الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[434]
(قَبِيصَةَ بْنَ وَقَّاصٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ قَبِيصَةُ بْنُ وَقَّاصٍ السُّلَمِيُّ وَيُقَالُ اللَّيْثِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ يُعَدُّ فِي الْبَصْرِيِّينَ
وَنَقَلَ بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ يُقَالُ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً
وَقَالَ الْأَزْدِيُّ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ صَالِحُ بْنُ عُبَيْدٍ
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ سَمِعْتُ فَمَا ثَبَتَتْ لَهُ صُحْبَةٌ لِجَوَازِ الْإِرْسَالِ انْتَهَى
وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِقَبِيصَةَ بَلْ فِي الْكِتَابِ جَمْعٌ جَمٌّ بِهَذَا الْوَصْفِ وَيَكْفِينَا فِي هَذَا جَزْمُ الْبُخَارِيِّ بِأَنَّ لَهُ صُحْبَةً انْتَهَى
(يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ) أَيْ عَنْ أَوْقَاتِهَا الْمُخْتَارَةِ (فَهِيَ لَكُمْ وَهِيَ عَلَيْهِمْ) أَيِ الصَّلَاةُ الْمُؤَخَّرَةُ عَنِ الْوَقْتِ نَافِعَةٌ لَكُمْ لِأَنَّ تَأْخِيرَكُمْ لِلضَّرُورَةِ تَبَعًا لَهُمْ وَمَضَرَّةً عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى عَدَمِ التَّأْخِيرِ وَإِنَّمَا شَغَلَهُمْ أُمُورُ الدُّنْيَا عَنْ أَمْرِ الْعُقْبَى (فَصَلُّوا) بِضَمِّ اللَّامِ (مَا صَلَّوْا) بِفَتْحِ اللَّامِ (الْقِبْلَةَ) أَيْ مَا دَامُوا مُصَلِّينَ إِلَى نَحْوِ الْقِبْلَةِ وَهِيَ الْكَعْبَةُ
([435]
بَاب فِي مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا)
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ بَيْنِ نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ قَوْلًا وَقَدْ رأى النبي في كمه هرة فقال ياأبا هُرَيْرَةَ فَاشْتُهِرَ بِهِ وَالْأَوْجَهُ فِي وَجْهِ عَدَمِ انْصِرَافِ هُرَيْرَةَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ أَنَّ هُرَيْرَةَ صَارَتْ عَلَمًا لِتِلْكَ الْهِرَّةِ
قَالَهُ عَلِيٌّ القارىء فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ (حِينَ قَفَلَ) أَيْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَنَا) بِفَتْحِ الْكَافِ (الْكَرَى) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ النُّعَاسُ وَقِيلُ النَّوْمُ (عَرَّسَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ نَزَلَ لِلنَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّعْرِيسُ النُّزُولُ لِغَيْرِ إِقَامَةٍ (اكْلَأْ) أَيِ احْفَظْ وَاحْرُسْ (لَنَا اللَّيْلَ) أَيْ آخِرَهُ لِإِدْرَاكِ الصُّبْحِ (فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ) هَذَا عِبَارَةٌ عَنِ النَّوْمِ أَيْ نَامَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ (وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ تُفِيدُ عَدَمِ اضْطِجَاعِهِ عِنْدَ غَلَبَةِ نَوْمِهِ (حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ) أَيْ أَصَابَتْهُمْ وَوَقَعَ عَلَيْهِمْ حَرِّهَا (أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا) قَالَ الطِّيبِيُّ في
استيقاظ رسول الله قَبْلَ النَّاسِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ النُّفُوسَ الزَّكِيَّةَ وَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ شَيْءٌ مِنَ الْحُجُبِ الْبَشَرِيَّةِ لَكِنَّهَا عَنْ قَرِيبٍ سَتَزُولُ وَأَنَّ كُلَّ مَنْ هُوَ أَزْكَى كَانَ زَوَالُ حجبه أسرع (ففزع رسول الله) بِكَسْرِ الزَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ مِنِ اسْتِيقَاظِهِ وَقَدْ فَاتَتْهُ الصُّبْحُ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ يُقَالُ فَزَّعْتُ الرَّجُلَ مِنْ نومه إذا أيقظته ففزع أي نبهته فانتبهه (فقال يابلال) وَالْعِتَابُ مَحْذُوفٌ أَوْ مُقَدَّرٌ أَيْ لِمَ نِمْتَ حَتَّى فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ (فَقَالَ) أَيْ بِلَالٌ مُعْتَذِرًا (أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ) أَيْ كَمَا تَوَفَّاكَ اللَّهُ فِي النَّوْمِ تَوَفَّانِي أَوْ يُقَالُ مَعْنَاهُ غَلَبَ عَلَى نَفْسِي مَا غَلَبَ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ النَّوْمِ أَيْ كَانَ نَوْمِي بِطَرِيقِ الِاضْطِرَارِ دُونَ الِاخْتِيَارِ لِيَصِحَّ الِاعْتِذَارُ (فَاقْتَادُوا) مَاضٍ أَيْ سَاقُوا (رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا) يَسِيرًا مِنَ الزَّمَانِ أَوِ اقْتِيَادًا قَلِيلًا مِنَ الْمَكَانِ يَعْنِي قَالَ أَذْهِبُوا رَوَاحِلَكُمْ فَذَهَبُوا بِهَا مِنْ ثَمَّةَ مَسَافَةً قَلِيلَةً (وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ لَهُمُ الصَّلَاةَ) فِيهِ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْأَذَانِ وَسَيَجِيءُ تَحْقِيقُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي (وَصَلَّى لَهُمُ الصُّبْحَ) أَيْ قَضَاءً (قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً) وَفِي مَعْنَى النِّسْيَانِ النَّوْمُ أَوْ مَنْ تَرَكَهَا بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ (فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا) فَإِنَّ فِي التَّأْخِيرِ آفَاتٌ
وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْأَدَائِيَّةِ (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِلذِّكْرَى) بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا أَلِفٌ مَقْصُورَةٌ وَوَزْنُهَا فِعْلَى مَصْدَرٌ مِنْ ذَكَرَ يَذْكُرُ (قَالَ يونس وكان بن شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ) أَيْ بِلَامَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا أَلِفٌ مَقْصُورَةٌ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ بن ماجه قال يونس وكان بن شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا لِلذِّكْرَى انْتَهَى
وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ لِذِكْرِي بِلَامٍ وَاحِدَةٍ وَكَسْرِ الرَّاءِ كَمَا سَيَجِيءُ (قَالَ عَنْبَسَةَ يَعْنِي عَنْ يُونُسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِذِكْرِي) أَيْ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن وهب أخبرني يونس عن بن شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ وَفِيهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ أقم الصلاة لذكرى أَيْ بِلَامٍ وَاحِدَةٍ وَكَسْرِ الرَّاءِ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النبي قَالَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لذكرى قَالَ مُوسَى قَالَ هَمَّامٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ وأقم الصلاة للذكرى انْتَهَى قَالَ الْعَيْنِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ هَمَّامًا سَمِعَهُ مِنْ قَتَادَةَ مَرَّةً بِلَفْظِ لِلذِّكْرَى يَعْنِي بِقِرَاءَةِ بن شِهَابٍ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَمَرَّةً بِلَفْظِ لِذِكْرِي أَيْ بِالْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ
وَعَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ فَقِيلَ الْمَعْنَى لِتَذْكُرَنِي فِيهَا وَقِيلَ لِأَوْقَاتِ ذِكْرَى وَهِيَ مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ وَقَالَ الشَّيْخُ التُّورِبِشْتِيُّ هَذِهِ الْآيَةُ تَحْتَمِلُ وُجُوهًا كَثِيرَةً مِنَ التَّأْوِيلِ لَكِنِ الْوَاجِبُ أَنْ يُصَارَ إِلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ الْحَدِيثَ فَالْمَعْنَى أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِهَا لِأَنَّهُ إِذَا ذَكَرَهَا فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى
أَوْ يُقَدَّرُ الْمُضَافَ أَيْ لِذِكْرِ صَلَاتِي أَوْ وَقَعَ ضَمِيرُ اللَّهِ مَوْضِعَ ضَمِيرِ الْبِلَادِ لِسَرَفِهَا وَخُصُوصِيَّتِهَا انْتَهَى
وَقَالَ بن الْمَلَكِ لِذِكْرِي مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى الْمَفْعُولِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى الْوَقْتِ أَيْ إِذَا ذَكَرْتَ صَلَاتِي بَعْدَ النِّسْيَانِ
انْتَهَى
وَإِنْ شِئْتَ التَّفْصِيلَ فَارْجِعْ إِلَى غَايَةِ الْمَقْصُودِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا فِي مكانهم ذلك عند ما استيقظوا حتى اقتادوا رواحلهم ثم توضؤوا ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ وَصَلَّى بِهِمْ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ وَتَأْوِيلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِتَرْتَفِعَ الشَّمْسُ فَلَا يَكُونُ فِي وَقْتٍ مَنْهِيٍّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَذَلِكَ أَوَّلُ تَبَزُّغِ الشَّمْسِ قَالُوا وَالْفَوَائِتُ لَا تُقْضَى فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَعَلَى هَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ تُقْضَى الْفَوَائِتُ فِي كُلِّ وَقْتٍ نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ أَوْ لَمْ يُنْهَ عَنْهَا إِذَا كَانَ لَهَا سَبَبٌ وَذَلِكَ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ إِذَا كَانَ تَطَوُّعًا وَابْتِدَاءً مِنْ قِبَلِ الِاخْتِيَارِ دون الواجبات فأما الفوائت فأنها تقضي الفوائت فيها إِذَا ذُكِرَتْ فِي أَيْ وَقْتٍ كَانَ بِدَلِيلِ الْخَبَرِ وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب وبن عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَحَمَّادٍ وَتَأَوَّلُوا أَوْ مَنْ تَأَوَّلَ مِنْهُمُ الْقِصَّةَ فِي قَوْدِ الرَّوَاحِلِ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْغَفْلَةُ فِيهِ وَالنِّسْيَانُ كَمَا يَظْهَرُ هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ الْعَطَّارِ
