المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب رفع اليدين في الصلاة) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٢

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌ بَابُ الرجل يسلم)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ)

- ‌(بَابٌ فِي طُهُورِ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَتْ)

- ‌(بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ)

- ‌ بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ)

- ‌(بَابُ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌2 - كِتَابِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب فِي الْمَوَاقِيتِ)

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ)

- ‌ باب وقت العشاء اخرة)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌ بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ)

- ‌ باب إذا أخر امام الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ)

- ‌ بَاب فِي مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا)

- ‌(بَاب فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ)

- ‌(بَاب فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب في حصى المسجد)

- ‌(باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب ما يقول الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌ بَاب فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصَّلَاةُ)

- ‌(بَاب مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْأَذَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقَامَةِ)

- ‌(بَابٌ الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ)

- ‌ بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ)

- ‌(باب المؤذن يستدير في أذنه)

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ)

- ‌(بَاب (مَا جَاءَ فِي) الدعاء عند الأذان)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ)

- ‌ بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ لِلْأَعْمَى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ)

- ‌(بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا)

- ‌(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ في المشيء إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظَّلَمِ)

- ‌ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(باب في من خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي)

- ‌(بَاب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جَمَاعَةً يُعِيدُ)

- ‌(باب جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(باب في كراهية التدافع)

- ‌ بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ)

- ‌(بَاب إمامة الأعمى)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الزَّائِرِ)

- ‌(باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان الْقَوْمِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ)

- ‌ بَاب إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ)

- ‌(بَابُ التشديد فيمن يرفع قبل الإمام)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الْإِمَامِ)

- ‌(باب جماع أثواب ما يصلي فيه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثوب بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به)

- ‌(بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ)

- ‌(بَابُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ)

- ‌(بَاب الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ)

- ‌كتاب الصُّفُوف

- ‌ بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌ بَاب الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي)

- ‌ بَاب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصف وكراهية التأخير)

- ‌ بَاب مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الصَّفِّ)

- ‌ بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ)

- ‌ باب مقام الامام في الصف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ)

- ‌(كتاب السترة)

- ‌ بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ)

- ‌ بَاب الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ)

- ‌ بَابُ إذا صلى إلى سارية)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدثين)

- ‌(بَاب الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ)

- ‌ بَاب مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي)

- ‌(كتاب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها)

- ‌ بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ باب السترة الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌كتاب اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌ بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قَامَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ)

- ‌ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌ بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الدُّعَاءِ)

- ‌ بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ)

- ‌ بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)

- ‌ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِبِسْمِ الله الرحمن الرحيم)

- ‌ بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا)

- ‌(بَاب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)

الفصل: ‌ باب رفع اليدين في الصلاة)

[720]

(نَظَرَ إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ) قُلْتُ قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ إِلَى أَنْ لَا يَقْطَعَ الصَّلَاةَ شَيْءٌ

أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَعَنْ عَلِيٍّ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ كَلْبٌ وَلَا حِمَارٌ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَكَ شَيْءٌ وَعَنْ عُثْمَانَ نَحْوُهُ

وَقَالَ الْحَافِظُ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمَا نَحْوَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا أَيْ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَرْفُوعُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ

قَالُوا لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانَ وَالشَّافِعِيُّ

ثُمَّ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ

وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَيْهِ قَالُوا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ

انْتَهَى

فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ الرَّاجِحُ هُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ

وَمَالَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ وَمَا وَافَقَهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا إِذَا عُلِمَ التَّارِيخُ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَالتَّارِيخُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ وَالْجَمْعُ لَمْ يَتَعَذَّرْ

وَمَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى تَأْوِيلِ الْقَطْعِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَقْضُ الْخُشُوعِ لَا الْخُرُوجُ مِنَ الصَّلَاةِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ مُقَدَّمٌ لِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَانِ وَمَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ لَا تَعَارُضَ

وَاللَّهُ تَعَالَى أعلم

‌كتاب اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاة

([721]

