الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّجُلِ وَبَيَّنْتُ لَهُمْ فَسَادَ مَا دَخَلُوا فِيهِ مِنَ الْقَرْمَطَةِ حَتَّى أَظْهَرْتُ مُبَاهَلَتَهُمْ وَحَلَفْتُ لَهُمْ أَنَّ مَا يَنْتَظِرُونَهُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ لَا يَكُونُ وَلَا يَتِمُّ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُتِمُّ أَمْرَ هَذَا الشَّيْخِ فَأَبَرَّ اللَّهُ تِلْكَ الْأَقْسَامَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
هَذَا مَعَ تَعْظِيمِهِمْ لِي وَبِمَعْرِفَتِي عِنْدَهُمْ وَإِلَّا فَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ سَائِرَ النَّاسِ مَحْجُوبُونَ بِحَالِ حَقِيقَتِهِمْ وَغَوَامِضِهِمْ وَإِنَّمَا النَّاسُ عِنْدَهُمْ كَالْبَهَائِمِ انْتَهَى كَلَامُهُ مُخْتَصَرًا
5 -
(بَاب فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ)
هِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ فَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ الْأُولَى قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَجَسُّسِهَا الْأَخْبَارَ لِلدَّجَّالِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
[4325]
(الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ) أَيْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ (إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنَ (حَبَسَنِي) أَيْ مَنَعَنِي مِنَ الْخُرُوجِ (عَنْ رَجُلٍ) أَيْ عَنْ حَالِ رَجُلٍ وَهُوَ الدَّجَّالُ (تَجُرُّ شَعْرَهَا) صِفَةٌ لِامْرَأَةٍ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ طُولِ شَعْرِهَا (قَالَتْ) أَيْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ (أَنَا الْجَسَّاسَةُ) وَفِي الْحَدِيثِ الْآتِي فلقيتهم دابة أهلب كثيرة الشَّعْرِ قَالُوا وَيْلَكَ مَا أَنْتِ قَالَتْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ
قِيلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا يَحْتَمِلُ أَنَّ لِلدَّجَّالِ جَسَّاسَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا دَابَّةٌ وَالثَّانِيَةُ امْرَأَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْجَسَّاسَةَ كَانَتْ شَيْطَانَةً تَمَثَّلَتْ تَارَةً فِي صُورَةِ دَابَّةٍ وَأُخْرَى فِي صُورَةِ امْرَأَةٍ وَلِلشَّيْطَانِ التَّشَكُّلُ فِي أَيِّ تَشَكُّلٍ أَرَادَ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُسَمَّى الْمَرْأَةُ دَابَّةً مَجَازًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا على الله رزقها وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعْرِ لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعْرِ قَالُوا وَيْلَكَ مَا أَنْتِ قَالَتْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ قَالَ لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً وَسَيَجِيءُ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي (مُسَلْسَلٌ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُقَيَّدٌ بِالسَّلَاسِلِ (فِي الْأَغْلَالِ) أَيْ مَعَهَا (يَنْزُو) بِسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الزَّايِ أَيْ يَثِبُ وُثُوبًا (فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ مُتَعَلِّقٌ بقوله ينزو أو بمسلسل انتهى قال القارىء
أَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُسَلْسَلٍ (خَرَجَ) بِحَذْفِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَخَرَجَ بذكره (نبي الأميين) أي العرب
قال بن الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ أَرَادَ الدَّجَّالُ بِالْأُمِّيِّينَ العرب لأنهم لا يكتبون ولا يقرؤون غَالِبًا (بَعْدُ) مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ (قَالَ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ) قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله الْمُشَارُ إِلَيْهِ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَطَاعُوهُ
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رحمه الله هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَالْمَخْذُولُ مِنَ الْبُعْدِ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ لَمْ يُرَ لَهُ فِيهِ مُسَاهِمٌ فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ هَذَا قُلْنَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ فِي الدُّنْيَا أَيْ طَاعَتَهُمْ لَهُ خَيْرٌ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ إِنْ خَالَفُوا اجْتَاحَهُمْ وَاسْتَأْصَلَهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الصِّرْفَةِ صَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الطَّعْنِ فِيهِ وَالتَّكَبُّرِ عَلَيْهِ وَتَفَوَّهَ بِمَا ذَكَرَ عَنْهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَيْهِ وَالْمَأْخُوذِ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِغَيْرِهِ تَأْيِيدًا لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ مَوْلَاهُ الْحَرَّانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالطَّرَائِفِيِّ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يتبع طرائف الحديث
