الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرِّوَايَات عقيب مُتَابعَة مُوسَى، وَالصَّوَاب تَقْدِيمه لخلو رِوَايَة أَشْعَث عَن ذكر التخويف. قلت: لَا يلْزم من مُتَابعَة أَشْعَث لمبارك بن فضَالة فِي الرِّوَايَة عَن الْحسن أَن يكون فِيهِ ذكر التخويف، لِأَن مُجَرّد الْمُتَابَعَة تَكْفِي فِي الرِّوَايَة، وَقد ذهل صَاحب (التَّلْوِيح) هُنَا حَيْثُ قَالَ: فِي قَوْله: (تَابعه أَشْعَث عَن الْحسن) يَعْنِي: تَابع مبارك بن فضَالة عَن الْحسن بِذكر التخويف رَوَاهُ النَّسَائِيّ إِلَى آخِره، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن الْأَشْعَث ذكر التخويف، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.
7 -
(بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ عذَابِ القَبْرِ فِي الكُسُوفِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّعَوُّذ من عَذَاب الْقَبْر فِي حَالَة الْكُسُوف، سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة حِين يَدْعُو فِيهَا أَو بعد الْفَرَاغ مِنْهَا.
والمناسبة فِي ذَلِك من حَيْثُ كَون كل وَاحِد من الْكُسُوف والقبر مُشْتَمِلًا على الظلمَة، فَيحصل الْخَوْف من هَذَا كَمَا يحصل من هَذَا، فَإِذا تعوذ بِاللَّه تَعَالَى رُبمَا يحصل لَهُ الاتعاظ فِي الْعَمَل بِمَا ينجيه من عَاقِبَة الْأَمر.
9401 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالَكٍ عنْ يَحْيى بنِ سَعِيدٍ عنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الراحْمانِ عنْ عائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ يَهُودِيَّةً جاءَتْ تَسْألُهَا فقَالَتْ لَهَا أعَاذَكِ الله مِنْ عَذَابِ القَبْرِ فَسَألَتْ عائِشَةُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أيُعَذَّبُ النَّاسُ فِي قُبُورِهِمْ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عائذا بِاللَّه مِنْ ذالِكَ..
ثُمَّ رَكِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبا فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحىً فَمَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَ ظَهْرَانَي الحُجَرِ ثُمَّ قامَ يُصَلِّي وقامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَقَامَ قِيَاما طَوِيلاً ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا ثمَّ رفع مقَام فَقَامَ قيَاما طَويلا وَهُوَ دون الْقيام الأول ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ قامَ فَقَامَ قِيَاما طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ القِيامِ الأوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ ثُمَّ قامَ قِيَاما طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ القِيَامِ الأوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ وَانْصَرَفَ فَقَالَ مَا شاءَ الله أنْ يَقُولَ ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ القَبْرِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ أَمرهم أَن يتعوذوا من عَذَاب الْقَبْر) .
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن مَالك. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن القعْنبِي وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن ابْن أبي عمر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ وَعَن مُحَمَّد بن سَلمَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَن يَهُودِيَّة) أَي: امْرَأَة يَهُودِيَّة، وَفِي (مُسْند السراج) من حَدِيث أَشْعَث بن الشعشاء عَن أَبِيه عَن مَسْرُوق، قَالَ:(دخلت يَهُودِيَّة على عَائِشَة فَقَالَت لَهَا: أسمعتِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شَيْئا فِي عَذَاب الْقَبْر؟ فَقَالَت عَائِشَة: لَا، وَمَا عَذَاب الْقَبْر؟ قَالَت: فسليه، فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلته عَائِشَة عَن عَذَاب الْقَبْر، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: عَذَاب الْقَبْر حق. قَالَت عَائِشَة: فَمَا صلى بعد ذَلِك صَلَاة إلاّ سمعته يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر) . وَفِي حَدِيث مَنْصُور عَن أبي وَائِل (عَن مَسْرُوق عَنْهَا، قَالَت: دخل على عجوزتان من عَجَائِز الْيَهُود، فَقَالَت: إِن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم، فكذبتهما وَلم أصدقهما، فَدخل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقلت لَهُ: دخل عَليّ عجوزتان من عجز الْيَهُود فَقَالَتَا: إِن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم، فَقَالَ: إِنَّهُم ليعذبون فِي قُبُورهم عذَابا تسمعه البهائر) . وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن الْيَهُودِيَّة كَانَت تعلم عَذَاب الْقَبْر، إِمَّا سَمِعت ذَلِك من التَّوْرَاة أَو فِي كتاب من كتبهمْ. قَوْله:(أيعذب النَّاس؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام (ويعذب) ، على صِيغَة الْمَجْهُول فِيهِ دَلِيل على أَن عَائِشَة لم تكن قبل ذَلِك علمت بِعَذَاب الْقَبْر، لِأَنَّهَا كَانَت تعلم أَن الْعَذَاب وَالثَّوَاب إِنَّمَا يكونَانِ بعد الْبَعْث. قَوْله:(عائذا بِاللَّه) على وزن: فَاعل، مصدر لِأَن الْمصدر قد يَجِيء على هَذَا الْوَزْن كَمَا فِي قَوْلهم: عافاه الله عَافِيَة، فعلى هَذَا انتصابه على المصدرية