الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ
قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ نِعْمَتِ الْخَصْلَةُ أَوْ نِعْمَتِ الْفَعْلَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ
وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ التَّاءُ الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ لِإِضْمَارِ السُّنَّةِ أَوِ الْخَصْلَةِ أَوِ الْفَعْلَةِ
انْتَهَى
(وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ الْوُضُوءَ كَافٍ لِلْجُمْعَةِ وَأَنَّ الْغُسْلَ لَهَا فَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَضْلٌ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ
انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فَأَمَّا الْحَدِيثُ فَعَوَّلَ عَلَى الْمُعَارَضَةِ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ فَالْغُسْلِ أَفْضَلُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اشْتَرَاكُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي أَصْلِ الْفَضْلِ فَيَسْتَلْزِمُ إِجْزَاءُ الْوُضُوءِ وَلِهَذَا الْحَدِيثِ طُرُقٌ أَشْهَرُهَا وَأَقْوَاهَا رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ سمرة أخرجها أصحاب السنن الثلاثة وبن خزيمة وبن حِبَّانَ وَلَهُ عِلَّتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ مِنْ عَنْعَنَةِ الْحَسَنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أبي سعيد وبن عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ سَمُرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَقَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ الْحَسَنُ عَنْ سَمُرَةَ كِتَابٌ وَلَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ سَمُرَةَ إِلَّا حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ شَيْئًا وَلَا لَقِيَهُ وَقِيلَ إِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَيَّنَ سَمَاعَهُ لِحَدِيثِ الْعَقِيقَةِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ
وَقَوْلُهُ فَبِهَا وَنِعْمَتْ أي فالبرخصة أَخَذَ وَنِعْمَتِ السُّنَّةُ تَرَكَ
وَقِيلَ فَبِالسُّنَّةِ (أَخَذَ وَنِعْمَتِ الْخَصْلَةُ الْوُضُوءُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ الَّذِي تُرِكَ هُوَ السُّنَّةُ وَهُوَ الْغُسْلُ
انْتَهَى)
3
([355]
بَابُ الرجل يسلم)
مِنَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْإِقْرَاُرُ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَتَيْنِ (فَيُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ)(فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) فِيهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ لِأَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْغُسْلُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ فَإِنْ لَمْ يفعل ولم
يَكُنْ جُنُبًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّي
وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ يُوجِبَانِ الِاغْتِسَالَ عَلَى الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ قَوْلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالُوا لَا يَخْلُو الْمُشْرِكُ فِي أَيَّامِ كُفْرِهِ مِنْ جِمَاعٍ أَوِ احْتِلَامٍ وَهُوَ لَا يَغْتَسِلُ وَلَوِ اغْتَسَلَ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَرْضٌ مِنْ فُرُوضِ الدِّينِ وَهُوَ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا بَعْدَ الْإِيمَانِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا
وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَغْتَسِلَ الْكَافِرُ إِذَا أَسْلَمَ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُشْرِكِ يَتَوَضَّأُ فِي حَالِ شِرْكِهِ ثُمَّ يُسْلِمُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ الْمُتَقَدِّمِ فِي حَالِ شِرْكِهِ لَكِنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ حَتَّى يَسْتَأْنِفَ التَّيَمُّمَ فِي الْإِسْلَامِ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَالْفَرْقُ مِنَ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَهُمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ مُفْتَقِرٌ إِلَى النِّيَّةِ وَنِيَّةُ الْعِبَادَةِ لاتصح من مشرك والطهارة بالماء غير مفتقر إِلَى النِّيَّةِ فَإِذَا وُجِدَتْ مِنَ الْمُشْرِكِ صَحَّتْ فِي الْحُكْمِ كَمَا تُوجَدُ مِنَ الْمُسْلِمِ سَوَاءً
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا تَوَضَّأَ وَهُوَ مُشْرِكٌ أَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلَكِنَّهُ لَوْ كَانَ جُنُبًا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّ أَصْحَابَهُ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالَ ثَانِيًا كَالْوُضُوءِ سَوَاءً وَهَذَا أَشْبَهُ وَأَوْلَى وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا
فَرَأَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالَ فَإِنْ أَسْلَمَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ قَطُّ فِي حَالِ كُفْرِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَقَوْلُ أَحْمَدَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ إِيجَابِ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ عَلَيْهِ إِذَا أَسْلَمَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَأَوْلَى بِالْقِيَاسِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاغْتِسَالِ عَلَى الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ هُوَ مُوَافِقٌ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ مَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوجه
[356]
(ألقى عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ) لَيْسَ الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَسْلَمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ حَتَّى يَلْزَمَ لَهُ حَلْقُ الرَّأْسِ كَمَا يَلْزَمُ الْغُسْلُ بَلْ إِضَافَةُ الشَّعْرِ إِلَى الْكُفْرِ يَدُلُّ عَلَى حَلْقِ الشَّعْرِ الَّذِي هُوَ لِلْكُفَّارِ عَلَامَةٌ لِكُفْرِهَا وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْهَيْئَةِ فِي الْبِلَادِ الْمُخْتَلِفَةِ فَكَفَرَةُ الْهِنْدِ وَمِصْرَ لَهُمْ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الرَّأْسِ شُعُورٌ طَوِيلَةٌ لَا يَتَعَرَّضُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَلْقِ أَوِ الْجَزِّ أَبَدًا وَإِذَا يُرِيدُونَ حَلْقَ الرَّأْسِ يَحْلِقُونَ كُلَّهَا إِلَّا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ وَهُوَ عَلَى الظَّاهِرِ عَلَامَةٌ مُمَيِّزَةٌ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ فأمر