المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب السكتة عند الافتتاح) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٢

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌ بَابُ الرجل يسلم)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ)

- ‌(بَابٌ فِي طُهُورِ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَتْ)

- ‌(بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ)

- ‌ بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ)

- ‌(بَابُ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌2 - كِتَابِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب فِي الْمَوَاقِيتِ)

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ)

- ‌ باب وقت العشاء اخرة)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌ بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ)

- ‌ باب إذا أخر امام الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ)

- ‌ بَاب فِي مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا)

- ‌(بَاب فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ)

- ‌(بَاب فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب في حصى المسجد)

- ‌(باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب ما يقول الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌ بَاب فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصَّلَاةُ)

- ‌(بَاب مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْأَذَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقَامَةِ)

- ‌(بَابٌ الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ)

- ‌ بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ)

- ‌(باب المؤذن يستدير في أذنه)

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ)

- ‌(بَاب (مَا جَاءَ فِي) الدعاء عند الأذان)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ)

- ‌ بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ لِلْأَعْمَى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ)

- ‌(بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا)

- ‌(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ في المشيء إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظَّلَمِ)

- ‌ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(باب في من خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي)

- ‌(بَاب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جَمَاعَةً يُعِيدُ)

- ‌(باب جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(باب في كراهية التدافع)

- ‌ بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ)

- ‌(بَاب إمامة الأعمى)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الزَّائِرِ)

- ‌(باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان الْقَوْمِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ)

- ‌ بَاب إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ)

- ‌(بَابُ التشديد فيمن يرفع قبل الإمام)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الْإِمَامِ)

- ‌(باب جماع أثواب ما يصلي فيه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثوب بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به)

- ‌(بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ)

- ‌(بَابُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ)

- ‌(بَاب الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ)

- ‌كتاب الصُّفُوف

- ‌ بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌ بَاب الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي)

- ‌ بَاب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصف وكراهية التأخير)

- ‌ بَاب مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الصَّفِّ)

- ‌ بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ)

- ‌ باب مقام الامام في الصف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ)

- ‌(كتاب السترة)

- ‌ بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ)

- ‌ بَاب الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ)

- ‌ بَابُ إذا صلى إلى سارية)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدثين)

- ‌(بَاب الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ)

- ‌ بَاب مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي)

- ‌(كتاب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها)

- ‌ بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ باب السترة الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌كتاب اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌ بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قَامَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ)

- ‌ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌ بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الدُّعَاءِ)

- ‌ بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ)

- ‌ بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)

- ‌ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِبِسْمِ الله الرحمن الرحيم)

- ‌ بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا)

- ‌(بَاب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)

الفصل: ‌ باب السكتة عند الافتتاح)

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ يُسْمِعُنَا ذَلِكَ وَيُعَلِّمُنَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ

انْتَهَى

وَقَالَ فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله وَاخْتِيَارُ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الصَّحَابَةَ الَّذِينَ ذُكِرَ بِهِمُ الِاسْتِفْتَاحُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَجَهَرَ عُمَرُ بِهِ أَحْيَانًا بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لِيَتَعَلَّمَهُ الناس مع أن إخفائه يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَأَنَّهُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُدَاوِمُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَإِنِ اسْتَفْتَحَ بِمَا رَوَاهُ عَلِيٌّ أَوْ أَبُو هُرَيْرَةَ فَحَسَنٌ لِصِحَّةِ الرِّوَايَةِ انْتَهَى

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِالْإِيثَارِ وَالِاخْتِيَارِ

وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الِاسْتِفْتَاحِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ثُمَّ حَدِيثُ عَلِيٍّ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَقَالِ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ سَتَعْرِفُ الْمَقَالَ الَّذِي فِيهِ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَمَّا أَنَا فَأَذْهَبُ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَفْتَحَ ببعض ما روي كان حسنا

قال بن خُزَيْمَةَ لَا نَعْلَمُ فِي الِافْتِتَاحِ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ خَبَرًا ثَابِتًا وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا وَلَا سَمِعْنَا بِهِ اسْتَعْمَلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى وَجْهِهِ

انْتَهَى

([777]

‌ بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)

