الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوَافِلِ أشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدا عَلَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: بَيَان، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف نون: ابْن عَمْرو، بِفَتْح الْعين: العابد أَبُو مُحَمَّد، مَاتَ سنة ثِنْتَيْنِ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان. الثَّالِث: عبد الْملك ابْن عبد الْعَزِيز بن جريج. الرَّابِع: عَطاء بن أبي رَبَاح. الْخَامِس: عبيد بن عُمَيْر بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا أَبُو عَاصِم اللَّيْثِيّ الْقَاص. السَّادِس: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بخاري، وَأَنه من أَفْرَاده، وَيحيى بَصرِي وَابْن جريج وَعَطَاء وَعبيد مكيون. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
قَوْله: (عَن عَطاء) وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن زُهَيْر بن حَرْب عَن يحيى عَن ابْن جريج: حَدثنِي عَطاء. قَوْله: (عَن عبيد بن عُمَيْر)، فِي رِوَايَة ابْن خُزَيْمَة: عَن يحيى بن حَكِيم عَن يحيى بن سعيد بِسَنَدِهِ: أَخْبرنِي عبيد بن عُمَيْر.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن الزهير بن حَرْب عَن يحيى، وَعَن أبي بكر ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن يَعْقُوب الدَّوْرَقِي، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مستقصى فِي: بَاب المداومة فِي رَكْعَتي الْفجْر، عَن قريب.
82 -
(بابُ مَا يُقْرأ فِي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يقْرَأ فِي سنة الْفجْر، و: يقْرَأ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَيجوز أَن يكون على صِيغَة الْمَعْلُوم أَيْضا أَي: مَا يقْرَأ الْمُصَلِّي، وَلَيْسَ بإضمار: قبل الذّكر، لِأَن الْقَرِينَة دَالَّة عَلَيْهِ.
0711 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ..
قيل: لَا مُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين هَذِه التَّرْجَمَة حَتَّى قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: كَانَ حق هَذِه التَّرْجَمَة أَن تكون: تَخْفيف رَكْعَتي الْفجْر. وَقَالَ بَعضهم: وَلما ترْجم بِهِ المُصَنّف وَجه. وَوَجهه هُوَ أَنه أَشَارَ إِلَى خلاف من زعم أَنه لَا يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر أصلا، فنبه على أَنه لَا بُد من الْقِرَاءَة، وَلَو وصفت عَائِشَة الصَّلَاة بِكَوْنِهَا خَفِيفَة فَكَأَنَّهَا أَرَادَت قِرَاءَة الفتحة فَقَط، أَو قرَاءَتهَا من شَيْء يسير غَيرهَا، وَلم يثبت عِنْده على شَرطه تعْيين مَا يقْرَأ بِهِ فيهمَا. انْتهى. (قلت) هَذَا كَلَام لَيْسَ لَهُ وَجه أصلا من وُجُوه. الأول: أَن قَوْله أَشَارَ إِلَى خلاف من زعم أَنه لَا يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر أصلا رجم بِالْغَيْبِ، فليت شعري بِمَاذَا أَشَارَ بِمَا يدل عَلَيْهِ متن الحَدِيث أَو من الْخَارِج، فَالْأول، لَا يَصح، لِأَن الْكَلَام مَا سيق لَهُ. وَالثَّانِي: لَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُفِيد مَقْصُوده. الثَّانِي: أَن قَوْله: فنبه على أَنه لَا بُد من الْقِرَاءَة، غير صَحِيح، لِأَن الَّذِي دلّ على أَنه لَا بُد من الْقِرَاءَة مَا هُوَ؟ وَكَون عَائِشَة وصفت الرَّكْعَتَيْنِ المذكورتين بالخفة لَا يسْتَلْزم أَن يقْرَأ فيهمَا، لَا بُد، بل هُوَ مُحْتَمل للْقِرَاءَة وَعدمهَا. الثَّالِث: أَن قَوْله: فَكَأَنَّهَا أَرَادَت قِرَاءَة الْفَاتِحَة فَقَط، كَلَام واهٍ، لِأَنَّهُ أَي دَلِيل يدل بِوَجْه من وُجُوه الدلالات على أَنَّهَا أَرَادَت قِرَاءَة الْفَاتِحَة فَقَط؟ أَو قرَاءَتهَا مَعَ شَيْء يسير غَيرهَا؟ وَالرَّابِع: قَوْله: وَلم يثبت عِنْده على شَرطه تعْيين مَا يقْرَأ بِهِ فيهمَا، يرد بإنه لما لم يثبت ذَلِك، فَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَن تكون التَّرْجَمَة بقوله: مَا يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر، لِأَن السُّؤَال بِكَلِمَة: مَا، يكون عَن الْمَاهِيّة، وماهية الْقِرَاءَة فِي رَكْعَتي الْفجْر تَعْيِينهَا، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يعين ذَلِك. وتعسف الْكرْمَانِي فِي هَذَا الْموضع حَيْثُ قَالَ: قَوْله: خفيفتين، هُوَ مَحل مَا يدل على التَّرْجَمَة، إِذْ يعلم من لفظ الخفة أَنه لم يقْرَأ إلَاّ الْفَاتِحَة فَقَط أَو مَعَ أقصر قصار الْمفصل انْتهى قلت: سُبْحَانَ الله، لَيْت شعري من أَيْن يعلم من لفظ الخفة أَنه، صلى الله عليه وسلم، قَرَأَ فيهمَا؟ وَإِذا سلمنَا أَنه، قَرَأَ فيهمَا، فَمن أَيْن يعلم أَنه قَرَأَ الْفَاتِحَة وَحدهَا، أَو مَعَ شَيْء من قصار الْمفصل؟ فَإِن قلت: الْمَعْهُود شرعا وَعَادَة أَن لَا صَلَاة إلَاّ بِالْقِرَاءَةِ؟ قلت: ذهب جمَاعَة، مِنْهُم أَبُو بكر بن الْأَصَم وَابْن علية وَطَائِفَة من الظَّاهِرِيَّة: أَن لَا قِرَاءَة إلَاّ فِي رَكْعَتي الْفجْر، وَاحْتَجُّوا
فِي ذَلِك بِحَدِيث عَائِشَة الَّذِي يَأْتِي عَن قريب، وَفِيه:(حَتَّى إِنِّي لأقول: هَل قَرَأَ بِأم الْقُرْآن؟) قُلْنَا: سلمنَا أَن لَا صَلَاة إِلَّا بِالْقِرَاءَةِ، وَمَا اعْتبرنَا خلاف هَؤُلَاءِ، وَلَكِن تعْيين قِرَاءَة الْفَاتِحَة فيهمَا من أَيْن؟ فَإِن قَالُوا: بقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا صَلَاة إلَاّ بِفَاتِحَة الْكتاب) ؟ قُلْنَا: يُعَارضهُ مَا روى فِي صَلَاة الْمُسِيء حَيْثُ قَالَ لَهُ: (فَكبر ثمَّ إقرأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن) ، فَهَذَا يُنَافِي تعْيين قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة مُطلقًا، إِذْ لَو كَانَت قرَاءَتهَا متعينة لأَمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم بذلك، بل هُوَ صَرِيح فِي الدّلَالَة على أَن الْفَرْض مُطلق الْقِرَاءَة، كَمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَيُمكن أَن يُوَجه وَجه الْمُطَابقَة بَين حَدِيث الْبَاب وَبَين التَّرْجَمَة بِأَن يُقَال: إِن كلمة: مَا، فِي الأَصْل للاستفهام عَن مَاهِيَّة الشَّيْء، مثلا: إِذا قلت مَا الأنسان مَعْنَاهُ؟ مَا ذَاته وَحَقِيقَته؟ فَجَوَابه: حَيَوَان نَاطِق، وَقد يستفهم بهَا عَن صفة الشَّيْء نَحْو قلوه تَعَالَى:{وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} (طه: 71) . وَمَا لَوْنهَا؟ وَهَهُنَا أَيْضا قَوْله: مَا يقْرَأ؟ اسْتِفْهَام عَن صفة الْقِرَاءَة فِي رَكْعَتي الْفجْر هَل هِيَ قَصِيرَة أَو طَوِيلَة؟ فَقَوله: (خفيفتين) يدل على أَنَّهَا كَانَت قَصِيرَة، إِذْ لَو كَانَت طَوِيلَة لما وصفت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بقولِهَا:(خفيفتين) .
