المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌ بَابُ الرجل يسلم)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ)

- ‌(بَابٌ فِي طُهُورِ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَتْ)

- ‌(بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ)

- ‌ بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ)

- ‌(بَابُ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌2 - كِتَابِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب فِي الْمَوَاقِيتِ)

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ)

- ‌ باب وقت العشاء اخرة)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌ بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ)

- ‌ باب إذا أخر امام الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ)

- ‌ بَاب فِي مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا)

- ‌(بَاب فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ)

- ‌(بَاب فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب في حصى المسجد)

- ‌(باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب ما يقول الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌ بَاب فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصَّلَاةُ)

- ‌(بَاب مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْأَذَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقَامَةِ)

- ‌(بَابٌ الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ)

- ‌ بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ)

- ‌(باب المؤذن يستدير في أذنه)

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ)

- ‌(بَاب (مَا جَاءَ فِي) الدعاء عند الأذان)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ)

- ‌ بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ لِلْأَعْمَى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ)

- ‌(بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا)

- ‌(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ في المشيء إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظَّلَمِ)

- ‌ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(باب في من خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي)

- ‌(بَاب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جَمَاعَةً يُعِيدُ)

- ‌(باب جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(باب في كراهية التدافع)

- ‌ بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ)

- ‌(بَاب إمامة الأعمى)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الزَّائِرِ)

- ‌(باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان الْقَوْمِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ)

- ‌ بَاب إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ)

- ‌(بَابُ التشديد فيمن يرفع قبل الإمام)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الْإِمَامِ)

- ‌(باب جماع أثواب ما يصلي فيه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثوب بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به)

- ‌(بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ)

- ‌(بَابُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ)

- ‌(بَاب الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ)

- ‌كتاب الصُّفُوف

- ‌ بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌ بَاب الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي)

- ‌ بَاب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصف وكراهية التأخير)

- ‌ بَاب مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الصَّفِّ)

- ‌ بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ)

- ‌ باب مقام الامام في الصف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ)

- ‌(كتاب السترة)

- ‌ بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ)

- ‌ بَاب الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ)

- ‌ بَابُ إذا صلى إلى سارية)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدثين)

- ‌(بَاب الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ)

- ‌ بَاب مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي)

- ‌(كتاب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها)

- ‌ بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ باب السترة الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌كتاب اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌ بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قَامَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ)

- ‌ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌ بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الدُّعَاءِ)

- ‌ بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ)

- ‌ بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)

- ‌ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِبِسْمِ الله الرحمن الرحيم)

- ‌ بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا)

- ‌(بَاب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)

الفصل: ‌ باب وقت العصر)

تَعْلِيلٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّأْخِيرِ الْمَذْكُورِ وَهَلِ الْحِكْمَةُ فِيهِ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ لِكَوْنِهَا قَدْ تَسْلُبُ الْخُشُوعَ وَهَذَا أَظْهَرُ وَكَوْنُهَا الْحَالَةَ الَّتِي يَنْتَشِرُ فِيهَا الْعَذَابُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ لَهُ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُسَجَّرُ فِيهَا جَهَنَّمُ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ سَبَبُ الرَّحْمَةِ فَفِعْلُهَا مَظِنَّةً لِطَرْدِ الْعَذَابِ فَكَيْفَ أَمَرَ بِتَرْكِهَا وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمَرِيُّ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ إِذَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ

قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ (مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) أَيْ مِنْ سَعَةِ انْتِشَارِهَا وَتَنَفُّسِهَا وَمِنْهُ مَكَانٌ أَفَيْحُ أَيْ مُتَّسِعٌ وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةُ اسْتِعَارِهَا كَذَا فِي الفتح

وقال على القارىء أَيْ مِنْ غَلَيَانِهَا

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[403]

(إِذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ زَالَتْ

وَأَصْلُ الدَّحْضِ الزُّلُولُ يُقَالُ دَحَضَتْ رِجْلُهُ أَيْ زَلَّتْ عَنْ مَوْضِعِهَا وَأَدْحَضْتُّ حُجَّةَ فُلَانٍ أَيْ أَزَلْتُهَا وَأَبْطَلْتُهَا انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِالْإِبْرَادِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْبَرْدِ أَوْ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْإِبْرَادِ أَوْ عِنْدَ فَقَدْ شُرُوطِ الْإِبْرَادِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِشِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ انتهى

