الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ يُسْمِعُنَا ذَلِكَ وَيُعَلِّمُنَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله وَاخْتِيَارُ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الصَّحَابَةَ الَّذِينَ ذُكِرَ بِهِمُ الِاسْتِفْتَاحُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَجَهَرَ عُمَرُ بِهِ أَحْيَانًا بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لِيَتَعَلَّمَهُ الناس مع أن إخفائه يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَأَنَّهُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُدَاوِمُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَإِنِ اسْتَفْتَحَ بِمَا رَوَاهُ عَلِيٌّ أَوْ أَبُو هُرَيْرَةَ فَحَسَنٌ لِصِحَّةِ الرِّوَايَةِ انْتَهَى
وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِالْإِيثَارِ وَالِاخْتِيَارِ
وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ حَدِيثُ عَلِيٍّ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَقَالِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ سَتَعْرِفُ الْمَقَالَ الَّذِي فِيهِ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَمَّا أَنَا فَأَذْهَبُ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَفْتَحَ ببعض ما روي كان حسنا
قال بن خُزَيْمَةَ لَا نَعْلَمُ فِي الِافْتِتَاحِ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ خَبَرًا ثَابِتًا وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَلَا سَمِعْنَا بِهِ اسْتَعْمَلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى وَجْهِهِ
انْتَهَى
([777]
بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)
(عَنِ الْحَسَنِ) أَيِ الْبَصْرِيِّ الْإِمَامِ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَالسُّنَّةِ (سَمُرَةُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ (سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (وَسُورَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَالْمَعْنَى إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ (قَالَ) أَيِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ (فَأَنْكَرَ ذَلِكَ) أَيْ مَا حَفِظَهُ سَمُرَةُ مِنَ السَّكْتَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ (عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ) فَاعِلُ أَنْكَرَ
وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ هَذَا كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ (إِلَى أُبَيِّ) بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ سَيِّدِ الْقُرَّاءِ كَتَبَ الْوَحْيَ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عز وجل نَبِيَّهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ رضي الله عنه وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَلَهُ مَنَاقِبُ جَمَّةٌ (فَصَدَّقَ) أَيْ أبي
(سَمُرَةَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ صَدَّقَ أَيْ صَدَّقَ أُبَيٌّ سَمُرَةَ وَوَافَقَهُ وَقَالَ إِنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ انْتَهَى
قُلْتُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ فَقَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا وَقِيلَ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ
وَقَالَ البخاري قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ وَمَنْ أَثْبَتَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ نَفَى قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
وقال فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي السَّكْتَتَيْنِ تَحْتَ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ سننه منها حديث نهةىعن بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَحَدِيثُ جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ وَحَدِيثُ لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا بِغَضَبِ اللَّهِ وَلَا بِالنَّارِ وَحَدِيثُ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مُقْتَضَى تَصَرُّفِهِ جَدِيرًا بِالتَّصْحِيحِ
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رُوَاةُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ انْتَهَى (كَذَا قَالَ حُمَيْدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَذَا هُوَ قَوْلُهُ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ
[778]
(عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ يُفْتَحُ الدَّالُ (إِذَا اسْتَفْتَحَ) أَيْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ (فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِ يونس
[779]
(تذاكرا) صيغة التثنية من التفاعل (سكتة إِذَا كَبَّرَ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا سَكَتَهُمَا لِيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ فِيهِمَا فَلَا يُنَازِعُونَهُ الْقِرَاءَةَ إِذَا قَرَأَ انْتَهَى
قَالَ الْيَعْمَرِيُّ كَلَامُ الْخَطَّابِيُّ هَذَا فِي السَّكْتَةِ الَّتِي بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ
وَأَمَّا السَّكْتَةُ الْأُولَى فَقَدْ وَقَعَ بَيَانُهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ الْحَدِيثَ قَالَهُ فِي النَّيْلِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا ثبوت ثلاث
سَكَتَاتٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَبَعْدَ السُّورَةِ وَقِيلَ الثَّالِثَةُ أَخَفُّ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَذَلِكَ بِمِقْدَارِ مَا تَنْفَصِلُ الْقِرَاءَةُ عَنِ التَّكْبِيرِ فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَصْلِ فِيهِ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى اسْتِحْبَابِ هَذِهِ السَّكَتَاتِ الثَّلَاثِ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَالِكٌ
السَّكْتَةُ مَكْرُوهَةٌ (فَكَتَبَا) أَيْ سَمُرَةُ وَعِمْرَانُ (فِي كِتَابِهِ إِلَيْهِمَا) أَيْ فِي كِتَابِ أُبَيٍّ إِلَى سَمُرَةَ وَعِمْرَانَ (أَوْ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِمَا) شَكٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ
[780]
(أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ بِهَذَا) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدٍ (قَالَ فِيهِ) أَيْ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى فِي الْحَدِيثِ (إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ إِذَا كَبَّرَ
قِيلَ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ السَّكْتَةِ لِيَفْرُغَ الْمَأْمُومُونَ مِنَ النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ عَقِبَ التَّكْبِيرِ لَفَاتَ مَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالتَّكْبِيرِ وَالنِّيَّةِ بَعْضُ سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ
قُلْتُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذِهِ السَّكْتَةِ لِيَقُولَ الْإِمَامُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ إِلَخْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ (وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ) أَيْ كُلِّهَا (ثُمَّ قَالَ) أَيْ قَتَادَةَ (بَعْدُ) مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَدِ اخْتَصَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يُورِدْهُ بِتَمَامِهِ وَرَوَاهُ بن مَاجَهْ هَكَذَا حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَمِيلٍ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ سَكْتَتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ فَكَتَبْنَا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِالْمَدِينَةِ فَكَتَبَ أَنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ
قَالَ سَعِيدٌ فَقُلْنَا لِقَتَادَةَ مَا هَاتَانِ السَّكْتَتَانِ قَالَ إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَإِذَا قَرَأَ غَيْرُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَتَرَادَّ إِلَيْهِ نَفَسُهُ
فَائِدَةٌ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ كَانَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فَكَانَ يَسْكُتُ سَكْتَتَيْنِ إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْكِتَابِ فَعَابَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَكَتَبَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا عَلَيَّ وَلَعَلِّي نَسِيتُ وَحَفِظُوا أَوْ حَفِظْتُ وَنَسُوا فَكَتَبَ إِلَيْهِ أُبَيِّ بن
كَعْبٍ بَلْ حَفِظْتَ وَنَسُوا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ سَمُرَةُ حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَكْتَتَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فَعَابَ عَلَيَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَتَبُوا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ أَنْ صَدَقَ سَمُرَةَ انْتَهَى
فَظَهَرَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْقَائِلَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عِمْرَانُ هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَنَّ الْقَائِلَ أَيْضًا فَكَتَبُوا أَوْ فَكَتَبَ هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ فَكَتَبَا بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ أَيْ سَمُرَةُ وَعِمْرَانُ وَهَذَا كُلُّهُ حِكَايَةً مِنِ الْحَسَنِ نَاقِلًا عَمَّا سَمِعَ مِنْ سَمُرَةَ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ وَقَعَتْ مِنْ سَمُرَةَ أَوْ مِنْ سَمُرَةَ وَعِمْرَانَ فَهَذَا الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْكَاتِبُ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هُوَ سَمُرَةُ أَوْ هُوَ وَعِمْرَانُ أَوْ هُمَا وَمَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الرَّاوِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ سَمُرَةَ سَمَاعًا مِنْهُ لا أنه كان حاضرا حين ما جَرَى بَيْنَ سَمُرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي السَّكْتَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ سَمُرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
[781]
(إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً قَالَ الْحَافِظُ ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ السُّكُوتِ
وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِسْكَاتِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ تَكَلَّمَ الرَّجُلُ ثُمَّ سَكَتَ بِغَيْرِ أَلِفٍ فَإِذَا انْقَطَعَ كَلَامُهُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ قُلْتُ أَسْكَتَ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ إِفْعَالُهُ مِنَ السُّكُوتِ وَلَا يُرَادُ بِهِ تَرْكُ الْكَلَامِ بَلْ تَرْكُ رَفْعِ الصَّوْتِ لِقَوْلِهِ مَا تَقُولُ فِي إِسْكَاتِكَ قَالَهُ الطِّيبِيُّ
