الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أَوَّلُ العَابِدِينَ} أيْ: مَا كَانَ فَأنَا أوَّلُ الآنِفِينَ وَهُمَا لُغَتَانِ رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبْدٌ، وَقَرَأَ عَبْدُ الله وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ وَيُقَالُ أوَّلُ الْعابِدِينَ الجَاحِدِينَ مِنْ عَبْدَ يَعْبَدُ
قد مر عَن قريب. قَوْله: {أول العابدين} أول الْمُؤمنِينَ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ، وَأعَاد هُنَا أَيْضا لأجل معنى آخر على مَا لَا يخفى وَلكنه لَو ذكر كُله فِي مَوضِع وَاحِد لَكَانَ أولى، وَفسّر هُنَا. أول العابدين، بقوله: أَي مَا كَانَ فَأَنا أول الآنفين. فَقَوله: (أَي مَا كَانَ) تَفْسِير قَوْله: {إِن كَانَ للرحمن ولد} وَكلمَة أَن نَافِيَة أَي: مَا كَانَ لَهُ ولد قَوْله: (فَأَنا أول الآنفين) تَفْسِير قَوْله: (أول العابدين) لِأَن العابدين هُنَا مُشْتَقّ من عبد بِكَسْر الْبَاء إِذا أنف واشتدت أنفته. قَوْله: (وهما لُغَتَانِ)، يَعْنِي: عَابِد وَعبد، فَالْأول بِمَعْنى الْمُؤمن، وَالثَّانِي بِمَعْنى الآنف، وَعبد بِكَسْر كَذَا بِخَط الدمياطي، وَقَالَ ابْن التِّين: ضبط بِفَتْحِهَا، وَقَالَ: وَكَذَا ضبط فِي كتاب ابْن فَارس، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: العَبْد، بِالتَّحْرِيكِ: الْغَضَب، وَعبد بِالْكَسْرِ إِذا أنف. قَوْله:(من عبد يعبد)، بِمَعْنى: جحد بِكَسْر الْبَاء فِي الْمَاضِي وَفتحهَا فِي الْمُضَارع هَكَذَا هُوَ فِي أَكثر النّسخ، ويروى بِالْفَتْح فِي الْمَاضِي وَالضَّم فِي الْمُضَارع، وَجَاء الْكسر فِي الْمُضَارع أَيْضا وَقَالَ ابْن التِّين، وَلم يذكر أهل اللُّغَة عبد بِمَعْنى جحد، ورد عَلَيْهِ بِمَا ذكره مُحَمَّد بن عَزِيز السجسْتانِي صَاحب (غَرِيب الْقُرْآن) أَن معنى العابدين الآنفين الجاحدين، وَفسّر على هَذَا {إِن كَانَ لَهُ ولد فَأَنا أول الجاحدين} وَهَذَا مَعْرُوف من قَول الْعَرَب إِن كَانَ هَذَا الْأَمر قطّ يَعْنِي: مَا كَانَ، وَعَن السّديّ: إِن بِمَعْنى: لَو أَي لَو كَانَ للرحمن ولد كنت أول من عَبده بذلك، لَكِن لَا ولد لَهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة، إِن بِمَعْنى: مَا وَالْفَاء بِمَعْنى: الْوَاو. أَي: مَا كَانَ للرحمن ولد وَأَنا أول العابدين. قَوْله: (وَقَرَأَ عبد الله)، يَعْنِي: ابْن مَسْعُود، وَقَالَ الرَّسُول: يَا رب مَوضِع {وقيله يَا رب} (الزخرف: 88) وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر هَذَا عِنْد قَوْله: (وقيله يَا رب) ، على مَا لَا يخفى.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي أُمِّ الكِتابِ: جُمْلَةِ الكِتابِ أصْلِ الكِتابِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب لدينا لعَلي حَكِيم} (الزخرف: 4) وَفسّر قَتَادَة بقوله جملَة الْكتاب وَأَصله وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ أم الْكتاب اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي عِنْد الله تَعَالَى مِنْهُ نسخ.
