الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذكر هَذِه السِّتَّة مُتَوَالِيَة هُوَ الْأَنْسَب، وَلَك وَقع هَذَا الْبَاب أَعنِي:
بَاب مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى
بَين هَذِه الْأَبْوَاب السِّتَّة فِي بعض النّسخ. قيل: الظَّاهِر أَن ذَلِك وَقع من بعض الروَاة. قلت: لم يراع البُخَارِيّ التَّرْتِيب بَين أَكثر الْأَبْوَاب فِي غير هَذَا الْموضع، وَهَذَا أَيْضا من ذَلِك، وَلَيْسَ يتَعَلَّق بمراعاة تَرْتِيب الْأَبْوَاب جلّ الْمَقْصُود.
قالَ مُحَمَّدُ ويُذْكَرُ ذالِكَ عنْ عَمَّارٍ وأبِي ذَرٍّ وَأنَسٍ وَجَابِرِ بنِ زَيْدٍ وعِكْرَمَةَ وَالزُّهْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم
قَوْله: (قَالَ مُحَمَّد)، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله:(ذَلِك)، إِشَارَة إِلَى مَا ذكره من قَوْله: مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى، وَقد ذكر هُنَا سِتَّة أنفس من ثَلَاثَة من الصَّحَابَة وهم: عمار وَأَبُو ذَر وَأنس، وَثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: جَابر بن زيد وَعِكْرِمَة وَالزهْرِيّ، وكل ذَلِك بتعليق. أما عمار: فقد روى عَنهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (أوتر قبل أَن تنام، وَصَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى) . وَفِي إِسْنَاده الرّبيع بن بدر وَهُوَ ضَعِيف. وَأما من فعله هُوَ فقد رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث ابْن همام (عَن عمار بن يَاسر أَنه: دخل الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين) وَأما أَبُو ذَر، فقد روى عَنهُ ابْن أبي شيبَة من فعله من طَرِيق مَالك بن أَوْس عَنهُ، أَنه: دخل الْمَسْجِد فَأتى سَارِيَة فصلى عِنْدهَا رَكْعَتَيْنِ) ، وَلم أَقف على شَيْء رُوِيَ عَنهُ من قَوْله مَرْفُوعا أَو مَوْقُوفا. وَأما أنس: فقد روى عَنهُ البُخَارِيّ فِيمَا مضى فِي: بَاب هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر؟ حَدثنَا آدم قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ:(حَدثنَا أنس بن سِيرِين، قَالَ: سَمِعت أنسا يَقُول: قَالَ رجل من الْأَنْصَار: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع الصَّلَاة مَعَك وَكَانَ رجلا ضخما فَصنعَ للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم، طَعَاما فَدَعَاهُ إِلَى منزله، فَبسط لَهُ حَصِيرا ونضح طرف الْحَصِير، فصلى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. .) الحَدِيث. وَفِي هَذَا الْبَاب عَن عَمْرو بن عَنْبَسَة أخرجه أَحْمد عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى)، وَعَن ابْن عَبَّاس روى عَنهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى) . وَأما الثَّلَاثَة من التَّابِعين وهم: جَابر بن زيد أَبُو الشعْثَاء الْبَصْرِيّ، وَعِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، وَمُحَمّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ فقد علق البُخَارِيّ عَنْهُم بقوله: وَيذكر وَلم أَقف إلَاّ على مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن حرمي بن عمَارَة (عَن أبي خلدَة قَالَ: رَأَيْت عِكْرِمَة دخل الْمَسْجِد فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ) .
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيد الأنْصَارِيُّ مَا أدْرَكْتُ فُقَهَاءَ أرْضِنَا إلَاّ يُسَلمُونَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنَ النَّهَارِ
يحيى بن سعيد بن قيس أَبُو سعيد الْأنْصَارِيّ البُخَارِيّ الْمَدِينِيّ، قَاضِي الْمَدِينَة: سمع أنس بن مَالك، وروى من كبار التَّابِعين أقدمه أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور الْعرَاق وولاه الْقَضَاء بالهاشمية، وَقيل: إِنَّه تولى الْقَضَاء بِبَغْدَاد، مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة.
قَوْله: (أَرْضنَا) أَرَادَ بهَا الْمَدِينَة، وَمن فُقَهَاء أرضه: الزُّهْرِيّ وَنَافِع وَسَعِيد بن الْمسيب وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق وجعفر ابْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، والصادق وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز وَآخَرُونَ، وروى عَن هَؤُلَاءِ وَغَيرهم. قَوْله:(فِي كل اثْنَتَيْنِ) أَي: فِي كل رَكْعَتَيْنِ.
52 -
(بابُ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي النَّفْل أَنه يُصَلِّي مثنى مثنى، يَعْنِي: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، كل رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَة، ومثنى الثَّانِي تَأْكِيد لِأَنَّهُ دَاخل فِي حَده، إِذْ مَعْنَاهُ: اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَعَن هَذَا قَالُوا: إِن مثنى معدول عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، فَفِيهِ الْعدْل وَالصّفة، ثمَّ إِطْلَاق قَوْله:(مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى) يتَنَاوَل تطوع اللَّيْل وتطوع النَّهَار، وَقد وَقع فِي أَكثر النّسخ هَذَا الْبَاب بعد: بَاب مَا يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر، لِأَن الْأَبْوَاب الْمُتَعَلّقَة بركعتي الْفجْر سِتَّة أَبْوَاب، أَولهَا: بَاب المداومة على رَكْعَتي الْفجْر، وَآخِرهَا: بَاب مَا يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر. وَذكر هَذِه السِّتَّة مُتَوَالِيَة هُوَ الْأَنْسَب، وَلَك وَقع هَذَا الْبَاب أَعنِي: بَاب مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى بَين هَذِه الْأَبْوَاب السِّتَّة فِي بعض النّسخ. قيل: الظَّاهِر أَن ذَلِك وَقع من بعض الروَاة. قلت: لم يراع البُخَارِيّ التَّرْتِيب بَين أَكثر الْأَبْوَاب فِي غير هَذَا الْموضع، وَهَذَا أَيْضا من ذَلِك، وَلَيْسَ يتَعَلَّق بمراعاة تَرْتِيب الْأَبْوَاب جلّ الْمَقْصُود.
