المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب من كرهه أي لبس الحرير) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١١

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌29 - كِتَاب الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَات

- ‌30 - كِتَاب الْحَمَّامِ

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ التَّعَرِّي)

- ‌(باب فِي التَّعَرِّي)

- ‌31 - كِتَاب اللِّبَاسِ

- ‌(باب في ما يدعى بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الدُّعَاءِ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَقْبِيَةِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الصُّوفِ وَالشَّعَرِ)

- ‌(باب لبس المرتفع)

- ‌(بَاب لِبَاسِ الْغَلِيظِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي لبس الحرير)

- ‌(بَاب مَنْ كَرِهَهُ أَيْ لُبْسُ الْحَرِيرِ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ)

- ‌(بَاب فِي الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الْحِبَرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْبَيَاضِ)

- ‌(باب في الخلقان وفي غسل الثوب الْخُلْقَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْمَصْبُوغِ بِالصُّفْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الخضرة)

- ‌(بَاب فِي الْحُمْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب فِي السَّوَادِ)

- ‌(بَاب فِي الْهُدْبِ فِي الْقَامُوسِ)

- ‌(بَاب فِي الْعَمَائِمِ)

- ‌(بَاب فِي لِبْسَةِ الصَّمَّاءِ)

- ‌(بَاب فِي حَلِّ الْأَزْرَارِ)

- ‌(بَاب فِي التَّقَنُّعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْإِزَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ)

- ‌(بَاب فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الْإِزَارِ)

- ‌(بَاب فِي لِبَاسِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قول الله تَعَالَى يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ الْآيَةُ بِتَمَامِهَا)

- ‌(باب في قول الله تعالى وليضربن بخمرهن على جيوبهن)

- ‌(بَاب فِيمَا تُبْدِي الْمَرْأَةُ مِنْ زِينَتِهَا هِيَ مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ كُحْلٍ أَوْ

- ‌(بَاب فِي الْعَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ)

- ‌(باب في قوله تعالى غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ)

- ‌(باب في قوله وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)

- ‌(باب كيف الِاخْتِمَارِ)

- ‌(بَاب فِي لِبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قَدْرِ الذَّيْلِ)

- ‌(بَاب فِي أُهُبِ الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى أَنْ لَا يستنفع بإهاب الميتة)

- ‌(بَاب فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِعَالِ)

- ‌(بَاب فِي الْفُرُشِ)

- ‌(بَاب فِي اتِّخَاذِ السُّتُورِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلِيبِ فِي الثَّوْبِ أَيْ صُورَةُ الصَّلِيبِ فِيهِ)

- ‌(بَاب فِي الصُّوَرِ)

- ‌32 - كِتَاب التَّرَجُّل

- ‌(باب فِي اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ)

- ‌(بَاب فِي إِصْلَاحِ الشَّعَرِ)

- ‌(بَاب فِي الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي صِلَةِ الشَّعْرِ)

- ‌(بَاب فِي رَدِّ الطِّيبِ)

- ‌(بَاب في طيب المرأة لِلْخُرُوجِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّعَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ)

- ‌(بَاب فِي تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ)

- ‌(باب في الرجل يضفر شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب فِي حَلْقِ الرَّأْسِ)

- ‌(باب في الصبي له ذؤابة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب فِي أَخْذِ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب فِي نَتْفِ الشَّيْبِ)

- ‌(بَاب فِي الْخِضَابِ)

- ‌(باب فِي خِضَابِ الصُّفْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خِضَابِ السَّوَادِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ)

- ‌33 - كِتَاب الْخَاتَم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الْخَاتَمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خاتم الحديد)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَلَاجِلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌34 - كِتَاب الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِم

- ‌(باب ذكر الفتن ودلائلها)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(بَاب فِي كَفِّ اللِّسَانِ)

- ‌(باب الرخصة في التبدي فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب مَا يُرْجَى فِي الْقَتْلِ)

- ‌35 - كِتَاب الْمَهْدِيِّ

- ‌36 - كِتَاب الْمَلَاحِم

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المائة)

