الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَخَافَة أَن يُصِيبنِي من لفحها " وَفِيه " ثمَّ جِيءَ بِالْجنَّةِ وذلكم حِين رَأَيْتُمُونِي تقدّمت حَتَّى قُمْت فِي مقَامي " (قلت) لَا يرد عَلَيْهِ مَا قَالَه لِأَن جعلت فِي قَوْله هَهُنَا بِمَعْنى طفقت كَمَا ذكرنَا وَبني السُّؤَال وَالْجَوَاب عَلَيْهِ وَجعل الَّذِي بِمَعْنى طفق من أَفعاله المقاربة من الْقسم الَّذِي وضع للدلالة على الْمَشْرُوع فِي الْخَبَر وَقد علم أَن أَفعَال المقاربة على ثَلَاثَة أَنْوَاع أَحدهَا هَذَا وَالثَّانِي مَا وضع للدلالة على قرب الْخَبَر وَهُوَ ثَلَاثَة كَاد وَقرب وأوشك وَالثَّالِث مَا وضع للدلالة على رجائه نَحْو عَسى وَأَيْضًا لَا يلْزم أَن يكون حَدِيث عَائِشَة مثل حَدِيث جَابر من كل الْوُجُوه وَإِن كَانَ الأَصْل متحدا قَوْله " يحطم " بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة قَوْله " عَمْرو بن لحي " بِضَم اللَّام وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسَيَجِيءُ فِي قصَّة خُزَاعَة أَنه صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ " رَأَيْت عَمْرو بن عَامر الْخُزَاعِيّ يجر قصبه فِي النَّار " وَكَانَ أول من سيب السوائب والسوائب جمع سائبة وَهِي الَّتِي كَانُوا يسيبونها لآلهتهم فَلَا يحل عَلَيْهَا شَيْء (فَإِن قلت) السوائب هِيَ المسيبة فَكيف يُقَال سيب السوائب (قلت) مَعْنَاهُ سيب النوق الَّتِي تسمى بالسوائب وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا جعل الله من بحيرة وَلَا سائبة} كَانَ يَقُول الرجل إِذا قدمت من سَفَرِي أَو بَرِئت من مرضِي فناقتي سائبة أَي لَا تركب وَلَا تطرد عَن مَاء وَلَا عَن مرعى
(بَاب مَا يجوز من البزاق والنفخ فِي الصَّلَاة)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يجوز من البزاق أَي من رمى البزاق وَجَاء فِيهِ الزَّاي وَالصَّاد وَكِلَاهُمَا لُغَة قَوْله " والنفخ " أَي مَا يجوز من النفخ وَقَالَ بَعضهم أَشَارَ المُصَنّف إِلَى أَن بعض ذَلِك يجوز وَبَعضه لَا يجوز فَيحْتَمل أَنه يرى التَّفْرِقَة بَين مَا إِذا حصل من كل مِنْهُمَا كَلَام مفهم أم لَا (قلت) لَا نسلم أَن التَّرْجَمَة تدل على مَا ذكره وَإِنَّمَا تدل ظَاهرا على أَن كل وَاحِد من البصاق والنفخ جَائِز فِي الصَّلَاة مُطلقًا وَذكره بعد ذَلِك مَا رُوِيَ عَن عبد الله بن عمر وَيدل على جَوَاز النفخ وَمَا رَوَاهُ عَن ابْن عمر يدل على جَوَاز البصاق لِأَن كلا مِنْهُمَا صَرِيح فِيمَا يدل عَلَيْهِ من غير قيد والآن نذْكر مَذَاهِب الْعلمَاء فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
(وَيذكر عَن عبد الله بن عَمْرو نفخ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فِي سُجُوده فِي كسوف) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَفِيه مَا يدل على مَا ذكرنَا لِأَنَّهُ ذكره مُطلقًا وَاعْترض أَبُو عبد الْملك بِأَن البُخَارِيّ ذكر النفخ وَلم يذكر فِيهِ حَدِيثا (قلت) هَذَا عَجِيب مِنْهُ فَكَأَنَّهُ لم يطلع على مَا ذكر عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ تَعْلِيق أسْندهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَطاء بن السَّائِب عَن أَبِيه " عبد الله بن عَمْرو قَالَ انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " الحَدِيث وَفِيه " ثمَّ نفخ فِي آخر سُجُوده فَقَالَ أُفٍّ أُفٍّ " إِلَى آخِره وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَإِنَّمَا ذكره البُخَارِيّ بِصِيغَة التمريض لِأَنَّهُ من رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب عَن أَبِيه لِأَنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ فِي الِاحْتِجَاج بِهِ وَقد اخْتَلَط فِي آخر عمره لَكِن أوردهُ ابْن خُزَيْمَة من رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ عَنهُ وَهُوَ مِمَّن سمع مِنْهُ قبل اخْتِلَاطه وَأَبوهُ وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَابْن حبَان وَلَيْسَ هُوَ من شَرط البُخَارِيّ وَقد فسر النفخ فِي الحَدِيث بقوله " فَقَالَ أُفٍّ أُفٍّ " بتسكين الْفَاء وأف لَا تكون كلَاما حَتَّى تشدد الْفَاء فَتكون على ثَلَاثَة أحرف من التأفيف وَهُوَ قَوْلك أُفٍّ لكذا فَأَما أُفٍّ وَالْفَاء فِيهِ خَفِيفَة فَلَيْسَ بِكَلَام والنافخ لَا يخرج الْفَاء مُشَدّدَة وَلَا يكَاد يُخرجهَا فَاء صَادِقَة من مخرجها وَلكنه يفشها من غير إطباق الشّفة على الشّفة وَمَا كَانَ كَذَلِك لَا يكون كلَاما وَبِهَذَا اسْتدلَّ أَبُو يُوسُف على أَن الْمُصَلِّي إِذا قَالَ فِي صلَاته أُفٍّ أَو آه أَو أَخ لَا تفْسد صلَاته وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد تفْسد لِأَنَّهُ من كَلَام النَّاس وأجابا بِأَن هَذَا كَانَ ثمَّ نسخ وَذكر ابْن بطال أَن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي النفخ فِي الصَّلَاة فكرهه طَائِفَة وَلم يوجبوا على من نفخ إِعَادَة رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَالنَّخَعِيّ وَهُوَ رِوَايَة عَن ابْن زِيَاد وَعَن مَالك أَنه قَالَ أكره النفخ فِي الصَّلَاة وَلَا يقطعهَا كَمَا يقطع الْكَلَام وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَأَشْهَب وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالَت طَائِفَة هُوَ بِمَنْزِلَة الْكَلَام يقطع الصَّلَاة رُوِيَ ذَلِك عَن سعيد بن جُبَير وَهُوَ قَول مَالك فِي الْمُدَوَّنَة وَفِيه قَول ثَالِث وَهُوَ أَن النفخ إِن كَانَ يسمع فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْكَلَام يقطع الصَّلَاة وَهَذَا قَول الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالْقَوْل الأول أولى لحَدِيث ابْن عَمْرو قَالَ وَيدل على صِحَة هَذَا أَيْضا اتِّفَاقهم على جَوَاز النفخ والبصاق فِي الصَّلَاة وَلَيْسَ فِي النفخ من النُّطْق بِالْفَاءِ والهمزة أَكثر مِمَّا فِي البصاق من النُّطْق بِالْفَاءِ وَالتَّاء اللَّتَيْنِ فيهمَا من رمى البصاق وَلما
اتَّفقُوا على جَوَاز الصَّلَاة فِي البصاق جَازَ النفخ فِيهَا إِذْ لَا فرق بَينهمَا فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا بحروف وَلذَلِك ذكر البُخَارِيّ حَدِيث البصاق فِي هَذَا الْبَاب ليستدل على جَوَاز النفخ لِأَنَّهُ لم يسند حَدِيث ابْن عَمْرو وَاعْتمد على الِاسْتِدْلَال من حَدِيث النخامة والبصاق وَهُوَ اسْتِدْلَال حسن (قلت) يُعَكر عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه بِإِسْنَاد جيد أَنه قَالَ " النفخ فِي الصَّلَاة كَلَام " وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه قَالَ " والنفخ فِي الصَّلَاة يقطع الصَّلَاة " وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يخْشَى أَن يكون كلَاما يَعْنِي النفخ فِي الصَّلَاة وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين رحمه الله وَفرق أَصْحَابنَا فِي النفخ بَين أَن يبين مِنْهُ حرفان أم لَا فَإِن بَان مِنْهُ حرفان وَهُوَ عَامِد عَالم بِتَحْرِيمِهِ بطلت صلَاته وَإِلَّا فَلَا وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن مَالك وَأبي حنيفَة وَمُحَمّد بن الْحسن وَأحمد بن حَنْبَل وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا تبطل إِلَّا أَن يُرِيد بِهِ التأفيف وَهُوَ قَول أُفٍّ وَقَالَ ابْن الْمُنْذر ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف فَقَالَ لَا تبطل صلَاته مُطلقًا وَحكى ابْن الْعَرَبِيّ وَغَيره عَن مَالك خلافًا وَأَنه قَالَ فِي الْمُخْتَصر النفخ كَلَام لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تقل