قالَ مُحَمَّدُ ويُذْكَرُ ذالِكَ عنْ عَمَّارٍ وأبِي ذَرٍّ وَأنَسٍ وَجَابِرِ بنِ زَيْدٍ وعِكْرَمَةَ وَالزُّهْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم
قَوْله: (قَالَ مُحَمَّد)، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله:(ذَلِك)، إِشَارَة إِلَى مَا ذكره من قَوْله: مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى، وَقد ذكر هُنَا سِتَّة أنفس من ثَلَاثَة من الصَّحَابَة وهم: عمار وَأَبُو ذَر وَأنس، وَثَلَاثَة من التَّابِعين وهم: جَابر بن زيد وَعِكْرِمَة وَالزهْرِيّ، وكل ذَلِك بتعليق. أما عمار: فقد روى عَنهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (أوتر قبل أَن تنام، وَصَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى) . وَفِي إِسْنَاده الرّبيع بن بدر وَهُوَ ضَعِيف. وَأما من فعله هُوَ فقد رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث ابْن همام (عَن عمار بن يَاسر أَنه: دخل الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين) وَأما أَبُو ذَر، فقد روى عَنهُ ابْن أبي شيبَة من فعله من طَرِيق مَالك بن أَوْس عَنهُ، أَنه: دخل الْمَسْجِد فَأتى سَارِيَة فصلى عِنْدهَا رَكْعَتَيْنِ) ، وَلم أَقف على شَيْء رُوِيَ عَنهُ من قَوْله مَرْفُوعا أَو مَوْقُوفا. وَأما أنس: فقد روى عَنهُ البُخَارِيّ فِيمَا مضى فِي: بَاب هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر؟ حَدثنَا آدم قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ:(حَدثنَا أنس بن سِيرِين، قَالَ: سَمِعت أنسا يَقُول: قَالَ رجل من الْأَنْصَار: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع الصَّلَاة مَعَك وَكَانَ رجلا ضخما فَصنعَ للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم، طَعَاما فَدَعَاهُ إِلَى منزله، فَبسط لَهُ حَصِيرا ونضح طرف الْحَصِير، فصلى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ. .) الحَدِيث. وَفِي هَذَا الْبَاب عَن عَمْرو بن عَنْبَسَة أخرجه أَحْمد عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى)، وَعَن ابْن عَبَّاس روى عَنهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى) . وَأما الثَّلَاثَة من التَّابِعين وهم: جَابر بن زيد أَبُو الشعْثَاء الْبَصْرِيّ، وَعِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، وَمُحَمّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ فقد علق البُخَارِيّ عَنْهُم بقوله: وَيذكر وَلم أَقف إلَاّ على مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن حرمي بن عمَارَة (عَن أبي خلدَة قَالَ: رَأَيْت عِكْرِمَة دخل الْمَسْجِد فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ) .
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيد الأنْصَارِيُّ مَا أدْرَكْتُ فُقَهَاءَ أرْضِنَا إلَاّ يُسَلمُونَ فِي كُلِّ اثْنَتَيْنِ مِنَ النَّهَارِ
يحيى بن سعيد بن قيس أَبُو سعيد الْأنْصَارِيّ البُخَارِيّ الْمَدِينِيّ، قَاضِي الْمَدِينَة: سمع أنس بن مَالك، وروى من كبار التَّابِعين أقدمه أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور الْعرَاق وولاه الْقَضَاء بالهاشمية، وَقيل: إِنَّه تولى الْقَضَاء بِبَغْدَاد، مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة.
قَوْله: (أَرْضنَا) أَرَادَ بهَا الْمَدِينَة، وَمن فُقَهَاء أرضه: الزُّهْرِيّ وَنَافِع وَسَعِيد بن الْمسيب وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق وجعفر ابْن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، والصادق وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز وَآخَرُونَ، وروى عَن هَؤُلَاءِ وَغَيرهم. قَوْله:(فِي كل اثْنَتَيْنِ) أَي: فِي كل رَكْعَتَيْنِ.
