المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب افتتاح الصلاة) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٢

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌ بَابُ الرجل يسلم)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ)

- ‌(بَابٌ فِي طُهُورِ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَتْ)

- ‌(بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ)

- ‌ بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ)

- ‌(بَابُ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌2 - كِتَابِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب فِي الْمَوَاقِيتِ)

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ)

- ‌ باب وقت العشاء اخرة)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌ بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ)

- ‌ باب إذا أخر امام الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ)

- ‌ بَاب فِي مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا)

- ‌(بَاب فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ)

- ‌(بَاب فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب في حصى المسجد)

- ‌(باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب ما يقول الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌ بَاب فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصَّلَاةُ)

- ‌(بَاب مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْأَذَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقَامَةِ)

- ‌(بَابٌ الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ)

- ‌ بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ)

- ‌(باب المؤذن يستدير في أذنه)

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ)

- ‌(بَاب (مَا جَاءَ فِي) الدعاء عند الأذان)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ)

- ‌ بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ لِلْأَعْمَى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ)

- ‌(بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا)

- ‌(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ في المشيء إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظَّلَمِ)

- ‌ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(باب في من خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي)

- ‌(بَاب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جَمَاعَةً يُعِيدُ)

- ‌(باب جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(باب في كراهية التدافع)

- ‌ بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ)

- ‌(بَاب إمامة الأعمى)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الزَّائِرِ)

- ‌(باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان الْقَوْمِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ)

- ‌ بَاب إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ)

- ‌(بَابُ التشديد فيمن يرفع قبل الإمام)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الْإِمَامِ)

- ‌(باب جماع أثواب ما يصلي فيه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثوب بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به)

- ‌(بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ)

- ‌(بَابُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ)

- ‌(بَاب الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ)

- ‌كتاب الصُّفُوف

- ‌ بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌ بَاب الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي)

- ‌ بَاب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصف وكراهية التأخير)

- ‌ بَاب مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الصَّفِّ)

- ‌ بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ)

- ‌ باب مقام الامام في الصف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ)

- ‌(كتاب السترة)

- ‌ بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ)

- ‌ بَاب الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ)

- ‌ بَابُ إذا صلى إلى سارية)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدثين)

- ‌(بَاب الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ)

- ‌ بَاب مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي)

- ‌(كتاب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها)

- ‌ بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ باب السترة الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌كتاب اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌ بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قَامَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ)

- ‌ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌ بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الدُّعَاءِ)

- ‌ بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ)

- ‌ بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)

- ‌ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِبِسْمِ الله الرحمن الرحيم)

- ‌ بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا)

- ‌(بَاب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)

الفصل: ‌ باب افتتاح الصلاة)

أَوْ جُبَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ كَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْبِرْسِ بِكَسْرِ بَاءٍ الْقُطْنِ وَأَكْسِيَةٌ جمع كساء

([730]

‌ بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

(فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رسول الله) أَيْ فِي مَحْضَرِ عَشَرَةٍ يَعْنِي بَيْنَ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ وَحَضْرَتِهِمْ (أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ) فِيهِ مَدْحُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ لِمَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ لِيَكُونَ كَلَامُهُ أَوْقَعَ وَأَثْبَتَ عِنْدَ السَّامِعِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ مَدْحُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَافْتِخَارُهُ فِي الْجِهَادِ لِيُوقِعَ الرَّهْبَةَ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ (مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا لَهُ تَبَعَةً) أَيِ اقْتِدَاءً لِآثَارِهِ وسننه (قَالُوا فَاعْرِضْ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ أَيْ إِذَا كُنْتَ أَعْلَمُ فَاعْرِضْ

فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ عَرَضْتُ عَلَيْهِ أَمْرَ كَذَا أَوْ عَرَضْتُ لَهُ الشَّيْءَ أَظْهَرْتُهُ وَأَبْرَزْتُهُ إِلَيْهِ اعْرِضْ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ أَيْ بَيِّنْ عِلْمَكَ بِصَلَاتِهِ عليه السلام إِنْ كُنْتَ صادقا

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله حَدِيث أَبِي حُمَيْدٍ هَذَا حَدِيث صَحِيح مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ لَا عِلَّة لَهُ

وَقَدْ أَعَلَّهُ قَوْم بِمَا بَرَّأَهُ اللَّه وَأَئِمَّة الْحَدِيث مِنْهُ

وَنَحْنُ نَذْكُر مَا عَلَّلُوهُ بِهِ ثُمَّ نُبَيِّن فساد تعليلهم وبطلانه بعون الله

ص: 295

فِيمَا تَدَّعِيهِ لِنُوَافِقُكَ إِنْ حَفِظْنَاهُ وَإِلَّا اسْتَفَدْنَاهُ (حَتَّى يَقَرَّ) أَيْ يَسْتَقِرَّ (وَيَضَعَ رَاحَتَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ (ثُمَّ يَعْتَدِلَ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ بِأَنْ يُسَوِّيَ رَأْسَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى يَصِيرَا كَالصَّفْحَةِ وَتَفْسِيرُهُ قَوْلَهُ (فَلَا يَصُبُّ رَأْسَهُ) مِنَ الصَّبِّ أَيْ لَا يُمِيلُهُ إِلَى أَسْفَلَ وَفِي نُسْخَةِ الْخَطَّابِيُّ لَا يَنْصِبُ حَيْثُ قَالَ قَوْلَهُ لَا يَنْصِبُ رَأْسَهُ هَكَذَا جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَنَصْبُ الرأس معروف ورواه بن الْمُبَارَكِ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَهُ مِنْ عَبَّاسٍ هُوَ بن سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ فِيهِ لَا يُصَبِّي رَأْسَهُ وَلَا يُقْنِعُهُ يُقَالُ صَبَّى الرَّجُلُ رَأْسَهُ يُصَبِّيهُ إِذَا خَفَضَهُ جِدًّا وَقَدْ فَسَّرْتُهُ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ انْتَهَى

وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ

وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُصَبِّي رَأْسَهُ فِي الرُّكُوعِ وَلَا يُقْنِعُهُ أَيْ لَا يَخْفِضُهُ كَثِيرًا وَلَا يُمِيلُهُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ صَبَا إِلَيْهِ يَصْبُو إِذَا مَالَ وَصَبَّى رَأْسَهُ تَصْبِيَةً شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ وَقِيلَ هُوَ مَهْمُوزٌ مِنْ صَبَأَ إِذَا خَرَجَ مِنْ دِينٍ وَيُرْوَى لَا يَصْبُ انْتَهَى

وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَفِي النِّهَايَةِ وَشَدَّدَهُ لِلتَّكْثِيرِ

قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلتَّعْدِيَةِ

وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ الصَّوَابُ يُصَوِّبُ

قُلْتُ إِذَا صَحَّ صَبَّى لُغَةٌ وَرِوَايَةٌ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَالصَّوَابُ

انْتَهَى (وَلَا يُقْنِعُ) مِنْ أَقْنَعَ رَأْسَهُ إِذَا رَفَعَ أَيْ لَا يَرْفَعُهُ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مِنْ ظَهْرِهِ (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) أَيْ إِلَى الْقَامَةِ بِالِاعْتِدَالِ (مُعْتَدِلًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَرْفَعُ (ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ) أَيْ يَنْزِلُ وَالْهُوِيُّ السُّقُوطُ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى أَسْفَلَ (فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ) أَيْ يُبَاعِدُ (ويثني) بفتح الياء الأول أي يعطف (ويفتح أصابع رجليه) بالخاء المعجمة وأصل الفتح اللين