2 -
(بابٌ: {أفَنَضْرِبُ عَنْكُمْ الذِّكْرَ صَفْحا إنْ كُنْتُمْ قَوْما مُسْرِفِينَ} (الزخرف: 5) مُشْرِكِينَ وَالله لَوْ أنَّ هَذا القُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ لَهَلَكُوا)
مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب فِي قَوْله: {أفنضرب عَنْكُم الذّكر} أَي: يكذبُون بِالْقُرْآنِ. قَوْله: (إِن كُنْتُم)، يَعْنِي: بِأَن كُنْتُم على معنى الْمُضِيّ، وَقيل: مَعْنَاهُ: إِذْ كُنْتُم. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا إِن كُنْتُم مُؤمنين} (الْبَقَرَة: 872) وَقَوله: إِن أردن تَحَصُّنًا. قَوْله: (مسرفين)، أَي: مُشْرِكين مجاوزين الْحَد وَأمر الله تَعَالَى، وَقَالَ قَتَادَة: وَالله لَو كَانَ هَذَا الْقُرْآن رفع حِين رده أَوَائِل هَذِه الْأمة لهلكوا وَلَكِن الله عز وجل عَاد بِعِبَادَتِهِ وَرَحمته فكرره عَلَيْهِم ودعاهم إِلَيْهِ عشْرين سنة أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك.
{فَأَهْلَكْنا أشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشا وَمَضَى مَثَلُ الأوَّلِينَ} (الزخرف: 8) عُقُوبَةُ الأوَّلِينَ
كَذَا رُوِيَ عَن قَتَادَة، رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَنهُ، وَفسّر:(مثل الْأَوَّلين) بقوله: (عُقُوبَة الْأَوَّلين) .
جُزْءًا عِدْلاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وجل: {وَجعلُوا لَهُ من عباده جُزْءا إِن الْإِنْسَان لكفور مُبين} (الزخرف: 51) وَفسّر جُزْءا بقوله: (عدلا) بِكَسْر الْعين، وَكَذَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة، وَفِي التَّفْسِير: أَي: نَصِيبا وبعضا. وَذَلِكَ قَوْلهم: الْمَلَائِكَة بَنَات الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك.
قَوْله: (وَجعلُوا)، أَي: الْمُشْركُونَ. قَوْله: (لَهُ)، أَي: الله تَعَالَى.
44 -
(
: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة ح م الدُّخان، وَفِي بعض النّسخ: الدُّخان بِدُونِ لفظ: ح م، وَفِي أَكثر النّسخ سُورَة ح م الدُّخان، قَالَ مقَاتل: مَكِّيَّة كلهَا. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: لَا خلاف فِي ذَلِك، وَهِي ألف وَأَرْبَعمِائَة وَوَاحِد وثلاون حرفا وثلاثمائة وست وَأَرْبَعُونَ كلمة وتسع وَخَمْسُونَ آيَة وروى التِّرْمِذِيّ مَرْفُوعا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: من قَرَأَ ح م الدُّخان فِي لَيْلَة أصبح يسْتَغْفر لَهُ سَبْعُونَ
ألف ملك. وَقَالَ: غَرِيب، وَعنهُ: من قَرَأَ الدُّخان فِي لَيْلَة الْجُمُعَة غفر لَهُ.
(بِسم الله الرحمان الرَّحِيم) .
لم تثبت الْبَسْمَلَة إلَاّ لأبي ذَر.
وَقَالَ مُجاهِدٌ رَهْوا طَرِيقا يَابِسا وَيُقالُ رهْوَاً ساكِنا
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {واترك الْبَحْر رهوا إِنَّهُم جند مغرقون} (الدُّخان: 42) وَفسّر: (رهوا) بقوله: (طَرِيقا يَابسا) وَعَن ابْن عَبَّاس: شعبًا. وَعنهُ: هُوَ أَن يتْرك كَمَا كَانَ، وَعَن ربيع: سهلاً. وَعَن الضَّحَّاك: دميا، وَيُقَال: طَرِيقا يَابسا، هُوَ قَول أبي عُبَيْدَة.
عَلَى عِلْمِ عَلَى الْعَالَمِينَ عَلَى مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد اخترناهم على علم على الْعَالمين} (الدُّخان: 23) وَفَسرهُ بقوله: (على من بَين ظهريه) أَي: على أهل عصره، وَهُوَ أَيْضا قَول مُجَاهِد. قَوْله:(وَلَقَد اخترناهم)، يَعْنِي: مُوسَى وَبني إِسْرَائِيل. قَوْله: (على الْعَالمين)، يَعْنِي: عالمي زمانهم.
