الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ خَلْفَ الصَّفِّ جَائِزَةٌ لِأَنَّ جُزْءًا مِنَ الصَّلَاةِ إِذَا جَازَ عَلَى حَالِ الِانْفِرَادِ جَازَ سَائِرُ أَجْزَائِهَا
وَقَوْلُهُ عليه السلام وَلَا تَعُدْ إِرْشَادًا لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ يَكُنْ مُجْزِيًا لِأَمْرِهِ بِالْإِعَادَةِ وَيَدُلُّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي صَلَاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَقِيَامُهَا مُنْفَرِدَةً وَأَحْكَامُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي هَذَا وَاحِدَةٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِالْإِعَادَةِ فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ لَيْسَ عَلَى الْإِيجَابِ وَلَكِنْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ
وَكَانَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصُّفُوفِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَمْ يَجْزِهِ
انْتَهَى
قُلْتُ مَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَأَحْكَامُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي هَذَا وَاحِدَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ إِنَّمَا سَاغَ قِيَامُ الْمَرْأَةِ مُنْفَرِدَةً لِامْتِنَاعِ أَنْ تَصُفَّ مَعَ الرِّجَالِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَصُفَّ مَعَهُمْ وَأَنْ يُزَاحِمَهُمْ وَأَنْ يَجْذِبَ رَجُلًا مِنْ حَاشِيَةِ الصَّفِّ فَيَقُومَ مَعَهُ فَافْتَرَقَا
قَالَ المنذري وأخرجه البخاري والنسائي
(كتاب السترة)
([685]
بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ)
(إِذَا جَعَلْتَ بَيْنَ يَدَيْكَ) أَيْ قُدَّامَكَ وَهَذَا مُطْلَقٌ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا التَّقْدِيرُ بِمَرِّ الشَّاةِ وَبِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مُقَيِّدَةٌ لِذَلِكَ (مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُؤَخِّرَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهَمْزَةٍ
سَاكِنَةٍ وَيُقَالُ بِفَتْحِ الْخَاءِ مَعَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ وَمَعَ إِسْكَانِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْخَاءِ وَيُقَالُ آخِرَةُ الرَّحْلِ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَكَسْرِ الْخَاءِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَهِيَ الْعُودُ الَّذِي فِي آخِرِ الرَّحْلِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ الرَّاكِبُ مِنْ كُورِ الْبَعِيرِ وَهِيَ قَدْرُ عَظْمِ الذِّرَاعِ وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ (فَلَا يَضُرُّكَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْكَ) لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ الْمَشْرُوعَ مِنَ الْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ يُصَلِّي وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا يَضُرُّهُ الضَّرَرُ الرَّاجِعُ إِلَى نُقْصَانِ صَلَاةِ الْمُصَلِّي وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ صَلَاةِ مَنِ اتَّخَذَ سُتْرَةً لِمُرُورِ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ وَحُصُولُ النُّقْصَانِ إِنْ لَمْ يَتَّخِذْ ذَلِكَ
ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْكَ بَيْنَ السُّتْرَةِ وَالْقِبْلَةِ لَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم والترمذي وبن ماجه
[686]
(عن عطاء) وهو بن أبي رباح أحد الفقهاء والأئمة
قال بن عباس وقد سئل عن شيء ياأهل مَكَّةَ تَجْتَسُونَ عَلَيَّ وَعِنْدَكُمْ عَطَاءٌ
[687]
(أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ) أي أمر خادمه بحمل الحربة
وزاد بن مَاجَهْ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يُسْتَتَرُ بِهِ وَالْحَرْبَةُ دُونَ الرُّمْحِ عَرِيضَةُ النَّصْلِ (وَالنَّاسُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ يُصَلِّي (وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ نَصْبَ الْحَرْبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ جِدَارٌ (فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ) أَيْ فَمِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اتَّخَذَ الْأُمَرَاءُ الْحَرْبَةَ يُخْرَجُ بِهَا بَيْنَ أَيْدِيِهِمْ فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ فَصَّلَهَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ فَجَعَلَهَا مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ كما أخرجه بن مَاجَهْ وَالضَّمِيرُ فِي اتَّخَذَهَا يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ إِلَى الْحَرْبَةِ نَفْسِهَا أَوْ إِلَى جِنْسِ الْحَرْبَةِ
قَالَ المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[688]
(صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ) يَعْنِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ وَهُوَ مَوْضِعٌ خَارِجُ مَكَّةَ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ له الأبطح (عنزة) بفتح العين والنون والزاي عَصًا أَقْصَرُ مِنَ الرُّمْحِ لَهَا سِنَانٌ وَقِيلَ هِيَ الْحَرْبَةُ الْقَصِيرَةُ