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال بن الْقَطَّانِ فِي كِتَابه الْوَهْم وَالْإِيهَام هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ صَدُوق وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ

وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ

وَضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي رِوَايَة عَنْهُ

وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَجِد عليه من أجل القدر

فيجب التَّثَبُّت فِيمَا رَوَى مِنْ قَوْله فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَإِنَّ أَبَا قَتَادَةُ تُوُفِّيَ فِي زَمَن عَلِيٍّ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ

وَهُوَ مِمَّنْ قَاتَلَ مَعَهُ وَسِنّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو مُقَصِّرَة عَنْ إِدْرَاك ذَلِكَ

قَالَ وَقِيلَ فِي وَفَاة أَبِي قَتَادَةَ غَيْر ذَلِكَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ الصَّحِيح مَا ذَكَرْنَاهُ

وَقِيلَ فِي سَنَة أَرْبَعِينَ ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيل أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ

قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالَّذِي زَادَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو غَيْر مَعْرُوف وَلَا مُتَّصِل لِأَنَّ فِي حَدِيثه أَنَّهُ حَضَرَ أَبَا حُمَيْدٍ وَأَبَا قَتَادَةَ وَوَفَاة أَبِي قَتَادَةَ قَبْل ذَلِكَ بِدَهْرٍ طَوِيل لِأَنَّهُ قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ

فَأَيْنَ سِنّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ هَذَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جعفر ضعيف

قال بن الْقَطَّانِ وَيَزِيد هَذَا الْمَعْنَى تَأْكِيدًا أَنَّ

ص: 296

أَيْ يَثْنِيهَا وَيُلِينُهَا فَيُوَجِّهُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ

وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ يُلِينُهَا فَيَنْصِبُهَا وَيُغْمِضُ مَوْضِعَ الْمَفَاصِلِ وَيَثْنِيهَا إِلَى بَاطِنِ الرِّجْلِ (ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَا تَشَهُّدَ فِيهَا وَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ مَبْسُوطًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وفيه أيضا أنه قعد قعدة بعد ما رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِيَامِ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يَقْعُدْهَا وَرَوَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَضُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ (أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ أَخْرَجَ مِنْ تَحْتِ مَقْعَدَتِهِ إِلَى الْأَيْمَنِ (وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقّهِ الْأَيْسَرِ) أَيْ مُفْضِيًا بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ غَيْرَ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

عَطَّافَ بْنَ خَالِدٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا رَجُل أَنَّهُ وَجَدَ عَشَرَة مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جُلُوسًا فَذَكَرَ نَحْو حَدِيث أَبِي عَاصِمٍ وَعَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ مَدَنِيّ لَيْسَ بِدُونِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ حَكَى أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَحْمَدهُ قَالَ وَذَلِكَ لَا يَضُرّهُ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْر مُفَسَّر مِنْ مَالِكٍ بِأَمْرٍ يَجِبُ لِأَجْلِهِ تَرْك رِوَايَته

قَالَ وَقَدْ اِعْتَرَضَ الطَّبَرَانِيُّ عَلَى مَالِكٍ فِي ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَم تَفْسِير الْجَرْح بِأَمْرٍ آخَر لَا يَرَاهُ صَوَابًا وَهُوَ أَنْ قَالَ وَحَتَّى لَوْ كَانَ مَالِكٌ قَدْ فَسَّرَ لَمْ يَجِب أَنْ يَتْرُك بِتَجْرِيحِهِ رِوَايَة عَطَّافٍ حَتَّى يَكُون مَعَهُ مُجَرِّح آخَر قَالَ بن الْقَطَّانِ وَإِنَّمَا لَمْ يَرَهُ صَوَابًا لِوَجْهَيْنِ

أَحَدهمَا أَنَّ هَذَا الْمَذْهَب لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ إِذَا جُرِحَ وَاحِد بِمَا هُوَ جَرْحه قَبْل

فَإِنَّهُ نَقْل مِنْهُ لِحَالٍ سَيِّئَة تَسْقُط بِهَا الْعَدَالَة وَلَا يُحْتَاج فِي النَّقْل إِلَى تَعَدُّد الرُّوَاة

والوجه الثاني أن بن مَهْدِيٍّ أَيْضًا لَمْ يَرْضَ عَطَّافًا لَكِنْ لَمْ يُفَسِّر بِمَاذَا لَمْ يَرْضَهُ فَلَوْ قَبِلْنَا قَوْله فِيهِ قَلَّدْنَاهُ فِي رَأْي لَا فِي رِوَايَة

وغير مالك وبن مَهْدِيٍّ يُوَثِّقهُ

قَالَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ

هُوَ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة ثِقَة صَحِيح الْحَدِيث

روى نحو مائة حديث

وقال بن مَعِينٍ صَالِح الْحَدِيث لَيْسَ بِهِ بَأْس

وَقَدْ قال بن مَعِينٍ مَنْ قُلْت لَيْسَ بِهِ بَأْس فَهُوَ عِنْدِي ثِقَة

وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَيْسَ بِهِ بَأْس

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِذَاكَ

قَالَ بن الْقَطَّانِ وَلَعَلَّهُ أَحْسَن حَالًا مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ بَيْن محمد بن عمرو وَبَيْن أُولَئِكَ الصَّحَابَة رَجُلًا

قَالَ وَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدنَا مُحْتَاجًا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْحَدِيث للقضاء بانقطاعه لكتبته في المدرك الَّذِي قَدْ فَرَغْت مِنْهُ وَلَكِنَّهُ غَيْر مُحْتَاج إِلَيْهِ لِلْمُقَرَّرِ مِنْ تَارِيخ وَفَاة أَبِي قَتَادَةَ وَتَقَاصُر سِنّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إِدْرَاك حَيَاته رَجُلًا

فَإِنَّمَا جَاءَتْ رِوَايَة عَطَّافٍ عَاضِدَة لِمَا قَدْ صَحَّ

ص: 297

قَاعِدٍ عَلَى رِجْلَيْهِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ مِنَ السُّنَّةِ أَنَّ الْمُصَلِّي أَرْبَعًا يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهُ الْيُسْرَى وَيَقْعُدُ فِي الرَّابِعَةِ مُتَوَرِّكًا وَهُوَ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى وَرِكِهِ وَيُفْضِي بِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَلَا يَقْعُدُ عَلَى رِجْلِهِ كَمَا يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ

وَكَانَ مَالِكٌ يَذْهَبُ إِلَى الْقُعُودِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ سَوَاءٌ بِحَيْثُ أَنْ يَكُونَ وَرِكُهُ عَلَى وَرِكِهِ وَلَا يَقْعُدُ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ يَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَرَى الْقُعُودَ عَلَى قَدَمِهِ فِي الْقَعْدَتَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ (قَالُوا) أَيِ الْعَشَرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ البخاري والترمذي والنسائي وبن ماجه مختصرا ومطولا

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَفَرَغَ مِنْهُ

قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ عَيَّاشٍ أَبُو عَبَّاسِ بن سهل الساعدي

أنه كان في مجلس فِيهِ أَبُو قَتَادَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو أَسِيدٍ وَأَبُو حُمَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُر فِيهِ مِنْ الْفَرْق بَيْن الْجُلُوسَيْنِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ

ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحه

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ وَيَزِيدَ بْنَ مُحَمَّدٍ سَمِعَا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أنه كان جالسا في نفر من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ فِي صَلَاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَا كُنْت أَحْفَظكُمْ لِصَلَاةِ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم

رَأَيْته إِذَا كَبَّرَ فَذَكَرَ الْحَدِيث

وَهَذَا لَا ذِكْر فِيهِ لِأَبِي قَتَادَةَ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْر لِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ظَاهِره

هَذَا آخِر كَلَامه

وَهُوَ مَعَ طُوله مَدَاره عَلَى ثَلَاثه فُصُول

(أَحَدهَا) تَضْعِيف عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَالثَّانِي) تَضْعِيف مُحَمَّدِ بن عمرو بن عطاء والثالث) اِنْقِطَاع الْحَدِيث بَيْن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَبَيْن الصَّحَابَة الَّذِينَ رَوَاهُ عَنْهُمْ

وَالْجَوَاب عَنْ هَذِهِ الْفُصُول

(أَمَّا الْأَوَّل) فَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي جَمِيع الرِّوَايَات عَنْهُ

وَوَثَّقَهُ الْإِمَام أَحْمَدُ أَيْضًا وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحه وَلَمْ يُحْفَظ عَنْ أَحَد مِنْ أَئِمَّة الْجَرْح وَالتَّعْدِيل تَضْعِيفه بِمَا يُوجِب سُقُوط رِوَايَته

فَتَضْعِيفه بِذَلِكَ مَرْدُود عَلَى قَائِله وَحَتَّى لَوْ ثَبَتَ عَنْ أَحَد مِنْهُمْ إِطْلَاق الضَّعْف عَلَيْهِ لَمْ يَقْدَح ذَلِكَ فِي رِوَايَته مَا لَمْ يُبَيِّن سَبَب ضَعْفه وَحِينَئِذٍ يُنْظَر فِيهِ هَلْ هُوَ قَادِح أَمْ لَا وَهَذَا إِنَّمَا يُحْتَاج إِلَيْهِ عِنْد الِاخْتِلَاف فِي تَوْثِيق الرَّجُل وَتَضْعِيفه وَأَمَّا إِذَا اِتَّفَقَ أَئِمَّة الْحَدِيث عَلَى تَضْعِيف رَجُل لَمْ يُحْتَجْ إِلَى ذِكْر سَبَب ضَعْفه هَذَا أَوْلَى مَا يُقَال فِي مَسْأَلَة التَّضْعِيف الْمُطْلَق وَأَمَّا الْفَصْل الثَّانِي وَهُوَ تَضْعِيف مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ فَفِي غَايَة الْفَسَاد فَإِنَّهُ مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَة وَالثِّقَة وَقَدْ وَثَّقَهُ أَئِمَّة الْحَدِيث كَأَحْمَدَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَغَيْرهمْ وَاتَّفَقَ صَاحِبَا الصَّحِيح عَلَى الِاحْتِجَاج بِهِ وَتَضْعِيف يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ لَهُ إِنْ

ص: 298

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

صَحَّ عَنْهُ فَهُوَ رِوَايَة الْمَشْهُور عَنْهُ خِلَافهَا وَحَتَّى لَوْ ثَبَتَ عَلَى تَضْعِيفه فَأَقَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَيِّن سَبَبه لَمْ يُلْتَفَت إِلَيْهِ مَعَ تَوْثِيق غَيْره مِنْ الْأَئِمَّة لَهُ وَلَوْ كَانَ رَجُل ضَعَّفَهُ رَجُل سَقَطَ حَدِيثه لَذَهَبَ عَامَّة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مِنْ أَيْدِينَا فَقَلَّ رَجُل مِنْ الثِّقَات إِلَّا وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ آخَر وَأَمَّا قَوْله كَانَ سُفْيَانُ يَحْمِل عَلَيْهِ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِهَة رَأْيه لَا مِنْ جِهَة رِوَايَته وَقَدْ رُمِيَ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة الْمُحْتَجِّ بروايتهم بالقدر كابن أبي عروبة وبن أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرهمَا وَبِالْإِرْجَاءِ كَطَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ وَغَيْره وَهَذَا أَشْهَر مِنْ أَنْ يُذْكَر نَظَائِره وَأَئِمَّة الْحَدِيث لَا يَرُدُّونَ حَدِيث الثِّقَة بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْفَصْل الثَّالِث وَهُوَ اِنْقِطَاع الْحَدِيث فَغَيْر صَحِيح وَهُوَ مَبْنِيّ عَلَى ثَلَاث مُقَدِّمَات إِحْدَاهَا أَنَّ وَفَاة أَبِي قَتَادَةَ كَانَتْ فِي خِلَافَة عَلِيٍّ وَالثَّانِيَة أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يُدْرِك خِلَافَة عَلِيٍّ وَالثَّالِثَة أَنَّهُ لَمْ يَثْبُت سَمَاعه مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ بَلْ بَيْنهمَا رَجُل فَأَمَّا الْمَقَام الْأَوَّل وَهُوَ وَفَاة أَبِي قَتَادَةَ فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَجْمَعَ أَهْل التَّوَارِيخ عَلَى أن أبا قتادة الحارث بن رِبْعِيٌّ بَقِيَ إِلَى سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَقِيلَ بَعْدهَا ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيق يَعْقُوبِ بْنَ سفيان قال قال بن بُكَيْرٍ قَالَ اللَّيْثُ مَاتَ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ قَالَ وَكَذَلِكَ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ عَنْ أَبِي حَامِدٍ المقرئ عَنْهُ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ الْحَافِظُ فِي كِتَابه مَعْرِفَة الصَّحَابَة وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ مَاتَ بالمدينة سنة خمس وخمسين وهو بن سَبْعِينَ سَنَة قَالَ وَالَّذِي يَدُلّ عَلَى هَذَا أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ وَعَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرْقِيَّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيَّ رَوَوْا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَإِنَّمَا حَمَلُوا الْعِلْم بَعْد أَيَّام عَلِيٍّ فَلَمْ يَثْبُت لَهُمْ عَنْ أَحَد مِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي أَيَّام عَلِيٍّ سَمَاع وَرَوَيْنَا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَة تَلَقَّتْهُ الْأَنْصَار وَتَخَلَّفَ أَبُو قَتَادَةَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْد وَجَرَى بَيْنهمَا مَا جَرَى وَمَعْلُوم أَنَّ مُعَاوِيَةَ إِنَّمَا قَدِمَهَا حَاجًّا قَدْمَته الْأُولَى فِي خِلَافَته سَنَة أَرْبَع وَأَرْبَعِينَ وَفِي تَارِيخ الْبُخَارِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ عَلَى الْمَدِينَة أَنْ اُغْدُ مَعِي حَتَّى تُرِينِي مَوَاقِف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه فَانْطَلَقَ مَعَ مَرْوَانَ حَتَّى قَضَى حَاجَته وَمَرْوَانُ إِنَّمَا وَلِيَ الْمَدِينَة فِي أَيَّام مُعَاوِيَةَ ثُمَّ نُزِعَ عَنْهَا سَنَة ثَمَان وَأَرْبَعِينَ وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ ثُمَّ نُزِعَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَأُمِّرَ عَلَيْهَا مَرْوَانُ قَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنه حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج قال سمعت نافعا يزعم أن بن عُمَرَ صَلَّى عَلَى سَبْع جَنَائِز جَمِيعًا فَجَعَلَ الرِّجَال يَلُونَ الْإِمَام وَالنِّسَاء يَلِينَ الْقِبْلَة فَصَفّهنَّ صَفًّا وَاحِدًا وَوُضِعَتْ جِنَازَة أُمِّ كُلْثُومَ اِبْنَةِ علي امرأة عمر بن الخطاب وبن لَهَا يُقَال لَهُ زَيْدٌ وُضِعَا جَمِيعًا وَالْإِمَام يومئذ سعيد بن العاص وفي الناس بن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو قَتَادَةَ فوضع الْغُلَام مِمَّا يَلِي الْإِمَام فَقَالَ رَجُل

ص: 299

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

فأنكرت ذلك فنظرت إلى بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي قَتَادَةَ فَقُلْت مَا هَذَا قَالُوا هِيَ السُّنَّة فَتَأَمَّلْ سَنَد هَذَا الْحَدِيث وَصِحَّته وَشَهَادَة نَافِعٍ بِشُهُودِ أَبِي قَتَادَةَ هَذِهِ الْجِنَازَة وَالْأَمِير يَوْمئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ

وَإِنَّمَا كَانَتْ إِمْرَته فِي خِلَافَة مُعَاوِيَةَ سَنَة ثَمَان وَأَرْبَعِينَ إِلَى سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

وَهَذَا مِمَّا لَا يَشُكّ فِيهِ عَوَامّ أَهْل النَّقْل وَخَاصَّتهمْ

فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا وَكَانَ بَدْرِيًّا وَبِمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ قَالَ صَلَّى عَلَى أَبِي قَتَادَةَ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ سِتًّا قُلْنَا لَا تَجُوز مُعَارَضَة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمَعْلُومَة الصِّحَّة بِرِوَايَاتِ التَّارِيخ الْمُنْقَطِعَة الْمَغْلُوطَة وَقَدْ خَطَّأَ الْأَئِمَّةُ رِوَايَة مُوسَى هَذِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَقَالُوا هِيَ غَلَط

قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْره

وَيَدُلّ عَلَى أَنَّهَا غَلَط وُجُوه أَحَدهَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمُصَرِّحَة بِتَأْخِيرِ وَفَاته وَبَقَاء مُدَّته بَعْد مَوْت عَلِيٍّ

الثَّانِي أَنَّهُ قَالَ كَانَ بَدْرِيًّا وَأَبُو قَتَادَةَ لَا يُعْرَف أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا

وَقَدْ ذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرهمْ أَسَامِي مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الصَّحَابَة وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا ذِكْر أَبِي قَتَادَةَ فَكَيْف يَجُوز رَدّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَة الَّتِي لَا مَطْعَن فِيهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَة الشَّاذَّة الَّتِي قَدْ عُلِمَ خَطَؤُهَا يَقِينًا إِمَّا فِي قَوْله وَصَلَّى عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَإِمَّا فِي قَوْله وَكَانَ بَدْرِيًّا

وَأَمَّا رِوَايَة الشَّعْبِيِّ فَمُنْقَطِعَة أَيْضًا غَيْر ثَابِتَة وَلَعَلَّ بَعْض الرُّوَاة غَلَط مِنْ تَسْمِيَة قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَوْ غَيْره إِلَى أَبِي قَتَادَةَ فَإِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ بَدْرِيٌّ وَهُوَ قَدِيم الْمَوْت

وَأَمَّا الْمَقَام الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يُدْرِك خِلَافَة عَلِيٍّ فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ تَأَخَّرَ عَنْ خِلَافَة عَلِيٍّ

وَأَمَّا الْمَقَام الثَّالِث وَهُوَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يَثْبُت سَمَاعه مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ بَلْ بَيْنهمَا رَجُل فَبَاطِل أَيْضًا

قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعه حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ وَغَيْر وَاحِد قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَة مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ فَذَكَرَهُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنه حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ رَأَيْت أبا حميد الساعدي مع عشرة وهط مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَلَّا أُحَدِّثكُمْ فَذَكَرَهُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْعَامِرِيُّ الْقُرَشِيُّ الْمَدَنِيُّ سمع أبا حميد الساعدي وأبا قتادة وبن عَبَّاسٍ رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو حُمَيْدٍ تُوُفِّيَ قَبْل السِّتِّينَ فِي خِلَافَة مُعَاوِيَةَ وَأَبُو قَتَادَةَ تُوُفِّيَ بَعْد الخمسين كما ذكرنا فكيف نكر لِقَاء مُحَمَّدٍ لَهُمَا وَسَمَاعه مِنْهُمَا

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

ثُمَّ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ تُوُفِّيَ فِي خِلَافَة عَلِيٍّ فَمِنْ أَيْنَ يَمْتَنِع أَنْ يَكُون مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ الْوَقْت رَجُلًا وَلَوْ اِمْتَنَعَ أَنْ يَكُون رَجُلًا لِتَقَاصُرِ سِنّه عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَمْتَنِع أَنْ يَكُون صَبِيًّا مُمَيِّزًا وَقَدْ شَاهَدَ هَذِهِ الْقِصَّة فِي صِغَره ثُمَّ أَدَّاهَا بَعْد بُلُوغه وَذَلِكَ لَا يَقْدَح فِي رِوَايَته وَتَحَمُّله اِتِّفَاقًا وَهُوَ أُسْوَة أَمْثَاله فِي ذَلِكَ

فَرَدَّ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِمِثْلِ هَذِهِ الْخَيَالَات الْفَاسِدَة مِمَّا يُرَغِّب عَنْ مِثْله أَئِمَّة الْعِلْم وَاللَّهُ الْمُوَفِّق

وَأَمَّا إِدْخَال مَنْ أَدْخَلَ بَيْن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ وَبَيْن أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَجُلًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرّ الْحَدِيث شَيْئًا فَإِنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلَانِ عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَمَّا عَطَّافٌ فَلَمْ يَرْضَ أَصْحَاب الصَّحِيح إِخْرَاج حَدِيثه وَلَا هُوَ مِمَّنْ يُعَارَض بِهِ الثِّقَات الْأَثْبَات قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ هُوَ مِنْ جَمَال الْمَحَامِل وَقَدْ تَابَعَ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ عَلَى رِوَايَته مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ كِلَاهُمَا قَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَلَا يُقَاوَم عَطَّاف بْنُ خَالِدٍ بِهَذَيْنِ حَتَّى تُقَدِّم روايته عَلَى رِوَايَتهمَا

وَقَوْله لَمْ يُصَرِّح مُحَمَّدُ بْنُ عمرو بن حلحلة في حديثه بسماع بن عَطَاءٍ مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ فَكَلَام بَارِد فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ سَمِعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عطاء أنه كان جالسا في نفر من أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا صَلَاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ وَقَدْ قَالَ رَأَيْت أَبَا حُمَيْدٍ ومرة سمعت أبا حميد فما هذا التكلف الْبَارِد وَالتَّعَنُّت الْبَاطِل فِي اِنْقِطَاع مَا وَصَلَهُ اللَّه وَأَمَّا حَدِيث عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ اُخْتُلِفَ فِي اِسْمه فَقِيلَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى ثُمَّ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَرَوَى عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَيَّاشٍ أَوْ عياس بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَرَوَى عَنْ عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بْنِ عِيسَى عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ لَيْسَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ

وَرُوِّينَا حَدِيث أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبَّاسَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَبَيَّنَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ فُلَيْحٍ سَمَاع عِيسَى مِنْ عَبَّاسٍ مَعَ سَمَاع فُلَيْحٍ مِنْ عَبَّاسٍ فَذِكْر مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بَيْنهمَا وَهْم

آخِر كَلَامه

وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَم مِنْ تَخْلِيط عِيسَى أَوْ مَنْ دُونه فَإِنَّ حَدِيث عَبَّاسٍ هَذَا لَا ذِكْر فِيهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْهُ

وَنَحْنُ نَذْكُر حَدِيثه

قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ اِجْتَمَعَ أَبُو حُمَيْدٍ وَأَبُو أَسِيدٍ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَذَكَرُوا صَلَاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَكَعَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابِض عَلَيْهِمَا وَوَتَرَ يَدَيْهِ فَنَحَّاهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ وَقَالَ حَسَن صَحِيح وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَخْبَرَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ اِجْتَمَعَ أَبُو حُمَيْدٍ وَأَبُو أَسِيدٍ فَذَكَرَهُ أَطْوَل مِنْ حَدِيث التِّرْمِذِيِّ

قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بْنِ عِيسَى عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ ورواه

ص: 301

وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

بن الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا فُلَيْحٌ قَالَ سَمِعْت عَبَّاسَ بْنَ سَهْلٍ يُحَدِّث فَلَمْ أَحْفَظهُ فَحَدَّثَنِيهِ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ حَضَرْت أَبَا حُمَيْدٍ

فَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ مِنْ رِوَايَة عَبَّاسٍ لَا ذِكْر فِيهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِوَجْهٍ

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَبِي خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَحَدُ بَنِيِّ مَالِكٍ عَنْ عَبَّاسٍ أَوْ عَيَّاشِ بن سهل الساعدي أنه كان في مجلس فِيهِ أَبُوهُ وَفِي الْمَجْلِس أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو حميد وأبو أسيد بِهَذَا الْخَبَر يَزِيد وَيَنْقُص

فَهَذَا الَّذِي غَرَّ مَنْ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَم مِنْ تَخْلِيط عِيسَى أَوْ مَنْ دُونه لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ أَبَا حُمَيْدٍ حَدَّثَهُ بِهِ وَسَمِعَهُ مِنْهُ وَرَوَاهُ حِين حَدَّثَهُ بِهِ فَكَيْف يَدْخُل بَيْنه وَبَيْنه عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ هَذَا لَمَّا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَرَوَاهُ الْعَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ خَلَطَ بَعْض الرُّوَاة وَقَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ الْعَبَّاسِ

وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُول وَعَنْ الْعَبَّاسِ بِالْوَاوِ

وَيَدُلّ عَلَى هَذَا أَنَّ عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ عَبَّاسٍ كَمَا فِي رواية بن الْمُبَارَكِ

فَكَيْف يُشَافِههُ بِهِ عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ ثُمَّ يَرْوِيه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْهُ فَهَذَا كُلّه بَيَّنَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو وَعَبَّاسَ بْنَ سَهْلٍ اِشْتَرَكَا فِي رِوَايَته عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ

فَصَحَّ الْحَدِيث بِحَمْدِ اللَّه وَظَهَرَ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّة الَّتِي رُمِيَ بِهَا مِمَّا تَدُلّ عَلَى قُوَّته وَحِفْظه

وَأَنَّ رِوَايَة عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ شَاهِدَة وَمُصَدِّقَة لِرِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَهَكَذَا الْحَقّ يُصَدِّق بَعْضه بَعْضًا وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيث إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَة

وَرَوَاهُ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَهَذَا لَا ذِكْر فِيهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ إِسْنَاد مُتَّصِل تَقُوم بِهِ الْحُجَّة فَلَا يَنْبَغِي الْإِعْرَاض عَنْ هَذَا وَالِاشْتِغَال بِحَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَالتَّعَلُّق عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ

ثُمَّ لَوْ نَزَلْنَا عَنْ هَذَا كُلّه وَضَرَبْنَا عَنْهُ صَفْحًا إِلَى التَّسْلِيم أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يُدْرِك أَبَا قَتَادَةَ فَغَايَته أَنْ يَكُون الْوَهْم قَدْ وَقَعَ فِي تَسْمِيَة أَبِي قَتَادَةَ وَحْده دُون غَيْره مِمَّنْ مَعَهُ وَهَذَا لَا يَجُوز بِمُجَرَّدِهِ تَرْكه حَدِيثه وَالْقَدَح فِيهِ عِنْد أَحَد مِنْ الْأَئِمَّة وَلَوْ كَانَ كُلّ مَنْ غَلِطَ وَنَسِيَ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ اِسْم رَجُل بِآخَر يَسْقُط حَدِيثه لَذَهَبَتْ الْأَحَادِيث وَرُوَاتهَا مِنْ أَيْدِي النَّاس

فَهَبْهُ غَلِطَ فِي تَسْمِيَته أَبَا قَتَادَةَ أَفَيَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُون ذَكَرَ بَاقِي الصَّحَابَة غَلَطًا وَيَقْدَح فِي قَوْله سَمِعْت أَبَا حُمَيْدٍ وَرَأَيْت أَبَا حُمَيْدٍ أَوْ أَنَّ أَبَا حُمَيْدٍ قَالَ وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة لَمْ يَتَّفِق عَلَيْهَا الرُّوَاة وَهِيَ قَوْله فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ وَلَمْ يَذْكُر فِيهِمْ أَبَا قَتَادَةَ وَمِنْ طَرِيقه رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يَذْكُرهَا وَأَمَّا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ هِشَامٌ وَلَمْ يَذْكُرهَا وَرَوَاهُ عَنْهُ أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَذَكَرَاهَا عَنْهُ وَأَظُنّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ جَعْفَرٍ تَفَرَّدَ بِهَا

وَمِمَّا يُبَيِّن أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَهْمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ قَدْ كَانَ فِي أُولَئِكَ الرَّهْط وَوَفَاته سَنَة ثَلَاث وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا لَمْ تَتَقَاصَر سِنّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ لِقَائِهِ فَكَيْف تَتَقَاصَر عَنْ لِقَاء أَبِي قَتَادَةَ وَوَفَاته إِمَّا بَعْد الْخَمْسِينَ عِنْد الْأَكْثَرِينَ أَوْ قُبَيْلَ الْأَرْبَعِينَ عِنْد بَعْضهمْ والله الموفق للصواب

ص: 302

[731]

(أَمْكَنَ) أَيْ أَقْدَرَ (ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ ثَنَى ظَهْرَهُ وَخَفَضَهُ وَأَصْلُ الْهَصْرِ أَنْ تَأْخُذَ بِطَرَفِ الشَّيْءِ ثُمَّ تَجْذِبُهُ إِلَيْكَ كَالْغُصْنِ مِنَ الشَّجَرَةِ وَنَحْوِهِ فَتُمِيلُهُ فَيَنْصَهِرَ أَيْ يَنْكَسِرَ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ

انْتَهَى (وَلَا صَافِحٍ بِخَدِّهِ) أَيْ غَيْرَ مُبْرِزٍ صَفْحَةَ خَدِّهِ مَائِلًا فِي أَحَدِ الشِّقَّيْنِ (أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ) أَيْ أَوْصَلَهَا إِلَى الْأَرْضِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ إِذَا مَسَّهَا بِبَطْنِ رَاحَتِهِ

انْتَهَى

(وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ) وَهِيَ نَاحِيَةِ الْيُمْنَى وَإِطْلَاقِ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْيُمْنَى تَغْلِيبٌ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ حَقِيقَةٌ هُوَ الْيُسْرَى لَا غَيْرَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ مَقَالٌ

[732]

(فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ) أَيْ لَهُمَا (وَلَا قَابِضَهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَضُمَّهُمَا إِلَيْهِ (وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ

[733]

(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَحَدِ بَنِي مَالِكٍ عَنْ عَبَّاسٍ أَوْ عَيَّاشِ بْنِ سَهْلٍ) وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَدْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَرِوَايَةُ عبد الحميد

