الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - كِتَاب التَّرَجُّل
التَّرَجُّلُ وَالتَّرْجِيلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَتَنْظِيفُهُ وَتَحْسِينُهُ
[4159]
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ (نَهَى عَنِ التَّرَجُّلِ) أَيِ التَّمَشُّطِ (إِلَّا غِبًّا) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ غَبَّ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ زَائِرًا بَعْدَ أَيَّامٍ
وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً انْتَهَى
وَفَسَّرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنْ يُسَرِّحَهُ يَوْمًا وَيَدَعَهُ يَوْمًا وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ
وَأَصْلُ الْغِبِّ فِي إِيرَادِ الْإِبِلِ أَنْ تَرِدَ الْمَاءَ يَوْمًا وَتَدَعَهُ يَوْمًا
وَفِي الْقَامُوسِ الْغِبُّ فِي الزِّيَارَةِ أَنْ تَكُونَ كُلَّ أُسْبُوعٍ وَمِنَ الْحِمَى مَا تَأْخُذُ يَوْمًا وَتَدَعُ يَوْمًا
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الِاشْتِغَالِ بِالتَّرْجِيلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّرَفُّهِ وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْإِرْفَاهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ قَالَ عَبْدُ الْغَافِرِ الْفَارِسِيُّ فِي مَجْمَعِ الْغَرَائِبِ أَرَادَ الِامْتِشَاطَ وَتَعَهُّدَ الشَّعْرِ وَتَرْبِيَتَهِ كَأَنَّهُ كَرِهَ الْمُدَاوَمَةَ
وقال بن رَسْلَانَ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ مَشْطُهُ وَتَسْرِيحُهُ
وَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ تَسْرِيحِ الشَّعْرِ وَدَهْنِهِ كُلَّ وَقْتٍ لِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْفَسَادُ وَفِيهِ تَنْظِيفُ الشَّعْرِ مِنَ الْقَمْلِ وَالدَّرَنِ وَغَيْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ لِإِزَالَةِ التَّفَثِ وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الشَّمَائِلِ انْتَهَى
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَهَى عَنِ التَّرَجُّلِ أَيِ التَّمَشُّطِ أَيْ تَسْرِيحِ الشَّعْرِ فَيُكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْعَجَمِ وَأَهْلِ الدُّنْيَا
وَقَوْلُهُ إِلَّا غِبًّا أَيْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُسَنُّ فَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ
الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ وَالِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي التَّزْيِينِ وَأَمَّا خَبَرُ النَّسَائِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ فَأَمَرَهُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا وَأَنْ يَتَرَجَّلَ كُلَّ يَوْمٍ فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ لِغَزَارَةِ شَعْرِهِ أَوْ هُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ ضَخْمَةٌ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا وَأَنْ يَتَرَجَّلَ كُلَّ يَوْمٍ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ كُلُّهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جُمَّةٌ أفأرجلها قال نعم وأكرمها فكأن أبو قَتَادَةَ رُبَّمَا دَهَنَهَا فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ وأكرمها انتهى
وسيجيء الجمع بين حديث بن مُغَفَّلٍ وَأَبِي قَتَادَةَ مِنْ كَلَامِ الْمُنْذِرِيِّ أَيْضًا
وَقَالَ الْحَافِظُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَلَا فَرْقَ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّسْرِيحِ كُلَّ يَوْمٍ بَيْنَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَّهُ كَانَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بِإِسْنَادٍ وَلَمْ أَرَهُ إِلَّا فِي الْإِحْيَاءِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لَكِنِ الْكَرَاهَةُ فِيهَا أَخَفُّ لِأَنَّ بَابَ التَّزْيِينِ فِي حَقِّهِنَّ أَوْسَعُ مِنْهُ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَمَعَ هَذَا فَتَرْكُ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ لَهُنَّ أَوْلَى
كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مُرْسَلًا وَأَخْرَجَهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَوْلِهُمَا وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَأَحَادِيثُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِيهَا نَظَرٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَفِي مَا قَالَهُ نَظَرٌ
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ إِنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرْنَا غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ
[4160]
(مَا لِي أَرَاكَ) مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ تَعَجُّبِيَّةٌ أَيْ كَيْفَ الْحَالُ (شَعِثًا) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ مُتَفَرِّقَ الشَّعْرِ غَيْرَ مُتَرَجِّلٍ فِي شَعْرِكَ وَلَا مُتَمَشِّطٍ فِي لِحْيَتِكِ (كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْإِرْفَاهِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ على
الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى التَّنَعُّمِ أَصْلُهُ مِنِ الرِّفْهِ وَهُوَ أَنْ تَرِدَ الْإِبِلُ الْمَاءَ مَتَى شَاءَتْ وَمِنْهُ أُخِذَتِ الرَّفَاهِيَةُ وَهِيَ السَّعَةُ وَالدَّعَةُ وَالتَّنَعُّمُ كَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْإِفْرَاطَ فِي التَّنَعُّمِ مِنَ التَّدْهِينِ وَالتَّرْجِيلِ عَلَى مَا هُوَ عَادَةُ الْأَعَاجِمِ وَأَمَرَ بِالْقَصْدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي مَعْنَاهُ الطَّهَارَةُ وَالنَّظَافَةُ فَإِنَّ النَّظَافَةَ مِنَ الدِّينِ
قَالَ الْحَافِظُ الْقَيْدُ بِالْكَثِيرِ فِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْوَسَطَ الْمُعْتَدِلَ مِنَ الْإِرْفَاهِ لَا يُذَمُّ وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ انتهى
ووقع في بعض النسخ الإرفاءا بِالْهَمْزَةِ وَمَعْنَاهُ الِامْتِشَاطُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرِ الْإِرْفَاهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ هَاءٌ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفَى بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ الْمُعْتَمَدَةِ الْإِرْفَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ أَيْضًا لَكِنْ مَحْذُوفُ الْأَلِفِ اخْتِصَارًا انْتَهَى (حِذَاءَ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ النَّعْلُ (أَنْ نَحْتَفِيَ) أَنْ نَمْشِيَ حُفَاةً (أَحْيَانًا) أَيْ حِينًا بَعْدَ حِينٍ وَهُوَ أَوْسَعُ مَعْنًى من غبا
قاله القارىء وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[4161]
(عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (أَلَا تَسْمَعُونَ أَلَا تَسْمَعُونَ) كَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ وَأَلَا بِالتَّخْفِيفِ أَيِ اسْمَعُوا (إِنَّ الْبَذَاذَةَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْبَذَاذَةُ سُوءُ الْهَيْئَةِ وَالتَّجَوُّزُ فِي الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا يُقَالُ رَجُلٌ بَاذُّ الْهَيْئَةِ إِذَا كَانَ رَثَّ الْهَيْئَةِ وَاللِّبَاسِ (يَعْنِي التَّقَحُّلَ) بِقَافٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ تَكَلُّفُ الْيُبْسِ وَالْبِلَى وَالْمُتَقَحِّلُ الرَّجُلُ الْيَابِسُ الْجِلْدِ السَّيِّءُ الْحَالِ قَالَ (أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ) أَيْ أَبُو أُمَامَةَ الْمَذْكُورُ شَيْخُ عَبْدِ اللَّهِ (أَبُو أُمَامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ) وَاسْمُهُ إِيَاسٌ وَهُوَ صَحَابِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمِرِيِّ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ قَوْلِهِ الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ اخْتِلَافًا سَقَطَ مَعَهُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ من جهة الإسناد