الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 -
(بَاب فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الْإِزَارِ)
[4093]
(عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ) أَيْ عَلَى الْعَارِفِ بِهِ وَقَعْتَ وَهُوَ مَثَلٌ إِزْرَةُ الْمُسْلِمِ (الْإِزْرَةُ بِكَسْرِ هَمْزٍ وَسُكُونِ زَايٍ الْحَالَةُ وَهَيْئَةُ الِاتِّزَارِ مِثْلُ الرِّكْبَةِ وَالْجِلْسَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (إِلَى نِصْفِ السَّاقِ) أَيْ مُنْتَهِيَةً إِلَيْهِ يَعْنِي الْحَالَةَ وَالْهَيْئَةَ الَّتِي يُرْتَضَى مِنْهَا الْمُؤْمِنُ فِي الِاتِّزَارِ هِيَ أَنْ يَكُونَ على هذه الصفة (ولا حرج أو لاجناح) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي أَيْ لَا إِثْمَ عَلَى الْمُسْلِمِ (فِيمَا بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ نِصْفِ السَّاقِ (مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ) أَيْ صَاحِبُهُ فِي النَّارِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُهُ فَهُوَ فِي النَّارِ يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ قَدَمِ صَاحِبِهِ فِي النَّارِ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى فِعْلِهِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ صَنِيعَهُ ذَلِكَ وَفِعْلَهُ الَّذِي فَعَلَهُ فِي النَّارِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ مَعْدُودٌ وَمَحْسُوبٌ مِنْ أَفْعَالِ أَهْلِ النَّارِ انْتَهَى (مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ) عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (بَطَرًا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ تَكَبُّرًا أَوْ فَرَحًا وَطُغْيَانًا بِالْغِنَى (لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِزَارُ الْمُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَالْجَائِزُ بِلَا كَرَاهَةٍ مَا تَحْتَهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَمَا كَانَ أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ حَرَامٌ وممنوع
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
[4094]
(الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ إِلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْإِسْبَالِ بِالْإِزَارِ بَلْ يَكُونُ فِي الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ
قَالَ بن رسلان والطيلسان والرداء والشملة
قال بن بَطَّالٍ وَإِسْبَالُ الْعِمَامَةِ الْمُرَادُ بِهِ إِرْسَالُ الْعَذَبَةِ زَائِدًا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ انْتَهَى
وَتَطْوِيلُ أَكْمَامِ الْقَمِيصِ تَطْوِيلًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ مِنَ الْإِسْبَالِ
وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي
عِيَاضٌ عَنِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَةَ كُلِّ مَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي اللِّبَاسِ فِي الطُّولِ وَالسَّعَةِ كَذَا فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَقَالَ بن ماجه قال أبو بكر يعني بن أَبِي شَيْبَةَ مَا أَعْرِفهُ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ انْتَهَى
[4095]
(مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِزَارِ فَهُوَ فِي الْقَمِيصِ) أَيْ مَا بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِزَارِ مِنْ حُكْمِ الْإِسْبَالِ فَهُوَ فِي الْقَمِيصِ أَيْضًا وَلَيْسَ بمختص بالإزار كما يدل عليه حديث بن عُمَرَ الْمَرْفُوعُ الْمَذْكُورُ آنِفًا وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَحَادِيثِ إِنَّمَا وَرَدَ بِذِكْرِ إِسْبَالِ الْإِزَارِ وَحْدَهُ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَلْبَسُونَ الْإِزَارَ وَالْأَرْدِيَةَ فَلَمَّا لَبِسَ النَّاسُ الْقَمِيصَ وَالدَّرَارِيعَ كَانَ حكمها حكم الإزار فِي النَّهْيِ كَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عنه المنذري
[4096]
(أنه رأى بن عَبَّاسٍ يَأْتَزِرُ) أَيْ يَلْبَسُ الْإِزَارَ ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ ائْتِزَارِهِ فَقَالَ (فَيَضَعُ حَاشِيَةَ إِزَارِهِ) أَيْ طَرَفَهُ الْأَسْفَلَ (عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ) أَيْ نَازِلًا وَوَاقِعًا عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ (وَيَرْفَعُ مِنْ مُؤَخَّرِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقَفَا بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ مُنْتَهَاهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ لَعَلَّهُ وَقْتُ الرُّكُوعِ انْتَهَى
قُلْتُ نَشَأَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ قِلَّةِ التَّدَبُّرِ فِي أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ كَمَا لَا يَخْفَى (قُلْتُ) أَيْ لِابْنِ عَبَّاسٍ (لِمَ تَأْتَزِرُ هَذِهِ الْإِزْرَةَ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَهِيَ لِلْحَالَةِ كَالْجِلْسَةِ وَالرِّكْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ لِمَ تَأْتَزِرُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ الَّتِي رَأَيْتُهَا مِنْكَ (قال) أي بن عَبَّاسٍ مُجِيبًا لِعِكْرِمَةَ عَنْ وَجْهِ ائْتِزَارِهِ بِالْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتَزِرُهَا) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى الْإِزْرَةِ أَيْ يَلْبَسُ إِزَارَهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي رَأَيْتَهَا مِنِّي بِأَنْ يَكُونَ طَرَفُهُ الْأَسْفَلِ مِنْ مُقَدَّمِهِ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ وَمِنْ جِهَةِ مُؤَخَّرِهِ مَرْفُوعًا بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِائْتِزَارَ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْإِسْبَالِ الْمُحَرَّمِ
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ كَانَ يُرْخِي الْإِزَارَ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَرْفَعُهُ مِنْ وَرَائِهِ رواه بن سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