الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
(بابُ قَوْلِهِ: {ولَوْلَا فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ ورَحْمَتُهُ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ لَمسَّكُمْ فِيما أفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النُّور:
41)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وجل: {وَلَوْلَا فضل الله} الْآيَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بعد قَوْله:{أَفَضْتُم فِيهِ} الْآيَة، وَكلمَة: لَوْلَا، لِامْتِنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره أَي: لَوْلَا مَا منَّ الله بِهِ عَلَيْكُم وفضله عَلَيْكُم فِي الدُّنْيَا بضروب النعم الَّتِي من جُمْلَتهَا الْإِمْهَال للتَّوْبَة، وَأَن أترحم عَلَيْكُم فِي الْآخِرَة بِالْعَفو وَالْمَغْفِرَة {لمسكم فِيمَا أَفَضْتُم} أَي: خضتم فِيهِ من حَدِيث الْإِفْك، يُقَال: أَفَاضَ فِي الحَدِيث انْدفع وخاض قَوْله: (عَذَاب) فَاعل: {لمسكم عَذَاب عَظِيم} فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَا انْقِطَاع لَهُ.
وَقَالَ مُجاهِدٌ تَلَقَّوْنَهُ يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذْ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم} (النُّور: 51)
الْآيَة، وَفسّر: تلقونه، بقوله:(يرويهِ بَعْضكُم عَن بعض) هَذَا تَفْسِير فتح اللَّام مَعَ تَشْدِيد الْقَاف، وَهِي قِرَاءَة الْأَكْثَرين من السَّبْعَة، فَمنهمْ من أدغم الذَّال فِي التَّاء، وَمِنْهُم من أظهرها وَهُوَ من التلقي للشَّيْء، وَهُوَ أَخذه وقبوله وَقَرَأَ أبي بن كَعْب وَابْن مَسْعُود: إِذْ تتلقونه، بتائين وقرأت عَائِشَة رضي الله عنها، وَيحيى ابْن يعمر بِكَسْر اللَّام وَتَخْفِيف الْقَاف: من الولق، وَهُوَ الْإِسْرَاع فِي الْكَذِب، وَقيل: هُوَ الْكَذِب، وَقَرَأَ مُحَمَّد بن السميقع، بِضَم التَّاء وَسُكُون اللَّام وَضم الْقَاف.
تُفِيضُونَ تَقُولُونَ
هَذَا فِي سُورَة يُونُس وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَعْمَلُونَ من عمل إلَاّ كُنَّا عَلَيْكُم شُهُودًا إِذْ تفيضون فِيهِ} (يُونُس: 16) وَإِنَّمَا ذكره هَهُنَا اسْتِطْرَادًا لقَوْله: {فِيمَا أَفَضْتُم فِيهِ} فَإِن كلا مِنْهُمَا من الْإِفَاضَة وَهُوَ الْإِكْثَار فِي القَوْل.
1574 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخْبَرَنا سُلَيْمانُ عَنْ حُصَيْنٍ عنْ أبي وائِلٍ عنْ مسْرُوقٍ عنْ أُمِّ رُومانَ أُمِّ عائِشَةَ أنّها قالَتْ لَمَّا رُمِيَتْ عائِشَةُ خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْها.
قيل: لَا مُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين التَّرْجَمَة. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لاحظ فِيهِ قصَّة الْإِفْك وَإِن كَانَ بِحَسب الظَّاهِر غير ملائم. وَمُحَمّد بن كثير ضد الْقَلِيل الْعَبْدي الْبَصْرِيّ، يروي عَن أَخِيه سُلَيْمَان بن كثير عَن حُصَيْن مصغر حصن ابْن عبد الرَّحْمَن عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن أم رُومَان، بِضَم الرَّاء وَفتحهَا: بنت عَامر بن عُوَيْمِر امْرَأَة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، وَأم عَائِشَة، مَاتَت فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم سنة سِتّ من الْهِجْرَة فَنزل النَّبِي صلى الله عليه وسلم قبرها واستغفر لَهَا، وَقَالَ أَبُو عمر: رِوَايَة مَسْرُوق عَن أم رُومَان مُرْسلَة، وَلَعَلَّه سمع ذَلِك من عَائِشَة، وَرِوَايَة الْأَكْثَرين: مُحَمَّد بن كثير عَن سُلَيْمَان، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، عَن الْجِرْجَانِيّ: سُفْيَان بدل سُلَيْمَان، وَقَالَ الجياني: هَكَذَا هَذَا الْإِسْنَاد عِنْد الْجَمَاعَة، وَفِي نُسْخَة أبي مُحَمَّد عَن أبي أَحْمد: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير أخبرنَا سُفْيَان عَن حُصَيْن، قَالَ أَبُو عَليّ: سُلَيْمَان هُوَ الصَّوَاب، وَهُوَ سُلَيْمَان بن كثير أَخُو مُحَمَّد وَمُحَمّد مَشْهُور بالرواية عَن أَخِيه. قَوْله:(مغشياً عَلَيْهَا)، وَقَالَ ابْن التِّين: الصَّوَاب مغشية، وَالله أعلم.
8 -
(بابٌ: {إذْ تَلَقَّوْنَهُ بألْسِنَتِكُمْ وتَقُولُونَ بأفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وهْوَ عِنْدَ الله عَظِيمٌ} الْآيَة)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وجل: {إِذْ تلقونه}
…
إِلَى آخِره هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره، سَاق إِلَى قَوْله: عَظِيم، وَلَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ: بَاب. قَوْله: (إِذْ)، ظرف: لمسكم، أَو: لأفضتم. (تلقونه) ، يَأْخُذهُ بَعْضكُم من بعض، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ عَن قريب. فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله بأفواهكم؟ وَالْقَوْل لَا يكون إلَاّ بالفم. قُلْنَا: مَعْنَاهُ أَن الشَّيْء الْمَعْلُوم يكون علمه فِي الْقلب فيترجم عَنهُ بِاللِّسَانِ، وَهَذَا الْإِفْك لَيْسَ إلَاّ قولا يجْرِي على أَلْسِنَتكُم ويدور فِي أَفْوَاهكُم من غير تَرْجَمَة عَن علم بِهِ فِي الْقلب، كَقَوْلِه تَعَالَى:{يَقُولُونَ بأفواههم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبهم} (النُّور: 51) .