قال بن نُمَيْرٍ كَذَّابٌ وَقَالَ أَبُو عَرُوبَةَ عِنْدَهُ عَجَائِبٌ
وقال بن حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ لَا يَجُوزُ عِنْدِي الِاحْتِجَاجُ بِرِوَايَتِهِ كُلِّهَا عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ثِقَةٌ
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ صَدُوقٌ
وَأَنْكَرَ عَلَى الْبُخَارِيِّ إِدْخَالَ اسْمِهِ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ وَقَالَ يُحَوَّلُ مِنْهُ انْتَهَى قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَ فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
[4326]
(جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ وَعْظِ الْوَاعِظِ النَّاسَ جَالِسًا عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَمَّا الْخُطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا بُدَّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَخْطُبَهَا قَائِمًا (وَهُوَ يَضْحَكُ) أَيْ يَتَبَسَّمُ ضَاحِكًا عَلَى عَادَتِهِ الشَّرِيفَةِ (لِيَلْزَمْ) بِفَتْحِ الزَّايِ (كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ) أَيْ مَوْضِعَ صَلَاتِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ (لِرَهْبَةٍ) أَيْ لِخَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ (وَلَا رَغْبَةٍ) أَيْ وَلَا لِأَمْرٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ مِنْ عَطَاءٍ كَغَنِيمَةٍ (أَنَّ
تَمِيمًا الدَّارِيَّ) أَيْ لِأَنَّ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ اسْمُهُ الدَّارُ (وَافَقَ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ) أَيْ طَابَقَ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ (حَدَّثَنِي) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مَعْدُودٌ فِي مَنَاقِبِ تَمِيمٍ لِأَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَى عَنْهُ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَفِيهِ رِوَايَةُ الْفَاضِلِ عَنِ الْمَفْضُولِ وَرِوَايَةُ الْمَتْبُوعِ عَنْ تابعه وفيه قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ (فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ) أَيْ لَا بَرِّيَّةٍ احْتِرَازًا عَنِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى سَفِينَةُ الْبَرِّ وَقِيلَ أَيْ مَرْكَبًا كَبِيرًا بَحْرِيًّا لا زورقا صغيرا نهريا قاله القارىء (مِنْ لَخْمٍ) بِفَتْحِ لَامٍ وَسُكُونِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَصْرُوفٌ وَقَدْ لَا يُصْرَفُ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَجُذَامٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ (فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ) أَيْ دَارَ بِهِمْ وَاللَّعِبُ فِي الْأَصْلِ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فَاسْتُعِيرَ لِصَدِّ الْأَمْوَاجِ السُّفُنُ عَنْ صَوْبِ الْمَقْصِدِ وَتَحْوِيلِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا (وَأَرْفَئُوا) أَيْ قَرَّبُوا السَّفِينَةَ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ أَرْفَأْتُ السَّفِينَةَ أُرْفِئُهَا إِرْفَاءً وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أُرْفِيهَا بِالْيَاءِ عَلَى الْإِبْدَالِ وَهَذَا مَرْفَأُ السُّفُنِ أَيِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُشَدُّ إِلَيْهِ وَتُوقَفُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (فَجَلَسُوا) أَيْ بَعْدَ مَا تَحَوَّلُوا مِنَ الْمَرْكَبِ الْكَبِيرِ (فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ قَارِبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهِ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وهو جمع على غير قياس والقياس قوراب
قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله أَقْرُبُ السَّفِينَةِ هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ قَارِبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وهي سفينة صغيرة تكون مَعَ الْكَبِيرَةِ كَالْجَنِيبَةِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا رُكَّابُ السَّفِينَةِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ (فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ) اللَّامُ لِلْعَهْدِ أَيْ فِي الْجَزِيرَةِ الَّتِي هُنَاكَ (دَابَّةٌ أَهْلَبُ) وَالْهُلْبُ الشَّعْرُ وَقِيلَ مَا غَلُظَ مِنَ الشَّعْرِ وَقِيلَ مَا كَثُرَ مِنْ شَعْرِ الذَّنَبِ وَإِنَّمَا ذَكَّرَهُ لِأَنَّ الدَّابَّةَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ كَذَا قالوا والأظهر أنه بتأويل الحيوان قاله القارىء
قَالَ النَّوَوِيُّ الْأَهْلَبُ غَلِيظُ الشَّعْرِ كَثِيرُهُ انْتَهَى (كَثِيرَةُ الشَّعْرِ) صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ وَعَطْفُ بَيَانٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعْرِ (قَالُوا وَيْلَكَ) هِيَ كَلِمَةٌ تَجْرِي مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى مَعْنَاهُ وَقَدْ تَرِدُ لِلتَّعَجُّبِ وَلِلتَّفَجُّعِ