2611 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبِي المَوَالِي عنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ عنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله عَنْهُمَا قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ يَقُولُ إذَا هَمَّ أحَدُكُمْ بِالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُل اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكُ بِعِلْمِكَ وَأسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأسْألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ فَإنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أقْدِرُ وتَعْلَمُ وَلا أعْلَمُ وأنْتَ علَاّمُ الغُيُوبِ اللَّهُم إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هاذَا الأمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي ومَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمْرِي أوْ قَالَ عاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ فاقْدُرْهُ لِي ويَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فيهِ وَإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هاذا الأمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي ومَعَاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي أوْ قالَ فِي عاجِلِ أمْرِي وَآجِلِهِ فاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كانَ ثُمْ أرْضِنِي. قَالَ ويُسَمِّي حاجَتَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فليركع رَكْعَتَيْنِ من غير الْفَرِيضَة) ، وَقد أمره صلى الله عليه وسلم بِرَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يتَنَاوَل كَونهمَا بِاللَّيْلِ أَو بِالنَّهَارِ.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: قُتَيْبَة بن سعيد. الثَّانِي: عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي، بِفَتْح الْمِيم: أَبُو مُحَمَّد، مولى عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِي (تَهْذِيب الْكَمَال) : أَن أَبَا الموَالِي اسْمه زيد. الثَّالِث: مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بِلَفْظ اسْم الْفَاعِل من الانكدار ابْن عبد الله أَبُو بكر، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة. الرَّابِع: جَابر بن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي مِمَّا تفرد بِحَدِيث الاستخارة، وَأَن البُخَارِيّ تفرد بِهِ. وَفِيه: أَن شَيْخه بلخي وَعبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد مدنيان.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن أبي مُصعب مطرف بن عبد الله وَفِي التَّوْحِيد عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي وَعبد الرَّحْمَن ابْن مقَاتل خَال القعْنبِي وَمُحَمّد ابْن عِيسَى بن الطباع. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ، وَالنَّسَائِيّ فِي النِّكَاح وَفِي النعوت وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث جَابر حسن صَحِيح غَرِيب لَا نعرفه إلَاّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي، وَهُوَ شيخ مدنِي ثِقَة، روى عَنهُ سُفْيَان حَدِيثا، وَقد روى عَن عبد الرَّحْمَن غير وَاحِد من الْأَئِمَّة انْتهى. قلت: حكم التِّرْمِذِيّ على حَدِيث جَابر بِالصِّحَّةِ تبعا للْبُخَارِيّ فِي إِخْرَاجه فِي الصَّحِيح، وَصَححهُ أَيْضا ابْن حبَان، وَمَعَ ذَلِك فقد ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل، فَقَالَ: إِن حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي فِي الاستخارة مُنكر، وَقَالَ ابْن عدي فِي (الْكَامِل) فِي تَرْجَمته: وَالَّذِي أنكر عَلَيْهِ حَدِيث الاستخارة، وَقد رَوَاهُ غير وَاحِد من الصَّحَابَة، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين: كَأَن ابْن عدي أَرَادَ بذلك أَن لحديثه هَذَا شَاهدا من حَدِيث غير وَاحِد من الصَّحَابَة، فَخرج بذلك أَن يكون فَردا مُطلقًا، وَقد وَثَّقَهُ جُمْهُور أهل الْعلم. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ وَيحيى بن معِين وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ: ثِقَة، وَقَالَ أَحْمد وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بِهِ، وَزَاد أَبُو زرْعَة: صَدُوق.