الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(احْلِقُوا هَذَيْنِ) أَيِ الْقَرْنَيْنِ (أَوْ قُصُّوهُمَا) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لِلشَّكِّ (فَإِنَّ هَذَا زِيُّ الْيَهُودِ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أي شعارهم وعادتهم في رؤس أولادهم فخالفوهم
قال شيخ الإسلام بن تَيْمِيَةَ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ عَلَّلَ النَّهْيَ عَنْهُمَا بِأَنَّ ذَلِكَ زِيُّ الْيَهُودِ وَتَعْلِيلُ النَّهْيِ بِعِلَّةٍ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مَكْرُوهَةً مَطْلُوبًا عَدَمُهَا فَعُلِمَ أَنَّ زِيَّ الْيَهُودِ حَتَّى فِي الشَّعْرِ مِمَّا يُطْلَبُ عَدَمُهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ انْتَهَى وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ بِأَنَّ الْقَرْنَيْنِ أَوِ الْقُصَّتَيْنِ هُمَا مِنْ زِيِّ الْيَهُودِ وَأَمَّا الْقُصَّةُ الْوَاحِدَةُ أَوِ الْقَرْنُ الْوَاحِدُ فَلَيْسَ مِنْ زِيِّهَا لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْقَائِلُ لِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ لَهُ ذُؤَابَةٌ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْقُصَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا بَأْسَ بِهَا وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ الرُّخْصَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّلْوِينَ فِي شُعُورِ الرَّأْسِ مِنْ شِيمَةِ الْيَهُودِ وَلَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الصِّبْيَانِ عَنْهُ بِحَلْقِ رُؤْسِهِمْ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
5 -
(بَاب فِي أَخْذِ الشَّارِبِ)
هُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ الْعَلْيَاءِ
[4198]
(الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ) أَوْ لِلشَّكِّ وَهُوَ مِنْ سُفْيَانَ قَالَهُ الْحَافِظُ (الْخِتَانُ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ اسْمٌ لِفِعْلِ الْخَاتِنِ وَهُوَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ مِنَ الذَّكَرِ وَقَطْعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي أَعْلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ كَالنَّوَاةِ أَوْ كَعُرْفِ الدِّيكِ وَ (الِاسْتِحْدَادُ) هُوَ حَلْقُ الْعَانَةِ سُمِّيَ اسْتِحْدَادًا لِاسْتِعْمَالِ الْحَدِيدَةِ وَهِيَ الْمُوسَى وَيَكُونُ بِالْحَلْقِ وَالْقَصِّ وَالنَّتْفِ وَالنَّوْرَةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْأَفْضَلُ الْحَلْقُ
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ إِنْ أَزَالَ شَعْرَهُ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ لَا يَكُونُ عَنْ وَجْهِ السُّنَّةِ (وَنَتْفُ الْإِبْطِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ
قَالَ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ الْمَفْهُومُ مِنْ حَدِيثِ أَبَى هُرَيْرَةَ أَنَّ حَلْقَ الْإِبْطِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ بَلِ السُّنَّةُ نَتْفُهُ لِأَنَّ شَعْرَهُ يَغْلُظُ بِالْحَلْقِ وَيَكُونُ أَعْوَنَ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ذَكَرَ القارىء
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْأَفْضَلُ فِيهِ النَّتْفُ إِنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَيَحْصُلُ أَيْضًا بِالْحَلْقِ وَالنَّوْرَةِ
وَحُكِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَعِنْدَهُ الْمُزَيِّنُ يَحْلِقُ إِبْطَهُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلِمْتُ أَنَّ السُّنَّةَ النَّتْفُ وَلَكِنْ لَا أَقْوَى عَلَى الْوَجَعِ (وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ) التَّقْلِيمُ تَفْعِيلٌ مِنَ الْقَلْمِ وَهُوَ الْقَطْعُ وَالْأَظْفَارُ جَمْعُ ظُفُرٍ بِضَمِّ الظَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِسُكُونِهَا وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَرْتِيبِ الْأَصَابِعِ عِنْدَ التَّقْلِيمِ شَيْءٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ قَالَهُ الْحَافِظُ (وَقَصُّ الشَّارِبِ) أَيْ قَطْعُ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْصَالٍ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ فِي قَطْعِ الشَّارِبِ لَفْظُ الْقَصِّ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ وَالْجَزِّ وَالْإِحْفَاءِ وَالنَّهِيكِ وَلِأَجْلِ هَذَا الِاخْتِلَافِ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَبَعْضُهُمْ قَالُوا بِقَصِّ الشَّارِبِ وَبَعْضُهُمْ بِاسْتِئْصَالِهِ وَبَعْضُهُمْ بِالتَّخْيِيرِ فِي ذَلِكَ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَصُّ الشَّارِبِ أَنْ يَأْخُذَ مَا طَالَ عَلَى الشَّفَةِ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي الْأَكْلَ وَلَا يَجْتَمِعُ فِيهِ الْوَسَخُ