لَهما أُفٍّ} وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَة لَا يقطع الصَّلَاة وَقَالَ الْأَبْهَرِيّ من الْمَالِكِيَّة لَيْسَ لَهُ حُرُوف هجاء فَلَا يقطع الصَّلَاة وَقَالَ شَيخنَا وَمَا حكيناه عَن أَصْحَابنَا هُوَ الَّذِي جزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة فِي شرح الْمُهَذّب ثمَّ أَنه حكى الْخلاف فِيهِ فِي الْمِنْهَاج تبعا للمحرر فَقَالَ فِيهِ وَالْأَصْل أَن التنحنح والضحك والبكاء والأنين والنفخ إِن ظهر بِهِ حرفان بطلت وَإِلَّا فَلَا
236 -
(حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - رأى نخامة فِي قبْلَة الْمَسْجِد فتغيظ على أهل الْمَسْجِد وَقَالَ إِن الله قبل أحدكُم فَإِذا كَانَ فِي صلَاته فَلَا يبزقن أَو قَالَ لَا يتنخعن ثمَّ نزل فحتها بِيَدِهِ وَقَالَ ابْن عمر رضي الله عنهما إِذا بزق أحدكُم فليبزق على يسَاره) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب حك البزاق بِالْيَدِ من الْمَسْجِد فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع إِلَى آخِره وَلَفظه هُنَاكَ " رأى بصاقا فِي جِدَار الْقبْلَة فحكه ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يبصق قبل وَجه فَإِن الله قبل وَجهه إِذا صلى " وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ قَوْله " قبل أحدكُم " بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي مُقَابل قَوْله " أَو قَالَ لَا يتنخعن " وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " لَا يبزق بَين يَدَيْهِ " وَقَالَ الْكرْمَانِي وَفِي بعض الرِّوَايَة " وَلَا يتنخمن " من النخامة بِضَم النُّون وَهُوَ مَا يخرج من الصَّدْر قَوْله " فحتها " بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق ويروى " فحكها " بِالْكَاف ومعناهما وَاحِد قَوْله " وَقَالَ ابْن عمر " إِلَى آخِره مَوْقُوف قَوْله " عَن يسَاره " هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني بِلَفْظ عَن وَفِي رِوَايَة غَيره " على يسَاره " بِلَفْظ على وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق اسحق بن أبي إِسْرَائِيل عَن حَمَّاد بن زيد بِلَفْظ " لَا يبزقن أحدكُم بَين يَدَيْهِ وَلَكِن ليبزق خَلفه أَو عَن شِمَاله أَو تَحت قدمه " وَهَذَا الْمَوْقُوف عَن ابْن عمر قد رُوِيَ عَن أنس مَرْفُوعا
237 -
(حَدثنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا غنْدر قَالَ حَدثنَا شُعْبَة قَالَ سَمِعت قَتَادَة عَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ إِذا كَانَ فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يُنَاجِي ربه فَلَا يبزقن بَين يَدَيْهِ وَلَا عَن يَمِينه وَلَكِن عَن شِمَاله تَحت قدمه الْيُسْرَى) مطابقته للتَّرْجَمَة أَكثر وضوحا من مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق لَهَا لِأَن فِيهِ إِبَاحَة البزاق فِي الصَّلَاة عَن شِمَاله تَحت قدمه الْيُسْرَى وَفِي ذَاك عَن ابْن عمر مَوْقُوفا وَهَذَا الحَدِيث أَيْضا قد مر فِي بَاب ليبصق عَن يسَاره أَو تَحت قدمه الْيُسْرَى رَوَاهُ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " إِن الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي الصَّلَاة فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه فَلَا يبزقن بَين يَدَيْهِ وَلَا عَن يَمِينه وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت قدمه " وَرَوَاهُ أَيْضا عَن قُتَيْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن حميد " عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - رأى نخامة فِي الْقبْلَة فشق ذَلِك عَلَيْهِ " الحَدِيث وَقد مر الْكَلَام فِي أَحَادِيث أنس هُنَاكَ مُسْتَوْفِي بِجَمِيعِ مَا يتَعَلَّق