(عَنِ الْحَسَنِ) أَيِ الْبَصْرِيِّ الْإِمَامِ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَالسُّنَّةِ (سَمُرَةُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ (سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (وَسُورَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

وَالْمَعْنَى إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ (قَالَ) أَيِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ (فَأَنْكَرَ ذَلِكَ) أَيْ مَا حَفِظَهُ سَمُرَةُ مِنَ السَّكْتَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ (عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ) فَاعِلُ أَنْكَرَ

وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ هَذَا كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَكَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ (إِلَى أُبَيِّ) بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ سَيِّدِ الْقُرَّاءِ كَتَبَ الْوَحْيَ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عز وجل نَبِيَّهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ رضي الله عنه وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَلَهُ مَنَاقِبُ جَمَّةٌ (فَصَدَّقَ) أَيْ أبي

ص: 340

(سَمُرَةَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ صَدَّقَ أَيْ صَدَّقَ أُبَيٌّ سَمُرَةَ وَوَافَقَهُ وَقَالَ إِنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ

قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ انْتَهَى

قُلْتُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ فَقَالَ شُعْبَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا وَقِيلَ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ

وَقَالَ البخاري قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ وَمَنْ أَثْبَتَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ نَفَى قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ

وقال فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي السَّكْتَتَيْنِ تَحْتَ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ سننه منها حديث نهةىعن بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَحَدِيثُ جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ وَحَدِيثُ لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا بِغَضَبِ اللَّهِ وَلَا بِالنَّارِ وَحَدِيثُ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مُقْتَضَى تَصَرُّفِهِ جَدِيرًا بِالتَّصْحِيحِ

وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رُوَاةُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ انْتَهَى (كَذَا قَالَ حُمَيْدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَذَا هُوَ قَوْلُهُ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ

[778]

(عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ يُفْتَحُ الدَّالُ (إِذَا اسْتَفْتَحَ) أَيْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ (فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ) أَيْ مَعْنَى حَدِيثِ يونس

[779]

(تذاكرا) صيغة التثنية من التفاعل (سكتة إِذَا كَبَّرَ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ (وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا سَكَتَهُمَا لِيَقْرَأَ مَنْ خَلْفَهُ فِيهِمَا فَلَا يُنَازِعُونَهُ الْقِرَاءَةَ إِذَا قَرَأَ انْتَهَى

قَالَ الْيَعْمَرِيُّ كَلَامُ الْخَطَّابِيُّ هَذَا فِي السَّكْتَةِ الَّتِي بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ

وَأَمَّا السَّكْتَةُ الْأُولَى فَقَدْ وَقَعَ بَيَانُهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ الْحَدِيثَ قَالَهُ فِي النَّيْلِ

وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا ثبوت ثلاث

ص: 341

سَكَتَاتٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَبَعْدَ السُّورَةِ وَقِيلَ الثَّالِثَةُ أَخَفُّ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَذَلِكَ بِمِقْدَارِ مَا تَنْفَصِلُ الْقِرَاءَةُ عَنِ التَّكْبِيرِ فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَصْلِ فِيهِ

وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى اسْتِحْبَابِ هَذِهِ السَّكَتَاتِ الثَّلَاثِ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَالِكٌ

السَّكْتَةُ مَكْرُوهَةٌ (فَكَتَبَا) أَيْ سَمُرَةُ وَعِمْرَانُ (فِي كِتَابِهِ إِلَيْهِمَا) أَيْ فِي كِتَابِ أُبَيٍّ إِلَى سَمُرَةَ وَعِمْرَانَ (أَوْ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِمَا) شَكٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ

[780]

(أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ بِهَذَا) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدٍ (قَالَ فِيهِ) أَيْ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى فِي الْحَدِيثِ (إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ إِذَا كَبَّرَ

قِيلَ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ السَّكْتَةِ لِيَفْرُغَ الْمَأْمُومُونَ مِنَ النِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ عَقِبَ التَّكْبِيرِ لَفَاتَ مَنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالتَّكْبِيرِ وَالنِّيَّةِ بَعْضُ سَمَاعِ الْقِرَاءَةِ

قُلْتُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذِهِ السَّكْتَةِ لِيَقُولَ الْإِمَامُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ إِلَخْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ (وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ) أَيْ كُلِّهَا (ثُمَّ قَالَ) أَيْ قَتَادَةَ (بَعْدُ) مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَدِ اخْتَصَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يُورِدْهُ بِتَمَامِهِ وَرَوَاهُ بن مَاجَهْ هَكَذَا حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَمِيلٍ الْعَتَكِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ سَكْتَتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ فَكَتَبْنَا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِالْمَدِينَةِ فَكَتَبَ أَنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ

قَالَ سَعِيدٌ فَقُلْنَا لِقَتَادَةَ مَا هَاتَانِ السَّكْتَتَانِ قَالَ إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَإِذَا قَرَأَ غَيْرُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَتَرَادَّ إِلَيْهِ نَفَسُهُ

فَائِدَةٌ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ كَانَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فَكَانَ يَسْكُتُ سَكْتَتَيْنِ إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْكِتَابِ فَعَابَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَكَتَبَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا عَلَيَّ وَلَعَلِّي نَسِيتُ وَحَفِظُوا أَوْ حَفِظْتُ وَنَسُوا فَكَتَبَ إِلَيْهِ أُبَيِّ بن

ص: 342

كَعْبٍ بَلْ حَفِظْتَ وَنَسُوا وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ سَمُرَةُ حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَكْتَتَيْنِ إِذَا كَبَّرَ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فَعَابَ عَلَيَّ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَتَبُوا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ أَنْ صَدَقَ سَمُرَةَ انْتَهَى

فَظَهَرَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْقَائِلَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عِمْرَانُ هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَنَّ الْقَائِلَ أَيْضًا فَكَتَبُوا أَوْ فَكَتَبَ هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ فَكَتَبَا بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ أَيْ سَمُرَةُ وَعِمْرَانُ وَهَذَا كُلُّهُ حِكَايَةً مِنِ الْحَسَنِ نَاقِلًا عَمَّا سَمِعَ مِنْ سَمُرَةَ وَأَنَّ الْكِتَابَةَ وَقَعَتْ مِنْ سَمُرَةَ أَوْ مِنْ سَمُرَةَ وَعِمْرَانَ فَهَذَا الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْكَاتِبُ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هُوَ سَمُرَةُ أَوْ هُوَ وَعِمْرَانُ أَوْ هُمَا وَمَنْ وَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الرَّاوِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ سَمُرَةَ سَمَاعًا مِنْهُ لا أنه كان حاضرا حين ما جَرَى بَيْنَ سَمُرَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي السَّكْتَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ سَمُرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ

[781]

(إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً قَالَ الْحَافِظُ ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ السُّكُوتِ

وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِسْكَاتِ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ يُقَالُ تَكَلَّمَ الرَّجُلُ ثُمَّ سَكَتَ بِغَيْرِ أَلِفٍ فَإِذَا انْقَطَعَ كَلَامُهُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ قُلْتُ أَسْكَتَ انْتَهَى

وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ إِفْعَالُهُ مِنَ السُّكُوتِ وَلَا يُرَادُ بِهِ تَرْكُ الْكَلَامِ بَلْ تَرْكُ رَفْعِ الصَّوْتِ لِقَوْلِهِ مَا تَقُولُ فِي إِسْكَاتِكَ قَالَهُ الطِّيبِيُّ

أَوِ الْمُرَادُ بِهِ السُّكُوتُ عَنِ الْقِرَاءَةِ لَا عَنِ الذِّكْرِ وَقَالَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ انْتَهَى (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ قِيلَ هُوَ اسْمٌ فَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ مَرْفُوعًا تَقْدِيرُهُ أَنْتَ مُفَدًّى بِأَبِي وَأُمِّي وَقِيلَ هُوَ فِعْلٌ أَيْ فَدَيْتُكَ وَمَا بَعْدَهُ مَنْصُوبٌ وَحُذِفَ هَذَا الْقَدْرُ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَعِلْمِ الْمُخَاطَبِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (أَرَأَيْتَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفْتَحُ التَّاءُ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي (مَا تَقُولُ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا لِكَوْنِهِ قَالَ مَا تَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ هَلْ تَقُولُ نَبَّهَ عليه بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ وَلَعَلَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَصْلِ الْقَوْلِ بِحَرَكَةِ الْفَمِ