قَالَ وَالْجَزُّ وَالْإِحْفَاءُ هُوَ الْقَصُّ الْمَذْكُورُ وَلَيْسَ بِالِاسْتِئْصَالِ عِنْدَ مَالِكٍ
قَالَ وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ الِاسْتِئْصَالُ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى التَّخْيِيرِ فِي ذَلِكَ
قَالَ الْحَافِظُ هُوَ الطَّبَرِيُّ فَإِنَّهُ حَكَى قَوْلَ مَالِكٍ وَقَوْلَ الْكُوفِيِّينَ وَنَقَلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْإِحْفَاءَ الِاسْتِئْصَالُ ثُمَّ قَالَ دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَلَا تَعَارُضَ فَإِنَّ الْقَصَّ يَدُلُّ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ وَالْإِحْفَاءَ يَدُلُّ عَلَى أَخْذِ الْكُلِّ وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ فَيَتَخَيَّرُ فِيمَا شَاءَ
قَالَ الْحَافِظُ وَيُرَجِّحُ قَوْلَ الطَّبَرِيِّ ثُبُوتُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فِي الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[4199]
(أَمَرَ بِإِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِحْفَاءُ الشَّارِبِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ حَتَّى يُحْفَى وَيَرِقَّ وَيَكُونُ أَيْضًا مَعْنَاهُ الِاسْتِقْصَاءَ فِي أَخْذِهِ مِنْ قَوْلِكِ أَحْفَيْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ إِذَا اسْتَقْصَيْتُ فِيهَا وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ تَوْفِيرُهَا مِنْ قَوْلِكَ عفي اللبث إذا طال ويقال عفي الشَّيْءُ بِمَعْنَى كَبُرَ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (حَتَّى عفوا) أَيْ كَثُرُوا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي
[4200]
(وَقَّتَ) أَيْ بَيَّنَ وَعَيَّنَ (أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَرَّةً) فَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ
قَالَ فِي النِّيلِ وَلَا يُعَدُّ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ مَنْ تَرَكَ الْقَصَّ وَنَحْوَهَ بَعْدَ الطُّولِ إِلَى انْتِهَاءِ تِلْكَ الْغَايَةِ (قَالَ وُقِّتَ لَنَا) أَيْ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى أَبُو الْمُغِيرَةِ وَيُقَالُ أَبُو محمد السلمي البصري الدقيقي
قال بن يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ
وَقَالَ مَرَّةً ضَعِيفٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ ضَعِيفٌ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ وَصَدَقَةُ بْنُ مُوسَى لَيْسَ عِنْدَهُمْ بِالْحَافِظِ
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ حَاتِمٌ الرَّازِيُّ لَيِّنُ الْحَدِيثِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ
وَقَالَ أَبُو حاتم محمد بن حبان الْبُسْتِيُّ كَانَ شَيْخًا صَالِحًا إِلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَكُنْ صِنَاعَتَهُ فَكَانَ إِذَا رَوَى قَلَبَ الْأَخْبَارَ حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ الِاحْتِجَاجِ بِهِ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَنَسٍ لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وُقِّتَ لَنَا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ مُعَلَّقٌ أخرجه مسلم في صحيحه وبن مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ كَذَلِكَ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَفِيهِ وَقَّتَ لَنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ يُرِيدُ بِالْأَوَّلِ حَدِيثَ صَدَقَةَ بْنِ مُوسَى
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمِرِيُّ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ لِسُوءِ حِفْظِهِ وَكَثْرَةِ غَلَطِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الْجُرْجَانِيُّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَقَالَ صَدَقَةُ وَقَّتَ لَنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ جَعْفَرٌ لَنَا فِي حَلْقِ الْعَانَةِ فَذَكَرَهُ مَا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ غَيْرُهُمَا هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى جَعْفَرٍ فيه وأخرجه مسلم في صحيحه وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ وَلَفْظُهُ وُقِّتَ لَنَا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ وَقَّتَ لَنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَدَّمْنَاهُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[4201]
(كُنَّا نُعَفِّي السِّبَالَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ نُعَّفِي