وَأما تعْيين هَذِه الْقِرَاءَة فيهمَا فقد علم بِأَحَادِيث أُخْرَى. مِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عمر، أخرجه التِّرْمِذِيّ فَقَالَ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، وَأَبُو عمار قَالَا: حَدثنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي حَدثنَا سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن مُجَاهِد (عَن ابْن عمر، قَالَ: رمقت النَّبِي صلى الله عليه وسلم شهرآ فَكَانَ يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَقل هُوَ الله أحد) . وَقَالَ: حَدِيث ابْن عمر حَدِيث حسن، وَأَبُو أَحْمد الزبيرِي ثِقَة حَافظ، واسْمه: مُحَمَّد بن عبد الله بن الزبير الْأَسدي الْكُوفِي. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن أَحْمد بن سِنَان وَمُحَمّد بن عبَادَة كِلَاهُمَا عَن أبي أَحْمد الزبيرِي، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة عمار بن زُرَيْق عَن أبي إِسْحَاق فَزَاد فِي إِسْنَاده إِبْرَاهِيم بن مهَاجر بَين أبي إِسْحَاق وَبَين مُجَاهِد. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا من رِوَايَة عَاصِم ابْن بَهْدَلَة عَن ذَر وَأبي وَائِل، (عَن عبد الله قَالَ: مَا أحصي مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفجْر: بقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَقل هُوَ الله أحد) . وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أخرجه الْبَزَّار من رِوَايَة مُوسَى بن خلف عَن قَتَادَة (عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَقل هُوَ الله أحد)، وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة: أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة يزِيد ابْن كيسَان عَن أبي حَازِم (عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قَرَأَ فِي رَكْعَتي الْفجْر: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ وَقل هُوَ الله أحد) . وَلأبي هُرَيْرَة حَدِيث آخر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة أبي الْغَيْب، واسْمه: سَالم، (عَن أبي هُرَيْرَة: أَنه سمع النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر:{قل آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} (آل عمرَان: 48) . فِي الرَّكْعَة الأولى وبهذه الْآيَة {رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين} (آل عمرَان: 35) . أَو {إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم} (الْبَقَرَة: 911 وفاطر: 42) . شكّ من الرَّاوِي. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عَبَّاس: أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة سعيد بن يسَار (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر: {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} (الْبَقَرَة: 631) . وَالَّتِي فِي آل عمرَان: {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} (آل عمرَان: 46) . لفظ مُسلم وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد (إِن كثيرا مِمَّا كَانَ يقْرَأ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي رَكْعَتي الْفجْر {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} (الْبَقَرَة: 631) . الْآيَة، قَالَ: هَذِه فِي الرَّكْعَة الأولى، وَفِي الرَّكْعَة الْآخِرَة:{آمنا بِاللَّه وَأشْهد بِأَنا مُسلمُونَ} (آل عمرَان: 252 والمائدة: 111) . وَقَالَ النَّسَائِيّ: كَانَ يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر فِي الأولى مِنْهُمَا الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة: {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} (الْبَقَرَة: 631) . وَالْبَاقِي نَحوه. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ عبد الله بن جَعْفَر: أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من رِوَايَة أَصْرَم بن حَوْشَب عَن إِسْحَاق بن وَاصل عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ (عَن عبد الله بن جَعْفَر، قَالَ: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر والركعتين، بعد الْمغرب،: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَقل هُوَ الله أحد) . وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ جَابر بن عبد الله: أخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) من رِوَايَة طَلْحَة بن خِدَاش (عَن جَابر بن عبد الله: أَن رجلا قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتي الْفجْر، فَقَرَأَ فِي الأولى: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، حَتَّى انْقَضتْ السُّورَة، فَقَالَ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، هَذَا عبد عرف ربه، وَقَرَأَ فِي الْآخِرَة: قل هُوَ الله أحد، حَتَّى انْقَضتْ السُّورَة، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، هَذَا عبد آمن بربه. قَالَ طَلْحَة: فَأَنا أحب أَقرَأ بِهَاتَيْنِ السورتين فِي هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ) .