فَإِنْ قيل قد روى عن النبي أَنَّهُ قَالَ تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي فَكَيْفَ ذَهَبَ عَنِ الْوَقْتِ وَلَمْ يَشْعُرُ بِهِ قُلْنَا قَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ خَاصُّ فِي أَمْرِ الْحَدَثِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّائِمِ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ الْحَدَثُ وَلَا يَشْعُرُ به وليس كذلك رسول الله فَإِنَّ قَلْبَهُ لَا يَنَامُ حَتَّى يَشْعُرَ بِالْحَدَثِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فِي مَنَامِهِ فَلَا يَنْبَغِي لِقَلْبِهِ أَنْ يَنَامَ فَأَمَّا
مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ وَإِثْبَاتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ دَرْكُهُ بِنَظَرِ الْعَيْنِ دُونَ الْقَلْبِ فَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْحَدِيثِ الْآخَرِ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ
[436]
(فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ) فَإِنْ قِيلَ إِنَّ ذِكْرَ الْأَذَانِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبَانَ عَنْ مَعْمَرٍ زِيَادَةٌ لَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وبن إِسْحَاقَ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْأَذَانَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ
قُلْنَا قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَذَكَرَ فِيهِ الْأَذَانَ ورواه أبو قتادة الأنصاري عن النبي فَذَكَرَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَالزِّيَادَاتُ إِذَا صَحَّتْ مَقْبُولَةٌ وَالْعَمَلُ بِهَا وَاجِبٌ
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفَوَائِتِ هَلْ يُؤَذَّنُ لَهَا أَمْ لَا فَقَالَ أَحْمَدُ يُؤَذَّنُ لِلْفَوَائِتِ وَيُقَامُ لَهَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَأَظْهَرُ أَقْوَالِهِ أَنَّهُ يُقَامُ لِلْفَوَائِتِ وَلَا يُؤَذَّنُ لَهَا
هَذَا مُلَخَّصُ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ
قُلْتُ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْخَطَّابِيُّ قَدْ أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ
[437]
(أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ لِأَنَّ مُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْمَنْقَرِيَّ مَشْهُورُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَأَمَّا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ فَقَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ وَاقَدِ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَيْضًا
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وبن مَاجَهْ أَنَّهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَحَمَّادُونَ كُلُّهُمْ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ) رَبَاحٌ هَذَا بفتح الراء وبالموحدة (فمال النبي) أَيْ عَنِ الطَّرِيقِ
(فَقَالَ انْظُرْ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ (هَذَانِ رَاكِبَانِ) قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ كَذَا فِي الْأُصُولِ هَذَا بِلَا تَثْنِيَةٍ فَكَأَنَّهُ بِتَأْوِيلِ الْمَرْئِيِّ
قُلْتُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ هَذَانِ رَاكِبَانِ (فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَلِمَةٌ فَصَيْحَةٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ مَعْنَاهَا أَنَّهُ حُجِبَ الصَّوْتُ وَالْحِسُّ عَنْ أن يلج آذانهم فتنبهوا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الكهف سنين عددا (فَسَارُوا هُنَيَّةً) هُوَ تَصْغِيرُ هَنَةٍ أَيْ قَلِيلًا مِنَ الزَّمَانِ (وَأَذَّنَ بِلَالٌ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ (فَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّوُا الْفَجْرَ) وَفِيهِ قَضَاءُ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ (قَدْ فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا) أَيْ قَصَّرْنَا فِيهَا وَضَيَّعْنَاهَا (لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ) أَيْ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ يَعْنِي لَيْسَ فِي حَالِ النَّوْمِ تَقْصِيرٌ يُنْسَبُ إِلَى النَّائِمِ فِي تَأْخِيرِهِ الصَّلَاةَ (إِنَّمَا التَّفْرِيطُ) أَيِ التَّقْصِيرُ يُوجَدُ (فِي الْيَقَظَةِ) هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ ضِدُّ النَّوْمِ لِأَجْلِ أَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ حتى تفوت (فإذا سهي أَحَدُكُمْ عَنْ صَلَاةٍ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا وَمِنَ الغد للوقت) معناه أنه يصلي الصلاة الْغَدِ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْضِي الْفَائِتَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْحَالِ وَمَرَّةً فِي الْغَدِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ثُمَّ أَمَرَ فَأَقَامَ فَصَلَّى الغداة فقلنا يانبي اللَّهِ أَلَا نَقْضِيهَا لِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُهُ عليه السلام وَمِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهَا وُجُوبًا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِهِ اسْتِحْبَابًا لِيُحْرِزَ فَضِيلَةَ الْوَقْتِ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَ مُصَادَفَةِ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ نَحْوَهُ أَتَمَّ مِنْهُ وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ طَرَفًا مِنْهُ
[438]
(خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا كَذَا ضَبَطَهُ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِ الْمُشْتَبِهِ وَالْمُخْتَلِفِ وَالزَّيْلَعِيُّ فِي تَخْرِيجِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ (جَيْشُ الْأُمَرَاءِ) هُوَ جَيْشُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ وَحُكِيَ بِالْهَمْزَةِ أَيْضًا وَهِيَ مِنْ عَمَلِ الْبَلْقَاءِ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالشَّامِ دُونَ دِمَشْقَ وَتَسْمِيَتُهَا غَزْوَةَ جَيْشِ الْأُمَرَاءِ لِكَثْرَةِ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَمَا لَاقَوْهُ مِنَ الْحَرْبِ الشَّدِيدِ مَعَ الْكُفَّارِ وَهَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أن ليلة التعريس وقعت في سرية موتة وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الرُّجُوعِ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ (طَالِعَةً) بِنَصْبِهِ حَالًا (وَهِلِينَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ يَعْنِي فَزِعِينَ يَقُولُ وَهِلَ الرَّجُلُ يَوْهَلُ إِذَا كَانَ قَدْ فَزِعَ لِشَيْءٍ يُصِيبُهُ (حَتَّى إِذَا تَعَالَتِ الشَّمْسُ) بِالْعَيْنِ وَرُوِيَ بِالْقَافِ أَيْضًا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَقَالَّتِ اسْتِقْلَالُهَا فِي السَّمَاءِ وَارْتِفَاعُهَا إِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ هَكَذَا يَعْنِي بِالْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَهُوَ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ تَعَالَتْ بِعَيْنٍ وَخِفَّةِ لَامٍ وَوَزْنُهُ تَفَاعَلَتْ من العلو (قال رسول الله) لِأَصْحَابِهِ الْحَاضِرِينَ (مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَرْكَعُ) أَيْ يُصَلِّي (رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ) قَبْلَ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَضَرِ (فَلْيَرْكَعْهُمَا) الْآنَ أَيْضًا (فَقَامَ) بَعْدَ أَمْرِهِ (مَنْ) كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ يَرْكَعُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ في الحضر وكذا قَامَ لِأَدَاءِ رَكْعَتَيِ الصُّبْحِ مَنْ لَمْ يَكُنْ (يَرْكَعُهُمَا) فِي الْحَضَرِ فَقَامُوا كُلُّهُمْ جَمِيعًا وَرَكَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَعُلِمَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كُلُّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي الْحَضَرِ وَبِهِ فَسَّرَ الْحَدِيثَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الْمُتْقِنُ النِّحْرِيرُ الَّذِي لَمْ تَرَ مِثْلَهُ الْعُيُونُ الحافظ الحاج الغازي محمد إسماعيل الشهيد الدَّهْلَوِيُّ فِي الرِّسَالَةِ الْمُبَارَكَةِ الْمُسَمَّاةِ بِتَنْوِيرِ الْعَيْنَيْنِ فِي إِثْبَاتِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ
وَعِنْدِي هَذَا تَقْصِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَهُوَ خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ فِي أَدَاءِ الْعِبَارَةِ فَالْأَشْبَهُ عِنْدِي فِي مَعْنَاهُ أَيْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيدُ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَلْيَرْكَعْهُمَا الْآنَ
