الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَّى (لَا يُنْقِصُ ذَلِكَ) أَيْ أَجْرُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ (مِنَ أَجْرِهِمْ) أَيِ الْمُصَلِّينَ بِالْجَمَاعَةِ (شَيْئًا) بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُصَلِّينَ بِالْجَمَاعَةِ وَالْمُصَلِّي وَحْدَهُ أَجْرٌ كَامِلٌ عَلَى حِدَةٍ وَذَلِكَ لِكَمَالِ فَضْلِ اللَّهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ التَّأْخِيرُ نَاشِئًا عَنِ التَّقْصِيرِ وَلَعَلَّهُ يُعْطَى لَهُ بِالنِّيَّةِ أَصْلُ الثَّوَابِ وَبِالتَّحَسُّرِ مَا فَاتَهُ مِنَ الْمُضَاعَفَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
2 -
(باب ما جاء في خروج النساء إلى الْمَسْجِدِ)
[565]
هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا
(لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ) إِمَاءٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ جَمْعُ أَمَةٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَهْلِ العلم بعموم قوله عليه السلام لاتمنعوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنَ الْحَجِّ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ الَّذِي يَخْرُجُ إِلَيْهِ النَّاسُ لِلْحَجِّ وَالطَّوَافِ أَشْهَرُ الْمَسَاجِدِ وَأَعْظَمُهَا حُرْمَةً فَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْهِ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا دُونَهُ وَقَصْدَهُ وَاجِبٌ
انْتَهَى
(وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ غَيْرُ مُتَطَيِّبَاتٍ يُقَالُ امْرَأَةٌ تَفِلَةٌ إِذَا كانت متغيرة الريح كذا قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وَفِي الْمَعَالِمِ التَّفَلُ سُوءُ الرَّائِحَةِ يُقَالُ امْرَأَةٌ تَفِلَةٌ إِذَا لَمْ تُطَيَّبْ وَنِسَاءٌ تَفِلَاتٌ انْتَهَى
وَإِنَّمَا أُمِرْنَ بِذَلِكَ وَنُهِينَ عَنِ التَّطَيُّبِ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْنَبَ لِئَلَّا يُحَرِّكْنَ الرِّجَالَ بِطِيبِهِنَّ وَيَلْحَقُ بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْمُحَرِّكَاتِ لِدَاعِي الشَّهْوَةِ كَحُسْنِ الْمَلْبَسِ وَالتَّحَلِّي الَّذِي يَظْهَرُ أثره والزينة الفاخر
وَفَرَّقَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا إِذَا عَرَتْ مِمَّا ذُكِرَ وَكَانَتْ مُسْتَتِرَةٌ حَصَلَ الْأَمْنُ عَلَيْهَا وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِاللَّيْلِ
[566]
(لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ وأخرجه البخاري ومسلم
[567]
(لاتمنعوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ) مُقْتَضَى هَذَا النَّهْيُ أَنَّ مَنْعَ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ إِمَّا مُطْلَقًا فِي الْأَزْمَانِ كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ مُقَيَّدًا بِاللَّيْلِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ أَوْ مُقَيَّدًا بِالْغَلَسِ كَمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ يَكُونُ مُحَرَّمًا عَلَى الْأَزْوَاجِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ (وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ) أَيْ صَلَاتُهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ مِنْ صَلَاتِهِنَّ فِي الْمَسَاجِدِ لو علمن ذلك لكنهن لم يعلمن فيسئلن الْخُرُوجَ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَيَعْتَقِدْنَ أَنَّ أَجْرَهُنَّ فِي الْمَسَاجِدِ أَكْثَرُ
وَوَجْهُ كَوْنِ صَلَاتِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ الْأَمْنِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ بَعْدَ وُجُودِ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ مِنَ التَّبَرُّجِ وَالزِّينَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ
[568]
(فَقَالَ بن له) أي لابن عمر
قال المنذري وبن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ هَذَا هُوَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هُوَ ابْنُهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا
انْتَهَى (فَيَتَّخِذْنَهُ دَغَلًا) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْفَسَادُ وَالْخِدَاعُ وَالرِّيبَةُ