قَالَ القارىء خَاطَبُوهَا مُخَاطَبَةَ الْمُتَعَجِّبِ الْمُتَفَجِّعِ (أَنَا الْجَسَّاسَةُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَجَسُّسِهَا الْأَخْبَارَ لِلدَّجَّالِ (فِي هَذَا الدَّيْرِ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ دَيْرِ النَّصَارَى فَفِي الْمُغْرِبِ صَوْمَعَةُ الرَّاهِبِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْقَصْرُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ (فإنه) أي
الرَّجُلَ الَّذِي فِي الدَّيْرِ (إِلَى خَبَرِكُمْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (بِالْأَشْوَاقِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ شَوْقٍ أَيْ كَثِيرُ الشَّوْقِ وَعَظِيمُ الِاشْتِيَاقِ وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ
قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رحمه الله أَيْ شَدِيدُ نِزَاعِ النَّفْسِ إِلَى مَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْخَبَرِ حَتَّى كَأَنَّ الْأَشْوَاقَ مُلْصَقَةٌ بِهِ أَوْ كَأَنَّهُ مُهْتَمٌّ بِهَا (لما سمعت) أي ذكرت ووضعت (فَرِقْنَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ خِفْنَا (مِنْهَا) أَيْ مِنَ الدَّابَّةِ (أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً) أَيْ كَرَاهَةَ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ (سِرَاعًا) أَيْ حَالُ كَوْنِنَا مُسْرِعِينَ (أَعْظَمُ إِنْسَانٍ) أَيْ أَكْبَرُهُ جُثَّةً أَوْ أَهْيَبُهُ هَيْئَةً (رَأَيْنَاهُ) صفة إنسان احتراز عن من لَمْ يَرَوْهُ وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي مَعْنَى مَا رَأَيْنَاهُ مِثْلَهُ صَحَّ قَوْلُهُ (قَطُّ) الَّذِي يَخْتَصُّ بِنَفْيِ الْمَاضِي وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ الْمَضْمُومَةِ فِي أَفْصَحِ اللُّغَاتِ (خَلْقًا) تَمْيِيزُ أَعْظَمُ (وَأَشَدُّهُ) أَيْ أَقْوَى إِنْسَانٍ (وَثَاقًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَبِكَسْرٍ أَيْ قَيْدًا مِنَ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ (مَجْمُوعَةٌ) بِالرَّفْعِ أَيْ مَضْمُومَةٌ (فَذَكَرَ) أَيِ الرَّاوِي (الْحَدِيثَ) بِطُولِهِ وَقَدِ اخْتَصَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ بِطُولِهِ وَإِنْ شِئْتَ الِاطِّلَاعَ عَلَى مَا حَذَفَهُ أَبُو دَاوُدَ فَارْجِعْ إِلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ (وَسَأَلَهُمْ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِأَعْظَمُ إِنْسَانٍ الَّذِي كَانَ فِي الدَّيْرِ (عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ) بِفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ وَهِيَ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رحمه الله قَرِيبَةٌ مِنَ الْأُرْدُنِّ ذَكَرَهُ بن الْمَلَكِ
زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ هَلْ تُثْمِرُ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّهَا تُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ (وَعَنْ عَيْنِ زُغَرَ) بِزَايٍ فَغَيْنٍ مُعْجَمَتَيْنِ فَرَاءٍ كَزُفَرَ بَلْدَةٌ بِالشَّامِ قَلِيلَةُ النَّبَاتِ قِيلَ عَدَمُ صَرْفِهِ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّأْنِيثِ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ اسْمُ امْرَأَةٍ ثُمَّ نُقِلَ يَعْنِي لَيْسَ تَأْنِيثُهُ بِاعْتِبَارِ الْبَلْدَةِ وَالْبُقْعَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يُذَكَّرُ مِثْلُهُ وَيُصْرَفُ بِاعْتِبَارِ الْبَلَدِ وَالْمَكَانِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله هِيَ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْجَانِبِ الْقِبْلِيِّ مِنَ الشَّامِ انْتَهَى
وَزَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ قُلْنَا نَعَمْ هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا (قَالَ إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الدَّجَّالُ وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ عَيْنَهُ الْوَاحِدَةَ مَمْسُوحَةٌ وَفِي تَسْمِيَتِهِ وُجُوهٌ أُخَرُ (وَإِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ هُوَ شَكٌّ أَوْ ظَنٌّ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَصَدَ الْإِبْهَامَ عَلَى السَّامِعِ ثُمَّ نَفَى ذَلِكَ وَأَضْرَبَ عَنْهُ بِالتَّحْقِيقِ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ
قِبَلِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِمَا الزَّائِدَةِ وَالتَّكْرَارِ اللَّفْظِيِّ فَمَا زَائِدَةٌ لَا نَافِيَةٌ فَاعْلَمْ ذَلِكَ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
قَالَ الْقَاضِي لَفْظَةُ مَا هُوَ زَائِدَةٌ صِلَةٌ لِلْكَلَامِ لَيْسَتْ بِنَافِيَةٍ وَالْمُرَادُ إِثْبَاتُ أَنَّهُ فِي جِهَاتِ الْمَشْرِقِ انْتَهَى