وَأما رجال حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور فقد ذكرُوا غير مرّة.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي، وَالنَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة كِلَاهُمَا عَن
مَالك بِهِ.
قَوْله: (ثَلَاث عشرَة رَكْعَة. .) إِلَى آخِره، يدل على أَن رَكْعَتي الْفجْر خَارِجَة من الثَّلَاث عشرَة، وَقد تقدم فِي أول صَلَاة اللَّيْل أَنا دَاخِلَة فِيهَا، وَذكر فِي: بَاب قيام النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أَنه مَا كَانَ يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة. وَقد مر التَّوْفِيق بَين هَذِه الرِّوَايَات فِيمَا مضى.
1711 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا غُنْدُرٌ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثَنَا شُعْبَةُ عنْ مُحَمَّدِ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عَمَّتِهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم (ح) وحدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ قَالَ حَدثنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدثنَا يَحْيى هُوَ ابنُ سَعِيدٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عَمْرَةَ عنْ عَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى إنِّي لأَقُولُ هَلْ قَرَأ بِأُمِّ الكِتَابِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة توجه بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكرْنَاهُ للْحَدِيث السَّابِق.
ذكر رِجَاله: وهم تِسْعَة، لِأَنَّهُ رَوَاهُ من طَرِيقين: الأول: مُحَمَّد بن بشار، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: غنْدر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال وَضمّهَا فِي آخِره رَاء، وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر أبي عبد الله الْهُذلِيّ صَاحب الكرابيس. الثَّالِث: شُعْبَة ابْن الْحجَّاج. الرَّابِع: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة، وَيُقَال ابْن أبي زُرَارَة الْأنْصَارِيّ البُخَارِيّ، وَيُقَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة، قَالَ كَاتب الْوَاقِدِيّ: توفّي سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَة. الْخَامِس: عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة. السَّادِس: أَحْمد بن يُونُس، هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس بن عبد الله بن قيس أَبُو عبد الله التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي. السَّابِع: زُهَيْر بن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ. الثَّامِن: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. التَّاسِع: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي سِتَّة مَوَاضِع. وَفِيه العنعنة فِي سِتَّة مَوَاضِع وَفِيه: القَوْل فِي سِتَّة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن مُحَمَّد بن بشار وغندر بصريان، وَشعْبَة واسطي، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن وَيحيى بن سعيد مدنيان، وَأحمد بن يُونُس وَزُهَيْر كوفيان. وَفِيه: عَن عمته عمْرَة أَي: عَن عمَّة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد، وَعمرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد، تكون عمَّة أَبِيه لَا عمَّة نَفسه. وَفِيه: وَحدثنَا أَحْمد بن يُونُس، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، قَالَ: وَحدثنَا أبي، قَالَ البُخَارِيّ: وَحدثنَا أَحْمد، وَفِيه أحد الروَاة مَذْكُور بلقبه، وراويان مذكوران بِلَا نِسْبَة، وراو مَذْكُور بِنِسْبَة مفسرة. وَفِيه: فِي الطَّرِيق الثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يُونُس عَن عمْرَة، الظَّاهِر أَنه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي الطَّرِيق الأول، وَذكر أَبُو مَسْعُود أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث هُوَ أَبُو الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن حَارِثَة بن النُّعْمَان، وَيُقَال: ابْن عبد الله بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ البُخَارِيّ، لقب بِأبي الرِّجَال لِأَن لَهُ عشرَة أَوْلَاد رجال، وجده حَارِثَة بَدْرِي، وَسبب اشْتِبَاه ذَلِك على أبي مَسْعُود أَنه روى عَن عمْرَة، وَعمرَة أمه، لكنه لم يرو عَنْهَا هَذَا الحَدِيث، وَلِأَنَّهُ روى عَنهُ يحيى بن سعيد، وَشعْبَة وَقد نبه على ذَلِك الْخَطِيب، فَقَالَ فِي حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عمته عمْرَة عَن عَائِشَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْفجْر وَمن قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث: عَن شُعْبَة عَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن فقد وهم، لِأَن شُعْبَة لم يرو عَن أبي الرِّجَال شَيْئا، وَكَذَلِكَ من قَالَ عَن شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة، وَذكر الجياني أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَرْبَعَة من تَابِعِيّ أهل الْمَدِينَة، اسماؤهم مُتَقَارِبَة وطبقتهم وَاحِدَة وحديثهم مخرج فِي الْكِتَابَيْنِ: الأول: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن جَابر، وَأبي سَلمَة، روى عَنهُ يحيى بن أبي كثير. وَالثَّانِي: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل، أَبُو الْأسود يَتِيم عُرْوَة. وَالثَّالِث: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، يَعْنِي ابْن زُرَارَة. وَالرَّابِع: مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن أَبُو الرِّجَال. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التابعية عَن الصحابية.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قبل الصُّبْح) أَي: قبل صَلَاة الصُّبْح وهما سنة صَلَاة الصُّبْح. قَوْله: (إِنِّي)، بِكَسْر الْهمزَة. قَوْله:(لأقول) اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. قَوْله: (بِأم الْقُرْآن) ، هَذَا فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ، وَفِي رِوَايَة غَيره:(بِأم الْكتاب)، وَفِي رِوَايَة مَالك:(قَرَأَ بِأم الْقُرْآن أم لَا؟) وَأم الْقُرْآن: الْفَاتِحَة، سميت بِهِ لِأَن أم الشَّيْء أَصله، وَهِي مُشْتَمِلَة على كليات مَعَاني الْقُرْآن الثَّلَاث: مَا يتَعَلَّق بالمبدأ وَهُوَ الثَّنَاء على الله تَعَالَى، وبالمعاش وَهُوَ الْعِبَادَة، وبالمعاد وَهُوَ الْجَزَاء. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لَيْسَ معنى قَول عَائِشَة: إِنِّي لأقول: هَل قَرَأَ بِأم الْقُرْآن؟ أَنَّهَا شكت فِي قِرَاءَته، صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه كَانَ يُطِيل فِي النَّوَافِل، فَلَمَّا خفف فِي قِرَاءَة رَكْعَتي الْفجْر صَار كَأَنَّهُ لم يقْرَأ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيرهمَا من الصَّلَوَات. قلت: كلمة: هَل، حرف مَوْضُوع لطلب التَّصْدِيق الإيجابي دون التصوري وَدون التَّصْدِيق السلبي، فَدلَّ هَذَا على أَنَّهَا مَا شكت فِي قِرَاءَته مُطلقًا، وتقييدها بِالْفَاتِحَةِ من أَيْن؟ وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى عَن قريب.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: الْمُبَالغَة فِي تَخْفيف رَكْعَتي الصُّبْح، وَلكنهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَادَته صلى الله عليه وسلم من إطالته صَلَاة اللَّيْل، وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْقِرَاءَة فِي رَكْعَتي الْفجْر على أَرْبَعَة مَذَاهِب حَكَاهَا الطَّحَاوِيّ. أَحدهَا: لَا قِرَاءَة فيهمَا، كَمَا ذكرنَا فِي أول الْبَاب عَن جمَاعَة. الثَّانِي: يُخَفف الْقِرَاءَة فيهمَا بِأم الْقُرْآن خَاصَّة، رُوِيَ ذَلِك عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ مَشْهُور مَذْهَب مَالك. الثَّالِث: يُخَفف بِقِرَاءَة أم الْقُرْآن وَسورَة قَصِيرَة، رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. الرَّابِع: لَا بَأْس بتطويل الْقِرَاءَة فيهمَا، رُوِيَ ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَمُجاهد، وَعَن أبي حنيفَة: رُبمَا قَرَأت فيهمَا حزبين من الْقُرْآن، وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا. وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين: الْمُسْتَحبّ قِرَاءَة سُورَة الْإِخْلَاص فِي رَكْعَتي الْفجْر، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنهُ ذَلِك من الصَّحَابَة: عبد الله بن مَسْعُود، وَمن التَّابِعين: سعيد بن جُبَير وَمُحَمّد بن سِيرِين وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد النَّخعِيّ وسُويد بن غَفلَة وغينم بن قيس، وَمن الْأَئِمَّة: الشَّافِعِي، فَإِنَّهُ نَص عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيّ وَقَالَ مَالك: أما أَنا فَلَا أَزِيد فيهمَا على أم الْقُرْآن فِي كل رَكْعَة رَوَاهُ عَنهُ ابْن الْقَاسِم، وروى ابْن وهب عَنهُ أَنه لَا يقْرَأ فيهمَا إلَاّ بِأم الْقُرْآن. وَحكى ابْن عبد الْبر عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: لَا بَأْس أَن يقْرَأ مَعَ أم الْقُرْآن سُورَة قَصِيرَة. قَالَ: روى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَيْضا مثله.
