المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الخضاب) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١١

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌29 - كِتَاب الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَات

- ‌30 - كِتَاب الْحَمَّامِ

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ التَّعَرِّي)

- ‌(باب فِي التَّعَرِّي)

- ‌31 - كِتَاب اللِّبَاسِ

- ‌(باب في ما يدعى بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الدُّعَاءِ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَقْبِيَةِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الصُّوفِ وَالشَّعَرِ)

- ‌(باب لبس المرتفع)

- ‌(بَاب لِبَاسِ الْغَلِيظِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي لبس الحرير)

- ‌(بَاب مَنْ كَرِهَهُ أَيْ لُبْسُ الْحَرِيرِ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ)

- ‌(بَاب فِي الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الْحِبَرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْبَيَاضِ)

- ‌(باب في الخلقان وفي غسل الثوب الْخُلْقَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْمَصْبُوغِ بِالصُّفْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الخضرة)

- ‌(بَاب فِي الْحُمْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب فِي السَّوَادِ)

- ‌(بَاب فِي الْهُدْبِ فِي الْقَامُوسِ)

- ‌(بَاب فِي الْعَمَائِمِ)

- ‌(بَاب فِي لِبْسَةِ الصَّمَّاءِ)

- ‌(بَاب فِي حَلِّ الْأَزْرَارِ)

- ‌(بَاب فِي التَّقَنُّعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْإِزَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ)

- ‌(بَاب فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الْإِزَارِ)

- ‌(بَاب فِي لِبَاسِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قول الله تَعَالَى يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ الْآيَةُ بِتَمَامِهَا)

- ‌(باب في قول الله تعالى وليضربن بخمرهن على جيوبهن)

- ‌(بَاب فِيمَا تُبْدِي الْمَرْأَةُ مِنْ زِينَتِهَا هِيَ مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ كُحْلٍ أَوْ

- ‌(بَاب فِي الْعَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ)

- ‌(باب في قوله تعالى غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ)

- ‌(باب في قوله وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)

- ‌(باب كيف الِاخْتِمَارِ)

- ‌(بَاب فِي لِبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قَدْرِ الذَّيْلِ)

- ‌(بَاب فِي أُهُبِ الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى أَنْ لَا يستنفع بإهاب الميتة)

- ‌(بَاب فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِعَالِ)

- ‌(بَاب فِي الْفُرُشِ)

- ‌(بَاب فِي اتِّخَاذِ السُّتُورِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلِيبِ فِي الثَّوْبِ أَيْ صُورَةُ الصَّلِيبِ فِيهِ)

- ‌(بَاب فِي الصُّوَرِ)

- ‌32 - كِتَاب التَّرَجُّل

- ‌(باب فِي اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ)

- ‌(بَاب فِي إِصْلَاحِ الشَّعَرِ)

- ‌(بَاب فِي الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي صِلَةِ الشَّعْرِ)

- ‌(بَاب فِي رَدِّ الطِّيبِ)

- ‌(بَاب في طيب المرأة لِلْخُرُوجِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّعَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ)

- ‌(بَاب فِي تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ)

- ‌(باب في الرجل يضفر شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب فِي حَلْقِ الرَّأْسِ)

- ‌(باب في الصبي له ذؤابة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب فِي أَخْذِ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب فِي نَتْفِ الشَّيْبِ)

- ‌(بَاب فِي الْخِضَابِ)

- ‌(باب فِي خِضَابِ الصُّفْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خِضَابِ السَّوَادِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ)

- ‌33 - كِتَاب الْخَاتَم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الْخَاتَمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خاتم الحديد)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَلَاجِلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌34 - كِتَاب الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِم

- ‌(باب ذكر الفتن ودلائلها)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(بَاب فِي كَفِّ اللِّسَانِ)

- ‌(باب الرخصة في التبدي فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب مَا يُرْجَى فِي الْقَتْلِ)

- ‌35 - كِتَاب الْمَهْدِيِّ

- ‌36 - كِتَاب الْمَلَاحِم

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المائة)

- ‌(بَابِ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ)

