المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الغسل للجمعة) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٢

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌ بَابُ الرجل يسلم)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ)

- ‌(بَابٌ فِي طُهُورِ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَتْ)

- ‌(بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ)

- ‌ بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ)

- ‌(بَابُ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌2 - كِتَابِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب فِي الْمَوَاقِيتِ)

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ)

- ‌ باب وقت العشاء اخرة)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌ بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ)

- ‌ باب إذا أخر امام الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ)

- ‌ بَاب فِي مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا)

- ‌(بَاب فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ)

- ‌(بَاب فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب في حصى المسجد)

- ‌(باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب ما يقول الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌ بَاب فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصَّلَاةُ)

- ‌(بَاب مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْأَذَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقَامَةِ)

- ‌(بَابٌ الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ)

- ‌ بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ)

- ‌(باب المؤذن يستدير في أذنه)

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ)

- ‌(بَاب (مَا جَاءَ فِي) الدعاء عند الأذان)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ)

- ‌ بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ لِلْأَعْمَى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ)

- ‌(بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا)

- ‌(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ في المشيء إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظَّلَمِ)

- ‌ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(باب في من خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي)

- ‌(بَاب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جَمَاعَةً يُعِيدُ)

- ‌(باب جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(باب في كراهية التدافع)

- ‌ بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ)

- ‌(بَاب إمامة الأعمى)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الزَّائِرِ)

- ‌(باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان الْقَوْمِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ)

- ‌ بَاب إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ)

- ‌(بَابُ التشديد فيمن يرفع قبل الإمام)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الْإِمَامِ)

- ‌(باب جماع أثواب ما يصلي فيه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثوب بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به)

- ‌(بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ)

- ‌(بَابُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ)

- ‌(بَاب الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ)

- ‌كتاب الصُّفُوف

- ‌ بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌ بَاب الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي)

- ‌ بَاب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصف وكراهية التأخير)

- ‌ بَاب مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الصَّفِّ)

- ‌ بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ)

- ‌ باب مقام الامام في الصف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ)

- ‌(كتاب السترة)

- ‌ بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ)

- ‌ بَاب الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ)

- ‌ بَابُ إذا صلى إلى سارية)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدثين)

- ‌(بَاب الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ)

- ‌ بَاب مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي)

- ‌(كتاب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها)

- ‌ بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ باب السترة الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌كتاب اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌ بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قَامَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ)

- ‌ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌ بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الدُّعَاءِ)

- ‌ بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ)

- ‌ بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)

- ‌ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِبِسْمِ الله الرحمن الرحيم)

- ‌ بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا)

- ‌(بَاب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)

الفصل: ‌(باب في الغسل للجمعة)

128 -

(بَابٌ فِي الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)

[340]

هَلْ هُوَ وَاجِبٌ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ أَمْ لَا

(بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَيْنَمَا

وَبَيْنَا أَصْلُهُ بَيْنَ وَأُشْبِعَتْ فَتْحَةُ النُّونِ فَصَارَ بَيْنَا وَقَدْ تَبْقَى بِلَا إِشْبَاعٍ وَيُزَادُ فِيهَا مَا فَتَصِيرُ بَيْنَمَا وَهُمَا ظَرْفَا زَمَانٍ بِمَعْنَى الْمُفَاجَآتِ (إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ) هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ

وَقَوْلُهُ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ جَوَابُ بَيْنَا (فَقَالَ عُمَرُ أَتَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ) أَيْ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَإِنْكَارُ عُمَرَ رضي الله عنه عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه لِأَجْلِ احْتِبَاسِهِ عَنِ التَّبْكِيرِ (فَقَالَ الرَّجُلُ) أَيْ عُثْمَانُ (مَا هُوَ) أَيِ الِاحْتِبَاسُ (إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ) أَيِ الْأَذَانَ (فَتَوَضَّأْتُ) وَحَضَرْتُ الصَّلَاةَ وَلَمْ أَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ الْأَذَانَ إِلَّا بِالْوُضُوءِ (فَقَالَ عُمَرُ الْوُضُوءَ) هَذَا إِنْكَارٌ آخَرُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ أَوِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ وَهِيَ الْغُسْلُ