- ‌(بَابِ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ)

- ‌(بَاب فِي أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي تَدَاعِي الْأُمَمِ عَلَى الْإِسْلَامِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَعْقِلِ مِنْ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(باب في ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ فِي الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ والْحَبَشَةِ)

- ‌(بَاب فِي قِتَالِ التُّرْكِ)

- ‌(بَاب فِي ذِكْرِ الْبَصْرَةِ)

- ‌(بَاب ذكر الْحَبَشَةِ)

- ‌(باب أمارت السَّاعَةِ)

- ‌(باب حَسْرِ الْفُرَاتِ)

- ‌(بَاب خُرُوجِ الدَّجَّالِ)

- ‌(بَاب فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ)

- ‌(باب خبر بن الصائد)

- ‌(بَاب الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ [4336] عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ)

- ‌(بَاب قِيَامِ السَّاعَةِ)

الفصل: ‌(باب من كرهه أي لبس الحرير)

[4043]

(أُهْدِيَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَهْدَاهَا لَهُ أُكَيْدَرُ دُومَةَ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ (إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا) زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا لِتُشَقِّقَهَا خُمُرًا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَهُ فِي أُخْرَى شَقَّقَهُ خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ (فَأَمَرَنِي فَأَطَرْتُهَا) أَيْ قَسَمْتُهَا (بَيْنَ نِسَائِي) بِأَنْ شَقَقْتُهَا وَجَعَلْتُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَقَّةً يُقَالُ طَارَ لِفُلَانٍ فِي الْقِسْمَةِ سَهْمُ كَذَا أَيْ طَارَ لَهُ وَوَقَعَ فِي حِصَّتِهِ

قَالَ الشَّاعِرُ فَمَا طَارَ لِي فِي الْقَسْمِ إِلَّا ثَمِينُهَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نِسَائِي مَا فَسَّرَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ حَيْثُ قَالَ بَيْنَ الْفَوَاطِمِ وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاطِمِ فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ أُمُّ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَالثَّالِثَةُ قِيلَ هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ حَمْزَةَ وَذُكِرَتْ لَهُنَّ رَابِعَةٌ وَهِيَ فَاطِمَةُ امْرَأَةُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَوْلُهُ خُمُرًا بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ جَمْعُ خِمَارٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالتَّخْفِيفِ مَا تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

(بَاب مَنْ كَرِهَهُ أَيْ لُبْسُ الْحَرِيرِ)

قال الحافظقال بن بَطَّالٍ اخْتُلِفَ فِي الْحَرِيرِ فَقَالَ قَوْمٌ يَحْرُمُ لُبْسُهُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ حَتَّى عَلَى النِّسَاءِ

نقل ذلك عن علي وبن عمر وحذيفة وأبي موسى وبن الزبير ومن التابعين عن الحسن وبن سِيرِينَ

وَقَالَ قَوْمٌ يَجُوزُ لُبْسُهُ مُطْلَقًا وَحَمَلُوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ لُبْسِهِ عَلَى مَنْ لَبِسَهُ خُيَلَاءَ أَوْ عَلَى التَّنْزِيهِ

قُلْتُ وَهَذَا الثَّانِي سَاقِطٌ لِثُبُوتِ الْوَعِيدِ عَلَى لُبْسِهِ انْتَهَى

[4044]

(نَهَى) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ نَهَانِي (عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا يَاءُ نِسْبَةٍ

وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ يَقُولُونَهُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَأَهْلَ مِصْرَ يَفْتَحُونَهَا وَهِيَ نِسْبَةٌ إِلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهَا الْقَسُّ قَالَهُ الْحَافِظُ

وَالْقَسِّيُّ ثِيَابٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ

ص: 62

أَوِ الشَّامِ مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ فِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ وَهَذَا التَّفْسِيرُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مُعَلَّقًا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مَوْصُولًا بِاخْتِلَافِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ مُضَلَّعَةٌ أَيْ فِيهَا خُطُوطٌ عَرِيضَةٌ كَالْأَضْلَاعِ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ أَيْ أَنَّ الْأَضْلَاعَ الَّتِي فِيهَا غَلِيظَةٌ مُعْوَجَّةٌ