‌ بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

قَالَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَدْ صَنَّفَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جُزْءًا مفردا

ص: 288

وَحَكَى فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ

قَالَ الْبُخَارِيُّ ولم يستئن الحسن أحدا

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ تَرْكُ الرَّفْعِ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ رُوِيَ عَنْهُ فعله إلا بن مَسْعُودٍ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ إِلَّا أَهْلُ الكوفة

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ ترك الرفع فيهما إلا بن القاسم والذي نأخذ به الرفع حديث بن عمر وهو الذي رواه بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَحْكِ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَهُ

وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ أَنَّهُ آخِرُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَصَحُّهُمَا وَلَمْ أَرَ لِلْمَالِكِيَّةِ دَلِيلًا عَلَى تَرْكِهِ وَلَا متمسكا إلا بقول بن الْقَاسِمِ

وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَعَوَّلُوا عَلَى رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ أنه صلى خلف بن عُمَرَ فَلَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأُجِيبُوا بِالطَّعْنِ فِي إِسْنَادِهِ لِأَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ رَاوِيهِ سَاءَ حِفْظُهُ بِأَخَرَةٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَقَدْ أَثْبَتَ ذَلِكَ سَالِمٌ وَنَافِعٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ والعدد الكثير أولي من واحد لاسيما وَهُمْ مُثْبِتُونَ وَهُوَ نَافٍ مَعَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُمْكِنٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ وَاجِبًا فَفَعَلَهُ تَارَةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جزء رفع اليدين عن مالك أن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا رَأَى رَجُلًا لَا يَرْفَعُ يديه إذا ركع وإذا رفع رماه بالحصا

واحتجوا أيضا بحديث بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ لَا يَعُودُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَرَدَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَالَ وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمًا عَلَى النَّافِي وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالطَّحَاوِيُّ إِنَّمَا نَصَبَ الْخِلَافَ مَعَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ كَالْأَوْزَاعِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ

وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ رَوَاهُ سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ

وذكر الحاكم وأبو القاسم بن مَنْدَهْ مِمَّنْ رَوَاهُ الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرَةُ

وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَافِظُ أَنَّهُ تَتَبَّعَ مَنْ رَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَبَلَغُوا خَمْسِينَ رَجُلًا

انْتَهَى (إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ) فِي هَذَا دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَ التَّكْبِيِرِ وَالرَّفْعِ وَقَدْ وَرَدَ تَقْدِيمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَعَكْسِهِ أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ

فَفِي حَدِيثِ الْبَابِ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ

قَالَ الْحَافِظُ وَفِي الْمُقَارَنَةِ وَتَقْدِيمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمُقَارَنَةُ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ وَيُرَجِّحُ الْأَوَّلَ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ وَقَضِيَّةُ الْمَعِيَّةِ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ

وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْأَصَحُّ يَرْفَعُ ثُمَّ يُكَبِّرُ لِأَنَّ الرَّفْعَ نَفْيُ صِفَةِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ وَالتَّكْبِيرُ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لَهُ وَالنَّفْيُ سابق على

ص: 289

الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الرَّفْعِ مَا ذُكِرَ وَقَدْ قَالَ فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْحِكْمَةُ فِي اقْتِرَانِهِمَا أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ وَيَسْمَعَهُ الْأَعْمَى وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي ذَلِكَ مُنَاسَبَاتٍ أُخَرَ انْتَهَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ انْتَهَى (حَتَّى يُحَاذِي مَنْكِبَيْهِ) أَيْ يُقَابِلَهُمَا وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَبِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَخْرَجَهُ مسلم وفي لفظ له عنه حتى يحاذي بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ وَرَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ يُحَاذِي بِظَهْرِ كَفَّيْهِ الْمَنْكِبَيْنِ وَبِأَطْرَافِ أَنَامِلِهِ الْأُذُنَيْنِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ بِلَفْظِ حَتَّى كَانَتَا حِيَالَ مَنْكِبَيْهِ وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ

فَائِدَةٌ لَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ فِي الرَّفْعِ بَيْنَ الرجل والمرأة وعن الحنيفة يَرْفَعُ الرَّجُلُ إِلَى الْأُذُنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَهُ الْحَافِظُ (وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ) أَيْ رَفَعَ يَدَيْهِ (وبعد ما يَرْفَعُ رَأْسَهُ) أَيْ رَفَعَ يَدَيْهِ أَيْضًا

قَالَ الحافظ بن حجر معناه بعد ما يَشْرَعُ فِي الرَّفْعِ لِتَتَّفِقَ الرِّوَايَاتُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا (وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ

قَالَ الْحَافِظُ أَيْ لَا فِي الْهُوِيِّ إِلَيْهِ وَلَا فِي الرَّفْعِ مِنْهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ حِينَ يَسْجُدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَهَذَا يَشْمَلُ مَا إِذَا نَهَضَ مِنَ السُّجُودِ إِلَى الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالتَّشَهُّدَيْنِ وَيَشْمَلُ مَا إِذَا قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ أَيْضًا لَكِنْ بِدُونِ تَشَهُّدٍ لِكَوْنِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ

وَإِذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ لَمْ يَدُلَّ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْهَا إِلَى الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ لَكِنْ قَدْ رَوَى يَحْيَى القطان عن مالك عن نافع عن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا هَذَا الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَلَا يَرْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ النَّفْيَ عَمَّا عَدَا الْمَوَاطِنِ الثلاثة وسيأتي إثبات ذلك في مواطن رَابِعٍ بَعْدَ بِبَابٍ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه

ص: 290

[722]

(حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُقَابِلَهُمَا (وَهُمَا كَذَلِكَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ ثُمَّ كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَدَاهُ مَرْفُوعَتَانِ (ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ صُلْبَهُ رَفَعَهُمَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ رَفْعَ يَدَيْهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْقِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ (يُكَبِّرُهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ لِلرُّكُوعِ

[723]

(مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ قَبْلَ الْمُهْمَلَةِ (قَالَ) أَيْ عَبْدُ الْجَبَّارِ (كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي) فِي هَذَا دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ بْنَ وَائِلٍ وُلِدَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ (ثُمَّ الْتَحَفَ) زَادَ مُسْلِمٌ بِثَوْبِهِ أَيْ تَسَتَّرَ بِهِ (ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ) ورواه بن خُزَيْمَةَ بِلَفْظِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ (فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا) فِيهِ اسْتِحْبَابُ كَشْفِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرَّفْعِ (ثُمَّ سَجَدَ وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَلَمَّا سَجَدَ سَجَدَ بَيْنَ كَفَّيْهِ قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ مُحَاذِيَيْنِ لِرَأْسِهِ

قَالَ بن الْمَلَكِ أَيْ وَضَعَ كَفَّيْهِ بِإِزَاءِ مَنْكِبَيْهِ فِي السُّجُودِ

وَفِيهِ أَنَّ إِزَاءَ الْمَنْكِبَيْنِ لَا يُفْهَمُ مِنَ الْحَدِيثِ وَلَا هُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ وَأَغْرَبَ بن حَجَرٍ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي وَضْعُ كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ اتِّبَاعًا لِفِعْلِهِ عليه السلام كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ

قُلْتُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ سَنَدِهِ فَمُسَلَّمٌ مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ مُسَلَّمٌ فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ فَيُحْمَلُ رِوَايَةُ غَيْرِهِ عَلَى الْجَوَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

انْتَهَى

قُلْتُ رِوَايَةُ أبي داود التي أشار إليها بن حَجَرٍ هِيَ رِوَايَةُ أَبِي حُمَيْدٍ الْآتِيَةُ وَفِيهَا ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ لَمَّا سَجَدَ وضع كفيه