وَقَوْلُهُ الْوُضُوءَ جَاءَتِ الرِّوَايَاتُ فِيهَا بِالْوَاوِ وَحَذْفِهَا فَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَالْوُضُوءَ بِالْوَاوِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُوَطَّأِ الْوُضُوءَ بِحَذْفِ الْوَاوِ

قَالَ الحافظ بن حَجَرٍ وَالْوُضُوءَ فِي رِوَايَتِنَا بِالنَّصْبِ وَالْمَعْنَى أَيْ تَتَوَضَّأُ الْوُضُوءَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَجَوَّزَ الْقُرْطُبِيُّ الرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيِ الْوُضُوءُ تَقْتَصِرُ عَلَيْهِ أَوْ هُوَ خَبَرٌ مُبْتَدَؤُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ كِفَايَتُكَ الْوُضُوءُ (أَيْضًا) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ آضَ يَئِيضُ أَيْ عَادَ وَرَجَعَ

قال بن السِّكِّيتِ تَقُولُ فَعَلْتُهُ أَيْضًا إِذَا كُنْتَ قَدْ فَعَلْتَهُ بَعْدَ شَيْءٍ آخَرَ كَأَنَّكَ أَفَدْتَ بِذِكْرِهِمَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَوِ الْأُمُورِ

ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ العيني قال

ص: 3

السُّيُوطِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَفْظَ أَيْضًا عَرَبِيَّةٌ وَقَدْ تَوَقَّفَ بِهِ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ هِشَامٍ

قُلْتُ وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ فِي الْكُسُوفِ أَنَّ الشَّمْسَ اسْوَدَّتْ حَتَّى آضَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَيْ صَارَتْ وَرَجَعَتْ

وَقَدْ أَثْبَتَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ كَمَا يَظْهَرُ مِنَ اللِّسَانِ

وَالْمَعْنَى أَلَمْ يَكْفِكَ أَنْ فَاتَكَ فَضْلُ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ حَتَّى أَضَفْتَ إِلَيْهِ تَرْكَ الْغُسْلِ وَاقْتَصَرْتَ عَلَى الوضوء أيضا (أو لم تَسْمَعُوا) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ (إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ) الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغُسْلَ يَعْقُبُ الْمَجِيءَ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ قَالَ الحافظ بن حَجَرٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة فَإِنَّ الْمَعْنَى إِذَا أَرَدْتُمُ الْمُنَاجَاةَ بِلَا خِلَافٍ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَشْبَهَ أَنْ يَأْمُرَ عُمَرُ عُثْمَانَ أَنْ يَنْصَرِفَ فَيَغْتَسِلَ فَدَلَّ سُكُوتُ عُمَرَ وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ يَجُوزُ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ

انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ عَوَّلَ أَكْثَرُ الْمُصَنِّفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَابْنِ خزيمة والطبراني والطحاوي وبن حبان وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَلُمَّ جَرًّا وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَافَقُوهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ

[341]

(غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِحْبَابِ دُونَ وُجُوبِ الْفَرْضِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ حَقُّكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ وَأَنَا أُوجِبُ حَقَّكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْنَى اللُّزُومِ وَالَّذِي لَا يَسَعُ غَيْرُهُ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ عُمَرَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذكره انتهى

قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ عُمْدَةِ الْأَحْكَامِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى اسْتِحْبَابِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ مُخَالَفَةِ هَذَا الظَّاهِرِ وَقَدْ أَوَّلُوا صِيغَةَ الْأَمْرِ عَلَى النَّدْبِ وَصِيغَةَ الْوُجُوبِ عَلَى التَّأْكِيدِ كَمَا يُقَالُ إِكْرَامُكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِذَا كان