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عقيب ذكره هَذَا الحَدِيث: وَفِي الْبَاب عَن ابْن مَسْعُود وَأبي أَيُّوب. وَقَالَ شَيخنَا وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن أبي بكر الصّديق وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَسَعِيد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة صَالح بن مُوسَى الطلحي عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة (عَن عبد الله، قَالَ: علمنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الاستخارة، قَالَ: إِذا أَرَادَ أحدكُم أمرا فَلْيقل) : اللَّهُمَّ إنس أستخيرك بعلمك. .) فَذكره وَلم يقل: الْعَظِيم، وَقدم قَوْله:(وَتعلم) على قَوْله: (وتقدر)، وَقَالَ:(فَإِن كَانَ هَذَا الَّذِي أُرِيد خيرا فِي ديني وعاقبة أَمْرِي فيسره لي، وَإِن كَانَ غير ذَلِك خيرا لي فاقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ، يَقُول ثمَّ يعزم) . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من طَرِيق أُخْرَى. وَأما حَدِيث أبي أَيُّوب فَأخْرجهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة الْوَلِيد بن أبي الْوَلِيد أَن أَيُّوب بن خَالِد بن أبي أَيُّوب حَدثهُ عَن أَبِيه عَن جده أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أكتم الْخطْبَة، ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ صل مَا كتب الله لَك ثمَّ احْمَد رَبك ومجده ثمَّ قل: اللَّهُمَّ إِنَّك تقدر وَلَا أقدر. .) الحَدِيث إِلَى قَوْله: (الغيوب) وَبعده: (فَإِن رَأَيْت لي فِي فُلَانَة، تسميها باسمها، خيرا فِي دنياي وآخرتي فَاقْض لي بهَا، أَو قَالَ: فاقدرها لي) . لفظ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ. وَقَالَ ابْن حبَان: (خيرالي فِي ديني ودنياي وآخرتي فاقدرها لي، وَإِن كَانَ غَيرهَا خيرا لي مِنْهَا فِي ديني ودنياي وآخرتي فَاقْض لي ذَلِك) . وَأَيوب وخَالِد ذكرهمَا ابْن حبَان فِي (الثِّقَات) . وَأما حَدِيث أبي بكر: فَأخْرجهُ التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات من رِوَايَة زنفل بن عبد الله عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة (عَن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أمرا قَالَ: اللَّهُمَّ خر لي واختر لي) . وَقَالَ: غَرِيب لَا نعرفه إلَاّ من حَدِيث زنفل، وَهُوَ ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث. وَأما حَدِيث أبي سعيد: فَأخْرجهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي من طَرِيق ابْن إِسْحَاق: حَدثنِي عِيسَى بن عبد الله بن مَالك عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء بن يسَار (عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِذا أَرَادَ أحدهم أمرا فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك بعلمك. .) الحَدِيث على نَحْو حَدِيث جَابر، وَقَالَ فِي آخِره:(ثمَّ قدر لي الْخَيْر أَيْنَمَا كَانَ، لَا حول وَلَا قُوَّة إلَاّ بِاللَّه) . إِسْنَاده صَحِيح. وَرَوَاهُ ابْن حبَان أَيْضا فِي (صَحِيحه) من هَذَا الْوَجْه. وَأما حَدِيث سعد بن أبي وَقاص: رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَرَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى فِي (مسانيدهم) من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد
ابْن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه عَن جده سعد بن أبي وَقاص، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (من سَعَادَة ابْن آدم استخارته الله تَعَالَى. .) الحَدِيث، وَلَا يَصح إِسْنَاده. وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فأخرجهما الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) بِإِسْنَادِهِ عَنْهُمَا، قَالَا:(كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنَا الاستخارة كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك. .) الحَدِيث، إِلَى آخر قَوْله:(علام الغيوب) وَزَاد بعده: (أللهم مَا قضيت عَليّ من قَضَاء فَاجْعَلْ عاقبته إِلَى خير) ، وَإِسْنَاده ضَعِيف، وَفِيه عبد الله بن هانىء مُتَّهم بِالْكَذِبِ. وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة: فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) من رِوَايَة أبي الْفضل ابْن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن جده عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا أَرَادَ أحدكُم أمرا فَلْيقل: أللهم إِنِّي أستخيرك. .) فَذكره وَلم يقل: الْعَظِيم، وَفِي آخِره:(ورضني بقدرك)، قَالَ ابْن حبَان: أَبُو الْفضل اسْمه شبْل بن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، مُسْتَقِيم الْأَمر فِي الحَدِيث، وَقد ضعفه ابْن عدي، فَقَالَ: حدث بِأَحَادِيث لَهُ غير مَحْفُوظَة مَنَاكِير، وَأورد لَهُ هَذَا الحَدِيث وَقَالَ: إِنَّه مُنكر لَا يحدث بِهِ غير شبْل. وَأما حَدِيث أنس، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (مُعْجَمه الصَّغِير) و (الْأَوْسَط) من رِوَايَة عبد القدوس بن حبيب عَن الْحسن عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا خَابَ من استخار، وَلَا نَدم من اسْتَشَارَ، وَلَا عَال من اقتصد)، وَقَالَ: لم يروه عَن الْحسن إلَاّ عبد القدوس، تفرد بِهِ وَلَده عبد السَّلَام. انْتهى. وَعبد القدوس أَجمعُوا على تَركه، وَكذبه الفلاس، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: عبد السَّلَام وَأَبوهُ ضعيفان.