ص: 291

حذو منكبيه فقول على القارىء فَهُوَ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ فَيُحْمَلُ رِوَايَةُ غَيْرِهِ عَلَى الْجَوَازِ فِي حَيِّزِ الْخَفَاءِ (قَالَ مُحَمَّدٌ) هُوَ بن جُحَادَةَ (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ) هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ فَقِيهٌ فَاضِلٌ مَشْهُورٌ وَكَانَ يُرْسِلُ كَثِيرًا وَيُدَلِّسُ هُوَ رَأْسُ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَكَانَ شُجَاعًا مِنْ أَشْجَعِ (أَهْلِ) زَمَانِهِ وَكَانَ عَرْضُ زَنْدِهِ شِبْرًا (لَمْ يَذْكُرُ الرَّفْعَ مَعَ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ وَمَوْلًى لَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ بِنَحْوِهِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرَّفْعِ مَعَ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ

[725]

(حَتَّى كَانَتَا بِحِيَالِ مَنْكِبَيْهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ قُبَالَتَهُمَا وَبِحِذَائِهِمَا (وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى كَانَتَا أَيْ جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِبْهَامَيْهِ مُحَاذِيَيْنِ لِأُذُنَيْهِ

قال المنذري عبد الجبار بن وائل لم يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مَجْهُولُونَ

انْتَهَى

وَاعْلَمْ أَنَّ لِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا عَبْدُ الْجَبَّارِ وَثَانِيهُمَا عَلْقَمَةُ

وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَأَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَائِلٍ

وَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا استكرهت على الزنى سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَلَا أَدْرَكَهُ يُقَالُ إِنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ بِأَشْهُرٍ فَضَعَّفَهُ الْمِزِّيُّ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ هَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ جِدًّا فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي وَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ حَمْلٌ لَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ

قَالَ الذَّهَبِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْدُودٌ بِمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي

ص: 292

وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَالْحَقُّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ أَخْرَجَ الْمُؤَلِّفُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ الْإِمَامِ يَأْمُرُ بِالْعَفْوِ فِي الدَّمِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَوْفٍ أَخْبَرَنَا حَمْزَةَ أَبُو عَمْرٍو الْعَائِذِيِّ حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثَ

فَقَوْلُهُ حَدَّثَنِي أَبِي يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْ أَبِيهِ وَكَذَا قَالَ عَلْقَمَةُ حَدَّثَنِي أَبِي فِي رِوَايَاتٍ أُخْرَى

قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي ذَلِكَ الْبَابِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ وَعَبْدُ الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه انْتَهَى

فَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ فِي تَرْجَمَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ صَدُوقٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ

وَأَمَّا أَبُوهُمَا وَائِلٌ فَهُوَ أَبُو هُنَيْدِ بْنُ حُجْرٍ بضم الحاء وسكون الجيم بن رَبِيعَةَ الْحَضْرَمِيُّ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ وَيُقَالُ إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَشَّرَ أَصْحَابَهُ قَبْلَ قُدُومِهِ فَقَالَ يَقْدُمُ عَلَيْكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ طَائِعًا رَاغِبًا فِي اللَّهِ عز وجل وَفِي رَسُولِهِ وَهُوَ بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم رَحَّبَ بِهِ وَأَدْنَاهُ مِنْ نَفْسِهِ وَبَسَطَ لَهُ رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى وَائِلٍ وَوَلَدِهِ وَاسْتَعْمِلْهُ عَلَى الْأَقْيَالِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ رَوَى لَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ وَعَاشَ إِلَى زَمَنِ معاوية وبايع له

[726]

(فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ وَجَلَسَ عَلَى بَاطِنِهَا وَنَصَبَ الْيُمْنَى (وَحَدَّ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى) أَيْ رَفَعَهُ عَنْ فَخِذِهِ وَالْحَدُّ الْمَنْعُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَيْ فَصَلَ بَيْنَ مِرْفَقِهِ وَجَنْبِهِ وَمَنَعَ أَنْ يَلْتَصِقَا فِي حَالَةِ اسْتِعْلَائِهِمَا عَلَى الْفَخِذِ

قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ فِي إِعْرَابِ لَفْظِ حَدٍّ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ حَدَّ عَلَى صِيغَةِ الْمَاضِي عَطْفٌ عَلَى الْأَفْعَالِ السَّابِقَةِ وَعَلَى بِمَعْنَى عَنْ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ حَدٌّ اسْمًا مَرْفُوعًا مُضَافًا إِلَى الْمِرْفَقِ عَلَى الِابْتِدَاءِ خَبَرُهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَاسْمًا مَنْصُوبًا عَطْفًا عَلَى مَفْعُولٍ أَيْ وَضْعُ حَدِّ مِرْفَقِهِ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى

انْتَهَى (وَقَبَضَ) أَيْ مِنْ أَصَابِعِ يُمْنَاهُ (ثِنْتَيْنِ) أَيِ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ (وَحَلَّقَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ (حَلْقَةً

ص: 293

بِسُكُونِ اللَّامِ وَتُفْتَحُ أَيْ أَخَذَ إِبْهَامُهُ بِأُصْبُعِهِ الْوُسْطَى الْحَلْقَةَ (وَرَأَيْتُهُ يَقُولُ هَكَذَا) هَذِهِ مَقُولَةُ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي رَأَيْتُهُ يَرْجِعُ إِلَى شَيْخِهِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ أَيْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ هَكَذَا

فَفِيهِ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ (وَأَشَارَ) بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَهَذِهِ مَقُولَةُ مُسَدَّدٍ

[727]

(وَالرُّسْغُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونُ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ هُوَ الْمَفْصِلُ بَيْنَ السَّاعِدِ وَالْكَفِّ (وَالسَّاعِدِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الرُّسْغِ وَالرُّسْغُ مَجْرُورٌ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ كَفِّهِ الْيُسْرَى

وَالْمُرَادُ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى كَفِّ يَدِهِ الْيُسْرَى وَرُسْغِهَا وَسَاعِدِهَا

وَلَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ قَرِيبًا مِنَ الرُّسْغِ (تَحَرَّكُ أَيْدِيهِمْ تَحْتَ الثِّيَابِ) مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَتَحَرَّكُ صِيغَةُ الْمُضَارِعُ مِنَ التَّفَعُّلِ بِحَذْفِ إِحْدَى التَّائَيْنِ

[728]

(وَعَلَيْهِمْ بَرَانِسُ وَأَكْسِيَةٌ) بَرَانِسُ جَمْعُ بُرْنُسٍ هُوَ كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنْهُ مُلْتَزِقٌ بِهِ مِنْ ذراعه

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله فِيهِ وَضْع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الْقِيَام

وَفِي الْبَاب حَدِيث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ كَانَ النَّاس يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَع الرَّجُل الْيَد الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعه الْيُسْرَى فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو حَازِمٍ لَا أَعْلَمهُ إِلَّا يُنْمِي ذَلِكَ

رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فَقَالَ وَضْع الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاة

وَقَالَ فِي الْبَاب عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَنَّهُ قَالَ مِنْ كَلَام النُّبُوَّة إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْت وَوَضْع الْيَدَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الصَّلَاة تَضَع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَتَعْجِيل الْفِطْر وَالْاِسْتِينَاء يَعْنِي التَّأَنِّي بِالسُّحُورِ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَضَع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى مِنْ كَلَام مَالِكٍ

وَهَذِهِ التَّرْجَمَة وَالدَّلِيل وَالتَّفْسِير صَرِيح فِي أَنَّ مَذْهَبه

وَضْع الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى

وَقَدْ رَوَى أَبُو حَاتِم بْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث بن وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّهُ سَمِعَ عطاء بن أبي رباح يحدث عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّا مَعْشَر الْأَنْبِيَاء أُمِرْنَا أَنْ نُؤَخِّر سُحُورنَا وَنُعَجِّل فِطْرنَا وَأَنْ نُمْسِك بِأَيْمَانِنَا على شمائلنا في صلاتنا

ص: 294