- ‌(بَاب فِي أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي تَدَاعِي الْأُمَمِ عَلَى الْإِسْلَامِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَعْقِلِ مِنْ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(باب في ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ فِي الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ والْحَبَشَةِ)

- ‌(بَاب فِي قِتَالِ التُّرْكِ)

- ‌(بَاب فِي ذِكْرِ الْبَصْرَةِ)

- ‌(بَاب ذكر الْحَبَشَةِ)

- ‌(باب أمارت السَّاعَةِ)

- ‌(باب حَسْرِ الْفُرَاتِ)

- ‌(بَاب خُرُوجِ الدَّجَّالِ)

- ‌(بَاب فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ)

- ‌(باب خبر بن الصائد)

- ‌(بَاب الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ [4336] عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ)

- ‌(بَاب قِيَامِ السَّاعَةِ)

الفصل: ‌(باب في الخضاب)

17 -

(بَاب فِي الْخِضَابِ)

أَيْ تَغْيِيرُ شَيْبِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ

[4203]

(يَبْلُغُ بِهِ) أَيْ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ) أَيْ لَا يُخَضِّبُونَ لِحَاهُمْ

وَجَاءَ صَبَغَ مِنْ بَابِ مَنَعَ وَضَرَبَ وَنَصَرَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (فَخَالِفُوهُمْ) أَيْ فَاخْضِبُوا لِحَاكُمْ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي شَرْعِيَّةِ الْخِضَابِ هِيَ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَبِهَذَا يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْخِضَابِ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَالِغُ فِي مُخَالَفَتِهِمْ وَيَأْمُرُ بِهَا وَهَذِهِ السُّنَّةُ قَدْ كَثُرَ اشْتِغَالُ السَّلَفِ بِهَا وَلِهَذَا تَرَى الْمُؤَرِّخِينَ فِي التَّرَاجِمِ لَهُمْ يقولون وكان يخضب ولا تخضب قَالَ النَّوَوِيُّ مَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُ خِضَابِ الشَّيْبِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَيَحْرُمُ بِالسَّوَادِ عَلَى الْأَصَحُّ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجة

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

ذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ الْخِضَاب وَالْخِلَاف فِيهِ

ثُمَّ قَالَ شمس الدين بن الْقَيِّم رحمه الله وَالصَّوَاب أَنَّ الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب لَا اِخْتِلَاف بَيْنهَا بِوَجْهٍ فَإِنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَغْيِير الشَّيْب أَمْرَانِ أَحَدهمَا نَتْفه

وَالثَّانِي خِضَابه بِالسَّوَادِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَلَّذِي أَذِنَ فِيهِ هُوَ صَبْغه وَتَغْيِيره بِغَيْرِ السَّوَاد كَالْحِنَّاءِ وَالصُّفْرَة وَهُوَ الَّذِي عَمَله الصَّحَابَة رضي الله عنهم

قَالَ الْحَكَم بْن عَمْرو الْغِفَارِيُّ دَخَلْت أَنَا وَأَخِي رَافِع عَلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب وَأَنَا مَخْضُوب بِالْحِنَّاءِ وَأَخِي مَخْضُوب بِالصُّفْرَةِ فَقَالَ عُمَر هَذَا خِضَاب الْإِسْلَام وَقَالَ لِأَخِي هَذَا خِضَاب الْإِيمَان وَأَمَّا الْخِضَاب بِالسَّوَادِ فَكَرِهَهُ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم وَهُوَ الصَّوَاب بِلَا رَيْب لِمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَد تُكْرَه الْخِضَاب بِالسَّوَادِ قَالَ أَيْ وَاَللَّه

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَة مِنْ الْمَسَائِل الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا وَقَدْ جَمَعَهَا أَبُو الْحَسَن وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّن التَّلْبِيس بِخِلَافِ الصُّفْرَة

وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَن وَالْحُسَيْن وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر وَعُقْبَة بْن عامر

ص: 172

[4204]

(أُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِأَبِي قُحَافَةَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ وَالِدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ (كَالثَّغَامَةِ) بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ غَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مُخَفَّفَةٍ هُوَ نَبْتٌ أَبْيَضُ الزَّهْرِ وَالثَّمَرِ يُشَبَّهُ بِهِ الشَّيْبُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (بَيَاضًا) تَمْيِيزٌ عَنِ النِّسْبَةِ الَّتِي هِيَ التَّشْبِيهُ (غَيِّرُوا هَذَا) أَيِ الْبَيَاضَ (بِشَيْءٍ) أَيْ مِنَ الْخِضَابِ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِضَابَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِاللِّحْيَةِ وَعَلَى كَرَاهَةِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِهِ

قال المنذري وآخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ

[4205]

(إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (به) الباء للسببية (هذا الشيب) نائبالفاعل (الْحِنَّاءُ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ إِنَّ (وَالْكَتَمُ) بِفَتْحَتَيْنِ نَبَاتٌ باليمين يُخْرِجُ الصِّبْغَ أَسْوَدَ يَمِيلُ إِلَى الْحُمْرَةِ وَصِبْغُ الْحِنَّاءِ أَحْمَرُ وَالصَّبْغُ بِهِمَا مَعًا يَخْرُجُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحِنَّاءَ وَالْكَتَمَ مِنْ أَحْسَنِ الصِّبَاغَاتِ الَّتِي يُغَيَّرُ بِهَا الشَّيْبُ وَإِنَّ الصِّبْغَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمَا لِدَلَالَةِ صيغة التفضيل عَلَى مُشَارَكَةِ غَيْرِهِمَا مِنَ الصِّبَاغَاتِ لَهُمَا فِي أَصْلِ الْحُسْنِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّعَاقُبِ وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعَ

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حديث أنس قال واختضب أبو بكر بالحناء والكتم اختضب عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ بَحْتًا أَيْ مُنْفَرِدًا وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا دَائِمًا

قال الإمام بن الْأَثِيرِ الْكَتَمُ هُوَ نَبْتٌ يُخْلَطُ مَعَ الْوَسِمَةِ وَيُصْبَغُ بِهِ الشَّعْرُ أَسْوَدُ وَقِيلَ هُوَ الْوَسِمَةُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصْبُغُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ اسْتِعْمَالُ الكتم

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَفِي ثُبُوته عَنْهُمْ نَظَر وَلَوْ ثَبَتَ فَلَا قَوْل لِأَحَدٍ مَعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَسُنَّته أَحَقّ بِالِاتِّبَاعِ وَلَوْ خَالَفَهَا مَنْ خَالَفَهَا

وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ لِلْمَرْأَةِ تَتَزَيَّن بِهِ لِبَعْلِهَا دُون الرَّجُل

وَهَذَا قَوْل إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ النَّهْي إِنَّمَا فِي حَقّ الرِّجَال وَقَدْ جَوَّزَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ خِضَاب الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مَا لَمْ يُجَوَّز لِلرَّجُلِ والله أعلم

ص: 173

مُفْرَدًا عَنِ الْحِنَّاءِ فَإِنَّ الْحِنَّاءَ إِذَا خُضِبَ بِهِ مَعَ الْكَتَمِ جَاءَ أَسْوَدَ وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنِ السَّوَادِ وَلَعَلَّ الْحَدِيثَ بِالْحِنَّاءِ أَوِ الْكَتَمِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلَكِنِ الرِّوَايَاتُ عَلَى اخْتِلَافِهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْكَتَّمُ مُشَدَّدَةُ التَّاءِ وَالْمَشْهُورُ التَّخْفِيفُ وَالْوَسِمَةُ بِكَسْرِ السِّينِ نَبْتٌ وَقِيلَ شَجَرٌ بِالْيَمَنِ يُخْضَبُ بِوَرَقِهِ الشَّعْرُ أَسْوَدَ انْتَهَى

وَقَالَ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ اسْتِعْمَالُ الْكَتَمِ مُفْرَدًا عَنِ الْحِنَّاءِ وَبِهِ قَطَعَ الْخَطَّابِيُّ لِأَنَّهُمَا إِذَا خُلِطَا أَوْ خُضِّبَ بِالْحِنَّاءِ ثُمَّ بِالْكَتَمِ جَاءَ أَسْوَدَ وَقَدْ نهى عن الأسود