قال المنذري والحديث أخرجه مسلم وبن ماجه وحديث مسلم أتم

([404]

‌ بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)

(وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ) أَيْ لَمْ تَصْفَرَّ (حَيَّةٌ) حَيَاةُ الشَّمْسِ عِبَارَةٌ عَنْ بَقَاءِ حَرِّهَا لَمْ يَفْتُرْ وَبَقَاءُ لَوْنِهَا لَمْ يَتَغَيَّرْ (وَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي) أَيْ يَذْهَبُ وَاحِدٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيَ الْعَوَالِيَ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالْعَوَالِي عِبَارَةٌ عَنِ الْقُرَى الْمُجْتَمِعَةِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ نَجْدِهَا وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ تِهَامَتِهَا فَيُقَالُ لَهَا السَّافِلَةُ

ص: 55

(وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ) أَيْ دُونَ ذَلِكَ الِارْتِفَاعِ لَكِنَّهَا لَمْ تَصِلْ إِلَى الْحَدِّ الَّذِي تُوصَفُ بِهِ لِأَنَّهَا مُنْخَفِضَةٌ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْجِيلِهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الْعَصْرِ لِوَصْفِ الشَّمْسِ بِالِارْتِفَاعِ

بَعْدَ أَنْ تَمْضِيَ مَسَافَةَ أَرْبَعَةَ أميال

قال الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[407]

(وَالشَّمْسُ) الْوَاوُ فِيهِ لِلْحَالِ وَالْمُرَادُ بِالشَّمْسِ ضوؤها (فِي حُجْرَتِهَا) وَهِيَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الْبَيْتُ أَيْ ضَوْءُ الشَّمْسِ بَاقِيَةٌ فِي قَعْرِ بَيْتِ عَائِشَةَ (قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ) أَيْ تَصْعَدَ وتعلق بالحيطان

قال الخطابي معنى الظهور ها هنا الصُّعُودُ وَالْعُلُوُّ يُقَالُ ظَهَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا عَلَوْتُهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ انْتَهَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ كَانَتِ الْحُجْرَةُ ضَيِّقَةُ الْعَرْصَةِ قَصِيرَةُ الْجِدَارِ بِحَيْثُ كَانَ طُولُ جِدَارِهَا أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْعَرْصَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الْجِدَارِ مِثْلُهُ كَانَتِ الشَّمْسُ أَبْعَدَ فِي أَوَاخِرِ الْعَرْصَةِ

انْتَهَى

وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجِيلُ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[408]

(بَيْضَاءَ نَقِيَّةً) أَيْ صَافِيَةَ اللَّوْنِ عَنِ التغير والاصفرار

ص: 56

[409]

(عن عبيدة) بفتح العين هو بن عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ كَذَا فِي الْفَتْحِ (يَوْمَ الْخَنْدَقِ) وَهُوَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ وَكَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ قِيلَ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَرَجَّحَهُ الْبُخَارِيُّ سُمِّيَتِ الْغَزْوَةُ بِالْخَنْدَقِ لِأَجْلِ الْخَنْدَقِ الَّذِي حُفِرَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ بِأَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام لَمَّا أَشَارَ بِهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فَإِنَّهُ مِنْ مَكَائِدِ الْفُرْسِ دُونَ الْعَرَبِ

وَسُمِّيَتْ بِالْأَحْزَابِ لِاجْتِمَاعِ طَوَائِفَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ وَالْيَهُودِ وَمَنْ مَعَهُمْ عَلَى حَرْبِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ كَانُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ (حَبَسُونَا) أَيْ مَنَعُونَا (عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى) أَيْ عَنْ إِيقَاعِهَا

وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تعالى وما كنت بجانب الغربي وَفِيهِ الْمَذْهَبَانِ الْمَعْرُوفَانِ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ جَوَازُ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى صِفَتِهِ وَمَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ مَنْعُهُ وَيُقَدِّرُونَ فِيهِ مَحْذُوفًا وَتَقْدِيرُهُ هُنَا عَنْ صَلَاةِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى أَيْ عَنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى (صَلَاةُ الْعَصْرِ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لَهَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ قاله بن الْمَلَكِ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهَا الْعَصْرُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ وَصَحَّتِ الْأَحَادِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ فَكَأَنَّ هَذَا هُوَ مَذْهَبُهُ لِقَوْلِهِ إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي وَاضْرِبُوا بِمَذْهَبِي عُرْضَ الْحَائِطِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَهَذَا مَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ وَالْحَدِيثُ نَصَّ فِيهِ

