الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[680]
(تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي) أَيِ اصْنَعُوا كَمَا أَصْنَعُ (وَلْيَأْتَمَّ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَتُكْسَرُ (بِكُمْ مَنْ بَعْدِكُمْ) أَيْ لِيَقْتَدِ بِكُمْ مَنْ خَلْفَكُمْ مِنَ الصُّفُوفِ
وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ الشَّعْبِيُّ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ كُلَّ صَفٍّ مِنْهُمْ إِمَامٌ لِمَنْ وَرَاءَهُ
وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُخَالِفُونَهُ (وَلَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ) أَيْ عَنِ الصُّفُوفِ الْأُوَلِ (حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ) عَنْ رَحْمَتِهِ وَعَظِيمِ فَضْلِهِ وَرَفْعِ الْمَنْزِلَةِ وَعَنِ الْعِلْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي وبن ماجه
([681]
باب مقام الامام في الصف)
(وسطوا امام) أَيْ اجْعَلُوا إِمَامَكُمْ مُتَوَسِّطًا بِأَنْ تَقِفُوا فِي الصُّفُوفِ خَلْفَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ
([682]
بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ)
(فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ) اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدِهِ
فَقَالَ طَائِفَةٌ لَا
يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ النَّخَعِيُّ والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق وحماد وبن أَبِي لَيْلَى وَوَكِيعٌ
وَأَجَازَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ
وَتَمَسَّكَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَفِيهِ فَقَالَ لَهُ اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ فَلَا صلاة لمنفرد خلف الصف رواه أحمد وبن مَاجَهْ
وَتَمَسَّكَ الْقَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ الْآتِي قَالُوا لِأَنَّهُ أَتَى بِبَعْضِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الصَّفِّ وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْإِعَادَةِ فَيُحْمَلَ الْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ مُبَالَغَةً فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَوْلَى
قَالَ الْحَافِظُ وَجَمَعَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ حَدِيثِ وَابِصَةَ فَمَنِ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّفِّ قَبْلَ الْقِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد روى الإمام أحمد وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ وَكَانَ أَحَد الْوَفْد الَّذِينَ وَفَدُوا إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بَنِي حَنِيفَةَ قَالَ صَلَّيْت خَلْف رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم صَلَاته نَظَرَ إِلَى رَجُل خَلْف الصَّفّ وَحْده فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا صَلَّيْت قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَعِدْ صَلَاتك فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لفرد خلف الصف وحده
هذا لفظ بن حِبَّانَ
وَلَفْظ أَحْمَدَ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْف الصَّفّ فَوَقَفَ حَتَّى اِنْصَرَفَ الرَّجُل فَقَالَ لَهُ اِسْتَقْبِلْ صَلَاتك فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لِفَرْدٍ خلف الصف
وحديث وابصة أخرجه أيضا بن حِبَّانَ فِي صَحِيحه وَالْإِمَام أَحْمَدُ
وَفِي لَفْظٌ لِأَحْمَدَ فِيهِ سُئِلَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُل صَلَّى خَلْف الصَّفّ وَحْده فَقَالَ يُعِيد الصَّلَاة
وَقَدْ أَعَلَّ الشَّافِعِيُّ حَدِيث وَابِصَةَ فَقَالَ قَدْ سَمِعْت مِنْ أَهْل الْعِلْم بِالْحَدِيثِ مَنْ يَذْكُر أَنَّ بَعْض الْمُحَدِّثِينَ يَدْخُل بَيْن هِلَالِ بْنِ يَسَافَ وَوَابِصَةَ رَجُلًا
وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيه عَنْ هِلَالٍ عَنْ وَابِصَةَ سَمِعَهُ مِنْهُ
وَسَمِعْت بَعْض أَهْل الْعِلْم مِنْهُمْ كَانَ يُوهِنهُ بِمَا وَصَفْت
وَأَعَلَّهُ غَيْره بِأَنَّ هِلَالَ بْنَ يَسَافَ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ وَابِصَةَ
وَالْعِلَّتَانِ جَمِيعًا ضَعِيفَتَانِ فَأَمَّا الْأُولَى فَإِنَّ هِلَالَ بْنَ يَسَافَ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ عَنْ وَابِصَةَ وَعَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عن وابصة
ذكر ذلك بن حِبَّانَ فِي صَحِيحه
وَقَالَ سَمِعَ هَذَا الْخَبَر هِلَالُ بْنُ يَسَافَ مِنْ عَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ
وَسَمِعَهُ مِنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ كِلَاهُمَا عَنْ وَابِصَةَ
قَالَ هُمَا طَرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ فَإِدْخَال زِيَادٍ وَعَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ بَيْن هِلَالٍ وَوَابِصَةَ لَا يُوهِن الْحَدِيث شَيْئًا
وَأَمَّا الْعِلَّة الثانية فباطلة
وقد أشار بن حِبَّانَ إِلَى بُطْلَانهَا فَقَالَ ذَكَرَ الْخَبَر الْمُدْحِض قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ هِلَالَ بْنَ يَسَافَ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْخَبَر ثُمَّ سَاقَ مِنْ حَدِيث عُبَيْدِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيهِ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ وَابِصَةَ فَذَكَرَهُ
فَالْحَدِيث مَحْفُوظ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ ثَبَتَ حَدِيث وَابِصَةَ فَحَدِيثنَا أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذ بِهِ لِأَنَّ مَعَهُ الْقِيَاس وَقَوْل الْعَامَّة
يُرِيد حَدِيث أَبِي بَكْرَةَ لَمَّا رَكَعَ وَحْده دُون الصَّفّ وَمَشَى حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّفّ قَالَ فَإِنْ قَالَ قَائِل وَمَا الْقِيَاس وَقَوْل الْعَامَّة قِيلَ أَرَأَيْت صَلَاة الرجل منفردا