وقال بعض العلماء بالمراد بِالْحَدِيثِ تَفْضِيلُ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ عَلَى غَيْرِهِمَا فِي تَغْيِيرِ الشَّيْبِ لَا بَيَانُ كَيْفِيَّةِ التَّغْيِيرِ فَلَا بَأْسَ بِالْوَاوِ وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ مِنْ أَفْضَلِ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ لَا بَيَانَ كَيْفِيَّةِ التَّغْيِيرِ انْتَهَى كَلَامُ الْأَرْدَبِيلِيِّ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْكَتَمُ بِالتَّحْرِيكِ نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْوَسِمَةِ وَيُخْضَبُ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ وَوَرَقُهُ كَوَرَقِ الزَّيْتُونِ وَثَمَرُهُ قَدْرُ الْفُلْفُلِ وَلَيْسَ هُوَ وَرَقُ النِّيلِ كَمَا وُهِمَ وَلَا يُشْكِلُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْخِضابِ بِالسَّوَادِ لِأَنَّ الْكَتَمَ إِنَّمَا يُسَوِّدُ مُنْفَرِدًا فَإِذَا ضُمَّ لِلْحِنَّاءِ صَيَّرَ الشَّعْرَ بَيْنَ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْأَسْوَدُ الْبَحْتُ

وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ الْكَتَمُ بِفَتْحَتَيْنِ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ شَدَّدَهَا نَبْتٌ فِيهِ حُمْرَةٌ يُخْلَطُ بِالْوَسِمَةِ وَيُخْضَبُ بِهِ

وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ الْكَتَمُ مِنْ نَبَاتِ الْجِبَالِ وَرَقُهُ كَوَرَقِ الْآسِ يُخْضَبُ بِهِ مَدْقُوقًا وَلَهُ ثَمَرٌ كَقَدْرِ الْفُلْفُلِ وَيَسْوَدُّ إِذَا نَضِجَ وَيُعْتَصَرُ مِنْهُ دُهْنٌ يُسْتَصْبَحُ بِهِ فِي الْبَوَادِي ثُمَّ قَالَ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لَا بِالْكَتَمِ الصِّرْفِ الْمُوجِبِ لِلسَّوَادِ الصِّرْفِ لِأَنَّهُ مَذْمُومٌ انْتَهَى

وَفِي الْقَامُوسِ نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْحِنَّاءِ وَيُخْضَبُ بِهِ الشَّعْرُ فَيَبْقَى لَوْنُهُ وَأَصْلُهُ إِذَا طُبِخَ بِالْمَاءِ كَانَ مِنْهُ مِدَادٌ لِلْكِتَابَةِ انْتَهَى

وَقَالَ الْحَافِظُ الْكَتَمُ الصِّرْفُ يُوجِبُ سَوَادًا مَائِلًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْحِنَّاءُ يُوجِبُ الْحُمْرَةَ فَاسْتِعْمَالُهُمَا يُوجِبُ مَا بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ انْتَهَى

وسيجىء في الباب الآتي من حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَهُوَ يُنْتَقَضُ بِهِ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ وقول بن الْأَثِيرِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح

[4206]

(يعني بن إِيَادٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (عَنْ أَبِي رِمْثَةَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ (فَإِذَا هُوَ

ص: 174

أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذُو وَفْرَةٍ) هِيَ شَعْرُ الرَّأْسِ إِذَا وَصَلَ إِلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ (بِهَا) أَيْ بِالْوَفْرَةِ (رَدْعُ حِنَّاءٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ لَطْخُ حِنَّاءٍ يُقَالُ بِهِ رَدْعٌ مِنْ دَمٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ وَشَيْبُهُ أَحْمَرُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَرَأَيْتُ الشَّيْبَ أَحْمَرَ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[4207]

