الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِثْمِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْ مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي لَاخْتَارَ أَنْ يَقِفَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ حَتَّى لا يلحقه ذلك الإثم
وفي سنن بن ماجه وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ مِائَةَ عَامٍ خَيْرًا لَهُ مِنَ الْخُطْوَةِ الَّتِي خَطَاهَا وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ إِطْلَاقِ الْأَرْبَعِينَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَعْظِيمِ الْأَمْرِ لَا لِخُصُوصِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ
وَفِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ
لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا (خَيْرٌ لَهُ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ
قَالَ فِي الْفَتْحِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُهَا ضَمِيرَ الشَّأْنِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُهَا (قَالَ أَبُو النَّضْرِ لَا أَدْرِي) هُوَ كَلَامُ مَالِكٍ قَالَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
(كتاب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها)
([702]
بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)
(الْمَعْنَى) أَيِ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَأَلْفَاظُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ (قَالَ حَفْصُ) بْنُ عُمَرَ (قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَفْصٌ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَّا عبد السلام وبن كَثِيرٍ فَلَمْ يَرْفَعَاهُ بَلْ وَقَفَاهُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (قَالَا) يَعْنِي عبد السلام وبن كَثِيرٍ (عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ) فعبد السلام وبن كَثِيرٍ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ (يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا فَقَالَ بعضهم يقطع هؤلاء الصلاة وتبطلها قال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقْطَعُهَا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَفِي قَلْبِي مِنَ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهم وَجُمْهُورُ
الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِ شَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَتَأَوَّلَ هَؤُلَاءِ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ نَقْصُ الصَّلَاةِ لِشُغْلِ الْقَلْبِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْطَالَهَا
قَالَهُ النَّوَوِيُّ (قَيْدُ آخِرَةِ الرَّحْلِ) أَيْ قَدْرُهَا فِي الطُّولِ يُقَالُ هُوَ قيد شبر وقيس شِبْرٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ (الْحِمَارُ) فَاعِلُ يَقْطَعُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْمَرْأَةُ عَطْفٌ عَلَيْهِ (فَقُلْتُ مَا بَالُ الْأَسْوَدِ) أَيْ فَمَا حَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ فَهُوَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالْأَبْيَضِ (فَقَالَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَصَوَّرُ بِصُورَةِ الْكِلَابِ السُّودِ وَقِيلَ بَلْ هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ غَيْرِهِ فَسُمِّيَ شَيْطَانًا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
[703]
(رَفَعَهُ شُعْبَةُ) أَيْ رَوَى الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا شُعْبَةُ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ قَتَادَةَ وَأَمَّا غَيْرُهُ كَسَعِيدٍ وَهِشَامٍ وَهَمَّامٍ فَرَوَوْهُ عن قتادة موقوفا على بن عَبَّاسٍ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُؤَلِّفُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن ماجه وفي حديث بن مَاجَهْ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ
[704]
(وَيُجْزِئُ عَنْهُ) بِالْهَمْزَةِ مِنَ الْإِجْزَاءِ أَيْ وَيَكْفِي عَنْ عَدَمِ سُتْرَتِهِ (عَلَى قَذْفِهِ بِحَجَرٍ) أَيْ رَمْيِهِ بِحَجَرٍ بِأَنْ يَبْعُدُوا عنه ثلاثة أذرع فأكثر قاله بن حَجَرٍ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ وَيَكْفِيكَ إِذَا كَانُوا مِنْكَ قَدْرَ رَمْيَةٍ وَلَمْ يَقْطَعُوا عَنْكَ صَلَاتَكَ
أَيْ يَكْفِيكَ عَنِ السُّتْرَةِ إِذَا كَانُوا بَعِيدِينَ عَنْكَ قدر رمية
بِحَجَرٍ وَلَمْ يَقْطَعُوا حِينَئِذٍ صَلَاتَكَ
كَذَا فِي المرقاة (كنت ذاكرته إبراهيم غيره) أَيْ كُنْتُ أَسْأَلُ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرَهُ هَلْ رَوَى أَحَدٌ غَيْرُ مُعَاذٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ (فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَجَابَهُ عَنْ هِشَامٍ وَلَا يَعْرِفُهُ) أَيْ فَلَمْ يَجِبْ أَحَدٌ عَمَّا سَأَلْتُ وَلَمْ يَعْرِفِ الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ (وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ هِشَامٍ) أَيْ غَيْرَ معاذ (وأحسب الوهم من بن أَبِي سَمِينَةَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ (وَالْمُنْكَرَ فِيهِ ذِكْرُ الْمَجُوسِيِّ وَفِيهِ عَلَى قَذْفِهِ بِحَجَرٍ وَذِكْرُ الْخِنْزِيرِ وَفِيهِ نَكَارَةٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ ذِكْرَ الْمَجُوسِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَكَذَا ذِكْرُ عَلَى قَذْفِهِ بِحَجَرٍ وَكَذَا ذِكْرُ الْخِنْزِيرِ مُنْكَرٌ
[705]
(رَأَيْتُ رَجُلًا بِتَبُوكَ) مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مَنْ أَدَانِي أَرْضِ الشَّامِ (مُقْعَدًا) الْمُقْعَدُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ لِزَمَانَةٍ بِهِ كَأَنَّهُ أُلْزِمَ الْقُعُودَ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْقِعَادِ وَهُوَ دَاءٌ يأخذ ابل فِي أَوْرَاكِهَا فَيُمِيلَهَا إِلَى الْأَرْضِ (اللَّهُمَّ اقْطَعْ أَثَرَهُ) أَيْ مَشْيَهُ (فَمَا مَشَيْتُ عَلَيْهَا) أَيٌّ عَلَى الْحِمَارِ (بَعْدُ) مَبْنِيٌّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقال بن الْقَطَّانِ عِلَّته شَكّ الرَّاوِي فِي رَفْعه فَإِنَّهُ قال عن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَحْسَبهُ عَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَهَذَا رَأْي لَا خَبَر ولم يجزم بن عباس برفعه في الأصل وأثبته بن أَبِي سَمِينَةَ أَحَد الثِّقَات
وَقَدْ جَاءَ هَذَا الخبر موقوفا على بن عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّد بِذِكْرِ أَرْبَعَة فَقَطْ
قَالَ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قُلْت لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مَا يَقْطَع الصَّلَاة قَالَ قال بن عَبَّاسٍ الْكَلْب الْأَسْوَد وَالْمَرْأَة وَالْحَائِض
قُلْت قَدْ كَانَ يَذْكُر الرَّابِع قَالَ مَا هُوَ قُلْت الْحِمَارُ قَالَ رُوَيْدك الْحِمَار قُلْت كَانَ يَذْكُر رَابِعًا قَالَ مَا هُوَ قَالَ الْعِلْج الْكَافِر
قَالَ إِنْ اِسْتَطَعْت أَنْ لَا يَمُرّ بَيْن يَدَيْك كَافِر وَلَا مُسْلِم فَافْعَلْ تَمَّ كَلَامه