ذكر اخْتِلَاف أَلْفَاظ حَدِيث جَابر وَغَيره إِسْنَادًا ومتنا: فَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد، وَرِوَايَة لأبي دَاوُد أَيْضا التَّصْرِيح بِسَمَاع عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي عَن ابْن الْمُنْكَدر، وبسماع ابْن الْمُنْكَدر لَهُ عَن جَابر. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي الدَّعْوَات (فِي الْأُمُور كلهَا كالسورة من الْقُرْآن)، وَلم يقل فِيهِ:(من غير الْفَرِيضَة) . وَقَالَ فِيهِ: (ثمَّ رضني بِهِ)، وَقَالَ فِي كتاب التَّوْحِيد:(كَانَ يعلم أَصْحَابه الاستخارة) أَي: صَلَاة الاستخارة، (فِي الْأُمُور كلهَا)، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ فِي النِّكَاح:(وأستعينك بقدرتك) وَلم يقل أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه: (فِي الْأُمُور كلهَا)، وَزَاد أَبُو دَاوُد بعد قَوْله:(ومعاشي ومعادي)، وللطبراني فِي (الْأَوْسَط) فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود:(وَأَسْأَلك من فضلك الْوَاسِع) .
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يعلمنَا الاستخارة) أَي: صَلَاة الاستخارة، ودعاءها، وَهِي طلب الْخيرَة على وزن العنبة اسْم من قَوْلك: اخْتَارَهُ الله. وَفِي (النِّهَايَة) : خار الله لَك أَي: أَعْطَاك مَا هُوَ خير لَك، قَالَ: والخيرة، بِكَوْن الْيَاء الِاسْم مِنْهُ، وَأما بِالْفَتْح فَهُوَ الِاسْم من قَوْلك: اخْتَارَهُ الله. وَمُحَمّد صلى الله عليه وسلم خيرة الله من خلقه يُقَال بِالْفَتْح والسكون، وَهُوَ من بَاب الاستفعال، وَهُوَ فِي (لِسَان الْعَرَب) على معَان: مِنْهَا: سُؤال الْفِعْل، وَالتَّقْدِير: أطلب مِنْك الْخَيْر، فِيمَا هَمَمْت بِهِ، وَالْخَيْر هُوَ كل معنى زَاد نَفعه على ضره. قَوْله:(فِي الْأُمُور كلهَا) دَلِيل على الْعُمُوم، وَأَن الْمَرْء لَا يحتقر أمرا لصغره وَعدم الاهتمام بِهِ فَيتْرك الاستخارة فِيهِ، فَرب أَمر يستخف بأَمْره فَيكون فِي الْإِقْدَام عَلَيْهِ ضَرَر عَظِيم، أَو فِي تَركه، وَلذَلِك قَالَ صلى الله عليه وسلم:(ليسأل أحدكُم ربه حَتَّى فِي شسع نَعله. قَوْله: (كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن) ، دَلِيل على الاهتمام بِأَمْر الاستخارة، وَأَنه متأكد مرغب فِيهِ. فَإِن قلت: كَانَ يَنْبَغِي أَن تجب الإستخارة اسْتِدْلَالا بتشبيه ذَلِك بتعليم السُّورَة من الْقُرْآن. كَمَا اسْتدلَّ بَعضهم على وجوب التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة بقول ابْن مَسْعُود: كَانَ يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن. قلت: الَّذِي دلّ على وجوب التَّشَهُّد الْأَمر فِي قَوْله: (فَلْيقل التَّحِيَّات لله)، الحَدِيث؟ فَإِن قلت: هَذَا أَيْضا فِيهِ أَمر، وَهُوَ قَوْله:(فليركع رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ليقل) ؟ قلت: الْأَمر فِي هَذَا مُعَلّق بِالشّرطِ، وَهُوَ قَوْله:(إا هم أحدكُم بِالْأَمر) فَإِن قلت: إِنَّمَا يُؤمر بِهِ عِنْد إِرَادَة ذَلِك لَا مُطلقًا، كَمَا قَالَ فِي التَّشَهُّد:(وَإِذا صلى أحدكُم فَلْيقل التَّحِيَّات لله) ؟ قلت: التَّشَهُّد جُزْء من الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة، فَيُؤْخَذ الْوُجُوب من قَوْله:(صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) فَأَما الاستخارة فتدل على عدم وُجُوبهَا الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الدَّالَّة على انحصار فرض الصَّلَاة فِي الْخمس. فَإِن قلت: فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن لَا يكون الْوتر وَاجِبا، وَمَعَ هَذَا هُوَ وَاجِب، بل الْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة أَنه فرض قلت: قد قَامَت الْأَدِلَّة من الْخَارِج على وجوب الْوتر كَمَا عرف فِي مَوْضِعه. قَوْله: (إِذا هم) أَي: إِذا قصد. قَوْله: (فليركع رَكْعَتَيْنِ)، أَي: فَليصل رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ ذكر الْجُزْء وَإِرَادَة الْكل، لِأَن الرُّكُوع جُزْء من أَجزَاء الصَّلَاة. قَوْله: فِي غير الْفَرِيضَة) دَلِيل
