الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى لَا يَمَلُّ الْقَوْمُ
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ ذُكِرَ بِلَفْظِ الِاقْتِدَاءِ تَأْكِيدًا لِلْأَمْرِ الْمَحْثُوثِ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُقْتَدِي أَنْ يُتَابِعَ الْمُقْتَدَى بِهِ وَيَجْتَنِبَ خِلَافَهُ فَعَبَّرَ عَنْ مُرَاعَاةِ الْقَوْمِ بِالِاقْتِدَاءِ مشاكله لما قبله
قاله علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ (وَاتَّخِذْ) أَمْرُ نَدْبٍ
قَالَهُ عَلِيٌّ القارىء (عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا) أَيِ الْأُجْرَةَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَخْذُ الْمُؤَذِّنُ الْأَجْرَ عَلَى أَذَانِهِ مَكْرُوهٌ فِي مَذَاهِبِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا بَأْسَ بِهِ
وَيُرَخِّصُ فِيهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَكْرُوهَةٌ وَلَا بَأْسَ بِالْجُعْلِ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَهْلُ الرأي ومنع منه إسحاق بن رَاهْوَيْهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ أَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ صَلَاتُهُ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ لَا يَرْزُقُ الْإِمَامُ لِلْمُؤَذِّنِ إِلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فإنه مرصد لمصالح الدين ولا يزقه مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الفصل الأول وأخرجه النسائي بتمامه وأخرج بن مَاجَهِ الْفَصْلَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ الْفَصْلَ الْأَخِيرَ
([532]
بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)
(أَلَا) كَلِمَةُ تَنْبِيهٍ (إِنِ الْعَبْدَ نَامَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ يَعْنِي أَنَّ غَلَبَةَ النَّوْمِ عَلَى عَيْنَيْهِ مَنَعَتْهُ مِنْ تَبْيِينِ الْفَجْرِ انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ غَفَلَ عَنِ الْوَقْتِ كَمَا يُقَالُ نَامَ فُلَانٌ عَنْ حَاجَتِي إذا غفل عنها ولم يعم بِهَا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ قَدْ عَادَ لِنَوْمِهِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنَ اللَّيْلِ يَعْلَمُ النَّاسُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْزَعِجُوا مِنْ نَوْمِهِمْ وَسُكُونِهِمْ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ زَمَانِ الْهِجْرَةِ فَإِنَّ الثَّابِتَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَذِّنُ بليل ثم يؤذن بعده بن أُمِّ مَكْتُومٍ مَعَ الْفَجْرِ
وَثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يؤذن بن أُمِّ مَكْتُومٍ
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تَقْدِيمِ أَذَانِ الْفَجْرِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ جَابِرٌ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ والشافعي وأحمد وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلْفَجْرِ خَاصَّةً قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ اتِّبَاعًا لِلْأَثَرِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ
لَا يُجِيزَانِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ الحديث إلى أن ذلك جائزا إِذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ كَمَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُؤَذِّنْ فِيهِ إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ إِلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَيُحْمَلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ بِلَالًا إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ وهو بلال ثم أجازه حين أقام بن أُمِّ مَكْتُومٍ مُؤَذِّنًا لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي تَأْذِينِ بلال قبل الفجر ثابت من رواية بن عُمَرَ
انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَدِ اخْتُلِفَ هَلْ يَشْرَعُ الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ لَا وَإِذَا شُرِعَ هَلْ يُكْتَفَى بِهِ عَنْ إِعَادَةِ الْأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ لَا وَإِلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ مُطْلَقًا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَإِلَى الِاكْتِفَاءِ مُطْلَقًا ذَهَبَ مَالِكٌ والشافعي وأحمد وأصحابهم وخالف بن خزيمة وبن الْمُنْذِرِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ
وَقَالَ بِهِ الغزالي في الأحياء
انتهى
قلت وحديث بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَفْظُهُ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ وَإِلَى هذا ميل الْبُخَارِيُّ كَمَا يَلُوحُ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ (لَمْ يَرْوِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا (عَنْ أَيُّوبَ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهِمَ فِي رَفْعِهِ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ
قَالَ عَلِيُّ بن الْمَدِينِيِّ حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَأَخْطَأَ فِيهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عن أيوب عن نافع عن بن عُمَرَ مَوْصُولًا مَرْفُوعًا وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ حُفَّاظٌ
لَكِنِ اتفق أئمة الحديث علي بن الْمَدِينِيِّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْبُخَارِيُّ وَالذُّهْلِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى أَنَّ حَمَّادًا أَخْطَأَ فِي رَفْعِهِ وَأَنَّ الصَّوَابَ وَقْفُهُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ مُؤَذِّنِهِ وَأَنَّ حَمَّادًا تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ انْتَهَى
قَالَهُ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ
[533]
(فَذَكَرَ) الرَّاوِي (نَحْوَهُ) وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ لَكِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ (رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) مَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ مِنْ هَذَا تَقْوِيَةُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ بِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ تَابَعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ عَلَى أَنَّ الْآمِرَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمُؤَذِّنِهِ دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ وَأَنَّ اسْمَ الْمُؤَذِّنِ مَسْرُوحٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
قَالَهُ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ (رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ) وَهَذِهِ مُتَابَعَةٌ لِرِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَإِنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيَّ وَحَمَّادُ بن زيد كلاهما يروياه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَجَعَلَا هَذِهِ الْوَاقِعَةِ لِمُؤَذِّنِ عُمَرَ إِلَّا أَنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ زَادَ وَاسِطَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسَمَّى اسْمَ الْمُؤَذِّنِ مَسْعُودًا
قَالَهُ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ (وَهَذَا) أَيْ حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ مُؤَذِّنٍ لِعُمَرَ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ (أَصَحُّ مِنْ ذَاكَ) أَيْ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ فَإِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ وَهِمَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَيُّوبَ وَقَدِ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ الْمَهَرَةُ عَلَى خَطَأِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا عَرَفْتَ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ حَدِيثُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ
وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عمر وغيره عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يؤذن بن أُمِّ مَكْتُومٍ وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ بِسَنَدِهِ فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يُعِيدَ الْأَذَانَ وَلَعَلَّ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَرَادَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ حَمَّادٍ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ لحديث عبيد الله بن عمرو غير واحد عن نافع عن بن عمرو الزهري عن سالم عن بن عمر معنى إذا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ فَقَالَ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ وَلَوْ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الْأَذَانِ حِينَ أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يَقُلْ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ انْتَهَى
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ وَهَذَا أَيْ حَدِيثُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عبيد الله عن نافع عن بن عُمَرَ أَصَحُّ
لِأَجْلِ اتِّصَالِ سَنَدِهِ مِنْ ذَاكَ أَيْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَأَنَّ نَافِعًا لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ وَلَمْ يُشَاهِدِ الْوَاقِعَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْأَذَانِ بِاللَّيْلِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِاللَّيْلِ أَجْزَأَهُ وَلَا يُعِيدُ وهو قول مالك وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا أَذَّنَ بِاللَّيْلِ