وَفِي فَتْحِ الْوَدُودِ قِيلَ هَذَا شَكٌّ أَوْ ظَنٌّ مِنْهُ عليه السلام أَوْ قَصَدَ الْإِبْهَامَ عَلَى السَّامِعِ ثُمَّ نَفَى ذَلِكَ وَأَضْرَبَ عَنْهُ فَقَالَ لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مَا هُوَ وَمَا زَائِدَةٌ لَا نَافِيَةٌ وَالْمُرَادُ إِثْبَاتُ أَنَّهُ فِي جِهَةِ الْمَشْرِقِ
قِيلَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً أَيِ الَّذِي هُوَ فِيهِ الْمَشْرِقُ
قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا نَافِيَةٌ أَيْ مَا هُوَ إِلَّا فِيهِ وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ انْتَهَى (مَرَّتَيْنِ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ وأومىء بِيَدِهِ (وَأَوْمَأَ) أَيْ أَشَارَ صلى الله عليه وسلم (قَالَتْ) أَيْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[4327]
(مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صُدْرَانَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالسُّكُونِ وَقَدْ يُنْسَبُ لِجَدِّهِ صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ (عَنْ عَامِرٍ) هُوَ الشَّعْبِيُّ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ (لَمْ يسلم) أي ما نجى (مِنْهُمْ) أَيِ الْمُغْرَقِينَ مَعَهُ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ بن صدران
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ
وَمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ فِيهِ مَقَالٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ بِنَحْوِهِ وَفِي أَلْفَاظِهِ اخْتِلَافٌ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[4328]
عَنْ (أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ الْمَدَنِيِّ ثقة (عن جابر) هو بن عَبْدِ اللَّهِ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ (فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ) أَيْ نُفِيَ وَلَمْ يَبْقَ (فَرُفِعَتْ لَهُمُ الْجَزِيرَةُ) بِصِيغَةِ المجهول
وَالْمَعْنَى ظَهَرَتْ لَهُمْ (فَخَرَجُوا) أَيْ إِلَى تِلْكَ الْجَزِيرَةِ (الْخُبْزَ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ وَبَيْنَهُمَا مُوَحَّدَةٌ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْخَبَرَ بِالْخَاءِ وَالرَّاءِ بَيْنَهُمَا مُوَحَّدَةٌ (فَقُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ) قَائِلُهُ وَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (فِي هَذَا الْقَصْرِ) وَقَدْ عَبَّرَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالدَّيْرِ (فَقَالَ لِيَ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ) هُوَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَلَمَةَ وَالْقَائِلُ لِهَذِهِ الْمَقُولَةِ هُوَ الْوَلِيدُ (قَالَ) أَيْ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمن (شهد جَابِرِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه (أَنَّهُ) أَيِ الدَّجَّالَ (قَالَ وَإِنْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ)
قَالَ السُّيُوطِيُّ رحمه الله فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ يَعْنِي عَدَمَ دُخُولِهِ إِيَّاهَا إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ خُرُوجِهِ
قَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ بَعْضُ العلماء كان بعض الصحابة يظن أن بن الصَّيَّادِ هُوَ الدَّجَّالُ الْأَكْبَرُ الْمَوْعُودُ آخِرَ الزَّمَانِ وَلَيْسَ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ دَجَّالٌ صَغِيرٌ قَطْعًا لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي خبر فاطمة أن الدجال الأكبر غير بن الصَّيَّادِ وَلَكِنَّهُ أَحَدُ الدَّجَاجِلَةِ الْكَذَّابِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخُرُوجِهِمْ وَقَدْ خَرَجَ أَكْثَرُهُمْ فَكَأَنَّ مَنْ جَزَمُوا بِأَنَّهُ بن الصَّيَّادِ لَمْ يَسْمَعُوا بِقِصَّةِ تَمِيمٍ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ جِدًّا فَكَيْفَ يَلْتَئِمُ أَنْ يَكُونَ مَنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْحَيَاةِ النَّبَوِيَّةِ شِبْهَ الْمُحْتَلِمِ وَيَجْتَمِعُ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَيُسَائِلُهُ أَنْ يَكُونَ بِآخِرِهَا شَيْخًا مَسْجُونًا فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ مُوثَقًا بِالْحَدِيدِ يَسْتَفْهِمُ فِي خَبَرِهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ خَرَجَ أَمْ لَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ الِاطِّلَاعِ
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ فَلَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَ سَمَاعِهِ قِصَّةَ تَمِيمٍ فَلَمَّا سَمِعَهَا لَمْ يَعُدْ لِحَلِفِهِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا جَابِرٌ فَشَهِدَ حَلِفَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَصْحَبَ مَا كَانَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ الزُّهْرِيُّ الْكُوفِيُّ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا يُحَدِّثُنَا عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِقَلِيلٍ حَدَّثَنَا عَنْهُ