فخيرهم رسول الله فِي الرَّكْعَتَيْنِ لِأَجْلِ السَّفَرِ فَقَامَ بَعْدَ أَمْرِهِ مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَعَهُمَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرْكَعْهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَجْلِ التَّرْخِيصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَوَى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ
وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ أَيْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ إِلَخْ
وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ هَذَا أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَثْبَاتِ الْمَشَاهِيرِ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْعِجْلِيُّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ شُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَإِنَّمَا تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فَوَهِمَ فِيهِ
وَعَلَى أَنَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرِ أَبِي قَتَادَةَ رَوَوْا قِصَّةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ مُفَصَّلًا وَمُجْمَلًا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَبِلَالٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ وَذِي مِخْبَرٍ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَأَنَسٍ وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي مَرْيَمَ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّلُولِيِّ وَأَبِي جُحَيْفَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَجُنْدُبٍ وَأَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنهم وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي حَدِيثِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةَ قَطُّ وَأَحَادِيثُ هَؤُلَاءِ مَرْوِيَّةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا مُخَيَّرِينَ لِأَدَاءِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِنْ شَاءُوا صَلَّوْا وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوا كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ
(أَلَا) كَلِمَةُ تَنْبِيهٍ (إِنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ أَنَّا لَمْ نَكُنْ) إِنَّا الْأُوْلَى بِالْكَسْرِ وَالثَّانِيَةُ بِالْفَتْحِ (يَشْغَلُنَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ (أَنَّى) أَيْ مَتَى (فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ) أَيِ الصُّبْحِ (مِنْ غَدٍ صَالِحًا) أَيْ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ (فَلْيَقْضِ) أَيِ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ أَيْضًا (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ (مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ فَيُصَلِّي مِنْ غَدٍ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ صَلَاةَ الْفَجْرِ الْحَاضِرَةَ ثُمَّ يَقْضِي ثَانِيًا الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ بِالْأَمْسِ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ
وَقَدْ رَوَى الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي قِصَّةِ نَوْمِهِمْ عَنِ الصَّلَاةِ وقضائهم لها قال فقال النبي فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الصَّلَاةُ مِنْ غَدٍ صَالِحًا فَلْيُحَصِّلْ مَعَهَا مِثْلَهَا وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثِقَةٌ
وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَسْتَيْقِظُ فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا أَخْبَرَنَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ فَذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ عَنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ وَقْتَهَا لَمْ يَتَحَوَّلْ إِلَى مَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِنَوْمِهِمْ وَقَضَائِهِمْ لَهَا بَعْدَ الطُّلُوعِ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا يَعْنِي صَلَاةَ الْغَدِ هَذَا هُوَ اللَّفْظُ
الصَّحِيحُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِهِ فَحَمَلَهُ خَالِدُ بن سمير عن عبد الله بن رباح عَلَى الْوَهْمِ انْتَهَى كَلَامُهُ بِحُرُوفِهِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سُمَيْرٍ وَهِمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعٍ الْأَوَّلُ فِي قَوْلِهِ جَيْشُ الْأُمَرَاءِ