على أَنه لَا تحصل سنة صَلَاة الاستخارة بِوُقُوع الدُّعَاء بعد صَلَاة الْفَرِيضَة لتقييد ذَلِك فِي النَّص بِغَيْر الْفَرِيضَة. قَوْله: (ثمَّ ليقل اللَّهُمَّ) إِلَى آخِره، دَلِيل على أَنه لَا يضر تَأْخِير دُعَاء الاستخارة عَن الصَّلَاة مَا لم يطلّ الْفَصْل. قَوْله:(بعلمك) الْبَاء فِيهِ وَفِي قَوْله: (بقدرتك) للتَّعْلِيل، أَي: بأنك أعلم وأقدر، قَالَه شَيخنَا زين الدّين. وَقَالَ الْكرْمَانِي يحْتَمل أَن تكون للاستعانة، وَأَن تكون للاستعطاف كَمَا فِي قَوْله:{رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ} (الْقَصَص: 71) . أَي: بِحَق علمك وقدرتك الشاملين. قَوْله: (وأستقدرك) أَي: أطلب مِنْك أَن تجْعَل لي قدرَة عَلَيْهِ. قَوْله: (وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم) كل عَطاء الرب جل جلاله فضل، فَإِنَّهُ لَيْسَ لأحد عَلَيْهِ حق فِي نعمه وَلَا فِي شَيْء، فَكل مَا يهب فَهُوَ زِيَادَة مُبتَدأَة من عِنْده لم يقابلها منا عوض فِيمَا مضى، وَلَا يقابلها فِيمَا يسْتَقْبل، فَإِن وفْق للشكر وَالْحَمْد فَهُوَ نعْمَة مِنْهُ وَفضل يفْتَقر إِلَى حمد وشكر، وَهَكَذَا إِلَى غير نِهَايَة، خلاف مَا تعتقده المبتدعة الَّتِي تَقول: إِنَّه وَاجِب على الله تَعَالَى أَن يبتدىء العَبْد بِالنعْمَةِ وَقد خلق لَهُ الْقُدْرَة، وَهِي بَاقِيَة فِيهِ دائمة لَهُ أبدا يَعْصِي ويطيع. قَوْله:(وَأَنت علام الغيوب) الْمَعْنى: أَنا أطلب مستأنفا لَا يُعلمهُ إلَاّ أَنْت، فَهَب لي مِنْهُ مَا ترى أَنه خير لي فِي ديني ومعيشتي وعاجل أَمْرِي وآجله، وَهَذِه أَرْبَعَة أَقسَام خير يكون لَهُ فِي دينه دون دُنْيَاهُ، وَخير لَهُ فِي دُنْيَاهُ خَاصَّة وَلَا تعرض فِي دينه، وَخير فِي العاجل وَذَلِكَ يحصل فِي الدُّنْيَا، وَلَكِن فِي الْآخِرَة أولى، وَخير فِي الآجل وَهُوَ أفضل، وَلَكِن إِذا اجْتمعت الْأَرْبَعَة فَذَلِك الَّذِي يَنْبَغِي للْعَبد أَن يسْأَل ربه، وَمن دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ أصلح ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي، وَأصْلح لي دنياي الَّتِي فِيهَا معاشي وَأصْلح لي آخرتي الَّتِي إِلَيْهَا معادي، وَاجعَل الْحَيَاة زِيَادَة لي فِي كل خير، وَالْمَوْت رَاحَة لي من كل شَرّ، إِنَّك على كل شَيْء قدير) . قَوْله: (ومعاشي) ، المعاش والمعيشة وَاحِد، يستعملان مصدرا وإسما. وَفِي (الْمُحكم) : الْعَيْش الْحَيَاة، عَاشَ عَيْشًا وعيشة ومعيشا ومعاشا وعيشوشة، ثمَّ قَالَ: المعيش والمعاش والمعيشة مَا يعاش بِهِ. قَوْله: (أَو قَالَ) هُوَ شكّ من بعض الروَاة. قَوْله: (فاقدره لي) أَي: فقدره، يُقَال: قدرت الشَّيْء أقدره، بِالضَّمِّ وَالْكَسْر، قدرا، من التَّقْدِير. قَالَ شهَاب الدّين الْقَرَافِيّ فِي كتاب (أنوار البروق) : يتَعَيَّن أَن يُرَاد بالتقدير هُنَا التَّيْسِير، فَمَعْنَاه: فيسره. قَوْله: (وَبَارك لي فِيهِ) أَي: أدمه وضاعفه. قَوْله: (واصرفه عني واصرفني عَنهُ) أَي: لَا تعلق بالي بِهِ وتطلبه، وَمن دُعَاء بعض أهل الطَّرِيق: اللَّهُمَّ لَا تتعب بدني فِي طلب مَا لم يقدر لي، وَيُقَال: مَعْنَاهُ طلب الْأَكْمَل من وُجُوه انصراف مَا لَيْسَ فِيهِ خيرة عَنهُ، وَلم يكتف بسؤال صرف أحد الْأَمريْنِ لِأَنَّهُ قد يصرف الله خَيره عَن المستخير عَن ذَلِك الْأَمر بِأَن يَنْقَطِع طلبه لَهُ، وَذَلِكَ الْأَمر الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خيرة يَطْلُبهُ، فَرُبمَا أدْركهُ. وَقد يصرف الله عَن المستخير ذَلِك الْأَمر وَلَا يصرف قلب العَبْد عَنهُ، بل يبْقى متطلبا متشوقا إِلَى حُصُوله، فَلَا يطيب لَهُ خاطره، فَإِذا صرف كل مِنْهُمَا عَن الآخر كَانَ ذَلِك أكمل، وَلذَلِك قَالَ فِي آخِره:(فاقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ، ثمَّ رضني بِهِ) . لِأَنَّهُ إِذا قدر لَهُ الْخَيْر وَلم يرض بِهِ كَانَ منكدر الْعَيْش آثِما بِعَدَمِ رِضَاهُ بِمَا قدره الله لَهُ، مَعَ كَونه خيرا لَهُ، والرضى سُكُون النَّفس إِلَى الْقدر وَالْقَضَاء. قَوْله:(ويسمي حَاجته) أَي: فِي أثْنَاء الدُّعَاء عِنْد ذكرهَا بِالْكِنَايَةِ عَنْهَا فِي قَوْله: إِن كَانَ هَذَا الْأَمر) .
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: اسْتِحْبَاب صَلَاة الاستخارة وَالدُّعَاء الْمَأْثُور بعْدهَا فِي الْأُمُور الَّتِي لَا يدْرِي العَبْد وَجه الصَّوَاب فِيهَا، أما مَا هُوَ مَعْرُوف خَيره: كالعبادات وصنائع الْمَعْرُوف، فَلَا حَاجَة للاستخارة فِيهَا، نعم، قد يستخار فِي الْإِتْيَان بِالْعبَادَة فِي وَقت مَخْصُوص؛ كَالْحَجِّ، مثلا فِي هَذِه السّنة لاحْتِمَال عدوٍّ أَو فتْنَة أَو حصر عَن الْحَج، وَكَذَلِكَ يحسن أَن يستخار فِي النَّهْي عَن الْمُنكر كشخص متمرد عاتٍ يخْشَى بنهيه حُصُول ضَرَر عَظِيم عَام أَو خَاص، وَإِن كَانَ جَاءَ فِي الحَدِيث:(إِن أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد سُلْطَان جَائِر) ، لَكِن إِن خشِي ضَرَرا عَاما للْمُسلمين فَلَا يُنكر، وَإِن خشِي على نَفسه فَلهُ الْإِنْكَار، وَلَكِن يسْقط الْوُجُوب. وَفِيه فِي: قَوْله: (فليركع رَكْعَتَيْنِ) ، دَلِيل على أَن السّنة للإستخارة كَونهَا رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا تجزىء الرَّكْعَة