الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّسَائِيّ عَن سُهَيْل بن سعد مَرْفُوعا " منبري على نَزعَة من نزع الْجنَّة " وَعند الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ " مَا بَين بَيْتِي ومصلاي رَوْضَة من رياض الْجنَّة " وَعند الضياء الْمَقْدِسِي عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من رِوَايَة ابْن أبي سُبْرَة يرفعهُ " مَا بَين قَبْرِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة ومنبري على نَزعَة من نزع الْجنَّة " وَفِي مُسْند الْهَيْثَم بن كُلَيْب الشَّاشِي عَن جَابر وَابْن عمر نَحوه (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " ومنبري على حَوْضِي " لَيست هَذِه الْجُمْلَة فِي رِوَايَة أبي ذَر والحوض هُوَ الْكَوْثَر وَالْوَاو فِيهِ زَائِدَة كَمَا فِي الْجَوْهَر وَقَالَ أَبُو عمر قد اسْتدلَّ أَصْحَابنَا بِهِ على أَن الْمَدِينَة أفضل من مَكَّة وركبوا عَلَيْهِ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - " لموْضِع سَوط فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " وَقَالَ أَبُو عمر لَا دَلِيل فِيهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - أَرَادَ ذمّ الدُّنْيَا وَالتَّرْغِيب فِي الْآخِرَة فَأخْبر أَن الْيَسِير من الْجنَّة خير من الدُّنْيَا كلهَا وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ وللباطنية فِي هَذَا الحَدِيث من الغلو والتحريف مَا لَا يَنْبَغِي أَن يلْتَفت إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو عمر الْإِيمَان بالحوض عِنْد جمَاعَة الْعلمَاء وَاجِب الْإِقْرَار بِهِ وَقد نَفَاهُ أهل الْبدع من الْخَوَارِج والمعتزلة لأَنهم لَا يصدقون بالشفاعة وَلَا بالحوض وَلَا بالدجال نَعُوذ بِاللَّه تَعَالَى من بدعهم وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى أَحَادِيث الْحَوْض فِي موضعهَا الَّذِي ذكرهَا البُخَارِيّ
(بَاب مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل بَيت الْمُقَدّس
219 -
(حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن عبد الْملك قَالَ سَمِعت قزعة مولى زِيَاد قَالَ سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه يحدث بِأَرْبَع عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فأعجبنني وآنقنني قَالَ لَا تُسَافِر الْمَرْأَة يَوْمَيْنِ إِلَّا مَعهَا زَوجهَا أَو ذُو محرم وَلَا صَوْم فِي يَوْمَيْنِ الْفطر والأضحى وَلَا صَلَاة بعد صَلَاتَيْنِ بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب وَلَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد مَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْأَقْصَى ومسجدي) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَمَسْجِد الْأَقْصَى ". (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة ذكرُوا غير مرّة وَاسم أبي الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ وَعبد الْملك بن عُمَيْر وقزعة بِالْقَافِ وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات مضى فِي بَاب فضل الصَّلَاة فِي مَسْجِد مَكَّة وَالْمَدينَة وَزِيَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف هُوَ زِيَاد بن أبي سُفْيَان وَقيل هُوَ مولى عبد الْملك بن مَرْوَان وَقيل بل هُوَ من بني الْحَرِيش (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه السماع فِي موضِعين وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن شَيْخه بَصرِي وَشعْبَة واسطي وَعبد الْملك كُوفِي وقزعة بَصرِي. وَقد ذكرنَا فِي بَاب فضل الصَّلَاة فِي مَسْجِد مَكَّة وَالْمَدينَة من أخرجه غَيره وتعداد إِخْرَاج البُخَارِيّ إِيَّاه