وَالثَّانِي فِي قَوْلِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِلَخْ
وَالثَّالِثُ فِي قَوْلِهِ فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ شَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ
[439]
(قُمْ) يابلال (فَصَلَّى بِالنَّاسِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَائِتَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ طَرَفًا منه
[442]
(لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ) مَعْنَاهُ لَا يُجْزِيهُ إِلَّا الصَّلَاةُ مِثْلُهَا وَلَا يَلْزَمُهُ مَعَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ
اسْتُدِلَّ بِالْحَصْرِ الْوَاقِعِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ ذِكْرِهَا وَعَدَمِ وُجُوبِ إِعَادَتِهَا عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِهَا مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مِنْ غَدٍ صَالِحًا فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ أَيْضًا بَلْ عَدُّوا الْحَدِيثَ غلط مِنْ رَاوِيهِ وَحَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الْبُخَارِيِّ
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ
حصين أيضا أنهم قالوا يارسول اللَّهِ أَلَا نَقْضِيهَا لِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ ألاينهاكم اللَّهُ عَنِ الرِّبَا وَيَأْخُذُهُ مِنْكُمْ انْتَهَى
قُلْتُ لَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بَلْ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[443]
(عَنِ الْحَسَنِ) وَهُوَ الْبَصْرِيُّ (فَارْتَفَعُوا) أَيْ ذَهَبُوا (حَتَّى اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ) أَيِ ارْتَفَعَتْ وَتَعَالَتْ (رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ) هُمَا سُنَّةُ الْفَجْرِ
قَالَ المنذري ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مُطَوَّلًا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عَنْ عِمْرَانَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ
[444]
(عَنْ عَيَّاشِ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ) هُوَ بَدَلٌ مِنْ عَمِّهِ (أَسْفَارِهِ) جَمْعُ سَفَرٍ
[445]
(حَرِيزٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وآخره زاي معجمة بن عُثْمَانَ الرَّحَبِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ
رَمْيٌ بِالنَّصْبِ مِنَ الْخَامِسَةِ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَثَمَانُونَ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ (عُبَيْدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْوَزَرِ بفتح الزاي وَيُقَالُ أَبُو الْوَزِيرِ وَيُقَالُ عُبَيْدٌ بِلَا إِضَافَةٍ مِنْ شُيُوخِ أَبِي دَاوُدَ وَلَا يُعْرَفُ حَالُهُ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ أَيْ عَلَى وَزْنِ أَمِيرٍ وَفِي رواية الخطيب بن أَبِي الْوَزَرِ أَيْ عَلَى وَزْنِ سَبَبٍ بِفَتْحِ الواو الزاء وَبَعْدَهَا رَاءٌ لَا يُعْلَمُ رَوَى عَنْهُ سِوَى أَبِي دَاوُدَ وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ تَوْثِيقٌ وَلَا جَرْحٌ
انْتَهَى (يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ) قَالَ فِي الخلاصة يزيد بن صالح أو بن صليح مصغر صلح الرحبي الحمصي عن دي مِخْبَرٍ وَعَنْهُ حَرِيزٌ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ شُيُوخُ حَرِيزٍ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ [446](عَنْ ذِي مِخْبَرٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ ذُو مِخْبَرٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَقِيلَ بَدَلَهَا مِيمٌ الحبشي صحابي نزل الشام وهو بن أَخِي النَّجَاشِيِّ (لَمْ يَلِثْ) بِتَخْفِيفِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ لَثِيَ بِالْكَسْرِ إِذَا ابْتَلَّ مَعْنَاهُ لَمْ يَبْتَلَّ وَلَمْ يَخْلِطْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقِ مِنْ لَتَّ الرَّجُلُ السَّوِيقَ لَتًّا إِذَا بَلَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ يَعْنِي خَفَّفَ صَبَّ مَاءَ الْوُضُوءِ بِحَيْثُ لَمْ يَخْلِطِ التُّرَابَ بِالْمَاءِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا وَاحِدٌ
(فِي هَذَا الْخَبَرِ) سَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ
[447]
(زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ أن هذه القصة كانت في رجوعه خَيْبَرَ وَجَاءَ فِي الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَجُمِعَ بِتَعَدُّدِ الْقِصَّةِ
قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (مَنْ يَكْلَؤُنَا) أَيْ