ص: 4

الْمُعَارِضُ رَاجِحًا عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ وَأَقْوَى مَا عَارَضُوا بِهِ هَذَا الظَّاهِرَ حَدِيثُ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ وَلَا يُعَارِضُ سَنَدُهُ سَنَدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى (عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ) أَيْ بَالِغٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الِاحْتِلَامَ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ وَتَفْسِيرُهُ بِالْبَالِغِ مَجَازٌ لأن الاحتلام يستلزم البلوغ والقرينة الماسة عَنِ الْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَنَّ الِاحْتِلَامَ إِذَا كَانَ مَعَهُ الْإِنْزَالُ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ سَوَاءٌ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا

ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ

قَالَ المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ

[342]

(رَوَاحُ الْجُمُعَةِ) الرَّوَاحُ ضِدُّ الصَّبَاحِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْوَقْتِ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى اللَّيْلِ كَذَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَكِنْ أَنْكَرَ الْأَزْهَرِيُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّوَاحَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَنَقَلَ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ رَاحَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ بِمَعْنَى ذَهَبَ قَالَ وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَنَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبَيْنِ نَحْوَهُ (وَعَلَى كُلِّ مَنْ رَاحَ الْجُمُعَةَ الْغُسْلُ) الْغُسْلُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَعَلَى كُلِّ مَنْ رَاحَ الْجُمُعَةَ خَبَرُهُ

وَهَذَا الْحَدِيثُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ مِنْهُ الْبَعْضُ فَإِنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا بَالِغِينَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ (إِذَا اغْتَسَلَ الرَّجُلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ أَجْنَبَ) وَأَمَّا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا لِأَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ أَوَّلُ الْيَوْمِ شَرْعًا فَمَنِ اغْتَسَلَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا يُجْزِئُ عَنِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ اغتسل قبل مجيء الوقت

قال بن الْمُنْذِرِ أَكْثَرُ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ يُجْزِئُ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ

وقال بن بطال رويناه عن بن عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ

وَقَالَ أَحْمَدُ أَرْجُو أَنْ يَجْزِيَهُ

وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يَجْزِيهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ حَتَّى يَنْوِيَهَا وهو قول مالك في المدونة وذكره بن عبد الحكم

وذكر بن الْمُنْذِرِ عَنْ بَعْضِ وَلَدِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلْجَنَابَةِ اغْتَسَلَ للجمعة

قاله العيني في عمدة القارىء

ص: 5

[343]

(وَهَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ) الْحَاصِلُ أَنَّ يَزِيدَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَأَمَّا مُوسَى فَيَرْوِي عَنْ حَمَّادٍ ثُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ لَكِنْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ هُوَ لَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَيْسَ لَفْظَ حَمَّادِ (قَالَ يَزِيدُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ فِي حَدِيثِهِمَا) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمْدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَا) وَأَمَّا مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ فَخَالَفَ فِي بَعْضِ الْإِسْنَادِ (وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ) وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الَّذِي هُوَ عِيدٌ لِلْمُسْلِمِينَ (فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ) أَيْ لَمْ يَتَجَاوَزْ رِقَابَ النَّاسِ وَلَمْ يُؤْذِهِمْ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّبْكِيرِ أَيْ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يُبَكِّرَ فَلَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَلَا يُفَرِّقُ بين اثنين ولا يزاحم رجلين فيدخل بينهمالأنه رُبَّمَا ضَيَّقَ عَلَيْهِمَا خُصُوصًا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَاجْتِمَاعِ الْأَنْفَاسِ (ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ) أَيْ يُصَلِّي مَا شَاءَ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ مَخْصُوصَةٌ مُؤَكَّدَةٌ رَكْعَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ مَثَلًا كَالسُّنَّةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَالْمُصَلِّي إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مُتَنَفِّلًا