وَقد اقْتصر البُخَارِيّ هُنَاكَ فِي هَذَا الحَدِيث على قِطْعَة مِنْهُ وَذكر هَهُنَا تَمَامه وَأخرج هُنَاكَ أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة آخر حَدِيث أبي سعيد الَّذِي ذكره هَهُنَا وَهُوَ قَوْله " لَا تشد الرّحال " وَقد تكلمنا فِيهِ هُنَاكَ مستقصى وَبَقِي الْكَلَام فِي بَقِيَّة الحَدِيث فَنَقُول قَوْله " يحدث بِأَرْبَع " جملَة وَقعت حَالا من أبي سعيد أَي يحدث بِأَرْبَع كَلِمَات كلهَا حكم. الأولى قَوْله " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة " وَالثَّانيَِة قَوْله " لَا صَوْم " وَالثَّالِثَة قَوْله " لَا صَلَاة " وَالرَّابِعَة قَوْله " لَا تشد الرّحال " قَوْله " فأعجبنني " بِلَفْظ صِيغَة الْجمع للمؤنث ويروى " فأعجبتني " بِصِيغَة الْإِفْرَاد وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَى قَوْله " بِأَرْبَع " قَوْله " وآنقنني " كَذَلِك بِلَفْظ الْجمع والإفراد وَهُوَ بِمد الْهمزَة وَفتح النُّون وَسُكُون الْقَاف يُقَال آنقه إِذا أعجبه وَشَيْء مونق أَي معجب وَقَالَ ابْن الْأَثِير الآنق بِالْفَتْح وَالسُّرُور وَالشَّيْء الأنيق المعجب والمحدثون يَرْوُونَهُ " أيقنني " وَلَيْسَ بِشَيْء وَقد جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم " لَا أينق بحَديثه " أَي لَا أعجب وَهِي كَذَا تروى وَضَبطه الْأصيلِيّ " أتقنني " بتاء مثناة من فَوق من التوق وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا الصَّوَاب أَن يُقَال من التوق توقنني كَمَا
يُقَال شوقتني من الشوق وَقَالَ بَعضهم وأعجبني تَأْكِيد لَفْظِي لأعجبنني (قلت) لَيْسَ كَذَلِك لِأَن التَّأْكِيد اللَّفْظِيّ أَن يُكَرر عين اللَّفْظ الْوَاحِد قَوْله " أَو ذُو محرم " قَالَ النَّوَوِيّ الْمحرم من النِّسَاء من حرم نِكَاحهَا على التَّأْبِيد بِسَبَب مُبَاح لحرمتها فقولنا على التَّأْبِيد احْتِرَاز من أُخْت الْمَرْأَة وبسبب مُبَاح احْتِرَاز من أم الموطوأة بِالشُّبْهَةِ لِأَن وطأ الشُّبْهَة لَا يُوصف بِالْإِبَاحَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفعل مُكَلّف ولحرمتها احْتِرَاز من الْمُلَاعنَة فَإِن تَحْرِيمهَا لَيْسَ لحرمتها بل عُقُوبَة وتغليظا قَالَ أَصْحَابنَا الْمحرم كل من لَا يحل لَهُ نِكَاحهَا على التَّأْبِيد لقرابة أَو رضَاع أَو صهرية وَالْعَبْد وَالْحر وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ سَوَاء إِلَّا الْمَجُوسِيّ الَّذِي يعْتَقد إِبَاحَة نِكَاحهَا وَالْفَاسِق لِأَنَّهُ لَا يحصل بِهِ الْمَقْصُود وَلَا بُد فِيهِ من الْعقل وَالْبُلُوغ لعجز الصَّبِي وَالْمَجْنُون عَن الْحِفْظ (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) قد ذكرنَا أَن هَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على أَرْبَعَة أَحْكَام الأول فِي حكم الْمَرْأَة الَّتِي تُسَافِر وَفِيه خَمْسَة مَذَاهِب الأول مَذْهَب الْحسن الْبَصْرِيّ وَالزهْرِيّ وَقَتَادَة فَإِنَّهُم قَالُوا لَا يجوز للْمَرْأَة أَن تُسَافِر لَيْلَتَيْنِ بِلَا زوج أَو محرم فَإِذا كَانَ أقل من ذَلِك يجوز وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور الثَّانِي مَذْهَب إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَطَاوُس والظاهرية فَإِنَّهُم قَالُوا لَا يجوز للْمَرْأَة أَن تُسَافِر مُطلقًا سَوَاء كَانَ السّفر قَرِيبا أَو بَعيدا إِلَّا إِذا كَانَ مَعهَا زوج أَو ذُو محرم لَهَا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ حَدثنَا عبد الْأَعْلَى قَالَ حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو سمع أَبَا معبد مولى ابْن عَبَّاس يَقُول قَالَ ابْن عَبَّاس " خطب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - النَّاس