وَقَوْلُهُ فِيهَا حَرِيرٌ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَرِيرًا صِرْفًا

وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا ثِيَابٌ مَخْلُوطَةٌ بِالْحَرِيرِ وقيل من الخز وهو ردي الْحَرِيرِ (عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ) هُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ (وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبَاحَةِ خَاتَمِ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ لِلرِّجَالِ (وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ) وَزَادَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ وَالسُّجُودِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي هَذَيْنِ الْمَحِلَّيْنِ لِأَنَّ وَظِيفَتَهُمَا إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ لِمَا فِي صَحِيحِ مسلم وغيره عنه نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا حُرِّمَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ

قَالَ وَقَدْ كُرِهَ لِلنِّسَاءِ أَنْ تَتَخَتَّمَ بِالْفِضَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زِيِّ الرِّجَالِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْنَ ذَهَبًا فَلْيُصَفِّرُنَّهُ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ نَحْوِهِ

قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا

[4045]

بِهَذَا) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ

[4046]

(زَادَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي رِوَايَتِهِ (وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ) أَيْ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه نهاني رسول الله وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ قَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَظَنَّ أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِعَلِيٍّ رضي الله عنه كَمَا تُفِيدُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّهْيَ ليس بمختص بعلي رضي الله عنه بَلْ يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ رأى رسول الله عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَادًّا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ لَمْ يَحْكِ أَحَدٌ عَنِ النبي النَّهْيَ عَنِ الْمُعَصْفَرِ إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ نَهَانِي وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَلَى الْعُمُومِ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بَلَغَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله لَقَالَ بِهَا ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مَا صَحَّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ خِلَافَ قَوْلِي فاعملوا بالحديث

ص: 63

[4047]

(مُسْتَقَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَقَافٍ

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْمَسَاتِقُ فِرَاءٌ طِوَالُ الْأَكْمَامِ وَاحِدُهَا مُسْتَقَةٌ قَالَ وَأَصْلُهَا فِي الْفَارِسِيَّةِ مشته فَعُرِّبَتْ كَذَا فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ (مِنْ سُنْدُسٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمُسْتَقَةُ مُكَفَّفَةٌ بِالسُّنْدُسِ لِأَنَّ نَفْسَ الْفَرْوَةِ لَا تَكُونُ سُنْدُسًا انْتَهَى

وَفِي النِّهَايَةِ مُسْتَقَةٌ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا فَرْوٌ طَوِيلُ الْكُمَّيْنِ وَهِيَ تَعْرِيبُ مشعه وَقَوْلُهُ مِنْ سُنْدُسٍ يُشْبِهُ أَنَّهَا كَانَتْ مُكَفَّفَةً بِالسُّنْدُسِ وَهُوَ الرَّفِيعُ مِنَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ لِأَنَّ نَفْسَ الْفَرْوِ لَا يَكُونُ سُنْدُسًا وَجَمْعُهَا مَسَاتِقُ انْتَهَى (فَلَبِسَهَا) أَيِ الْمُسْتَقَةُ قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أُكَيْدَرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ جُبَّةَ سُنْدُسٍ أَوْ دِيبَاجٍ قَبْلَ أَنْ يُنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ فَلَبِسَهَا فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا

وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ الله فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا عَنِيفًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يقول لبس النبي يَوْمًا قَبَاءً مِنْ دِيبَاجٍ أُهْدِيَ لَهُ ثُمَّ أَوْشَكَ أَنْ يَنْزِعَهُ فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقِيلَ قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْتَهُ يا رسول الله فقال نهاني عنه جبرائيل عليه الصلاة والسلام فَجَاءَهُ عُمَرُ يَبْكِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كرهت أمرا وأعطيتنيه فمالي فَقَالَ إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهُ لِتَلْبَسَهُ إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ تَبِيعُهُ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ على أن النبي كَانَ يَلْبَسُ الْحَرِيرَ ثُمَّ كَانَ التَّحْرِيمُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ (فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يَدَيْهِ تَذَبْذَبَانِ)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ تَتَحَرَّكَانِ وَتَضْطَرِبَانِ يُرِيدُ الْكُمَّيْنِ (ثُمَّ بَعَثَ بِهَا) أَيْ بِالْمُسْتَقَةِ (إِلَى جَعْفَرِ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ (فَلَبِسَهَا) جَعْفَرٌ (إِلَى أَخِيكَ النَّجَاشِيِّ) ملك الحبشة مكافأة لإحسانه وبدلا للصنيع الْمَعْرُوفِ الَّذِي فَعَلَهُ بِكَ فَهَذِهِ هَدِيَّةُ مَلِكِ الرُّومِ لَائِقٌ بِحَالِ مَلِكِ الْحَبَشَةِ

وَفِيهِ تَوْجِيهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ولبس الْمُسْتَقَةَ بَعْدَ تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ لِكَوْنِهَا مُكَفَّفَةً بِالسُّنْدُسِ وَلَيْسَ جَمِيعُهَا حَرِيرًا خَالِصًا لِأَنَّ نَفْسَ الْفَرْوَةِ لَا تَكُونُ سُنْدُسًا وَمَعَ ذَلِكَ تَرَكَ لُبْسَهَا عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى وَعَلَى هَذَا التَّوْجِيهِ يُطَابَقُ الْحَدِيثُ بِالْبَابِ

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطَاؤُهَا لِجَعْفَرٍ بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَكَانَ قَدْرُ مَا كَفَّ هُنَا أكثر من القدر المرخص ثم إهداءها لِمَلَكِ الْحَبَشَةِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا بِأَنْ يَكْسُوَهَا النِّسَاءَ والله أعلم

ص: 64

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ مَكِّيٌّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَلَا يُحْتَجُّ بحديثه

[4048]

(لا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ وَاوٌ خَفِيفَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ الْأُرْجُوَانُ الْأَحْمَرُ وَأَرَاهُ أَرَادَ بِهِ الْمَيَاثِرَ الحمر وقد تتخذ مِنْ دِيبَاجٍ وَحَرِيرٍ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ النَّهْيُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنِ السَّرَفِ وَلَيْسَتْ مِنْ لِبَاسِ الرِّجَالِ (وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ) أَيِ الْمَصْبُوغَ بالعصفر قال القارىء وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَلُ مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ وَقَبْلَهُ

فَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ مِنْ خَارِجٍ (وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ) الْمُكَفَّفُ بِفَتْحِ الْفَاءِ الْأُولَى الْمُشَدَّدَةِ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيِ الَّذِي عُمِلَ عَلَى ذَيْلِهِ وَأَكْمَامِهِ وَجَيْبِهِ كِفَافٌ مِنْ حَرِيرٍ وَكُفَّةُ كُلِّ شَيْءٍ بِالضَّمِّ طَرَفُهُ وَحَاشِيَتُهُ وَكُلُّ مُسْتَدِيرٍ كِفَّةٌ بِالْكَسْرِ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ وَكُلُّ مُسْتَطِيلٍ كُفَّةٌ كَكُفَّةِ الثَّوْبِ

قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا لَا يُعَارِضُ حَدِيثَ أَسْمَاءَ لَهَا لبة ديباج وفرجيها مكفوفين بالديباج وقالت هذه جبة رسول الله رَوَاهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَلْبَسِ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ تَجَمُّلٍ وَتَرَفُّهٍ وربما لبس الجبة المكففة