وَأَمَّا ما رواه بن ماجه عن بن عباس قال كان النبي يَرْكَعُ مِنْ قَبْلِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ فَفِي إِسْنَادِهِ بَقِيَّةُ وَمُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَكُلُّهُمْ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ (ثُمَّ أَنْصَتَ) يُقَالُ أَنْصَتَ إِذَا سَكَتَ وَأَنْصَتَهُ إِذَا أَسْكَتَهُ فَهُوَ لَازِمٌ ومتعد والأول المراد ها هنا (حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ) أَيْ يَفْرُغَ الْمُصَلِّي أَوِ الْإِمَامُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ (كَانَتْ) هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْغُسْلِ وَلُبْسِ أَحْسَنِ الثِّيَابِ وَمَسِّ الطِّيبِ وَعَدَمِ التَّخَطِّي وَالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ وَالْإِنْصَاتِ (كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا) أَيِ الْجُمُعَةِ الْحَاضِرَةِ (وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا) قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَا بَيْنَ السَّاعَةِ الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا الْجُمُعَةَ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الطَّرَفَانِ وَهُمَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ غَيْرَ دَاخِلَيْنِ فِي الْعَدَدِ لَكَانَ لَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ

ص: 6

عَدَدِ الْمَحْسُوبِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَرَادَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَعْنَى إِدْخَالِ الطَّرَفَيْنِ فِيهِ بَلَغَ الْعَدَدُ ثَمَانِيَةً فَإِذَا ضُمَّتْ إِلَيْهَا الثَّلَاثَةُ الْمَزِيدَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ صَارَ جُمْلَتُهَا إِمَّا أَحَدَ عَشَرَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَإِمَّا تِسْعَةَ أَيَّامٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا قُلْنَاهُ عَلَى سَبِيلِ التَّكْسِيرِ لِلْيَوْمِ لِيَسْتَقِيمَ الْأَمْرُ فِي تَكْمِيلِ عَدَدِ الْعَشَرَةِ

انْتَهَى كَلَامُهُ (قَالَ وَيَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَقُولُ إِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَقُولَةَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

فَإِنْ قُلْتَ تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ بِالْحَسَنَاتِ وَبِالتَّوْبَةِ وَبِتَجَاوُزِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَكْفِيرُ الذُّنُوبِ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَ الْآتِيَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْأُسْبُوعِ هُوَ تَكْفِيرُ الذَّنْبِ قَبْلَ وُقُوعِهِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ قُلْتُ الْمُرَادُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ إِذَا وَقَعَ وَمِنْهُ مَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي مَغْفِرَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الذَّنْبِ وَمَا تَأَخَّرَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَدْرَجَ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَدِيثِ

[344]

(الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ (وَالسِّوَاكُ) بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْغُسْلُ (وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ وَيُسَنُّ لَهُ سِوَاكٌ وَمَسُّ الطِّيبِ (مَا قُدِّرَ لَهُ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ إِرَادَةَ التَّأْكِيدِ لِيَفْعَلَ مَا أَمْكَنَهُ وَيَحْتَمِلُ إِرَادَةَ الْكَثْرَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ فَإِبَاحَتُهُ لِلرَّجُلِ لِأَجْلِ عَدَمِ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ (أَنَّ بُكَيْرًا لَمْ يَذْكُرْ) وَاسِطَةً (عَبْدَ الرَّحْمَنِ) بَيْنَ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ (وَقَالَ) بُكَيْرٌ (وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ) وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ وَهُوَ الْمَكْرُوهُ لِلرِّجَالِ فَأَبَاحَهُ لِلرِّجَالِ لِلضَّرُورَةِ لِعَدَمِ غَيْرِهِ

ص: 7

وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِلتَّصْرِيحِ فِيهِ بِلَفْظِ الْوَاجِبِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ

وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِاعْتِبَارِ اقْتِرَانِهِ بِالسِّوَاكِ وَمَسِّ الطِّيبِ