قَالَ الْحَافِظُ وَأَصْلُهُ الشَّجَرُ الْمُلْتَفِّ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْمُخَادَعَةِ لِكَوْنِ الْمُخَادِعِ يَلُفُّ فِي نَفْسِهِ أَمْرًا وَيُظْهِرُ غَيْرَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَمَّا رَأَى مِنْ فَسَادِ بَعْضِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَحَمَلَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرَةِ (قَالَ) أَيْ مُجَاهِدٌ (فَسَبَّهُ وَغَضِبَ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ رَاجِعٌ إلى بن عُمَرَ وَالْمَنْصُوبُ إِلَى ابْنِهِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبَّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَفَسَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ السَّبُّ الْمَذْكُورُ بِاللَّعْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ لِتَصْرِيحِهِ بِمُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ
وَأُخِذَ مِنْ إِنْكَارِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى وَلَدِهِ تَأْدِيبُ الْمُعْتَرِضِ عَلَى السُّنَنِ بِرَأْيِهِ وَعَلَى الْعَالِمِ بِهَوَاهُ وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا إِذَا تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَنْبَغِي لَهُ وَجَوَازُ التَّأْدِيبِ بِالْهِجْرَانِ فَقَدْ وقع في رواية بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَمَا كَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى مَاتَ وَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَاتَ عقب هذه القصة بيسير
قاله الحافظ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي
[569]
53 بَاب التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ (لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي رواية مُسْلِمٍ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى (مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ) مِنَ الزِّينَةِ وَالطِّيبِ وَحُسْنِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِمَا (كَمَا مُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي مُنِعِهِ يَرْجِعُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَمَا مُنِعَتْ (قَالَتْ نَعَمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا تَلَقَّتْهُ عَنْ عَائِشَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِهَا وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَفْظُهُ قَالَتْ كُنَّ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتَّخِذْنَ أَرْجُلًا مِنْ خَشَبٍ يَتَشَرَّفْنَ لِلرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِدِ فَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِدَ وَسُلِّطَتْ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا لَكِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ
وَتَمَسَّكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِ عَائِشَةَ فِي مَنْعِ النِّسَاءِ مُطْلَقًا
وَفِيهِ نَظَرٌ إِذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ تَغَيُّرُ الْحُكْمِ لِأَنَّهَا عَلَّقَتْهُ عَلَى شَرْطِ لَمْ يُوجَدْ بِنَاءٌ عَلَى ظَنٍّ ظَنَنْتَهُ فَقَالَتْ لَوْ رَأَى لَمَنَعَ فَيُقَالُ عَلَيْهِ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَمْنَعْ فَاسْتَمَرَّ الْحُكْمُ حَتَّى أَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تُصَرِّحْ بِالْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا يُشْعِرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَرَى الْمَنْعَ
وَأَيْضًا فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا سَيُحْدِثْنَ فَمَا أَوْحَى إِلَى نَبِيِّهِ بِمَنْعِهِنَّ وَلَوْ كَانَ مَا أَحْدَثْنَ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَهُنَّ مِنَ الْمَسَاجِدِ لكان منعهن من غيرهاكالأسواق أَوْلَى وَأَيْضًا فَالْإِحْدَاثُ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِ النِّسَاءِ لَا مِنْ جَمِيعِهِنَّ فَإِنْ تَعَيَّنَ الْمَنْعُ فَلْيَكُنْ لِمَنْ أَحْدَثَتْ
وَالْأَوْلَى أَنْ يُنْظَرَ إِلَى مَا يُخْشَى مِنْهُ الْفَسَادُ فَيُجْتَنَبُ لِإِشَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِكَ بِمَنْعِ التَّطَيُّبِ وَالزِّينَةِ وَكَذَلِكَ التَّقْيِيدُ بِاللَّيْلِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
[570]
(صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا) أَيِ الدَّاخِلَانِيِّ لِكَمَالِ سِتْرِهَا (أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهِا) أَيْ صَحْنِ الدار
قال بن الْمَلَكِ أَرَادَ بِالْحُجْرَةِ مَا تَكُونُ أَبْوَابُ الْبُيُوتِ إِلَيْهَا وَهِيَ أَدْنَى حَالًا مِنَ