الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
(بَاب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)
[789]
(إِنِّي لَأَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي أُخْرَى لَهُ عَنْ أَنَسٍ إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ (وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا) فِيهِ أَنَّ مَنْ قَصَدَ فِي الصَّلَاةِ الْإِتْيَانَ بِشَيْءٍ مُسْتَحَبٍّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ خِلَافًا لِلْأَشْهَبِ حَيْثُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَنْ نَوَى التَّطَوُّعَ قَائِمًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُتِمَّهُ جَالِسًا (فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ إِدْخَالِ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ كَانَ مُخَلَّفًا فِي بَيْتٍ بِقُرْبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ بُكَاؤُهُ وَعَلَى جَوَازِ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ مَعَ الرِّجَالِ (فَأَتَجَوَّزُ) زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي صَلَاتِي قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ أَخْتَصِرُ وَأَتَرَخَّصُ بِمَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الِاقْتِصَارِ وَتَرْكُ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أُخَفِّفُ كَأَنَّهُ تَجَاوَزَ مَا قَصَدَهُ أَيْ مَا قَصَدَ فِعْلَهُ لَوْلَا بُكَاءُ الصَّبِيِّ
قَالَ وَمَعْنَى التَّجَوُّزِ أَنَّهُ قَطَعَ قِرَاءَةَ السُّورَةِ وَأَسْرَعَ فِي أَفْعَالِهِ انْتَهَى
والأظهر أنه شرع في سورة قصيرة بعد ما أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَازَ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ وَهُمَا قَصْدُ الْإِطَالَةِ وَالشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ وَتَرْكُ الْمَلَالَةِ وَلِذَا وَرَدَ نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ انْتَهَى
قُلْتُ حَدِيثُ نِيَّةُ المؤمن خير من عمله قال بن دِحْيَةَ لَا يَصِحُّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ (كَرَاهِيَةَ) بِالنَّصْبِ لِلْعِلِّيَّةِ (أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ) فِي مَحَلِّ الْجَرِّ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إِلَيْهِ كَرَاهِيَةٌ يُقَالُ شَقَّ عَلَيْهِ أَيْ ثَقُلَ أَوْ حَمَلَهُ مِنَ الْأَمْرِ الشَّدِيدِ مَا يَشُقُّ وَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى كَرَاهِيَةُ وُقُوعِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهَا مِنْ بُكَاءِ الصَّبِيِّ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرِّفْقِ بِالْمَأْمُومِينَ وَمُرَاعَاةِ مَصَالِحِهِمْ وَدَفْعِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَإِيثَارُ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ إِذَا أَحَسَّ بِرَجُلٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ رَاكِعًا لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ الرَّكْعَةِ فِي الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْذِفَ مِنْ طُولِ الصَّلَاةِ لِحَاجَةِ إِنْسَانٍ فِي بَعْضِ أُمُورِ الدُّنْيَا كَانَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِيهَا لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ هُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ وَأَوْلَى
وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَشَدَّدَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ شِرْكًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ
انْتَهَى
قُلْتُ تَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ فِي التَّطْوِيلِ هُنَا زِيَادَةَ عَمَلٍ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ مَطْلُوبٍ بِخِلَافِ التَّخْفِيفِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ انْتَهَى وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَتَفْصِيلٌ وَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ وَفِي التَّجْرِيدِ لِلْمَحَامِلِيِّ نُقِلَ كَرَاهِيَتُهُ عَنِ الْجَدِيدِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ شِرْكًا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ في فتح الباري