ص: 303

الْمُتَقَدِّمَةُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ فَإِدْخَالُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْخِهِ أَبِي حُمَيْدٍ عَبَّاسًا كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِمَّا لِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ وَإِمَّا لِيُثْبِتَ فِيهِ فَتَكُونُ رِوَايَةُ عِيسَى هَذِهِ عَنْهُ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ

قَالَهُ الْحَافِظُ (بِهَذَا الْخَبَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ رَوَى عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ) أَيْ فِي رِوَايَةِ عِيسَى زِيَادَةٌ عَلَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَنُقْصَانٌ مِنْهُ (قَالَ) أَيْ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ (فَانْتَصَبَ عَلَى كَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ ساجد) وفي رواية بن إسحاق فاعلو لي عَلَى جَبِينِهِ وَرَاحَتَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ (فَتَوَرَّكَ) الْوَرِكُ فَوْقَ الْفَخِذِ أَيِ اعْتَمَدَ عَلَى وَرِكِهِ الْيُسْرَى وَجَلَسَ عَلَيْهَا (وَنَصَبَ قَدَمَهُ الْأُخْرَى) هِيَ الْيُمْنَى وَالْجُلُوسُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مُتَوَرِّكًا هُوَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ (ثُمَّ كَبَّرَ فَقَامَ) عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ (وَلَمْ يَتَوَرَّكْ) أَيْ لَمْ يَجْلِسْ مُتَوَرِّكًا مِثْلَ تَوَرُّكِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (وَلَمْ يَذْكُرْ) مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ (التَّوَرُّكَ فِي التَّشَهُّدِ) الثَّانِي وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ

قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا يُخَالِفُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ وَيُقَوِّي رِوَايَةَ عبد الحميد ورواية فليح عند بن حِبَّانَ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ أَوْرَدَهُ هَكَذَا مُخْتَصَرًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ له

وفي رواية بن إِسْحَاقَ خِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَفْظُهُ فَاعْتَدَلَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَصُدُورَ قَدَمَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّعَدُّدِ وَإِلَّا فَرِوَايَةُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَرْجَحُ

انْتَهَى

ص: 304

[734]

(فَذَكَرَ بَعْضَ هَذَا) أَيْ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ (قَالَ) أَيْ فُلَيْحٌ (وَوَتَّرَ يَدَيْهِ أَيْ عَوَّجَهُمَا مِنَ التَّوْتِيرِ وَهُوَ جَعْلُ الْوَتَرِ عَلَى الْقَوْسِ (فتجافي عن جبينه) أَيْ نَحَّى مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ حَتَّى كَأَنَّ يَدَهُ كَالْوَتَرِ وَجَنْبَهُ كَالْقَوْسِ

وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ جَعَلَهُمَا كَالْوَتَرِ مِنْ قَوْلِكَ وَتَّرْتُ الْقَوْسَ وَأَوْتَرْتُهُ شَبَّهَ يَدَ الرَّاكِعِ إِذَا مَدَّهَا قَابِضًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِالْقَوْسِ إِذَا أُوتِرَتْ (فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ) أَيْ مِنَ الْأَرْضِ (وَنَحَّى) مِنْ نَحَّى يُنَحِّي تَنْحِيَةً إِذَا أَبْعَدَ (حَتَّى فَرَغَ) مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (ثُمَّ جَلَسَ) فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى) أَيْ جَلَسَ عَلَى بَطْنِهَا (وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ) أَيْ وَجَّهَ أَطْرَافَ أَصَابِعِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى إِلَى الْقِبْلَةِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ

وَنَقَلَ مَيْرَكُ عَنِ الْأَزْهَارِ أَيْ جَعَلَ صَدْرَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى مُقَابِلًا لِلْقِبْلَةِ وَذَلِكَ بِوَضْعِ بَاطِنِ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ مُقَابِلَ الْقِبْلَةِ مَعَ تَحَامُلٍ قَلِيلٍ فِي نَصْبِ الرِّجْلِ وَالْجُلُوسُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي التَّشَهُّدَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ (وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عن بن عمر وأشار بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَفِي أُخْرَى لَهُ وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ

قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ الْإِشَارَةُ بِالسَّبَّابَةِ وَرَدَ بِلَفْظِ الْإِشَارَةِ كما هنا وكما في حديث بن الزبير أنه كَانَ يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ وَلَا يُحَرِّكُهَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَبِابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ

وعند بن خزيمة والبيهقي من حديث وائل أنه رَفَعَ إِصْبَعَهُ فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالتَّحْرِيكِ الْإِشَارَةَ لَا تَكْرِيرَ تَحْرِيكِهَا حَتَّى لَا يُعَارِضَ حَدِيثَ بن الزُّبَيْرِ

وَمَوْضِعُ الْإِشَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ وَيَنْوِي بِالْإِشَارَةِ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ فِيهِ فَيَكُونُ جَامِعًا فِي التَّوْحِيدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ وَلِذَلِكَ نهي النبي عَنْ الْإِشَارَةِ بِالْإِصْبَعَيْنِ

وَقَالَ أَحِّدْ أَحِّدْ لِمَنْ رَآهُ بِإِصْبَعَيْهِ انْتَهَى

وَيَجِيءُ بَاقِي بَحْثِ الْإِشَارَةِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ) وَيَأْتِي حَدِيثُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (لَمْ يَذْكُرِ التَّوَرُّكَ) فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ (وَذَكَرَ) عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدِيثَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّوَرُّكِ (نَحْوَ حَدِيثِ

ص: 305

فُلَيْحٍ) بْنِ سُلَيْمَانَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّوَرُّكِ (وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ) رِوَايَتَهُ الْمُتَقَدِّمَةَ (نَحْوَ جِلْسَةِ حَدِيثِ فُلَيْحٍ وَعُتْبَةَ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْحُرِّ وَفُلَيْحَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَعُتْبَةَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ كُلُّهُمْ ذَكَرُوهُ فِي رِوَايَتِهِمْ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ مَجْلِسُ الصَّحَابَةِ وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لَكِنْ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمْ ذِكْرُ التَّوَرُّكِ مَعَ أَنَّ ذِكْرَ التَّوَرُّكِ مَحْفُوظٌ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ [735](وَإِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ) أَيْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (غَيْرَ حَامِلٍ) غَيْرَ وَاضِعٍ (بَطْنَهُ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ حَامِلٍ (فَلَمْ أَحْفَظْهُ) أَيْ حَدِيثَ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ وَهَذِهِ مَقُولَةُ فُلَيْحٍ (فَحَدَّثَنِيهِ) أَيْ ذَلِكَ الْحَدِيثَ هَذَا أَيْضًا مِنْ مَقُولَةِ فُلَيْحٍ أَيْ قَالَ فُلَيْحٌ فَلَمَّا نَسِيتُ حَدِيثَ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَنِي بِهِ (أُرَاهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنّهُ (ذَكَرَ) فُلَيْحٌ وَقَوْلُهُ أُرَاهُ ذَكَرَ هَذِهِ مَقُولَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ كَأَنَّهُ شُكَّ فِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ (عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ) هَذَا مَفْعُولُ ذَكَرَ أَيْضًا وَفَاعِلُ حدثني أيضا والمعنى يقول بن الْمُبَارَكِ أَنَا أَظُنُّ أَنَّ فُلَيْحًا سَمَّى مُحَدِّثَهُ وَشَيْخَهُ عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ

[736]