أَوِ الْمُرَادُ بِهِ السُّكُوتُ عَنِ الْقِرَاءَةِ لَا عَنِ الذِّكْرِ وَقَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ انْتَهَى (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ قِيلَ هُوَ اسْمٌ فَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ مَرْفُوعًا تَقْدِيرُهُ أَنْتَ مُفَدًّى بِأَبِي وَأُمِّي وَقِيلَ هُوَ فِعْلٌ أَيْ فَدَيْتُكَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ وَحُذِفَ هَذَا الْقَدْرُ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَعِلْمِ الْمُخَاطَبِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (أَرَأَيْتَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفْتَحُ التَّاءُ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي (مَا تَقُولُ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا لِكَوْنِهِ قَالَ مَا تَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ هَلْ تَقُولُ نَبَّهَ عليه بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ وَلَعَلَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَصْلِ الْقَوْلِ بِحَرَكَةِ الْفَمِ
كَمَا اسْتَدَلَّ غَيْرُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِاضْطِرَابِ اللِّحْيَةِ (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أَخْرَجَهُ مَخْرَجُ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُبَالَغَةِ فَهِيَ لِلْمُبَالَغَةِ
وَقِيلَ تُفِيدُ الْبُعْدَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ وَبَاعِدْ بَيْنَ خَطَايَايَ وَبَيْنِي
وَالْخَطَايَا إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا اللَّاحِقَةُ فَمَعْنَاهُ إِذَا قُدِّرَ لِي ذَنْبٌ فَبَعِّدْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَالْمَقْصُودُ مَا سَيَأْتِي أَوِ السَّابِقَةُ فَمَعْنَاهُ الْمَحْوُ وَالْغُفْرَانُ لِمَا حَصَلَ مِنْهَا وَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُبَاعَدَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَمَوْقِعُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْتِقَاءَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مُسْتَحِيلٌ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَبْقَى لَهَا مِنْهُ اقْتِرَابٌ بِالْكُلِّيَّةِ
وَكَرَّرَ لَفْظَ بَيْنَ هُنَا وَلَمْ يُكَرِّرْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ يُعَادُ فِيهِ الْجَارُّ (اللَّهُمَّ أَنْقِنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنَ الدَّنَسِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ اللَّهُمَّ نَقِّنِي قَالَ الْحَافِظُ مَجَازٌ عَنْ زَوَالِ الذُّنُوبِ وَمَحْوِ أَثَرِهَا
وَلَمَّا كَانَ الدَّنَسُ فِي الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ أَظْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَلْوَانِ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ
قاله بن دَقِيقِ الْعِيدِ (اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالثَّلْجِ) بِالسُّكُونِ (وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ) بِفَتْحَتَيْنِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ ذَكَرَ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ تَأْكِيدًا أَوْ لِأَنَّهُمَا مَاءَانِ لَمْ تَمَسَّهُمَا الْأَيْدِي ولم يمتهنهما الاستعمال وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ عَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ غَايَةِ الْمَحْوِ فَإِنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مُنْقِيَةٍ يَكُونُ فِي غَايَةِ النَّقَاءِ
قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَجَازٌ عَنْ صِفَةٍ يَقَعُ بِهَا الْمَحْوُ وَكَأَنَّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَشَارَ الطِّيبِيُّ إِلَى هَذَا بَحْثًا فَقَالَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مِنْ ذِكْرِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ بَعْدَ الْمَاءِ شُمُولُ أَنْوَاعِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ بَعْدَ الْعَفْوِ لِإِطْفَاءِ حَرَارَةِ عَذَابَ النَّارِ الَّتِي هِيَ فِي غَايَةِ الْحَرَارَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ بَرَّدَ اللَّهُ مَضْجَعَهُ
أَيْ رَحِمَهُ وَوَقَاهُ عَذَابَ النَّارِ انْتَهَى
وَيُؤَيِّدُهُ وُرُودُ وَصْفِ الْمَاءِ بِالْبُرُودَةِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عِنْدَ مُسْلِمٍ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخَطَايَا بِمَنْزِلَةِ جَهَنَّمَ لِكَوْنِهَا مُسَبَّبَةً عَنْهَا فَعَبَّرَ عَنْ إِطْفَاءِ حَرَارَتِهَا بِالْغَسْلِ وَبَالَغَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُبَرِّدَاتِ تَرَقِّيًا عَنِ الْمَاءِ إِلَى أَبْرَدَ مِنْهُ
قَالَهُ الْحَافِظُ
فَإِنْ قُلْتَ الْغَسْلُ الْبَالِغُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ فلما ذُكِرَ ذَلِكَ قُلْتُ قَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ مَعْنَاهُ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَذَكَرَهَا مُبَالَغَةً فِي التَّطْهِيرِ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا
ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ
ثُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ صَدَرَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي إِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ وَقِيلَ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ لِأُمَّتِهِ وَاعْتُرِضَ بِكَوْنِهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَجَهَرَ