الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَسَّمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ قَالَ أَيْ مَخْرَمَةُ (ادْخُلْ فَادْعُهُ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (قَالَ) أَيِ الْمِسْوَرُ (فَدَعَوْتُهُ فَخَرَجَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَعَلَيْهِ) أَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (قَبَاءٌ مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْأَقْبِيَةِ (فَقَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (خَبَأْتُ) أَيْ أَخْفَيْتُ (قَالَ) أَيِ الْمِسْوَرُ (فَنَظَرَ إِلَيْهِ) أَيْ إلى القباء (زاد بن مَوْهَبٍ مَخْرَمَةُ) أَيْ زَادَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ فِي رِوَايَتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ لَفْظَ مَخْرَمَةَ بِأَنْ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ مَخْرَمَةُ (ثُمَّ اتَّفَقَا) أَيْ قُتَيْبَةُ وَيَزِيدُ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا جَزَمَ بِهِ الدَّاوُدِيُّ أَوْ مَخْرَمَةُ كَمَا رَجَّحَهُ الحافظ بن حَجَرٍ (قَالَ قُتَيْبَةُ) أَيْ فِي رِوَايَتِهِ (عَنِ بن أَبِي مُلَيْكَةَ لَمْ يُسَمِّهِ) أَيْ لَمْ يَذْكُرِ اسم بن أَبِي مُلَيْكَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
(بَاب فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ)
[4029]
(عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ) هُوَ عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيُّ فَأَبُو عَوَانَةَ وَشَرِيكٌ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ (قَالَ فِي حَدِيثِ شَرِيكٍ يَرْفَعُهُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رواية شريك بعد قوله عن بن عُمَرَ لَفْظُ يَرْفَعُهُ وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ يَرْجِعُ إِلَى بن عُمَرَ وَالْمَنْصُوبُ إِلَى الْحَدِيثِ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَيْ وَلَمْ يَرْفَعْهُ أَبُو عَوَانَةَ انْتَهَى
وَمَا قَالَهُ المنذري فيه نظر لما سيأتي
ولفظ بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ مهاجر عن بْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ (مَنْ لبس ثوب شهرة) قال بن الْأَثِيرِ الشُّهْرَةُ ظُهُورُ الشَّيْءِ وَالْمُرَادُ أَنَّ ثَوْبَهُ يَشْتَهِرُ بَيْنَ النَّاسِ لِمُخَالَفَةِ لَوْنِهِ لِأَلْوَانِ ثِيَابِهِمْ فَيَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهَمْ وَيَخْتَالُ عَلَيْهِمْ بِالْعُجْبِ وَالتَّكَبُّرِ كَذَا فِي النَّيْلِ (ثَوْبًا مِثْلَهُ) أَيْ في شهرته بين الناس
قال بن رسلان لأنه لبس الشُّهْرَةِ فِي الدُّنْيَا لِيُعَزَّ بِهِ وَيَفْتَخِرَ عَلَى غَيْرِهِ وَيُلْبِسُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا يَشْتَهِرُ مَذَلَّتُهُ وَاحْتِقَارُهُ بَيْنَهُمْ عُقُوبَةً لَهُ وَالْعُقُوبَةُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ انْتَهَى (زَادَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ (ثُمَّ تُلَهَّبُ) أَيْ تَشْتَعِلُ (فِيهِ) أَيْ فِي الثَّوْبِ الَّذِي أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [4030](قَالَ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ) أَيْ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ وَالْمُرَادُ بِهِ ثَوْبٌ يُوجِبُ ذِلَّتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا لَبِسَ فِي الدُّنْيَا ثَوْبًا يَتَعَزَّزُ بِهِ عَلَى النَّاسِ ويترفع به عليهم
والحديث أخرجه بن مَاجَهْ بِتَمَامِهِ وَلَفْظُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ ثَوْبِ الشُّهْرَةِ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِنَفِيسِ الثِّيَابِ بَلْ قَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ لِمَنْ يَلْبَسُ ثَوْبًا يُخَالِفُ مَلْبُوسَ النَّاسِ مِنَ الْفُقَرَاءِ لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَتَعَجَّبُوا مِنْ لِبَاسِهِ وَيَعْتَقِدُوهُ قَالَهُ بن رسلان
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
[4031]
(عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ الدِّمَشْقِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْعَلْقَمِيُّ أي تزي فِي ظَاهِرِهِ بِزِيِّهِمْ وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيِهِمْ فِي ملبسهم وبعض أفعالهم انتهى