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ قَبْلَ الْمُهْمَلَةِ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ وَعَطَاءٍ وطائفة وعنه بن عَوْنٍ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ (وَقَعَتَا رُكْبَتَاهُ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدِي وَالظَّاهِرُ وَقَعَتْ رُكْبَتَاهُ بِإِفْرَادِ الْفِعْلِ لَكِنَّهُ عَلَى لُغَةِ (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وَأَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ (قَبْلَ أَنْ تَقَعَا كَفَّاهُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَقَعُ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ وَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ والشافعية

ص: 306

وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعن بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وجماعة من العلماء

وذهب مالك والأوزاعي وبن حَزْمٍ إِلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَرَوَى الْحَازِمِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ قبل ركبهم قال بن دَاوُدَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ

قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ وَهُوَ أَقْوَى من حديث وائل رأيت رسول الله إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ الأربعة فإن للاول شاهدا من حديث بن عمر صححه بن خُزَيْمَةَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَوْقُوفًا انْتَهَى

وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ (فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حديث وائل أن النبي سَجَدَ فَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ لَمَّا سَجَدَ وَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ قُلْتُ الْأَمْرُ فِيهِ وَاسِعٌ (وَجَافَى عَنْ إِبْطَيْهِ) مِنْ الْمُجَافَاةِ وَهُوَ الْمُبَاعَدَةُ مِنَ الْجَفَاءِ وَهُوَ الْبُعْدُ عَنِ الشَّيْءِ (وَفِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا) أَيْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَشَقِيقٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مَقُولَةِ هَمَّامٍ (وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنَّهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَإِذَا نَهَضَ) وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ أَيْ إِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِلَخْ هِيَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ أَوْ شَقِيقٍ لَا أَحْفَظُ لَكِنْ أَكْبَرُ عِلْمِي وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ أَنَّهَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ (وَإِذَا نَهَضَ) أَيْ قَامَ (نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى فَخِذِهِ بِالْإِفْرَادِ

قَالَ فِي النَّيْلِ الَّذِي فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَلَى فَخِذِهِ بِلَفْظِ الإفراد وقيده بن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ بِالْإِفْرَادِ أَيْضًا وَقَالَ هَكَذَا الرِّوَايَةُ ثُمَّ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ أَظُنُّهَا لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي أَبَا دَاوُدَ عَلَى فَخِذَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْمَعْنَى وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِالْإِفْرَادِ

قَالَ بن رَسْلَانَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ التَّثْنِيَةُ كَمَا فِي رُكْبَتَيْهِ انتهى

قلت النسخ الموجودة عندي مختلفة ها هنا فَفِي بَعْضِهَا بِالْإِفْرَادِ وَفِي بَعْضِهَا بِالتَّثْنِيَةِ وَكَذَا فِي بَابِ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا

وَفِي قَوْلِهِ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ دَلَالَةٌ عَلَى النُّهُوضِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ لَا عَلَى الْأَرْضِ ويأتي بحثه

ص: 307

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ كُلَيْبٌ وَالِدُ عَاصِمٍ هُوَ كُلَيْبُ بْنُ شِهَابٍ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ مُرْسَلًا وَلَمْ يُدْرِكْهُ

[737]

(يَرْفَعُ إِبْهَامَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إلى شحمة أذنيه) الشحمة مالان مِنْ أَسْفَلِهِمَا

قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُخْتَارُ الشَّافِعِيِّ

انْتَهَى

وَقَالَ الْحَافِظُ وَبِهَذَا أَيْ رَفْعَ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ أَخْذَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ

وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْهُ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ بِلَفْظِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ وَرَجَحَ الْأَوَّلُ لِكَوْنِ إِسْنَادِهِ أَصَحَّ

وَرَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ يُحَاذِي بِظَهْرِ كَفَّيْهِ الْمَنْكِبَيْنِ وَبِأَطْرَافِ أَنَامِلِهِ الْأُذُنَيْنِ

وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ وَائِلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ حَتَّى كَانَتَا حِيَالَ مَنْكِبَيْهِ وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ وَبِهَذَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا حكاه بن شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ

[738]

(وَإِذَا رَفَعَ لِلسُّجُودِ) أَيْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ من الركوع لكي يسجد بعد ما قَامَ مُعْتَدِلًا (وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرَّفْعِ فِي الْمَوْضِعِ الرَّابِعِ وَهُوَ حِينَ الْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ ما زاده بن عُمَرَ وَعَلِيٌّ وَأَبُو حُمَيْدٍ فِي عَشَرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنَ الرَّفْعِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْكُوا صَلَاةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا فِيهَا وَإِنَّمَا زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِ وَالزِّيَادَةُ مقبولة من أهل العلم

قال بن بَطَّالٍ هَذِهِ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا لِمَنْ يَقُولُ بِالرَّفْعِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمْ يَقُلْ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ لَازِمٌ عَلَى أَصْلِهِ فِي قَبُولِ الزِّيَادَةِ

وقال بن خُزَيْمَةَ هُوَ سُنَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ فا سناد صَحِيحٌ وَقَدْ قَالَ قُولُوا بِالسُّنَّةِ وَدَعُوا قَوْلِي وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَأَمَّا كَوْنُهُ مَذْهَبًا لِلشَّافِعِيِّ لِكَوْنِهِ قَالَ إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ

ص: 308

فَهُوَ مَذْهَبِي فَفِيهِ نَظَرٌ

انْتَهَى

وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ مَا إِذَا عُرِفَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَمَّا إِذَا عُرِفَ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ أَوْ تَأَوَّلَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَلَا وَالْأَمْرُ ها هنا مُحْتَمِلٌ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

[739]

(عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنُ هُبَيْرَةَ الهاشمي الدمشقي القلانسي قال بن أَبِي حَاتِمٍ صَدُوقٌ (يُشِيرُ بِكَفَّيْهِ) أَيْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ (حِينَ يَقُومُ) لِلصَّلَاةِ وَيَسْتَفْتِحُ (وَحِينَ يَسْجُدُ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ لكن الاستدلال به عليه نام لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حِينَ يَسْجُدُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لِلسُّجُودِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِذَا جَاءَ الِاحْتِمَالُ بَطَلَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ لَا يَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ (وَحِينَ يَنْهَضُ لِلْقِيَامِ) أَيْ يَقُومُ لَهُ (فَيَقُومُ فَيُشِيرُ بِيَدَيْهِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرَّفْعِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ السُّجُودِ لكنه مع ضعفه معارض بحديث بن عُمَرَ الْمَرْوِيِّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِيهِ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رأسه من السجود (إني رأيت بن الزُّبَيْرِ صَلَّى صَلَاةً لَمْ أَرَ أَحَدًا يُصَلِّيهَا) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ سَامَحُوا فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ فَتَرَكُوا هَذَا الرَّفْعَ كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ تَرَكُوا نَفْسَ التَّكْبِيرَاتِ أَيْضًا وَكَأَنَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ حَصَلَ الِاخْتِلَافِ فِي بَعْضِ السُّنَنِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ انْتَهَى (فَوَصَفْتُ لَهُ هَذِهِ الْإِشَارَةَ) أَيْ بَيَّنْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَفْعَ يَدَيْهِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ مَقَالٌ

انْتَهَى

قُلْتُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَزْرَجِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ أَحْمَدُ احْتَرَقَتْ كُتُبَهُ وَهُوَ صَحِيحُ الْكِتَابِ وَمَنْ كَتَبَ عَنْهُ قَدِيمًا فَسَمَاعُهُ صَحِيحٌ