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ وُجُوبِ الِاسْتِنَانِ وَالطِّيبِ لِذِكْرِهِمَا بِالْعَاطِفِ فَالتَّقْدِيرُ الْغُسْلُ وَاجِبٌ وَالِاسْتِنَانُ وَالطِّيبُ كَذَلِكَ

قَالَ وَلَيْسَا بِوَاجِبَيْنِ اتِّفَاقًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بواجب إذ لا يصح تغريك مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْوَاجِبِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ انْتَهَى وتعقبه بن الْجَوْزِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَطْفُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَاجِبِ لَا سِيَّمَا وَلَمْ يَقَعِ التصريح بحكم المعطوف

وقال بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ إِنْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاجِبِ الْفَرْضُ لَمْ يَنْفَعْ دَفْعُهُ بِعَطْفِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ لِلْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ أُخْرِجَ بِدَلِيلٍ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِنَحْوِهِ

[345]

(الْجَرْجَرَائِيُّ) نِسْبَةً إِلَى جَرْجَرَايَا بِفَتْحِ الْجِيمَيْنِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مَدِينَةٌ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ بَيْنَ وَاسِطٍ وَبَغْدَادَ (حِبِّي) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ لَقَبٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ (يَقُولُ مَنْ غَسَّلَ) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ (يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ) قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَاهُمَا فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُتَظَاهِرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ التَّوْكِيدُ وَلَمْ تَقَعِ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَثْرَمُ صَاحِبُ أَحْمَدَ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ غَسَّلَ مَعْنَاهُ غَسَلَ الرَّأْسَ خَاصَّةً وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَهُمْ لِمَمٌ وَشُعُورٌ وَفِي غَسْلِهَا مُؤْنَةٌ فَأَفْرَدَ ذِكْرَ غَسْلِ الرَّأْسِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَكْحُولٌ وَقَوْلُهُ اغْتَسَلَ مَعْنَاهُ سَائِرُ الْجَسَدِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ غَسَّلَ أَيْ مَعْنَاهُ أَصَابَ أَهْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ لِيَكُونَ أَمْلَكَ لِنَفْسِهِ وَأَحْفَظَ لِبَصَرِهِ فِي طَرِيقِهِ قَالَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْعَرَبِ فَحْلٌ غَسَّلَهُ إِذَا كَثُرَ الضَّرْبُ

انْتَهَى

(ثُمَّ بَكَّرَ) بِالتَّشْدِيدِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ رَاحَ فِي أَوَّلِ وَقْتٍ (وَابْتَكَرَ) أَيْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَقِيلَ كَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ وَبِهِ جزم بن العربي في عارضة الأحوذي

قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ بَكَّرَ أَتَى الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَكُلُّ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى شَيْءٍ فَقَدْ بَكَّرَ إِلَيْهِ وَأَمَّا ابْتَكَرَ فَمَعْنَاهُ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ وَأَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ بَاكُورَتُهُ وَابْتَكَرَ الرَّجُلُ إِذَا أَكَلَ بَاكُورَةَ الْفَوَاكِهِ وَقِيلَ مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ فَعَّلَ وَافْتَعَلَ وَإِنَّمَا كُرِّرَ لِلْمُبَالَغَةِ والتوكيد

ص: 8

كَمَا قَالُوا جَادَّ مُجِدٌّ

انْتَهَى

(وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَإِنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَثْرَمِ صَاحِبِ أَحْمَدَ

انْتَهَى (وَلَمْ يَلْغُ) مِنْ لَغَا يَلْغُو لَغْوًا مَعْنَاهُ اسْتَمَعَ الْخُطْبَةَ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِهَا

قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ لِأَنَّ الْكَلَامَ حَالَ الْخُطْبَةِ لَغْوٌ (كان له بكل خطوة) بضم الخاء بعد ما بَيَّنَ الْقَدَمَيْنِ (عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) أَيْ صِيَامِ السَّنَةِ وَقِيَامِهَا وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ

حَدِيثُ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ

[347]

(عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبَ عَنْ أَبِيهِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ كَانَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ (وَمَنْ لَغَا) قال بن الْأَثِيرِ لَغَا الْإِنْسَانُ وَلَغَى يَلْغَى وَلَغِيَ يَلْغَى إِذَا تَكَلَّمَ بِالْمُطَّرَحِ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا لَا يَعْنِي

وَفِي الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ صَهْ فَقَدْ لَغَا وَقَوْلُهُ مَنْ مَسَّ الْحَصَى لَغَا أَيْ تَكَلَّمَ وَقِيلَ عَدَلَ عَنِ الصَّوَابِ وَقِيلَ خَابَ وَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ (كَانَتْ) هَذِهِ الصَّلَاةُ (لَهُ) لِهَذَا الْمُصَلِّي (ظُهْرًا) أَيْ مِثْلُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الثَّوَابِ فَيُحْرَمُ هَذَا الْمُصَلِّي بِتَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ وَاللَّغْوُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ عَنْ هَذَا الثَّوَابِ الْجَزِيلِ الَّذِي يَحْصُلُ لِمُصَلِّي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ مِنْ هَذِهِ الْجُمُعَةِ الْحَاضِرَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ أَوِ الْآتِيَةِ وَأَجْرُ عِبَادَةِ سَنَةٍ قِيَامِهَا وَصِيَامِهَا

ص: 9

[348]

(كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ) قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ قَدْ يَجْمَعُ النَّظْمُ قَرَائِنَ الْأَلْفَاظِ وَالْأَسْمَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَحْكَامِ وَالْمَعَانِي تُرَتِّبُهَا وَتُنْزِلُهَا مَنَازِلَهَا

أَمَّا الِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَوَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ

وَأَمَّا الِاغْتِسَالُ لِلْجُمُعَةِ فَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عليه السلام يَفْعَلُهُ وَيَأْمُرُ بِهِ اسْتِحْبَابًا

وَمَعْقُولٌ أَنَّ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْحِجَامَةِ إِنَّمَا هُوَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى وَإِنَّمَا لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَصَابَ الْمُحْتَجِمَ رَشَاشٌ مِنَ الدَّمِ فَالِاغْتِسَالُ مِنْهُ اسْتِظْهَارٌ بِالطَّهَارَةِ وَاسْتِحْبَابٌ لِلنَّظَافَةِ

فَأَمَّا الِاغْتِسَالُ مِنَ الْمَيِّتِ فَقَدِ اتَّفَقَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبي قَالَ مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَرُوِيَ عَنِ بن الْمُسَيَّبِ وَالزُّهْرِيِّ مَعْنَى ذَلِكَ وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وإسحاق يتوضأ غاسل الميت وروى عن بن عمر وبن عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا لَيْسَ عَلَى غَاسِلِ الْمَيِّتِ غُسْلٌ وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَثْبُتُ فِي الِاغْتِسَالِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ حَدِيثٌ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثُ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ ضَعِيفٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ رَأَى الِاغْتِسَالَ مِنْهُ إِنَّمَا رَأَى ذَلِكَ لِمَا لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يُصِيبَ الْغَاسِلَ مِنْ رَشَاشِ الْمَغْسُولِ نَضْحٌ وَرُبَّمَا كَانَتْ عَلَى بَدَنِ الْمَيِّتِ نَجَاسَةٌ فَأَمَّا إِذَا عُلِمَتْ سَلَامَتُهُ فَلَا يَجِبُ الِاغْتِسَالُ مِنْهُ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ فِي الْجَنَائِزِ وَقَالَ هَذَا مَنْسُوخٌ وَقَالَ أَيْضًا وَحَدِيثُ مُصْعَبَ فِيهِ خِصَالٌ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ بِذَاكَ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى رضي الله عنه لَا أَعْلَمُ فِيمَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ حَدِيثًا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ لزمنا استعماله