فَقَالَ لَا تُسَافِر امْرَأَة إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم وَلَا يدْخل عَلَيْهَا رجل إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي قد اكتتبت فِي غَزْوَة كَذَا وَكَذَا وَقد أردْت أَن أحج بامرأتي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " احجج مَعَ امْرَأَتك " وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه بِنَحْوِهِ قَالُوا بِعُمُوم الحَدِيث واشتماله على حكم السّفر مُطلقًا وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم " وَأخرج الْبَزَّار عَنهُ نَحوه. الثَّالِث مَذْهَب عَطاء وَسَعِيد بن كيسَان وَقوم من الطَّائِفَة الظَّاهِرِيَّة فَإِنَّهُم قَالُوا بِجَوَاز سفر الْمَرْأَة فِيمَا دون الْبَرِيد فَإِذا كَانَ بريدا فَصَاعِدا فَلَيْسَ لَهَا أَن تُسَافِر إِلَّا بِمحرم وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " لَا تُسَافِر امْرَأَة بريدا إِلَّا مَعَ زوج أَو ذِي محرم " وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا والبريد فرسخان وَقيل أَرْبَعَة فراسخ والفرسخ ثَلَاثَة أَمْيَال والميل أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع. الرَّابِع مَذْهَب الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فَإِنَّهُم قَالُوا للْمَرْأَة أَن تُسَافِر فِيمَا دون الْيَوْم بِلَا محرم وَفِيمَا زَاد على ذَلِك لَا إِلَّا بِزَوْج أَو محرم لَكِن عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ لَهَا أَن تُسَافِر لِلْحَجِّ الْفَرْض بِلَا زوج ومحرم وَإِن كَانَ بَينهَا وَبَين مَكَّة سفر أَو لم يكن فَإِنَّهُمَا خصا النَّهْي عَن ذَلِك بالأسفار الْغَيْر الْوَاجِبَة وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي سعيد أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر مسيرَة يَوْم إِلَّا مَعَ ذِي محرم ". الْخَامِس مَذْهَب الثَّوْريّ وَالْأَعْمَش وَأبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهُم قَالُوا لَيْسَ للْمَرْأَة أَن تُسَافِر مَسَافَة ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا إِلَّا مَعَ زوج أَو ذِي محرم فَإِذا كَانَ أقل من ذَلِك فلهَا أَن تُسَافِر بِغَيْر محرم وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ حَدثنِي يحيى بن سعيد عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم " وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا ثمَّ التَّوْفِيق بَينه وَبَين هَذِه الرِّوَايَات وَبَيَان الْعَمَل بِحَدِيث الثَّلَاث هُوَ أَن هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا متفقة على حُرْمَة السّفر عَلَيْهَا بِغَيْر محرم مَسَافَة ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا فَوْقهَا وَفِي تَقْيِيده بِالثلَاثِ إِبَاحَة لما دونهَا إِذْ لَو لم يكن كَذَلِك لما كَانَ لتعيين الثَّلَاث فَائِدَة ولكان نهى مُطلقًا وَكَلَام الْحَكِيم يصان عَن اللَّغْو وَعَما لَا فَائِدَة فِيهِ فَإِذا ثَبت بِذكر الثَّلَاث وتعينه إِبَاحَة مَا دونه يحْتَاج إِلَى التَّوْفِيق بَينه وَبَين مَا رُوِيَ من الْيَوْم واليومين والبريد فَيُقَال أَن خبر الثَّلَاث إِن كَانَ مُتَأَخِّرًا فَهُوَ نَاسخ وَإِن كَانَ مُتَقَدما فقد جَاءَت الْإِبَاحَة بِأَقَلّ مِنْهُ ثمَّ جَاءَ النَّهْي بعده عَن سفر مَا دون الثَّلَاث فَحرم مَا حرم الحَدِيث الأول وَزَاد عَلَيْهِ حُرْمَة أُخْرَى وَهِي مَا بَينه وَبَين الثَّلَاث فَوَجَبَ اسْتِعْمَال الثَّلَاث على مَا أوجبه فِي الْأَحْوَال كلهَا فَحِينَئِذٍ الْأَخْذ بِهِ أولى من الَّذِي يجب فِي حَال دون حَال وَقَالَ القَاضِي عِيَاض عَن أبي سعيد فِي رِوَايَة