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ مُسْلِمٌ

تَرَكَهُ وَكِيعٌ وَيَحْيَى القطان وبن مَهْدِيٍّ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بن لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء بن عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِصْرِيُّ الْقَاضِي صَدُوقٌ مِنَ السَّابِعَةِ خَلَطَ بَعْدَ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وقال بن الْقَيِّمِ رحمه الله وَهَذَا الْحَدِيث عَلَى شَرْط مُسْلِمٍ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بكر

ص: 309

احتراق كتبه ورواية بن المبارك وبن وَهْبٍ عَنْهُ أَعْدَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَلَهُ فِي مُسْلِمٍ بَعْضُ شَيْءٍ مَقْرُونٍ

انْتَهَى

[740]

(عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ) بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ فَاضِلٌ عَابِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ (فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْخَيْفُ مَا ارْتَفَعَ عَنْ مَجْرَى السَّيْلِ وَانْحَدَرَ عَنْ غَلْظِ الْجَبَلِ وَمَسْجِدُ مِنَى يُسَمَّى مَسْجِدُ الْخَيْفِ لِأَنَّهُ فِي سَفْحِ جَبَلِهَا (فَقُلْتُ لِوُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ) الْبَاهِلِيِّ أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ الْأَعْلَامِ عَنْ أَيُّوبَ وَمَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَأَبِي حَازِمٍ وَخَلْقٍ وَعَنْهُ حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وعبد الأعلى بن حماد النرسي

قال بن سَعْدٍ ثِقَةٌ حُجَّةٌ كَثِيرُ الْحَدِيثِ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي عَوَانَةَ (رَأَيْتُ أَبِي يَصْنَعُهُ) وَأَبُوهُ هُوَ طَاوُسُ بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَمَانِيُّ مَوْلَاهُمُ الْفَارِسِيُّ يُقَالُ اسْمُهُ ذَكْوَانُ وَطَاوُسٌ لَقَبٌ ثِقَةٌ فَقِيهٌ فَاضِلٌ مِنَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ

قَالَ طَاوُسٌ أَدْرَكْتُ خَمْسِينَ مِنَ الصحابة قال بن عباس إني لا أظن طَاوُسًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ (وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ يَصْنَعُهُ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى اسْتِحْبَابِهِ أَبُو بَكْرٍ الْمُنْذِرُ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَكِنِ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ النَّضْرَ بْنَ كَثِيرٍ السَّعْدِيَّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ هذا حديث منكر من حديث بن طَاوُسٍ

قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ صَالِحُ الْحَدِيثِ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عنده مناكير

وقال بن حِبَّانَ يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ لَا يَجُوزُ الاحتجاج به بحال

قال العلامة الشوكاني بعد ما سَاقَ حَدِيثَ مَيْمُونَ الْمَكِّيِّ وَحَدِيثَ النَّضْرِ بْنِ الْكَثِيرِ وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَيَقُولُ أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً لرسول الله وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَا تَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى الرَّفْعِ فِي غَيْرِ

ص: 310

تِلْكَ الْمَوَاطِنِ فَالْوَاجِبُ الْبَقَاءُ عَلَى النَّفْيِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ كَمَا قَامَ فِي الرَّفْعِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ التَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ انْتَهَى

فَإِنْ قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَصَحُّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي الرَّفْعِ فِي السُّجُودِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي صلاته إذا ركع إذا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ وَإِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ حَتَّى يُحَاذِي بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ طَرَفَهُ الْأَخِيرَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ سَعِيدٌ فَقَدْ تَابَعَهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ انْتَهَى فَظَهَرَ مِنْ قَوْلِ الْحَافِظِ هَذَا أَنَّ حَدِيثَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ سعيد بن نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أنه رأى النبي يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ إِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ وَإِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ حَتَّى يُحَاذِي بِهِمَا فروع أذنيه وقد أخرج مسلم بهذا اسناد طَرَفَهُ الْأَخِيرَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ سَعِيدٌ فَقَدْ تَابَعَهُ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عِنْدَ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ فَقَدْ قَامَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى الرَّفْعِ فِي السُّجُودِ فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِهِ

قُلْتُ لَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ صِحَّتُهُ كَيْفَ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَإِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر قال رأيت رسول الله إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَلَا يَفْعَلُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَلَهُ أَيْضًا وَلَا يَرْفَعْهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ أريكم صلاة رسول الله فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ الْحَدِيثَ

وَفِيهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا فَاصْنَعُوا وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ الْمَرْفُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعِلْمُهُ أَتَمُّ

[741]

(وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) مَعْنَاهُ قُبِلَ حَمْدُ مَنْ حَمِدَ وَاللَّامُ فِي لِمَنْ لِلْمَنْفَعَةِ وَالْهَاءُ

ص: 311

في حمده لكناية وقيل للسكتة والاستراحة ذكره بن الْمَلَكِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَجَابَ حَمْدَهُ وَتَقَبَّلَهُ يُقَالُ اسْمَعْ دُعَائِي أَيْ أَجِبْ لِأَنَّ غَرَضَ السَّائِلِ الْإِجَابَةُ وَالْقَبُولُ انْتَهَى

فَهُوَ دُعَاءٌ بِقَبُولِ الْحَمْدِ كَذَا قِيلَ وَيَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ (وَيَرْفَعُ) أَيْ يُسْنِدُ (ذَلِكَ) أَيْ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَيْ يَقُولُ إِنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ الله والمرفوع ما أضيف إلى النبي خَاصَّةً مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ تَقْرِيرٍ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْقَطِعًا (الصَّحِيحُ قَوْلُ بن عُمَرَ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ حَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ وَقَالَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ قَوْلُ عَبْدِ الْأَعْلَى وحكى الإسماعيلي عن بعض مشائخه أَنَّهُ أَوْمَأَ إِلَى أَنَّ عَبْدَ الْأَعْلَى أَخْطَأَ فِي رَفْعِهِ

قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَخَالَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَالْمُعْتَمِرُ يَعْنِي عن عبيد الله فرووه موقوفا علي بن عُمَرَ قُلْتُ وَقَفَهُ مُعْتَمِرٌ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ كَمَا قَالَ لَكِنْ رَفَعَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سالم عن بن عُمَرَ أَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ فِي جُزْءِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ وَقَدْ تُوبِعَ نَافِعٌ عَلَى ذَلِكَ عن بن عُمَرَ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ مِنْ طَرِيقِ مُحَارِبَ بن دثار عن بن عمر قال كان النبي إِذَا قَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَلَهُ شَوَاهِدٌ انْتَهَى (وَرَوَى بَقِيَّةُ أَوَّلَهُ) أَيْ أَوَّلَ الْحَدِيثِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ (وَأَسْنَدَهُ) أَيْ رَفَعَهُ إِلَى النيي صلى الله عليه وسلم (وَرَوَاهُ الثَّقَفِيُّ) يَعْنِي عَبْدَ الْوَهَّابِ (وَقَالَ فِيهِ) أَيْ قَالَ الثَّقَفِيُّ فِي رِوَايَتِهِ (وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) أَيْ هَذَا الموقوف من فعل بن عمر (قال بن جريج فيه) أي في حديثه (كان بن عُمَرَ يَجْعَلُ الْأُولَى أَرْفَعَهُنَّ) أَيْ يَجْعَلُ الرَّفْعَةَ الْأُولَى أَرْفَعَ مِنْ بَقِيَّةِ الرَّفَعَاتِ يَعْنِي أَكَانَ يرفع بن عُمَرَ إِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَرْفَعُ دُونَ ذَلِكَ عِنْدَ

ص: 312