ص: 343

كَمَا اسْتَدَلَّ غَيْرُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِاضْطِرَابِ اللِّحْيَةِ (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أَخْرَجَهُ مَخْرَجُ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُبَالَغَةِ فَهِيَ لِلْمُبَالَغَةِ

وَقِيلَ تُفِيدُ الْبُعْدَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ وَبَاعِدْ بَيْنَ خَطَايَايَ وَبَيْنِي

وَالْخَطَايَا إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا اللَّاحِقَةُ فَمَعْنَاهُ إِذَا قُدِّرَ لِي ذَنْبٌ فَبَعِّدْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَالْمَقْصُودُ مَا سَيَأْتِي أَوِ السَّابِقَةُ فَمَعْنَاهُ الْمَحْوُ وَالْغُفْرَانُ لِمَا حَصَلَ مِنْهَا وَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُبَاعَدَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَمَوْقِعُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْتِقَاءَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مُسْتَحِيلٌ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَبْقَى لَهَا مِنْهُ اقْتِرَابٌ بِالْكُلِّيَّةِ

وَكَرَّرَ لَفْظَ بَيْنَ هُنَا وَلَمْ يُكَرِّرْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ يُعَادُ فِيهِ الْجَارُّ (اللَّهُمَّ أَنْقِنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنَ الدَّنَسِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ اللَّهُمَّ نَقِّنِي قَالَ الْحَافِظُ مَجَازٌ عَنْ زَوَالِ الذُّنُوبِ وَمَحْوِ أَثَرِهَا

وَلَمَّا كَانَ الدَّنَسُ فِي الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ أَظْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَلْوَانِ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ

قاله بن دَقِيقِ الْعِيدِ (اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالثَّلْجِ) بِالسُّكُونِ (وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ) بِفَتْحَتَيْنِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ ذَكَرَ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ تَأْكِيدًا أَوْ لِأَنَّهُمَا مَاءَانِ لَمْ تَمَسَّهُمَا الْأَيْدِي ولم يمتهنهما الاستعمال وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ عَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ غَايَةِ الْمَحْوِ فَإِنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مُنْقِيَةٍ يَكُونُ فِي غَايَةِ النَّقَاءِ

قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَجَازٌ عَنْ صِفَةٍ يَقَعُ بِهَا الْمَحْوُ وَكَأَنَّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَشَارَ الطِّيبِيُّ إِلَى هَذَا بَحْثًا فَقَالَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مِنْ ذِكْرِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ بَعْدَ الْمَاءِ شُمُولُ أَنْوَاعِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ بَعْدَ الْعَفْوِ لِإِطْفَاءِ حَرَارَةِ عَذَابَ النَّارِ الَّتِي هِيَ فِي غَايَةِ الْحَرَارَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ بَرَّدَ اللَّهُ مَضْجَعَهُ

أَيْ رَحِمَهُ وَوَقَاهُ عَذَابَ النَّارِ انْتَهَى

وَيُؤَيِّدُهُ وُرُودُ وَصْفِ الْمَاءِ بِالْبُرُودَةِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عِنْدَ مُسْلِمٍ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخَطَايَا بِمَنْزِلَةِ جَهَنَّمَ لِكَوْنِهَا مُسَبَّبَةً عَنْهَا فَعَبَّرَ عَنْ إِطْفَاءِ حَرَارَتِهَا بِالْغَسْلِ وَبَالَغَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُبَرِّدَاتِ تَرَقِّيًا عَنِ الْمَاءِ إِلَى أَبْرَدَ مِنْهُ

قَالَهُ الْحَافِظُ

فَإِنْ قُلْتَ الْغَسْلُ الْبَالِغُ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ فلما ذُكِرَ ذَلِكَ قُلْتُ قَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ مَعْنَاهُ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَذَكَرَهَا مُبَالَغَةً فِي التَّطْهِيرِ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا

ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ

وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ

ثُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ صَدَرَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي إِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ وَقِيلَ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ لِأُمَّتِهِ وَاعْتُرِضَ بِكَوْنِهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَجَهَرَ

ص: 344