قال القارىء وَالْأَظْهَرُ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَدْرَ مَا كَفَّ هُنَا أَكْثَرُ مِنَ الْقَدْرِ الْمُرَخَّصِ ثَمَّةَ وَهُوَ أَرْبَعُ أَصَابِعٍ أَوْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى وَذَاكَ عَلَى الرُّخْصَةِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَالْفَتْوَى وَقَبْلَ هَذَا مُتَقَدِّمٌ عَلَى لُبْسِ الْجُبَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَأَوْمَأَ) أَيْ أَشَارَ (الْحَسَنُ) هُوَ الْبَصْرِيُّ (إِلَى جَيْبِ قَمِيصِهِ) الْجَيْبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وسكون التحتانية بعدها موحدة هو ما يُقْطَعُ مِنَ الثَّوْبِ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الرَّأْسُ أَوِ الْيَدُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ (قَالَ) أَيْ عِمْرَانُ بن حصين (وقال) أي رسول الله (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (وَطِيبُ الرِّجَالِ) أَيِ الْمَأْذُونُ فِيهِ (رِيحٌ) أَيْ مَا فِيهِ رِيحٌ (لَا لَوْنَ لَهُ) كَمِسْكٍ وَكَافُورٍ وَعُودٍ (وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ) كَالزَّعْفَرَانِ وَالْخَلُوقِ (قَالَ سَعِيدٌ) أي بن أَبِي عَرُوبَةَ (أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ (قال إنما حملوا) أي العلماء (قوله)(فِي طِيبِ النِّسَاءِ) يَعْنِي وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ (إِذَا خَرَجَتْ) أَيْ مِنْ بَيْتِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّطَيُّبُ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ بُيُوتِهَا (بِمَا شَاءَتْ) أَيْ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ أَوْ لا

ص: 65

قال المنذري وأخرج الترمذي أن النبي قَالَ إِنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ وَخَيْرُ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ وَنَهَى عَنْ مِيثَرَةِ الْأُرْجُوَانِ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ

هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ

[4049]

(يَعْنِي الْهَيْثَمَ بْنَ شَفِيٍّ) بِمُعْجَمَةٍ وَفَاءٍ بِوَزْنِ عَلِيٍّ فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ الْحَافِظُ (مِنَ الْمَعَافِرِ) فِي الْقَامُوسِ مَعَافِرَ بَلَدٌ وَأَبُو حَيٍّ مِنْ حَمْدَانَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ المراد هنا هو الأول (لنصلي) علة لقوله خرجت (بإيليا) عَلَى وَزْنِ كِيمْيَا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ مَدِينَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (وَكَانَ قَاصَّهُمْ) بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ وَالْقَاصُّ مَنْ يَأْتِي بِالْقِصَّةِ وَالْمُرَادُ مِنْ قَاصَّهُمْ وَأَعْظَمَهُمْ (رَجُلٌ) اسْمُ كَانَ (إِلَى جَنْبِهِ) أَيْ إِلَى جَنْبِ صَاحِبِي (أَدْرَكْتُ قَصَصَ أَبِي رَيْحَانَةَ) أَيْ وَعْظَهُ وَبَيَانَهُ (عَنْ عَشْرٍ) أَيْ عَشْرِ خِصَالٍ (عَنِ الْوَشْرِ) بِوَاوٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ فَرَاءٍ وَهُوَ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ تَحْدِيدُ الْأَسْنَانِ وَتَرْقِيقُ أَطْرَافِهَا تَفْعَلُهُ الْمَرْأَةُ تَتَشَبَّهُ بِالشَّوَابِّ وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنِ التَّغْرِيرِ وَتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ (وَالْوَشْمِ) وَهُوَ أَنْ يُغْرَزَ الْجِلْدُ بِإِبْرَةٍ ثُمَّ يُحْشَى بِكُحْلٍ أَوْ نِيلٍ فَيَزْرَقُّ أَثَرُهُ أَوْ يَخْضَرُّ (وَالنَّتْفِ) أَيْ وَعَنْ نَتْفِ النِّسَاءِ الشُّعُورَ مِنْ وُجُوهِهِنَّ أَوْ نَتْفِ اللِّحْيَةِ أَوِ الْحَاجِبِ بِأَنْ يُنْتَفَ الْبَيَاضُ مِنْهُمَا أَوْ نَتْفُ الشَّعْرِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ (وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ ثَوْبٍ يَتَّصِلُ بِشَعْرِ الْبَدَنِ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَنْ يُضَاجِعَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ

فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا حَاجِزَ بَيْنهُمَا

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُكَامَعَةُ هِيَ الْمُضَاجَعَةُ

وَرَوَى أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى عن بن الْأَعْرَابِيِّ قَالَ الْمُكَامَعَةُ مُضَاجَعَةُ الْعُرَاةِ الْمُحَرَّمِينَ (وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثِيَابِهِ) أَيْ فِي ذَيْلِهَا وَأَطْرَافِهَا (حَرِيرًا) أَيْ كَثِيرًا زَائِدًا عَلَى أربع أصابع لما مر من جوازه وبدل عَلَيْهِ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ (مِثْلُ الْأَعَاجِمِ) أَيْ مِثْلُ ثِيَابِهِمْ فِي تَكْثِيرِ سِجَافِهَا وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهَا أَيْضًا عَلَى ظِهَارَةِ ثِيَابِهِمْ تَكَبُّرًا وَافْتِخَارًا

ص: 66

قَالَ الْمُظْهِرُ يَعْنِي لُبْسَ الْحَرِيرِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ سَوَاءً كَانَتْ تَحْتَ الثِّيَابِ أَوْ فَوْقَهَا وَعَادَةُ جُهَّالِ الْعَجَمِ أَنْ يَلْبَسُوا تَحْتَ الثِّيَابِ ثَوْبًا قَصِيرًا مِنَ الْحَرِيرِ لِيُلَيِّنَ أَعْضَاءَهُمْ وَكَذَا قَوْلُهُ (أَوْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا) أَيْ علما من حرير زائدا عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ (وَعَنِ النُّهْبَى) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّهْبِ وَالْإِغَارَةِ وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِمَا يُنْهَبُ وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ إِغَارَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَرُكُوبِ النُّمُورِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ نِمْرٍ أَيْ جُلُودِهَا قِيلَ لِأَنَّهَا مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ (وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ) بِضَمِّ اللَّامِ مَصْدَرٌ كَالدُّخُولِ وَالْخَاتِمُ بِكَسْرِ التاء ويفتح (إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِثْمًا كُرْهُ الْخَاتَمِ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ زِينَةً مَحْضَةً لَا لِحَاجَةٍ وَلَا لِإِرْبٍ غَيْرِ الزِّينَةِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ أَبِي رَيْحَانَةَ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَرَاهَةِ لُبْسِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَأَبَاحُوهُ ومن حجتهم حديث أنس أن النبي لَمَّا أَلْقَى خَاتَمَهُ أَلْقَى النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فِي العهد النبوي من ليس ذا سلطان

قان قِيلَ هُوَ مَنْسُوخٌ قُلْنَا الَّذِي نُسِخَ مِنْهُ خَاتَمُ الذَّهَبِ ثُمَّ أَوْرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَوَاتِمَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ انْتَهَى

وَلَمْ يَجِبْ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لُبْسَهُ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّزَيُّنِ وَاللَّائِقُ بِالرِّجَالِ خِلَافُهُ وَتَكُونُ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَوَازِ هِيَ الصَّارِفَةُ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّحْرِيمِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ نَهَى عَنِ الزِّينَةِ وَالْخَاتَمِ الْحَدِيثَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْخَتْمِ عَلَيْهِ لَا السُّلْطَانُ الْأَكْبَرُ خَاصَّةً وَالْمُرَادُ بِالْخَاتَمِ مَا يَخْتِمُ بِهِ فَيَكُونَ لُبْسُهُ عَبَثًا وَأَمَّا مَنْ لَبِسَ الْخَاتَمَ الَّذِي لَا يَخْتِمُ بِهِ وَكَانَ مِنَ الْفِضَّةِ لِلزِّينَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ حَالُ مَنْ لَبِسَهُ

وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ فَضَعَّفَهُ انْتَهَى كَلَامُ الحافظ باختصار

قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَفِيهِ مَقَالٌ وَأَبُو رَيْحَانَةَ هَذَا اسْمُهُ شَمْعُونَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ شَمْغُونَ بِالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ وَقِيلَ قُرَشِيٌّ وَيُقَالُ لَهُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ قَدِمَ بُصْرَةَ وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ

[4050]

(قَالَ نَهَى) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بسند صحيح

ص: 67

عَنْ عَلِيٍّ قَالَ نُهِيَ عَنْ مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ هَكَذَا عِنْدَهُمْ بِلَفْظِ نُهِيَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الرَّفْعِ انْتَهَى (عَنْ مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ) جَمْعُ مِيثَرَةٍ بِالْكَسْرِ وَهِيَ مِفْعَلَةٌ مِنَ الوثارة بالمثلثة وكان أصلها مؤثرة قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً كَمِيزَانٍ

قَالَ إِمَامُ الْمُحَدِّثِينَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ الْمِيثَرَةُ كَانَتِ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَهُ لِبُعُولَتِهِنَّ أَمْثَالَ الْقَطَائِفِ يَصُفُّونَهَا

قَالَ الْحَافِظُ مَعْنَى يَصُفُّونَهَا أَيْ يَجْعَلُونَهَا كَالصُّفَّةِ

وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ وَالْمِيثَرَةُ مرفقة كصفة السرج

وقال الطبري هو وطأ يُوضَعُ عَلَى سَرْجِ الْفَرَسِ أَوْ رَحْلِ الْبَعِيرِ كَانَتِ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِأَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْأُرْجُوَانِ الْأَحْمَرِ وَمِنِ الدِّيبَاجِ وَكَانَتْ مَرَاكِبُ الْعَجَمِ انْتَهَى

وَالْأُرْجُوَانُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ هُوَ الصُّوفُ الْأَحْمَرُ كَذَا قال بن رَسْلَانَ وَقِيلَ الْأُرْجُوَانُ الْحُمْرَةُ وَقِيلَ الشَّدِيدُ الْحُمْرَةُ وَقِيلَ الصِّبَاغُ الْأَحْمَرُ

ذَكَرَهُ فِي النَّيْلِ

وَقَالَ السُّيُوطِيُّ الْأُرْجُوَانُ صِبْغٌ أَحْمَرُ وَيُتَّخَذُ كَالْفِرَاشِ الصَّغِيرِ وَيُحْشَى بِقُطْنٍ يَجْعَلُهَا الرَّاكِبُ تَحْتَهُ عَلَى الرِّحَالِ فَوْقَ الْجِمَالِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَيَاثِرُ السَّرْجِ لِأَنَّ النَّهْيَ يَشْمَلُ كُلَّ مِيثَرَةٍ حَمْرَاءَ كَانَتْ عَلَى رَحْلٍ أَوْ سَرْجٍ انْتَهَى

وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي نُسْخَةِ الْمُنْذِرِيِّ وَلَكِنْ وُجِدَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ السُّنَنِ

وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ نَهَى عَنْ مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي اللِّبَاسِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عُمَرَ وَالسَّلْمَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ انْتَهَى

[4051]

(عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَتَفْسِيرُهُ (وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ الْمِيثَرَةُ هِيَ وِسَادَةٌ صَغِيرَةٌ حَمْرَاءُ يَجْعَلُهَا الرَّاكِبُ تَحْتَهُ وَالنَّهْيُ إِذَا كَانَتْ مِنْ حَرِيرٍ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ نَهْيَ تَنْزِيهٍ وَلِكَوْنِهَا مِنْ مَرَاكِبِ الْعَجَمِ

وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمِيثَرَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا حَمْرَاءَ فَالتَّقْيِيدُ إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ بِنَاءٍ عَلَى التَّجْرِيدِ

قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ

[4052]

(صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْخَمِيصَةُ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُعَلَّمُ الطَّرَفَيْنِ وَيَكُونُ مِنْ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا فَلَيْسَ بِخَمِيصَةٍ انْتَهَى

وَفِي النِّهَايَةِ هِيَ ثَوْبُ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ مُعَلَّمٍ وَقِيلَ لَا تُسَمَّى خَمِيصَةً إِلَّا أَنْ تَكُونَ سوداء

ص: 68