الْوَاحِدَة فِي الْإِتْيَان بِسنة الإستخارة، وَهل يجزىء فِي ذَلِك أَن يُصَلِّي أَرْبعا أَو أَكثر بِتَسْلِيمَة يحْتَمل أَن يُقَال: يجزىء ذَلِك لقَوْله فِي حَدِيث أبي أَيُّوب: (ثمَّ صل مَا كتب الله لَك)، فَهُوَ دَال على أَن الزِّيَادَة على الرَّكْعَتَيْنِ لَا تضر. وَفِيه: مَا كَانَ من شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته وإرشادهم إِلَى مصالحهم دينا وَدُنْيا. وَفِيه: فِي قَوْله: (فليركع رَكْعَتَيْنِ) اسْتِحْبَاب ذَلِك، فِي كل وَقت إلَاّ فِي وَقت الْكَرَاهَة، وَكَذَلِكَ عِنْد الشَّافِعِيَّة فِي الْأَصَح. وَفِيه: دلَالَة على أَن العَبْد لَا يكون قَادِرًا، إلَاّ بِالْفِعْلِ لَا قبله، كَمَا تَقول الْقَدَرِيَّة، وَقَالَ ابْن بطال: الْقُوَّة وَالْقُدْرَة من صِفَات الذَّات، وَالْقُدْرَة وَالْقُوَّة بِمَعْنى وَاحِد مترادفا فَإِن فالباري، تَعَالَى، لم يزل قَادِرًا قَوِيا
ذَا قدرَة وَقُوَّة. وَقَالَ: وَذكر الْأَشْعَرِيّ أَن الْقُدْرَة وَالْقُوَّة والاستطاعة اسْم، وَلَا يجوز أَن يُوصف بِأَنَّهُ مستطيع لعدم التَّوْقِيف بذلك، وَإِن كَانَ قد جَاءَ الْقُرْآن بالاستطاعة فَقَالَ:{هَل يَسْتَطِيع رَبك} (الْمَائِدَة: 211) . وَإِنَّمَا هُوَ خبر عَنْهُم، وَلَا يَقْتَضِي إِثْبَات صفة لَهُ. وَفِيه: تَصْرِيح بعقيدة أهل السّنة، فَإِنَّهُ نفى الْعلم عَن العَبْد وَالْقُدْرَة، وهما موجودان، وَذَلِكَ تنَاقض فِي بادىء الرَّأْي، وَالْحق فِيهِ الِاعْتِرَاف بِأَن الْعلم لله تَعَالَى، وَالْقُدْرَة لَهُ، وَلَيْسَ للْعَبد من ذَلِك شَيْء إلَاّ مَا خلق لَهُ، يَقُول: يَا رب تقدر قبل أَن تخلق فِي الْقُدْرَة، وتقدر مَعَ خلقهَا، وتقدر بعْدهَا، وَأَنت على الْحَقِيقَة فِي الْأُمُور كلهَا تصرف، وَتحل لمقدوراتك، وَكَذَلِكَ فِي الْعلم. وَفِيه: أَنه يجب على الْمُؤمن رد الْأُمُور كلهَا إِلَى الله تَعَالَى وَصرف أزمتها والتبرء من الْحول وَالْقُوَّة إِلَيْهِ وَأَن لَا يروم شَيْئا من دَقِيق الْأُمُور وَلَا جليلها حَتَّى يسْأَل الله فِيهِ، ويسأله أَن يحملهُ فِيهِ على الْخَيْر، وَيصرف عَنهُ الشَّرّ إذعانا بالافتقار إِلَيْهِ فِي كل أمره، والتزاما لذاته بالعبودية لَهُ، وتبركا لاتباع سنة سيد الْمُرْسلين فِي الاستخارة، وَرُبمَا قدر مَا هُوَ خير وَيَرَاهُ شرا نَحْو قَوْله تَعَالَى:{وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم} (الْبَقَرَة: 612) . وَفِيه فِي قَوْله: (وَإِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر شَرّ لي) حجَّة على الْقَدَرِيَّة الَّذين زَعَمُوا أَن الله لَا يخلق الشَّرّ تَعَالَى الله عَمَّا يفترون، فقد بَان فِي هَذَا الحَدِيث أَن الله تَعَالَى هُوَ الْمَالِك للشر والخالق لَهُ، وَهُوَ الْمَدْعُو لصرفه عَن العَبْد من نَفسه، وَمَا يقدر على اختراعه دون أَن يقدر الله عَلَيْهِ؟ فَإِن قلت: هَل يسْتَحبّ تكْرَار الاستخارة فِي الْأَمر الْوَاحِد إِذا لم يظْهر لَهُ وَجه الصَّوَاب فِي الْفِعْل أَو التّرْك مَا لم ينشرح صَدره لما يفعل؟ قلت: بلَى يسْتَحبّ تكْرَار الصَّلَاة وَالدُّعَاء لذَلِك، وَقد ورد فِي حَدِيث تكْرَار الاستخارة سبعا فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة لِابْنِ السّني من رِوَايَة إِبْرَاهِيم ابْن الْبَراء، قَالَ:(حَدثنِي أبي عَن جده، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أنس إِذا هَمَمْت بِأَمْر فاستخر رَبك فِيهِ سبع مَرَّات ثمَّ انْظُر إِلَى الَّذِي يسْبق إِلَى قَلْبك، فَإِن الْخَيْر فِيهِ) . قَالَ النَّوَوِيّ: فِي (الْأَذْكَار) : إِسْنَاده غَرِيب، وَفِيه من لَا أعرفهم، قَالَ شَيخنَا زين الدّين: كلهم معروفون، وَلَكِن بَعضهم مَعْرُوف بالضعف الشَّديد وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن الْبَراء، والبراء هُوَ ابْن النَّضر ابْن أنس بن مَالك، وَقد ذكره فِي (الضُّعَفَاء) الْعقيلِيّ وَابْن حبَان وَابْن عدي والأزدي. قَالَ الْعقيلِيّ: يحدث عَن الثِّقَات بِالْبَوَاطِيل. وَقَالَ ابْن حبَان: شيخ كَانَ يَدُور بِالشَّام يحدث عَن الثِّقَات بالموضوعات: لَا يجوز ذكره إلَاّ على مثل الْقدح فِيهِ. وَقَالَ ابْن عدي: ضَعِيف جدا، حدث بِالْبَوَاطِيل، فعلى هَذَا فَالْحَدِيث سَاقِط لَا حجَّة فِيهِ، نعم، قد يسْتَدلّ للتكرار بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وَقَالَ النَّوَوِيّ: إِنَّه يسْتَحبّ أَن يقْرَأ فِي رَكْعَتي الإستخارة فِي الأولى بعد الْفَاتِحَة: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّانِيَة: قل هُوَ الله أحد، وَقد سبقه إِلَى ذَلِك الْغَزالِيّ، فَإِنَّهُ ذكره فِي الْإِحْيَاء كَمَا ذكره النَّوَوِيّ: وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رحمه الله: لم أجد فِي شَيْء من طرق أَحَادِيث الاستخارة تعْيين مَا يقْرَأ فيهمَا.