انتهى

ص: 10

[351]

(مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ غُسْلًا كغسل الجنابة وتشهد بذلك رواية بن جُرَيْجٍ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَاغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ كَمَا يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ

وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ قَوْمٌ إِنَّهُ حَقِيقَةٌ حَتَّى يُسْتَحَبَّ أَنْ يُوَاقِعَ زَوْجَتَهُ لِيَكُونَ أَغَضَّ لِبَصَرِهِ وَأَسْكَنَ لِنَفْسِهِ وَلْيَغْتَسِلْ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ

وَفِيهِ حَمْلُ الْمَرْأَةِ أَيْضًا عَلَى الِاغْتِسَالِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَعَلَيْهِ حَمْلُ قَائِلِ ذَلِكَ حَدِيثُ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ روى غسل بالتشديد

وقد حكاه بن قُدَامَةَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَثَبَتَ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهُ أَنْسَبُ الْأَقْوَالِ (ثُمَّ رَاحَ) أَيْ ذَهَبَ أَوَّلَ النَّهَارِ

قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ قَصَدَهَا وَتَوَجَّهَ إِلَيْهَا مُبَكِّرًا قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَاهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ وَقْتِ الْجُمُعَةِ خَمْسُ سَاعَاتٍ وَهَذَا جَائِزٌ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ رَاحَ لِكَذَا وَلِأَنْ يَفْعَلَ كَذَا بِمَعْنَى أَنَّهُ قَصَدَ إِيقَاعَ فِعْلِهِ وَقْتَ الرَّوَاحِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَاصِدِينَ للحج حجاج وَلَمَّا يَحُجُّوا بَعْدُ وَلِلْخَارِجِينَ إِلَى الْغَزْوِ غُزَاةً وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ فَأَمَّا حَقِيقَةُ الرَّوَاحِ فَإِنَّمَا هُوَ بَعْدَ الزَّوَالِ

وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ لَا يَكُونُ الرَّوَاحُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَهَذِهِ الْأَوْقَاتُ كُلُّهَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ

قُلْتُ كَأَنَّهُ قَسَمَ السَّاعَةَ الَّتِي يَحِينُ فِيهَا الرَّوَاحُ لِلْجُمُعَةِ أَقْسَامًا خَمْسَةً فَسَمَّاهَا سَاعَاتٍ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ وَالتَّقْرِيبِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ قَعَدْتُ سَاعَةً وَتَحَدَّثْتُ سَاعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ يُرِيدُ جُزْءًا مِنَ الزَّمَانِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَهَذَا عَلَى سَعَةِ مَجَازِ الْكَلَامِ وَعَادَةِ النَّاسِ فِي الِاسْتِعْمَالِ

انْتَهَى

(فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ (بَدَنَةً) أَيْ تَصَدَّقَ بِهَا مُتَقَرِّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِالْبَدَنَةِ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ لَا التَّأْنِيثِ (وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ) قَدْ عَرَفْتَ آنِفًا مَعْنَى رَاحَ وَالسَّاعَةُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ الْخَطَّابِيُّ (بَقَرَةً) التَّاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْبَقَرُ اسْمُ جِنْسٍ وَالْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَإِنَّمَا دَخَلَهُ الْهَاءُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسِ (كَبْشًا أَقَرْنَ) الْكَبْشُ هُوَ الْفَحْلُ وَإِنَّمَا وُصِفَ بِالْأَقْرَنِ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَأَحْسَنُ صُورَةً وَلِأَنَّ الْقَرْنَ يُنْتَفَعُ بِهِ (دَجَاجَةً) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ

وَالدَّجَاجَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالتَّاءُ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ (بَيْضَةً) وَاحِدٌ مِنَ الْبِيضِ وَالْجَمْعُ بُيُوضٌ وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ بَيْضَاتٌ (الذكر

ص: 11