ثمَّ إِن الْحِكْمَة فِي تخفيفه صلى الله عليه وسلم رَكْعَتي الْفجْر الْمُبَادرَة إِلَى صَلَاة الصُّبْح فِي أول الْوَقْت، وَبِه جزم صَاحب الْمُفْهم، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ استفتاح صَلَاة النَّهَار بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين، كَمَا كَانَ يستفتح قيام اللَّيْل بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين، ليتأهب ويستعد للتفرغ للْفَرض أَو لقِيَام اللَّيْل الَّذِي هُوَ أفضل الصَّلَوَات بعد المكتوبات، كَمَا ثَبت فِي (صَحِيح مُسلم) وَخص بعض الْعلمَاء اسْتِحْبَاب التَّخْفِيف فِي رَكْعَتي الْفجْر بِمن لم يتَأَخَّر عَلَيْهِ بعض حزبه الَّذِي اعْتَادَ الْقيام بِهِ فِي اللَّيْل، فَإِن بَقِي عَلَيْهِ شَيْء قَرَأَ فِي رَكْعَتي الْفجْر، فروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: لَا بَأْس أَن يُطِيل رَكْعَتي الْفجْر يقْرَأ فيهمَا من حزبه إِذا فَاتَهُ، وَعَن مُجَاهِد أَيْضا قَالَ: لَا بَأْس أَن يُطِيل رَكْعَتي الْفجْر. وَقَالَ الثَّوْريّ: إِن فَاتَهُ شَيْء من حزبه بِاللَّيْلِ فَلَا بَأْس أَن يقْرَأ فيهمَا وَيطول. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: رُبمَا قَرَأت فِي رَكْعَتي الْفجْر حزبي من اللَّيْل، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) مُرْسلا من رِوَايَة سعيد بن جُبَير، قَالَ:(كَانَ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، رُبمَا أَطَالَ رَكْعَتي الْفجْر) وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا، وَفِي إِسْنَاده رجل من الْأَنْصَار لم يسم.
فَائِدَة: التَّطْوِيل فِي الصَّلَاة مرغب فِيهِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح (أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت) ، وَلقَوْله، صلى الله عليه وسلم، أَيْضا فِي الصَّحِيح:(إِن طول صَلَاة الرجل سمة من فقهه) أَي: عَلامَة، وَلقَوْله، صلى الله عليه وسلم، فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَيْضا (إِذا صلى أحدكُم لنَفسِهِ فليطول مَا شَاءَ) إلَاّ أَنه قد اسْتثْنى من ذَلِك مَوَاضِع اسْتحبَّ الشَّارِع فِيهَا التَّخْفِيف: مِنْهَا: رَكعَتَا الْفجْر لما ذكرنَا. وَمِنْهَا: تَحِيَّة الْمَسْجِد إِذا دخل يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب ليتفرغ لسَمَاع الْخطْبَة، وَهَذِه مُخْتَلف فِيهَا. وَمِنْهَا: استفتاح صَلَاة اللَّيْل بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين، وَذَلِكَ للتعجيل بِحل عقد الشَّيْطَان، فَإِن الْعقْدَة الثَّالِثَة تنْحَل بِصَلَاة رَكْعَتَيْنِ، فَلذَلِك أَمر بِهِ، وَأما فعله، صلى الله عليه وسلم، ذَلِك فللتشريع ليقتدى بِهِ وإلَاّ فَهُوَ مَعْصُوم مَحْفُوظ من الشَّيْطَان، وَأما تَخْفيف الإِمَام فقد علله، صلى الله عليه وسلم، بقوله:(فَإِن وَرَاءه السقيم والضعيف وَذَا الْحَاجة) ، وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال، وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب.