الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ كَمَا لَا يَجْزِيهِ السُّجُودُ عَلَى كُورِ الْعِمَامَةِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَهُ أَنْ يَبْسُطَ ثَوْبًا هُوَ غَيْرُ لَابِسِهِ
انْتَهَى
قُلْتُ وَحَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى الثَّوْبِ الْمُنْفَصِلِ وَأَيَّدَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْحَمْلَ بِمَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ فَيَأْخُذُ أَحَدُنَا الْحَصَى فِي يَدِهِ فَإِذَا بَرَدَ وَضَعَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ قَالَ فَلَوْ جَازَ السُّجُودُ عَلَى شَيْءٍ مُتَّصِلٍ له لَمَا احْتَاجُوا إِلَى تَبْرِيدِ الْحَصَى مَعَ طُولِ الْأَمْرِ فِيهِ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ يُبَرِّدُ الْحَصَى لَمْ يَكُنْ فِي ثَوْبِهِ فضلة يسجد عليها مع بقاء سترته له وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ فِي الصَّلَاةِ وَمُرَاعَاةُ الْخُشُوعِ فِيهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ صَنِيعَهُمْ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ التَّشْوِيشِ الْعَارِضِ مِنْ حَرَارَةِ الْأَرْضِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
كتاب الصُّفُوف
([661]
بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)
(عِنْدَ رَبِّهِمْ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِهِمْ لِطَاعَةِ رَبِّهِمْ أَوْ عِنْدَ عَرْشِ رَبِّهِمْ (يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْمُقَدَّمَةِ) أَيْ يُتِمُّونَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ وَلَا يَشْرَعُونَ فِي الثَّانِي حَتَّى يُتِمُّوا الْأَوَّلَ وَلَا فِي الثَّالِثِ حَتَّى يُتِمُّوا الثَّانِي وَلَا فِي الرَّابِعِ حَتَّى يُتِمُّوا الثَّالِثَ وَهَكَذَا إِلَى آخِرِهَا (وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ) أَيْ يَتَلَاصَقُونَ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ فُرَجٌ مِنْ رَصِّ الْبِنَاءِ إِذَا أُلْصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم والنسائي وبن ماجه
[662]
(أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ) أَيْ سَوُّوهُ وَعَدِّلُوهُ وَتَرَاصُّوا فِيهِ (ثَلَاثًا) أَيْ قَالَ تِلْكَ الْكَلِمَةَ ثَلَاثًا (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) إِنْ لَمْ تُقِيمُوا
وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ يُوقِعُ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَاخْتِلَافَ الْقُلُوبِ كَمَا تَقُولُ تَغَيَّرَ وَجْهُ فُلَانٍ عَلَيَّ أَيْ ظَهَرَ لِي مِنْ وَجْهِهِ كَرَاهَتِهِ لِي لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ فِي الصُّفُوفِ مُخَالَفَةٌ فِي ظَوَاهِرِهِمْ وَاخْتِلَافُ الظَّوَاهِرِ سَبَبٌ لِاخْتِلَافِ الْبَوَاطِنِ
انْتَهَى
قُلْتُ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ (قَالَ) أَيِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ (يُلْزِقُ) أَيْ يُلْصِقُ (مَنْكِبَهُ) الْمَنْكِبُ مُجْتَمَعُ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ (وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ) قَالَ الْحَافِظُ وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ النُّعْمَانِ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَعْبِ في اية الوضوء العظم الناتىء فِي جَانِبَيِ الرِّجْلِ وَهُوَ عِنْدَ مُلْتَقَى السَّاقِ وَالْقَدَمِ وَهُوَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُلْزَقَ بِالَّذِي بِجَنْبِهِ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَعْبِ مُؤَخِّرُ الْقَدَمِ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ فَصَرَّحَ فِيهِ بِتَحْدِيثِ أَنَسٍ لِحُمَيْدٍ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي فِي آخِرِهِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَكَانَ أَحَدُنَا إِلَى آخِرِهِ وَصَرَّحَ بِأَنَّهَا مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ بِلَفْظِ قَالَ أَنَسٌ فَرَأَيْتُ أَحَدَنَا إِلَى آخِرِهِ وَأَفَادَ هَذَا التَّصْرِيحُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمَذْكُورَ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِهَذَا يَتِمُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى بَيَانِ الْمُرَادِ بِإِقَامَةِ الصَّفِّ وَتَسْوِيَتِهِ وَزَادَ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ وَلَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِأَحَدِهِمُ الْيَوْمَ لَنَفَرَ كَأَنَّهُ بَغْلٌ شَمُوسٌ
انْتَهَى
قَالَ فِي التَّعْلِيقِ الْمُغْنِي فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى اهْتِمَامِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَأَنَّهَا مِنْ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يَتَقَدَّمُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَعَلَى أَنَّهُ يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَتِهِ لَكِنِ الْيَوْمَ تُرِكَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ وَلَوْ فُعِلَتِ الْيَوْمَ لَنَفَرَ النَّاسُ كَالْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ
فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَدَلِيُّ هَذَا اسْمُهُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ سَمِعَ مِنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يُعَدُّ فِي الْكُوفِيِّينَ
[663]
(كَمَا يُقَوِّمُ الْقِدْحَ) بِكَسْرِ الْقَافِ هُوَ خَشَبُ السَّهْمِ حِينَ ينحت ويبري
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْقِدْحُ خَشَبُ السَّهْمِ إِذَا بُرِيَ وأصلح قبل أن يركب فيه النَّصْلَ الرِّيشُ انْتَهَى
مَعْنَاهُ يُبَالِغُ فِي تَسْوِيَتِهَا حَتَّى تَصِيرَ كَأَنَّمَا يُقَوَّمُ بِهَا السِّهَامُ لِشِدَّةِ اسْتِوَائِهَا وَاعْتِدَالِهَا (وَفَقِهْنَا) أَيْ فَهِمْنَا التَّسْوِيَةَ (إِذَا رجل منتبذ بصدره) أي منفرد بتقديم صَدْرِهِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَرَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرَهُ مِنَ الصَّفِّ أَيْ ظَاهِرًا خَارِجًا مِنْ صُدُورِ أَهْلِ الصَّفِّ (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ) بِضَمِّ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ هَذِهِ اللَّامُ هِيَ الَّتِي يتلقى بها القسم والقسم ها هنا مُقَدَّرٌ وَلِهَذَا أَكَّدَهُ بِالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ انْتَهَى
وَالْمُرَادُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ اعْتِدَالُ الْقَائِمِينَ بِهَا عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ أَوْ يُرَادُ بِهَا سَدُّ الْخَلَلِ الَّذِي فِي الصَّفِّ (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْوَعِيدِ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْمُرَادُ تَشْوِيهِ الْوَجْهِ بِتَحْوِيلِ خَلْقِهِ عَنْ وَضْعِهِ بِجَعْلِهِ مَوْضِعَ الْقَفَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْوَعِيدِ فِيمَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ وَيُؤَيِّدُ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ حَدِيثُ أُمَامَةَ (لَتُسَوُّنَّ الصُّفُوفَ أَوْ لَنَطْمِسَ الْوُجُوهَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ مِنْهُ
[664]
(وَأَبُو عَاصِمِ بْنِ جَوَّاسٍ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ آخِرُهُ مُهْمَلَةٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو عَاصِمٍ الكوفي عن أبي الأحوص سلام وبن الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ) أَيْ يَدْخُلُ بَيْنَهُمْ (لَا تَخْتَلِفُوا) أَيْ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فِي الصُّفُوفِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[665]
(فإذا استوينا كبر) أي للاحرام
قال بن الْمَلَكِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسَوِّيَ الصُّفُوفَ ثُمَّ يُكَبِّرَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ
[666]
(وحديث بن وَهْبٍ أَتَمُّ) أَيْ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ (عَنْ مُعَاوِيَةَ) أَيْ كِلَاهُمَا عَنْ مُعَاوِيَةَ (قَالَ قُتَيْبَةُ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةَ عَنْ أَبَى شَجَرَةَ لَمْ يذكر) أي قتيبة (بن عُمَرَ) فَرِوَايَةُ قُتَيْبَةَ مُرْسَلَةٌ لِأَنَّ أَبَا شَجَرَةَ هُوَ كَثِيرُ بْنُ مَرَّةَ تَابِعِيٌّ (أَقِيمُوا الصُّفُوفَ) أَيْ عَدِّلُوهَا وَسَوُّوهَا (وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ) أَيِ اجْعَلُوا بَعْضَهَا حِذَاءَ بَعْضٍ بِحَيْثُ يَكُونُ مَنْكِبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُصَلِّينَ مُوَازِيًا لِمَنْكِبِ الْآخَرِ وَمُسَامِتًا لَهُ فَتَكُونَ الْمَنَاكِبُ وَالْأَعْنَاقُ وَالْأَقْدَامُ عَلَى سَمْتٍ وَاحِدٍ (وَسُدُّوا الْخَلَلَ) أَيِ الْفُرْجَةَ فِي الصُّفُوفِ (وَلِينُوا) أَيْ كُونُوا لَيِّنِينَ هَيِّنِينَ مُنْقَادِينَ (بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ) أَيْ إِذَا أَخَذُوا بِهَا لِيُقَدِّمُوكُمْ أَوْ يُؤَخِّرُوكُمْ حَتَّى يَسْتَوِيَ الصَّفُّ لِتَنَالُوا فَضْلَ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لِينُوا بِيَدِ مَنْ يَجُرَّكُمْ مِنَ الصَّفِّ أَيْ وَافِقُوهُ وَتَأَخَّرُوا مَعَهُ لِتُزِيلُوا عَنْهُ وَصْمَةَ الِانْفِرَادِ الَّتِي أَبْطَلَ بِهَا بَعْضُ الْأَئِمَّةِ
وَجَاءَ فِي مُرْسَلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ إِنْ جَاءَ فَلَمْ يَجِدُ خَلَلًا وَاحِدًا فَلْيَخْتَلِجْ إِلَيْهِ رَجُلًا مِنَ الصَّفِّ فَلْيَقُمْ مَعَهُ فَمَا أَعْظَمُ أَجْرِ المختلج وذلك لأنه بنيته محصل لَهُ فَضِيلَةُ مَا فَاتَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّفِّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنَ الْأَجْرِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ تَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ لِلْغَيْرِ (وَلَا تَذَرُوا) أَيْ لَا تَتْرُكُوا (فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ) الْفُرُجَاتُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالرَّاءِ جَمْعٌ فُرْجَةٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ (وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا) بِالْحُضُورِ فِيهِ وَسَدِّ الْخَلَلِ مِنْهُ (وَصَلَهُ اللَّهُ) أَيْ بِرَحْمَتِهِ (وَمَنْ قَطَعَ) أَيْ بِالْغِيبَةِ أَوْ بِعَدَمِ السَّدِّ أَوْ بِوَضْعِ شَيْءٍ مَانِعٍ (قَطَعَهُ اللَّهُ) أَيْ مِنْ رَحْمَتِهِ الشَّامِلَةِ وَعِنَايَتِهِ الْكَامِلَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا مُتَّصِلًا
[667]
(رُصُّوا صُفُوفَكُمْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مَعْنَاهُ ضُمُّوا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَمِنْهُ رَصُّ الْبِنَاءِ
قال الله تعالى كأنهم بنيان مرصوص (وَقَارِبُوا بَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ الصُّفُوفِ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ صَفٌّ آخَرُ قَالَهُ فِي المرقاة (وحاذروا بِالْأَعْنَاقِ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ
قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ أَيِ اجْعَلُوا بَعْضَهَا فِي مُحَاذَاةِ بَعْضٍ أَيْ مُقَابَلَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ زَائِدَةٌ (مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ فُرْجَتِهِ أَوْ كَثْرَةَ تَبَاعُدِهَا عَنْ بَعْضٍ (كَأَنَّهَا الْحَذَفُ) قَالَ النَّوَوِيُّ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ فَاءٍ وَاحِدَتُهَا حَذَفَةٌ مِثْلُ قَصَبٌ وَقَصَبَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْحَذَفُ غَنَمٌ صِغَارٌ سُودٌ وَيُقَالُ إِنَّهَا أَكْثَرُ مَا تَكُونُ بِالْيَمَنِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا
[668]
(فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ قَالَ في النيل وقد استدل بن حَزْمٍ بِقَوْلِهِ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ عَلَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ قَالَ لِأَنَّ إِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَاجِبَةٌ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبِ وَاجِبٌ وَنَازَعَ مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَبِلَالٍ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُمَا كَانَا يَضْرِبَانِ الْأَقْدَامَ عَلَى ذَلِكَ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الرُّوَاةَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى هَذِهِ العبارة
وتمسك بن بَطَّالٍ بِظَاهِرِ لَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ سُنَّةٌ قَالَ لِأَنَّ حُسْنَ الشَّيْءِ زِيَادَةٌ عَلَى تَمَامِهِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ رواية من تمام الصلاة
وأجاب بن دَقِيقِ الْعِيدِ فَقَالَ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَمَامُ الصَّلَاةِ الِاسْتِحْبَابُ لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ فِي الْعُرْفِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ الَّتِي لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِهَا وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ بِحَسَبِ الْوَضْعِ عَلَى بَعْضِ مَا لَا تَتِمُّ الْحَقِيقَةُ إِلَّا بِهِ كَذَا قَالَ وَهَذَا الْأَخْذُ بَعِيدٌ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّارِعِ لَا يُحْمَلُ
إِلَّا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْوَضْعُ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عُرْفُ الشَّارِعِ لَا الْعُرْفُ الْحَادِثُ
انتهى
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم وبن مَاجَهْ
[669]
(يَضَعُ عَلَيْهِ يَدَهُ) أَيْ يَأْخُذُهُ بِيَدِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ اعْدِلُوا) أَيِ اسْتَقِيمُوا
(بِهَذَا الْحَدِيثِ) الْمُتَقَدِّمِ (أَخَذَهُ) أَيِ الْعُودَ (ثُمَّ الْتَفَتَ) أَيْ إِلَى يَمِينِ الصَّفِّ (ثُمَّ أَخَذَهُ بِيَسَارِهِ فَقَالَ) أَيْ مُتَوَجِّهًا إِلَى يَسَارِ الصَّفِّ
[671]
(أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ) أَيِ الْأَوَّلَ (ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ) أَيْ ثُمَّ أَتِمُّوا الصَّفَّ الَّذِي يَلِي الصَّفَّ الْأَوَّلَ
وَهَكَذَا (فَمَا كَانَ) أَيْ وُجِدَ
دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى جَعْلِ النُّقْصَانِ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَوْقِفُ الصَّفِّ النَّاقِصِ فَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسِّطُوا الْإِمَامَ أَنْ يَقِفَ أَهْلُ الصَّفِّ النَّاقِصِ خَلْفَ الْإِمَامِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[672]
(خِيَارُكُمْ) أَيْ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ (أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ) نصب على التميز قِيلَ مَعْنَاهُ إِنَّهُ إِذَا