المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الانتعال) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١١

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌29 - كِتَاب الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَات

- ‌30 - كِتَاب الْحَمَّامِ

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ التَّعَرِّي)

- ‌(باب فِي التَّعَرِّي)

- ‌31 - كِتَاب اللِّبَاسِ

- ‌(باب في ما يدعى بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الدُّعَاءِ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَقْبِيَةِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الصُّوفِ وَالشَّعَرِ)

- ‌(باب لبس المرتفع)

- ‌(بَاب لِبَاسِ الْغَلِيظِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي لبس الحرير)

- ‌(بَاب مَنْ كَرِهَهُ أَيْ لُبْسُ الْحَرِيرِ)

- ‌(بَاب الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ)

- ‌(بَاب فِي الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي لُبْسِ الْحِبَرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْبَيَاضِ)

- ‌(باب في الخلقان وفي غسل الثوب الْخُلْقَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْمَصْبُوغِ بِالصُّفْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الخضرة)

- ‌(بَاب فِي الْحُمْرَةِ)

- ‌(بَاب فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب فِي السَّوَادِ)

- ‌(بَاب فِي الْهُدْبِ فِي الْقَامُوسِ)

- ‌(بَاب فِي الْعَمَائِمِ)

- ‌(بَاب فِي لِبْسَةِ الصَّمَّاءِ)

- ‌(بَاب فِي حَلِّ الْأَزْرَارِ)

- ‌(بَاب فِي التَّقَنُّعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْإِزَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ)

- ‌(بَاب فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الْإِزَارِ)

- ‌(بَاب فِي لِبَاسِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قول الله تَعَالَى يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ الْآيَةُ بِتَمَامِهَا)

- ‌(باب في قول الله تعالى وليضربن بخمرهن على جيوبهن)

- ‌(بَاب فِيمَا تُبْدِي الْمَرْأَةُ مِنْ زِينَتِهَا هِيَ مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ كُحْلٍ أَوْ

- ‌(بَاب فِي الْعَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ)

- ‌(باب في قوله تعالى غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ)

- ‌(باب في قوله وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)

- ‌(باب كيف الِاخْتِمَارِ)

- ‌(بَاب فِي لِبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قَدْرِ الذَّيْلِ)

- ‌(بَاب فِي أُهُبِ الْمَيْتَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى أَنْ لَا يستنفع بإهاب الميتة)

- ‌(بَاب فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِعَالِ)

- ‌(بَاب فِي الْفُرُشِ)

- ‌(بَاب فِي اتِّخَاذِ السُّتُورِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلِيبِ فِي الثَّوْبِ أَيْ صُورَةُ الصَّلِيبِ فِيهِ)

- ‌(بَاب فِي الصُّوَرِ)

- ‌32 - كِتَاب التَّرَجُّل

- ‌(باب فِي اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ)

- ‌(بَاب فِي إِصْلَاحِ الشَّعَرِ)

- ‌(بَاب فِي الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي صِلَةِ الشَّعْرِ)

- ‌(بَاب فِي رَدِّ الطِّيبِ)

- ‌(بَاب في طيب المرأة لِلْخُرُوجِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشَّعَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ)

- ‌(بَاب فِي تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ)

- ‌(باب في الرجل يضفر شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب فِي حَلْقِ الرَّأْسِ)

- ‌(باب في الصبي له ذؤابة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ)

- ‌(بَاب فِي أَخْذِ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب فِي نَتْفِ الشَّيْبِ)

- ‌(بَاب فِي الْخِضَابِ)

- ‌(باب فِي خِضَابِ الصُّفْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خِضَابِ السَّوَادِ)

- ‌(بَاب فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ)

- ‌33 - كِتَاب الْخَاتَم

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الْخَاتَمِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي خاتم الحديد)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَلَاجِلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ)

- ‌34 - كِتَاب الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِم

- ‌(باب ذكر الفتن ودلائلها)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(بَاب فِي كَفِّ اللِّسَانِ)

- ‌(باب الرخصة في التبدي فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ)

- ‌(بَاب مَا يُرْجَى فِي الْقَتْلِ)

- ‌35 - كِتَاب الْمَهْدِيِّ

- ‌36 - كِتَاب الْمَلَاحِم

- ‌(بَاب مَا يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المائة)

- ‌(بَابِ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ)

- ‌(بَاب فِي أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي تَدَاعِي الْأُمَمِ عَلَى الْإِسْلَامِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَعْقِلِ مِنْ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(باب في ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ فِي الْمَلَاحِمِ)

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ والْحَبَشَةِ)

- ‌(بَاب فِي قِتَالِ التُّرْكِ)

- ‌(بَاب فِي ذِكْرِ الْبَصْرَةِ)

- ‌(بَاب ذكر الْحَبَشَةِ)

- ‌(باب أمارت السَّاعَةِ)

- ‌(باب حَسْرِ الْفُرَاتِ)

- ‌(بَاب خُرُوجِ الدَّجَّالِ)

- ‌(بَاب فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ)

- ‌(باب خبر بن الصائد)

- ‌(بَاب الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ [4336] عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ)

- ‌(بَاب قِيَامِ السَّاعَةِ)

الفصل: ‌(باب في الانتعال)

[4132]

(نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ) قَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ جُلُودَ السِّبَاعِ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي حِكْمَةِ النَّهْيِ فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ لِمَا يَبْقَى عَلَيْهَا مِنَ الشَّعْرِ لِأَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ

وَقَالَ غَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّهْيَ عَمَّا لَمْ يُدْبَغْ مِنْهَا لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ أَوْ أَنَّ النَّهْيَ لِأَجْلِ أَنَّهَا مَرَاكِبُ أَهْلِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ مَا مُحَصَّلُهُ إِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُ جُلُودَ السِّبَاعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَصِّصٌ لِلْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ عَلَى الْعُمُومِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ كَمَا لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ النَّهْيِ عَنِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَنَجَاسَتِهِمَا انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ أَنْ تُفْتَرَشَ وَقَالَ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ غَيْرَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ

وَأَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا وَقَالَ هَذَا أَصَحُّ

3 -

(بَاب فِي الِانْتِعَالِ)

[4133]

(أَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ اسْتَكْثِرُوا أَيِ اتَّخِذُوا كَثِيرًا (فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ) أَيْ مَا دَامَ الرَّجُلُ لَابِسَ النَّعْلَ يَكُونُ كَالرَّاكِبِ

قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِالرَّاكِبِ فِي خِفَّةِ المشقة عليه وقلة تعبه وسلامة رجله ما يَلْقَى فِي الطَّرِيقِ مِنْ خُشُونَةٍ وَشَوْكٍ وَأَذًى وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِظْهَارِ فِي السَّفَرِ بِالنِّعَالِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُسَافِرُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[4134]

(أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهَا قِبَالَانِ) الْقِبَالُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ لَامٌ هُوَ الزِّمَامُ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ أُصْبُعَيِ الرِّجْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ لِنَعْلِهِ زِمَامَانِ يُجْعَلَانِ بَيْنَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْإِصْبَعَيْنِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا

وَقَالَ الْجَزَرِيُّ

ص: 130

كَانَ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سيران يضع أَحَدَهُمَا بَيْنَ إِبْهَامِ رِجْلِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا وَيَضَعُ الْآخَرَ بَيْنَ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا وَمَجْمَعُ السَّيْرَيْنِ إِلَى السَّيْرِ الَّذِي عَلَى وَجْهِ قَدَمِهِ صلى الله عليه وسلم وهوالشراك

كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

وَفِي الصِّحَاحِ لِلْجَوْهَرِيِّ قِبَالُ النَّعْلِ الزِّمَامُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[4135]

(نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا) مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ أَيْ يَلْبَسُ النَّعْلَ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا نَهَى عَنْ لُبْسِ النَّعْلِ قَائِمًا لِأَنَّ لُبْسَهَا قَاعِدًا أَسْهَلُ عَلَيْهِ وَأَمْكَنُ لَهُ وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِانْقِلَابِهِ إِذَا لَبِسَهَا قَائِمًا فَأُمِرَ بِالْقُعُودِ لَهُ وَالِاسْتِعَانَةِ بِالْيَدِ فِيهِ لِيَأْمَنَ غَائِلَتَهُ انْتَهَى

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[4136]

(لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ) نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَا يَمْشِ (لِيَنْتَعِلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا) أَيْ لِيَلْبَسْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَنْتَزِعْهُمَا جَمِيعًا

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ أَنَّ النَّعْلَ شُرِعَتْ وقاية الرِّجْلِ عَمَّا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ مِنْ شَوْكٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِذَا انْفَرَدَتْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ احْتَاجَ الْمَاشِي أَنْ يَتَوَقَّى لِإِحْدَى رِجْلَيْهِ مَا لَا يَتَوَقَّى لِأُخْرَى فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ سَجِيَّةِ مَشْيِهِ وَلَا يَأْمَنُ مَعَ ذَلِكَ مِنَ الْعِثَارِ

وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَ جَوَارِحِهِ وَرُبَّمَا نُسِبَ فَاعِلُ ذَلِكَ إِلَى اخْتِلَالِ الرَّأْيِ أَوْ ضَعْفِهِ

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْكَرَاهَةُ فِيهِ لِلشُّهْرَةِ فَتَمْتَدُّ الْأَبْصَارُ لِمَنْ تَرَى ذَلِكَ مِنْهُ

وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنِ الشُّهْرَةِ فِي اللِّبَاسِ فَكُلُّ شَيْءٍ صَيَّرَ صَاحِبَهُ شُهْرَةً فَحَقُّهُ أَنْ يُجْتَنَبَ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ

[4137]

(إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ) بِكَسْرِ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ وَهُوَ الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْإِصْبَعَيْنِ وَيَدْخُلُ طَرَفُهُ فِي الثُّقْبِ الَّذِي فِي صَدْرِ النَّعْلِ الْمَشْدُودِ

ص: 131

فِي الزِّمَامِ وَالزِّمَامُ السَّيْرُ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ (فَلَا يَمْشِي) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَلَا يَمْشِ وَكَذَا اخْتَلَفَتِ النُّسَخُ فِي الْفِعْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فَفِي بَعْضِهَا بِالنَّفْيِ وَفِي بَعْضِهَا بِالنَّهْيِ (حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ وَمَعْنَى حَتَّى إِنَّهُ لَا يَمْشِي فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ إِذَا قُطِعَ شِسْعُ نَعْلِهِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ فَيَمْشِيَ بِالنَّعْلَيْنِ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ مَا مُحَصَّلُهُ إِنَّ الْحَدِيثَ لَا مَفْهُومَ لَهُ حَتَّى يَدُلَّ عَلَى الْإِذْنِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا هُوَ تَصْوِيرٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ وَهُوَ التَّنْبِيهُ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى لِأَنَّهُ إِذَا مُنِعَ مَعَ الِاحْتِجَاجِ فَمَعَ عَدَمِ الِاحْتِجَاجِ أَوْلَى قَالَ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى ضَعْفِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رُبَّمَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَشَى فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى يُصْلِحَهَا وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَقْفَهُ عَلَى عَائِشَةَ

وَقَالَ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ علي وبن عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَلَغَهُمَا النَّهْيُ فَحَمَلَاهُ عَلَى التَّنْزِيهِ أَوْ كَانَ زَمَنُ فِعْلِهِمَا يَسِيرًا بِحَيْثُ يُؤْمَنُ مَعَهُ الْمَحْذُورُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُمَا النَّهْيُ انْتَهَى (وَلَا يَمْشِي فِي خُفٍّ وَاحِدٍ) قَدْ أَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ وَالْخُفِّ الْوَاحِدِ إِخْرَاجَ أَحَدِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْكُمِّ وَإِلْقَاءُ الرِّدَاءِ عَلَى أَحَدِ الْمَنْكِبَيْنِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[4138]