(فَقَالَ لَهُ) أَيْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (أَرِنِي) أمر من الإراءة (هذا الذي بظهرك) المشارك إِلَيْهِ هُوَ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ أَبُو أَبِي رِمْثَةَ أَنَّهُ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ وَلِذَا قَالَ مَا قَالَ (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُ الطَّبِيبُ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ رَفِيقٌ) أَيْ أَنْتَ تُرْفِقُ بِالْمَرِيضِ وَتَتَلَطَّفُهُ وَاللَّهُ هُوَ يُبْرِئُهُ وَيُعَافِيهُ (طَبِيبُهَا) مُبْتَدَأٌ (الَّذِي خَلَقَهَا) خَبَرٌ

وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ قَالَ انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَقَالَ لَهُ أَبِي إِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ فَأَرِنِي هَذِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي بِظَهْرِكَ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهَا قَالَ أَقْطَعُهَا قَالَ لَسْتَ بِطَبِيبٍ وَلَكِنَّكَ رَفِيقٌ طَبِيبُهَا الَّذِي وَضَعَهَا

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ أَطِبَّاءَ فَأَرِنِي ظَهْرَكَ فَإِنْ تَكُنْ سِلْعَةً أَبُطُّهَا وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ أَخْبَرْتُكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ إِنْسَانٍ أَعْلَمُ مِنِّي قَالَ طَبِيبُهَا اللَّهُ

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ وَإِنَّ أَبِي كَانَ طَبِيبًا وَإِنَّا أَهْلُ بَيْتِ طِبٍّ وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيْنَا مِنَ الْجَسَدِ عِرْقٌ وَلَا عَظْمٌ فَأَرِنِي هَذِهِ الَّتِي عَلَى كَتِفِكَ فَإِنْ كَانَتْ سِلْعَةً قَطَعْتُهَا ثُمَّ دَاوَيْتُهَا قَالَ لَا طَبِيبُهَا اللَّهُ

ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا الَّذِي مَعَكَ قُلْتُ ابْنِي قَالَ ابْنُكَ هَذَا لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي والنسائي مختصراومطولا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَادٍ أَبُو رِمْثَةَ التَّيْمِيُّ اسْمُهُ حَبِيبُ بْنُ حَيَّانَ وَيُقَالُ اسْمُهُ رِفَاعَةُ بْنُ يَثْرِبِيٍّ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ

وَقَدْ قِيلَ فِي اسْمِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ التَّيْمِيُّ يُرِيدُ تَيْمَ الرَّبَابِ

ص: 175

وَذَكَرَ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيُّ حَدِيثَ أَبِي رِمْثَةَ وَفِيهِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ شَعْرٌ مَخْضُوبٌ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ قَالَ وهذا حديث ثابت رواه الثوري وغيره وَاحِدٍ عَنْ إِيَادٍ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَا رِمْثةَ هَذَا تَمِيمِيٌّ مِنْ وَلَدِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ

[4208]

(لَا تَجْنِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ابْنِكَ وَالْجِنَايَةُ الذَّنْبُ وَالْجُرْمُ مِمَّا يُوجِبُ الْعِقَابَ أَوِ الْقِصَاصَ أَيْ لَا يُطَالَبُ ابْنُكَ بِجِنَايَتِكَ وَلَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وَهَذَا رَدٌّ لِمَا اعْتَادَتْهُ الْعَرَبُ مِنْ مُؤَاخَذَةِ أَحَدِ الْمُتَوَالِدَيْنِ بِالْآخَرِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادِ مَا قَبْلَهُ

[4209]

(فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَخْضِبْ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ لَمْ يَكُنْ شَابَ إلا يسيراولكن أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَهُ خَضَبَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ

وَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا وَإِنْكَارُهُ لِخِضَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُعَارِضُهُ مَا سَبَقَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رِمْثَةَ وَمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وإن كان أرجح مما كان خارجاعنهما وَلَكِنْ عَدَمُ عِلْمِ أَنَسٍ بِوُقُوعِ الْخِضَابِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَدَمَ وَرِوَايَةُ مَنْ أَثْبَتَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَتِهِ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَقَدْ عَلِمَ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ قَدِ اخْتَضَبَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَاخْتَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَاخْتَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ بَحْتًا الْبَحْتُ بفتح الباء

ص: 176