فَاعْتُلُوهُ ادْفَعُوهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {خذوه فاعتلوه إِلَى سَوَاء الْجَحِيم} (الدُّخان: 74) وَفسّر (فاعتلوه) بقوله: (ادفعوه) وَفِي التَّفْسِير: سوقوه إِلَى النَّار يُقَال: عتله يعتله عتلاً إِذا سَاقه بالعنف وَالدَّفْع والجذب، وَالضَّمِير فِي: خذوه، يرجع إِلَى الأثيم. قَوْله:(إِلَى سَوَاء الْجَحِيم)، أَي: وسط الْجَحِيم.
وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عينٍ أنْكَحْنَاهُمْ حُورا عِينا يَحَارُ فِيها الطَّرْفُ
هَذَا ظَاهر، وروى الْفرْيَابِيّ من طَرِيق مُجَاهِد بِلَفْظ: أنكحناهم الْحور الْعين الَّتِي يحار فِيهَا الطّرف، بَيَان مخ سوقهن من وَرَاء ثيابهن، وَيرى النَّاظر وَجهه فِي كبد إِحْدَاهُنَّ كالمرآة من رقة الْجلد وصفاء اللُّؤْلُؤ وَعَن مُجَاهِد: يرى النَّاظر وَجهه فِي كَعْب إِحْدَاهُنَّ كالمرآة، وَفِي حرف ابْن مَسْعُود: بعس عين وَهن الْبيض. وَمِنْه قيل لِلْإِبِلِ الْبيض عيس، بِكَسْر الْعين، واحده بعير أعيس وناقة عيساه، والحور جمع أحور، وَالْعين بِالْكَسْرِ جمع العيناء وَهِي الْعَظِيمَة الْعَينَيْنِ.
تَرْجُمُونِ القَتْلُ
وَكَذَا قَالَه قَتَادَة، وَعَن ابْن عَبَّاس: ترجمون تشتمون. وَيَقُولُونَ: سَاحر، وَوَقع عِنْد غير أبي ذَر، وَيُقَال إِن ترجمون الْقَتْل.
وَرَهوَا سَاكِنا
هَذَا مُكَرر وَقد مضى عَن قريب، وَوَقع هَذَا أَيْضا لغير أبي ذَر.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ كَالمُهْلِ أسُودُ كَمُهْلِ الزَّيْتِ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم كَالْمهْلِ يغلي فِي الْبُطُون} (الدُّخان: 34، 54) رَوَاهُ جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَنهُ، وَعَن الْأَزْهَرِي. من الْمهل: الرصاص الْمُذَاب أَو الصفر أَو الْفضة، وكل مَا أديب من هَذِه الْأَشْيَاء فَهُوَ مهل، وَقيل: الْمهل دردي الزَّيْت، وَقيل: الْمهل الصديد الَّذِي يسيل من جُلُود أهل النَّار، وَقَالَ اللَّيْث: الْمهل ضرب من القطران إلَاّ أَنه رَقِيق يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَهُوَ دسم تدهن بِهِ الْإِبِل فِي الشتَاء، وَقيل: السم، وَعَن الْأَصْمَعِي بِفَتْح الْمِيم الصديد وَمَا يسيل من الْمَيِّت، وَقيل: عكر الزَّيْت، والمهل أَيْضا كل شَيْء يتحات عَن الخبزة من الرماد وَغَيره، وَقيل: الْمهل إِذا ذهب الْجَمْر إلاّ بقايا مِنْهُ فِي الرماد تبينها إِذا حركها والرماد حَار من أجل تِلْكَ الْبَقِيَّة، وَقيل: هُوَ خشارة الزَّيْت، وَفِي (الْمُحكم) قيل: هُوَ خبث الْجَوَاهِر، يَعْنِي الذَّهَب وَالْفِضَّة والرصاص وَالْحَدِيد، وَفِي (تَفْسِير عبد عَن ابْن جُبَير) الْمهل الَّذِي انْتهى حره.
وَقَالَ غَيْرُهُ التُّبَّعُ مُلُوكُ اليَمَنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعا لأنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعا لأنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ
أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {أهم خير أم قوم تبع} (الدُّخان: 73) وَفسّر التبع بقوله: (مُلُوك الْيمن) وَهَذَا كل من ملك الْيمن يُسمى تبعا كَمَا أَن كل من ملك فَارِسًا يُسمى كسْرَى، وكل من ملك الرّوم يُسمى قيصرا. وكل من ملك الْحَبَشَة يُسمى النَّجَاشِيّ، وكل من ملك التّرْك يُسمى خاقَان.