الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنَ الزَّكَاةِ بِمَعْنَى الطَّهَارَةِ (صَلَاتَهُ) بِالنَّصْبِ أَوْ بِالرَّفْعِ (مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى) أَيْ أَفْضَلُ (مَعَ الرَّجُلِ) أَيِ الْوَاحِدِ (وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ) قال بن الْمَلَكِ مَا هَذِهِ مَوْصُولَةٌ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَيْهَا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ أَيِ الصَّلَاةِ الَّتِي كَثُرَ الْمُصَلُّونَ فِيهَا فَهُوَ أَحَبُّ وَتَذْكِيرُ هُوَ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ مَا انْتَهَى
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَكُلُّ مَوْضِعٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ كَثُرَ فِيهِ الْمُصَلُّونَ فَذَلِكَ الْمَوْضِعُ أَفْضَلُ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَقَامَ إِسْنَادَهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيلُ فِي آخَرِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَصِيرٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي مَعَ أَبِيهِ وَسَمِعَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ قاله شعبة وعلي بن الْمَدِينِيِّ
[555]
(كَقِيَامِ لَيْلَةٍ) أَيْ كَأَجْرِ قِيَامِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ مُسْلِمٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ جَمَاعَةَ الْعَتَمَةَ تُوَازِي فِي فَضِيلَتِهَا قِيَامَ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَصَلَاةُ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ تُوَازِي فِي فَضِيلَتِهَا قِيَامَ لَيْلَةٍ وَاللَّفْظُ الَّذِي خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ تَفْسِيرُهُ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ يَعْنِي وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ وَالْعِشَاءَ
وَطُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ وَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَإِنَّ اجْتِمَاعَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ لَيْلَةٍ
8 -
(باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلَاةِ)
[556]
(فَالْأَبْعَدُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الفاء ها هنا لِلتَّرْتِيبِ مَعَ تَفَاوُتٍ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَيَجُوزُ أن تكون الفاء ها هنا بِمَعْنَى ثُمَّ بِمَعْنَى أَبْعَدِهِمْ ثُمَّ أَبْعَدِهِمْ (أَعْظَمُ أجرا) نصب على
التميز فِيهِ أَنَّ سَبَبَ أَعَظْمِيَّةِ الْأَجْرِ فِي الصَّلَاةِ هُوَ بُعْدَ الْمَشْيِ وَهُوَ الْمَسَافَةُ وَذَلِكَ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى فَضْلِ الْمَسْجِدِ الْبَعِيدِ لِأَجْلِ كَثْرَةِ الْخُطَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أخرجه بن مَاجَهْ
[557]
(أَبْعَدَ) بِالنَّصْبِ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِقَوْلِهِ لا أعلم (منزلا) نصب على التميز (وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ) أَيْ لَا تَفُوتُ ذَلِكَ الرَّجُلَ (فِي الرَّمْضَاءِ) أَيْ فِي الرَّمْلِ الْحَارِّ وَالْأَرْضِ الشَّدِيدَةِ الْحَرَارَةِ (فَقَالَ) الرَّجُلُ (فَنُمِيَ الْحَدِيثُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُبْلِغَ (فَسَأَلَهُ) أَيْ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ (عَنْ ذَلِكَ) الْحَالِ (فَقَالَ) الرَّجُلُ (إِقْبَالِي) أَيْ ذَهَابِي (فَقَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (أَعْطَاكَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ) فِيهِ إِثْبَاتُ الثَّوَابِ في الخطا فِي الرُّجُوعِ مِنَ الصَّلَاةِ كَمَا يَثْبُتُ فِي الذَّهَابِ (أَنْطَاكَ اللَّهُ) أَيْ أَعْطَاكُ هِيَ لُغَةُ أهل اليمن في أعطى وقرىء إِنَّا أَنْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ بِالنُّونِ بَدَلُ الْعَيْنِ قَالَهُ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ (مَا احْتَسَبْتَ) أَيْ طَلَبْتَ فيه وجه الله وثوابه
قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الِاحْتِسَابُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَعِنْدَ الْمَكْرُوهَاتِ هُوَ الْبِدَارُ أَيِ الْإِسْرَاعُ إِلَى طَلَبِ الْأَجْرِ وَتَحْصِيلِهِ بِالتَّسْلِيمِ وَالصَّبْرِ أَوْ بِاسْتِعْمَالِ أَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْقِيَامِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْسُومِ فِيهَا طَلَبًا لِلثَّوَابِ الْمَرْجُوِّ مِنْهَا (كُلَّهُ أَجْمَعَ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِكُلِّهِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مسلم وبن مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ
[558]
(مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ) حَالٌ أَيْ قَاصِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ مَثَلًا لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ
(مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ) قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ أَيْ كَامِلٌ أَجْرُهُ وَقِيلَ كَأَجْرِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَجْرٌ كَالْحَاجِّ وَإِنْ تَغَايَرَ الْأَجْرَانِ كَثْرَةً وَقِلَّةً أَوْ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً أَوْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُسْتَوْفَى أَجْرُ الْمُصَلِّينَ مِنْ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ إِلَّا فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ كَالْحَاجِّ فَإِنَّهُ يُسْتَوْفَى أَجْرُ الْحَاجِّ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ إِلَّا فِي عَرَفَةَ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ (الْمُحْرِمِ) شُبِّهَ بِالْحَاجِّ الْمُحْرِمِ لِكَوْنِ التَّطَهُّرِ مِنَ الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْحَجِّ لِعَدَمِ جَوَازِهِمَا بِدُونِهِمَا ثُمَّ إِنَّ الْحَاجَّ إِذَا كَانَ مُحْرِمًا كَانَ ثَوَابُهُ أَتَمَّ فَكَذَلِكَ الْخَارِجُ إِلَى الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا كَانَ ثَوَابُهُ أَفْضَلَ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى) أَيْ صَلَاةِ الضُّحَى وَكُلُّ صَلَاةِ تَطَوُّعٍ تَسْبِيحَةٌ وَسُبْحَةٌ
قَالَ الطِّيبِيُّ الْمَكْتُوبَةُ وَالنَّافِلَةُ وَإِنِ اتَّفَقَتَا فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُسَبَّحُ فِيهَا إِلَّا أَنَّ النَّافِلَةَ جَاءَتْ بِهَذَا الِاسْمِ أَخَصِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّسْبِيحَاتِ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ سُنَّةٌ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لِلنَّافِلَةِ تَسْبِيحَةٌ عَلَى أَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالْأَذْكَارِ فِي كونها غير واجبة
وقال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَمِنْ هَذَا أَخَذَ أَئِمَّتُنَا قَوْلَهُمُ السُّنَّةُ فِي الضُّحَى فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ وَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ خَبَرِ أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ انْتَهَى
وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى فَرْضِ صِحَّةِ حَدِيثِ الْمَتْنِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ لَا عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ مَسْكَنٌ أَوْ فِي مَسْكَنِهِ شَاغِلٌ وَنَحْوُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَسْجِدِ ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ أَصْلًا فَالْمَعْنَى مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ سُوقِهِ أَوْ شُغْلِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى صَلَاةِ الضُّحَى تَارِكًا أَشْغَالَ الدُّنْيَا
كذا في المرقاة
ما قاله بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ هُوَ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالْقَوْلُ مَا قال علي القارىء رحمه الله (لَا يُنْصِبُهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنَ الْإِنْصَابِ وَهُوَ الْإِتْعَابُ مَأْخُوذٌ مِنْ نَصِبَ بِالْكَسْرِ إِذَا تَعِبَ وَأَنْصَبَهُ غَيْرُهُ أَيْ أَتْعَبَهُ وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ نَصَبَهُ أَيْ أَقَامَهُ
قَالَ زَيْنُ الْعَرَبِ
وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَالْفَتْحِ احْتِمَالٌ لُغَوِيٌّ لَا أُحَقِّقُهُ رِوَايَةً (إِلَّا إِيَّاهُ) أَيْ لَا يُتْعِبُهُ الْخُرُوجُ إِلَّا تَسْبِيحُ الضُّحَى وَوُضِعَ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ مَوْضِعَ الْمَرْفُوعِ أَيْ لَا يُخْرِجُهُ وَلَا يُزْعِجُهُ إِلَّا هُوَ كَالْعَكْسِ فِي حَدِيثِ الْوَسِيلَةِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هو
قاله الطيبي
وقال بن الْمَلَكِ وَقَعَ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ مَوْضِعً الْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ يَعْنِي لَا يُتْعِبُهُ إِلَّا الْخُرُوجُ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى (فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ سُنَّةٌ
قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ (وَصَلَاةٌ عَلَى إِثْرِ صَلَاةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ثُمَّ السُّكُونِ أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ عَقِيبَهَا (لَا لَغْوٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِكَلَامِ الدُّنْيَا (كِتَابٌ) أَيْ عَمَلٌ مَكْتُوبٌ (فِي عِلِّيِّينَ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى رفع درجتها وقبولها
قال علي القارىء وَهُوَ عَلَمٌ لِدِيوَانِ الْخَيْرِ الَّذِي دُوِّنَ فِيهِ أَعْمَالُ الْأَبْرَارِ
قَالَ تَعَالَى كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأبرار لفي عليين وما أدرك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون منقول
مِنْ جَمْعٍ عَلَى فِعِّيلٍ مِنَ الْعُلُوِّ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ مَرْفُوعٌ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ تَكْرِيمًا وَلِأَنَّهُ سَبَبُ الِارْتِفَاعِ إِلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَالْعِلِّيَّةُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَالْيَاءِ الْغُرْفَةُ
كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ أَرَادَ أَعْلَى الْأَمْكِنَةِ وَأَشْرَفُ الْمَرَاتِبِ أَيْ مُدَاوَمَةُ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ مَا يُنَافِيهَا لَا شَيْءٌ مِنَ الْأَعْمَالِ أَعْلَى مِنْهَا فَكُنِّيَ عَنْ ذَلِكَ بِعِلِّيِّينَ
انْتَهَى وَقَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ هُوَ اسْمٌ لِلسَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَقِيلَ لِدِيوَانِ الْحَفَظَةِ تُرْفَعُ إِلَيْهِ أَعْمَالُ الصَّالِحِينَ
وَكِتَابٌ بِمَعْنَى مَكْتُوبٍ
وَمِنَ النَّوَادِرِ مَا حَكَوْا أَنَّ بَعْضَهُمْ صَحَّفَ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ كَنَارٍ فِي غَلَسٍ فَقِيلَ لَهُ وَمَا مَعْنَى غَلَسٍ فَقَالَ لِأَنَّهَا فِيهِ يَكُونُ أَشَدَّ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ الْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيهِ مَقَالٌ
[559]
(صَلَاةُ الرَّجُلِ) أَيْ ثَوَابُ صَلَاتِهِ (عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ) أَيْ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ وَقَوْلُهُ فِي بَيْتِهِ قَرِينَةٌ عَلَى هَذَا إِذِ الْغَالِبُ أَنَّ الرَّجُلَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَفِي السُّوقِ جماعة وفرادى
قاله بن دَقِيقِ الْعِيدِ
قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُقَابِلِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِهِ مُنْفَرِدًا لَكِنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْجَمَاعَةَ فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى مُنْفَرِدًا (خَمْسًا) نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ تَزِيدُ نَحْوَ قَوْلِكَ زِدْتُ عَلَيْهِ عَشَرَةَ وَنَحْوَهَا
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (وَذَلِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى التَّضْعِيفِ وَالزِّيَادَةِ (بِأَنَّ أَحَدَكُمْ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ (فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ) الْإِحْسَانُ فِي الْوُضُوءِ إِسْبَاغُهُ بِرِعَايَةِ السُّنَنِ وَالْآدَابِ (لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْمُضَارِعُ الْمَنْفِيُّ إِذَا وَقَعَ حَالًا يَجُوزُ فِيهِ الْوَاوُ وَتَرْكُهُ (وَلَا يَنْهَزُهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ هو بفتح أوله وفتح الهاء وبالزاي أَيْ لَا تُنْهِضُهُ وَتُقِيمُهُ
انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ لَا يَبْعَثُهُ وَلَا يَشْخَصُهُ إِلَّا ذَلِكَ وَمِنْ هَذَا انْتِهَازُ الْفُرْصَةِ وَهُوَ الِانْبِعَاثُ لَهَا وَالْبِدَارُ إِلَيْهَا (لَمْ يَخْطُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الطَّاءِ قَالَهُ الْحَافِظُ
وَمَعْنَاهُ لَمْ يَمْشِ (خُطْوَةً) ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْخُطْوَةُ بِالضَّمِّ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَجَزَمَ الْيَعْمَرِيُّ أَنَّهَا هُنَا بِالْفَتْحِ
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهَا فِي رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ بِالضَّمِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَهُ الْحَافِظُ (إِلَّا رُفِعَ لَهُ) أَيْ لِأَحَدِكُمْ (بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْخُطْوَةِ (كَانَ فِي صَلَاةٍ) أَيْ حُكْمًا أُخْرَوِيًّا يَتَعَلَّقُ
بِهِ الثَّوَابُ (مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ) كَلِمَةُ مَا لِلْمُدَّةِ أَيْ مُدَّةُ دَوَامِ حَبْسِ الصَّلَاةِ إِيَّاهُ (يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ) أَيْ يَدْعُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَكُمْ (مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَالَ الْحَافِظُ أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَكَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَوْ قَامَ إِلَى بُقْعَةٍ أُخْرَى مِنَ الْمَسْجِدِ مُسْتَمِرًّا عَلَى نِيَّةِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ كَانَ كَذَلِكَ (اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ) أَيْ وَفِّقْهُ لِلتَّوْبَةِ أَوِ اقْبَلْهَا مِنْهُ أَوْ ثَبِّتْهُ عَلَيْهَا (مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ) وَالْمَعْنَى مَا لَمْ يُؤْذِ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ أَحَدًا بِقَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ (أَوْ يُحْدِثْ فِيهِ) بِالْجَزْمِ مِنَ الْإِحْدَاثِ بِمَعْنَى الْحَدَثِ لَا مِنَ التَّحْدِيثِ أَيْ مَا لَمْ يُبْطِلْ وُضُوءَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ
[560]
(فِي فَلَاةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْفَلَاةُ الْأَرْضُ لَا مَاءَ فِيهَا وَالْجَمْعُ فَلًا مثل حصاة وحصا (بَلَغَتْ خَمْسِينَ صَلَاةً) أَيْ بَلَغَتْ صَلَاتُهُ تِلْكَ خَمْسِينَ صَلَاةً وَالْمَعْنَى يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ صَلَاةً وَذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ لِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فَإِذَا صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا لَا يَحْصُلُ لَهُ هَذَا التَّضْعِيفُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ إِذَا صَلَّاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَجْلِ أَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أُخْرَى لِلَّتِي هِيَ ضِعْفُ تِلْكَ لِأَجْلِ أَنَّهُ أَتَمَّ رُكُوعَ صَلَاتِهِ وَسُجُودِهَا وَهُوَ فِي السَّفَرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّخْفِيفِ
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ
وَفِي النَّيْلِ قَوْلُهُ فَإِذَا صَلَّاهَا فِي فَلَاةٍ هُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ
قال بن رَسْلَانَ لَكِنْ حَمْلَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَوْلَى وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنَ السِّيَاقِ
انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ لِأَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّاهَا إِلَى مُطْلَقِ الصَّلَاةِ لَا إِلَى الْمُقَيَّدِ بِكَوْنِهَا فِي جَمَاعَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا صَلَاةَ الرَّجُلِ فِي الْفَلَاةِ مُقَابِلَةً لِصَلَاتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْفَلَاةِ مَعَ تَمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَنَّهَا تَعْدِلُ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي جَمَاعَةٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