(مِنِ السُّنَّةِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ (إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ) ظَرْفٌ لِلْمُبْتَدَأِ وَهُوَ قَوْلُهُ (أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ فَيَضَعَهُمَا بِجَنْبِهِ) أَيِ الْأَيْسَرِ تَعْظِيمًا لِلْأَيْمَنِ وَلَا يَضَعُ قُدَّامَهُ تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ وَلَا وَرَاءَهُ خَوْفًا مِنَ السَّرِقَةِ كَذَا قال القارىء

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو نَهِيكٍ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ الْأَنْصَارِيِّ رَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ بْنُ دُعَامَةَ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَبَعْدَهَا كَافٌ

[4139]

(إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ) أَيْ أَرَادَ لُبْسَ النَّعْلِ (فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ) قَالَ الْحَافِظُ نَقَلَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلِاسْتِحْبَابِ (وَلْتَكُنِ الْيَمِينُ أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ) الْفِعْلَانِ مبنيان للمفعول

قال الحافظ زعم بن وضاح فيما حكاه بن التين أن

ص: 132

هَذَا الْقَدْرَ مُدْرَجٌ وَأَنَّ الْمَرْفُوعَ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ بِالشِّمَالِ وَضَبَطَ أَوَّلَهُمَا وَآخِرَهُمَا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ أَوْ عَلَى الْحَالِ وَالْخَبَرُ تُنْعَلُ وَتُنْزَعُ وَضُبِطَا بِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقَانِيَّتَيْنِ وَتَحْتَانِيَّتَيْنِ مُذَكَّرَيْنِ بِاعْتِبَارِ النَّعْلِ وَالْخَلْعِ انْتَهَى

قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْحِذَاءُ كَرَامَةٌ لِلرِّجْلِ حَيْثُ إِنَّهُ وِقَايَةٌ مِنَ الْأَذَى وَإِذَا كَانَتِ الْيُمْنَى أَفْضَلُ مِنَ الْيُسْرَى اسْتُحِبَّ التَّبْدِئَةُ بِهَا فِي لُبْسِ النَّعْلِ وَالتَّأْخِيرِ فِي نَزْعِهِ لِيَتَوَفَّرَ بِدَوَامِ لُبْسِهَا حَظُّهَا مِنَ الْكَرَامَةِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْجُمَحِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى وَإِذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ

[4140]

(يُحِبُّ التَّيَمُّنَ) أَيِ الشُّرُوعَ بِالْيَمِينِ قِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ إِذْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ أَهْلُ الْجَنَّةِ (مَا اسْتَطَاعَ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى شِدَّةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّيَمُّنِ (فِي شَأْنِهِ) أَيْ أَمْرِهِ (كُلِّهِ) بِالْجَرِّ تَأْكِيدٌ (وَتَرَجُّلِهِ) أَيْ تَرْجِيلِ شَعْرِهِ وَهُوَ تَسْرِيحُهُ وَدَهْنُهُ

قَالَ فِي الْمَشَارِقِ رَجَّلَ شَعْرَهُ إِذَا مَشَّطَهُ بِمَاءٍ أَوْ دُهْنٍ لِيَلِينَ وَيُرْسِلَ الثَّائِرَ وَيَمُدَّ الْمُنْقَبِضَ قَالَهُ الْحَافِظُ (وَنَعْلِهِ) أَيْ لُبْسِ نَعْلِهِ (قَالَ مسلم وسواكه) ولم يذكر في شأن كُلِّهِ أَيْ زَادَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي روايته لفظ وسواكه وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ قَاعِدَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ فِي الشَّرْعِ هِيَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّشْرِيفِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالسِّوَاكِ والاكتحال وتقليم الأظفار وقص الشارب وترحيل الشَّعْرِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ وَالسَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ وَغَسْلِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُصَافَحَةِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِيهِ وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالِامْتِخَاطِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ التَّيَاسُرُ فِيهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِكَرَامَةِ الْيَمِينِ وَشَرَفِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه

ص: 133