي، يُقَال: هَمس فلَان لحديثه إِذا أسره وأخفاه.
حَشَرْتَني أعْماى عنْ حُجَّتي. وقَدْ كُنْتُ بَصيراً فِي الدُّنْيا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قَالَ رب لم حشرتني أعمى وَقد كنت بَصيرًا} (طه: 521) وَفَسرهُ بقوله: أَي: (عَن حجتي)
إِلَى آخِره، وَفِي التَّفْسِير، قَوْله: أعمى، قَالَ ابْن عَبَّاس: أعمى الْبَصَر، وَقَالَ مُجَاهِد: أعمى عَن الْحجَّة.
وَقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ أمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً: أعْضَلُهُمْ
أَي قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي معنى قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يَقُول أمثلهم طَريقَة} (طه: 401) أَي: أفضلهم، وَفَسرهُ الطَّبَرِيّ بقوله: أوفاهم عقلا، رَوَاهُ عَن سعيد بن جُبَير.
وَقَالَ ابنُ عبّاسٍ هَضْماً لَا يُظْلَمُ فيُهْضَمُ مِنْ حَسَناتِهِ
أَي قَالَ عبد الله بن عَبَّاس فِي معنى قَوْله تَعَالَى: {فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضماً} (طه: 211) يظلم فيهضم أَي: فينقص من حَسَنَاته وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وأصل الهضم النَّقْص وَالْكَسْر، يُقَال: هضمت لَك من حَقك أَي حططت، وهضم الطَّعَام.
عِوَجاً: وادِياً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا ترى فِيهَا عوجا} (طه: 701) وَفَسرهُ بقوله: (وَاديا)، وَعَن ابْن عَبَّاس: العوج الأودية، وَعَن مُجَاهِد: العوج الانخفاض.
ولَا أمْتاً رَابِيَةً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتاً} وَفسّر الأمت بالرابية، وَعَن ابْن عَبَّاس: الأمت الروابي، وَعَن مُجَاهِد: الِارْتفَاع، وَعَن ابْن زيد: الأمت التَّفَاوُت، وَعَن يمَان: الأمت الشقوق فِي الأَرْض.
سِيرَتَها حالَتَها الأولَى