وقال القارىء أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْكُفَّارِ مَثَلًا مِنَ اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوِ الْفُجَّارِ أَوْ بِأَهْلِ التَّصَوُّفِ وَالصُّلَحَاءِ الْأَبْرَارِ (فَهُوَ مِنْهُمْ) أَيْ في الإثم والخير قاله القارىء
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ أَيْ مَنْ تَشَبَّهَ بِالصَّالِحِينَ يُكْرَمْ كَمَا يُكْرَمُونَ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِالْفُسَّاقِ لَمْ يُكْرَمْ وَمَنْ وُضِعَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الشُّرَفَاءِ أُكْرِمَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرَفُهُ انْتَهَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ بن الْقَيِّم رحمه الله وَأَخْرَجَهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي الْمُسْنَد أَتَمَّ مِنْهُ
وَلَفْظه بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْن يَدَيْ السَّاعَة حَتَّى يُعْبَد اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْت ظِلّ رُمْحِي
وَجُعِلَ الذِّلَّة وَالصِّغَار عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي
وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ
قال شيخ الاسلام بن تَيْمِيَةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَقَدِ احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ بِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَدْ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى التَّشَبُّهِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْكُفْرَ وَيَقْتَضِي تَحْرِيمَ أَبْعَاضِ ذَلِكَ وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يُشَابِهُهُمْ فِيهِ فَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ مَعْصِيَةً أَوْ شِعَارًا لَهَا كان حكمه كذلك
وقد روي عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ وَقَالَ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى
وَبِهَذَا احْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَرَاهَةِ أَشْيَاءَ مِنْ زِيِّ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا انْتَهَى كَلَامُهُ مُخْتَصَرًا
وَقَدْ أَشْبَعَ الكلام في ذلك الإمام بن تَيْمِيَةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْعَلَّامَةُ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ شَيْخُنَا الْقَاضِي بَشِيرُ الدِّينِ الْقَنُّوجِيُّ فِي مُؤَلَّفَاتِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ انْتَهَى وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي الْفَتْحِ حَدِيثُ بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي اللِّبَاسِ
قَالَ السَّخَاوِيُّ فِيهِ ضَعْفٌ لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ وَقَالَ بن تيمية سنده جيد وقال بن حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ سَنَدُهُ حَسَنٌ
وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ سَنَدُهُ ضَعِيفٌ
وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَضَعَّفَهُ جَمْعٌ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ انْتَهَى
وَبِهِ عُرِفَ أَنَّ سَنَدَ الطَّبَرَانِيِّ أَمْثَلُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ انْتَهَى كَلَامُ المناوي
وقال بن تَيْمِيَّةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ بَعْدَ مَا سَاقَ رِوَايَةَ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ فإن بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبَا النَّضْرِ وَحَسَّانَ بْنَ عَطِيَّةَ ثِقَاتٌ مَشَاهِيرٌ أَجِلَّاءُ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَهُمْ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ أَنْ يُقَالُ هُمْ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ بَأْسٌ
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ هُوَ ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ هُوَ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ
وَأَمَّا أَبُو مُنِيبٍ الْجُرَشِيُّ فَقَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ هُوَ ثِقَةٌ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا ذَكَرَهُ بِسُوءٍ وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ انْتَهَى كَلَامُهُ