3611 -
حدَّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ عنْ عَبْدِ الله بنِ سَعِيدٍ عنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ الله بنِ الزُّبَيْرِ عنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ سَمِعَ أبَا قَتَادَةَ بنَ رَبْعِيٍّ الأنْصَارِيَّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
(أنظر الحَدِيث 444) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: (حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ)، وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب إِذا دخل الْمَسْجِد فليركع رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير: عَن عَمْرو بن سليم الزرقي عَن أبي قَتَادَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ:(إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليركع رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يجلس) . فَانْظُر إِلَى التَّفَاوُت بَينهمَا فِي الْمَتْن والإسناد، والمكي بن إِبْرَاهِيم بن بشر بن فرقد البرجمي التَّمِيمِي الْحَنْظَلِي الْبَلْخِي، تقدم فِي: بَاب إِثْم من كذب على النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَعبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد الْمَدِينِيّ، مَاتَ سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَة، وَعَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن سليم، بِضَم السِّين وَفتح اللَّام: الزرقي، بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء وبالقاف، وَأَبُو قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالنسبة.
4611 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ إسْحَاقَ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبي
طَلْحَةَ عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ صَلَّى لَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (رَكْعَتَيْنِ)، وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه وَبَعض الْمَتْن قد تقدما فِي: بَاب الصَّلَاة على الْحَصِير، وَفِي (التَّوْضِيح) : هَذَا الحَدِيث ثَابت فِي بعض النّسخ، وَفِي أصل الدمياطي أَيْضا، وَهُوَ مُخْتَصر من حَدِيث تقدم فِي: بَاب الصَّلَاة على الْحَصِير.
5611 -
حدَّثنا يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي سالِمٌ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظهْرِ ورَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ ورَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ ورَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ ورَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد تقدم حَدِيث ابْن عمر فِي: بَاب الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة وَبعدهَا، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، قَالَ: أخبرنَا مَالك عَن نَافِع (عَن عبد الله بن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قبل الظّهْر رَكْعَتَيْنِ وَبعدهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبعد الْمغرب رَكْعَتَيْنِ فِي بَيته، وَبعد الْعشَاء رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لَا يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة حَتَّى ينْصَرف فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ) ، فَانْظُر التَّفَاوُت بَينهمَا فِي الْمَتْن والإسناد، وَيحيى بن بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، مر فِي كتاب الْوَحْي، وَعقيل بِضَم الْعين: ابْن خَالِد، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
6611 -
حدَّثنا آدَمُ قَالَ أخبرنَا شُعْبَةُ قَالَ أخبرنَا عَمْرُو بنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رسولُ الله وَأما حَدِيث وَهْوَ يَخْطُبُ إذَا جاءَ أحَدُكُمْ وَالإمَامُ يَخْطُبُ أوْ قَدْ خرَجَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.
(أنظر الحَدِيث 039 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد تقدم حَدِيث جَابر هَذَا فِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بَاب من جَاءَ وَالْإِمَام يخْطب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله: حَدثنَا سُفْيَان (عَن عَمْرو سمع جَابِرا، قَالَ: دخل رجل يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم، يخْطب، فَقَالَ: أصليت؟ قَالَ: لَا، قَالَ: قُم فصل رَكْعَتَيْنِ) . وَأخرج أَيْضا فِي الْبَاب الَّذِي قبله عَن أبي النُّعْمَان عَن حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله. . الحَدِيث.
7611 -
حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا سَيْفٌ قَالَ سَمِعْتُ مُجَاهِدا يَقُولُ أُتِيَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فِي مَنْزِلِهِ فَقِيلَ لَهُ هاذَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ دَخَلَ الكَعْبَةَ قَالَ فأقْبَلْتُ فأجِدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ وَأجِدُ بِلالاً عِنْدَ البَابِ قائِما فَقُلْتُ يَا بِلَالُ أصَلِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي الكَعْبَةِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فأيْنَ قَالَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الأسْطُوَانَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وجهِ الكَعْبَةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب قَول الله عز وجل: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ، وَقَالَ: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا يحيى عَن سيف، قَالَ: سَمِعت مُجَاهدًا أَتَى ابْن عمر، فَقيل لَهُ: الحَدِيث، فَاعْتبر التَّفَاوُت بَينهمَا فِي الْمَتْن والإسناد. قَوْله:(فأجد)، كَانَ الْقيَاس أَن يَقُول: فَوجدت، لَكِن عدل عَنهُ لاستحضاره صُورَة الوجدان وحكاية عَنْهَا. قَوْله:(ثمَّ خرج) يحْتَمل أَن يكون من تَتِمَّة كَلَام بِلَال، زِيَادَة على الْجَواب، وَإِن يكون كَلَام ابْن عمر. قَوْله:(فِي وَجه الْكَعْبَة)، أَي: بَابهَا.
قَالَ أبُو عَبْدَ الله قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أوْصَانِي النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى
هَذَا قِطْعَة من حَدِيث ذكره فِي: بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي الْحَضَر، قَالَ: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: حَدثنَا عَبَّاس هُوَ الْجريرِي عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ (عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: أَوْصَانِي خليلي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاث لَا أدعهم حَتَّى أَمُوت: صَوْم ثَلَاثَة