وَقِيلَ الصُّبْحُ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَقِيلَ الظُّهْرُ وَقِيلَ الْمَغْرِبُ وَقِيلَ الْعِشَاءُ وَقِيلَ أَخْفَاهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّلَوَاتِ كَلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَسَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي الْجُمُعَةِ

انْتَهَى

وَقِيلَ صَلَاةُ الضُّحَى أَوِ التَّهَجُّدُ أَوِ الْأَوَّابِينَ أَوِ الْجُمُعَةُ أَوِ الْعِيدُ أَوِ الْجِنَازَةُ (مَلَأَ اللَّهُ) دَعَا عَلَيْهِمْ وَأَخْرَجَهُ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ تَأْكِيدًا وَإِشْعَارًا بِأَنَّهُ مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمُجَابَةِ سَرِيعًا وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي ثِقَةً بِالِاسْتِجَابَةِ (بُيُوتِهِمْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمّهَا

قَالَهُ على القارىء (وَقُبُورِهِمْ نَارًا) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ جَعَلَ اللَّهُ النَّارَ مُلَازِمَةً لَهُمُ الْحَيَاةَ وَالْمَمَاتَ وَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

ص: 57

[410]

(فَآذِنِّي) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ أَعْلِمْنِي (فَأَمْلَتْ عَلَيَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ مِنْ أَمْلَى وَبِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ مِنْ أَمْلَلَ يُمْلِلُ أَيْ أَلْقَتْ عَلَيَّ فَالْأُولَى لُغَةُ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ وَالثَّانِيَةُ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَقَيْسٍ (وَصَلَاةُ الْعَصْرِ) بِالْوَاوِ الْفَاصِلَةِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوُسْطَى غَيْرُ الْعَصْرِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ

وَأُجِيبَ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ شَاذَّةً لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ نَاقِلَهَا لَمْ يَنْقُلْهَا إِلَّا عَلَى أَنَّهَا قُرْآنٌ وَالْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالتَّوَاتُرِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ قُرْآنًا لَا يَثْبُتُ خَبَرًا قَالَهُ النَّوَوِيُّ

وَثَانِيهَا أَنْ يُجْعَلَ الْعَطْفَ تَفْسِيرِيًّا فَيَكُونُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ

وَثَالِثُهَا أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا (وَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ) بِغَيْرِ وَاوٍ (قَانِتِينَ) قِيلَ مَعْنَاهُ مُطِيعِينَ وَقِيلَ سَاكِتِينَ أَيْ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ لَا مُطْلَقُ الصَّمْتِ (قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَاجِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا سَمِعَتْهَا عَلَى أَنَّهَا قُرْآنٌ ثُمَّ نُسِخَتْ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَلَعَلَّ عَائِشَةَ لَمْ تَعْلَمْ بِنَسْخِهَا أَوِ اعْتَقَدَتْ أَنَّهَا مِمَّا نُسِخَ حُكْمُهُ وَبَقِيَ رَسْمُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ذَكَرَهَا صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ لِتَأْكِيدِ فَضِيلَتِهَا فَظَنَّتْهَا قُرْآنًا فَأَرَادَتْ إِثْبَاتَهَا فِي الْمُصْحَفِ لِذَلِكَ

قَالَ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

[411]

(الزِّبْرِقَانَ) بِكَسْرِ زَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ رَاءِ الْمُهْمَلَةِ (بِالْهَاجِرَةِ) أَيْ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ عَقِبِ الزَّوَالِ (أَشَدَّ) أَيْ أَشَقَّ وَأَصْعَبَ (فَنَزَلَتْ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُضَيِّعُوهَا لِثِقَلِهَا عَلَيْكُمْ فَإِنَّهَا الْوُسْطَى أَيِ الْفُضْلَى (وَقَالَ) أَيْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَوْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ

قُلْتُ وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَجِيرِ وَكَانَتْ أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى أصحابه فنزلت

ص: 58

حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى لِأَنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ انْتَهَى (إِنَّ قَبْلِهَا صَلَاتَيْنِ) أَيْ إِحْدَاهُمَا نَهَارِيَّةٌ وَأُخْرَى لَيْلِيَّةٌ (وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ) أَيْ إِحْدَاهُمَا نَهَارِيَّةٌ وَأُخْرَى لَيْلِيَّةٌ أَوْ هِيَ وَاقِعَةٌ وَسَطُ النَّهَارِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ هَذَا أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الظُّهْرُ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهَا آكَدُ الصَّلَوَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الصُّبْحُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الْمَغْرِبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ

قَالَ الْحَافِظُ شُبْهَةُ مَنْ قَالَ إِنَّ صَلَاةَ الْوُسْطَى الصُّبْحُ قَوِيَّةٌ لَكِنَّ كَوْنَهَا الْعَصْرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ انْتَهَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلَانِ الْعَصْرُ وَالصُّبْحُ وأصحهما العصر للأحاديث الصحيحة

وقال على القارىء وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اجْتِهَادٌ مِنَ الصَّحَابِيِّ نَشَأَ مِنْ ظَنِّهِ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الظُّهْرِ فَلَا يُعَارِضُ نَصَّهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهَا الْعَصْرُ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ

[412]

(مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً) قَالَ الْبَغَوِيُّ أَرَادَ بِرَكْعَةٍ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا فَفِيهِ تَغْلِيبٌ (وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْفَجْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ) قَالَ الْحَافِظُ الْإِدْرَاكُ الْوُصُولُ إِلَى الشَّيْءِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَلَيْسَ ذلك مراد بِالْإِجْمَاعِ فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَدْرَكَ الْوَقْتَ فَإِذَا صَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى فَقَدْ كَمُلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَفْظُهُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسِ وَرَكْعَةً بعد ما تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ خَصَّ الْإِدْرَاكَ بِاحْتِلَامِ الصَّبِيِّ وَطُهْرِ الْحَائِضِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَنَحْوِهَا وَأَرَادَ بِذَلِكَ نُصْرَةَ مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَا يُكْمِلُهَا إِلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ

وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ نَاسِخَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وهي دعوى يحتاج إِلَى دَلِيلٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَارُ إِلَى النَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُحْمَلَ أحاديث النهي على مالا سَبَبَ لَهُ مِنَ النَّوَافِلِ

وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنِ ادِّعَاءِ النَّسْخِ

ص: 59

وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْوَقْتِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

[413]

(تلك صلاة المنافقين) قال بن الْمَلَكِ إِشَارَةٌ إِلَى مَذْكُورٍ حُكْمًا أَيْ صَلَاةُ الْعَصْرِ الَّتِي أُخِّرَتْ إِلَى الِاصْفِرَارِ (فَكَانَتْ) الشَّمْسُ (بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ) أَيْ قَرِيبًا مِنَ الْغُرُوبِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى وُجُوهٍ فَقَالَ قَائِلٌ مَعْنَاهُ مُقَارَنَةُ الشَّيْطَانِ الشَّمْسَ عِنْدَ دُنُوِّهَا لِلْغُرُوبِ عَلَى مَعْنَى مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُقَارِنُهَا إِذَا طَلَعَتْ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا فَحُرِّمَتِ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِذَلِكَ وَقِيلَ مَعْنَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ قُوَّتُهُ مِنْ قَوْلِكَ أَنَا مُقْرِنٌ لِهَذَا الْأَمْرِ أَيْ مُطِيقٌ لَهُ قَوِيٌّ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ أَيْ مُطِيقِينَ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يَقْوَى أَمْرُهُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّهُ يُسَوِّلُ لِعَبَدَةِ الشَّمْسِ أَنْ يَسْجُدُوا لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ

وَقِيلَ قَرْنُهُ حِزْبُهُ وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الشمس يقال هؤلاء قرن أي شيوخا جاؤوا بَعْدَ قَرْنٍ مَضَوْا

وَقِيلَ إِنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ وَذَلِكَ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ وَتَسْوِيفِهِ وَتَزْيِينِهِ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ وَذَوَاتِ الْقُرُونِ إِنَّمَا تُعَالِجُ الْأَشْيَاءَ وَتَدْفَعُهَا بِقُرُونِهَا فَكَأَنَّهُمْ لَمَّا دَفَعُوا الصَّلَاةَ وَأَخَّرُوهَا عَنْ أَوْقَاتِهَا بِتَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ حَتَّى اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ صَارَ ذَلِكَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا تُعَالِجُهُ ذَوَاتُ الْقُرُونِ وَتُدَافِعُهُ بِأَرْوَاقِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِيهِ خَامِسٌ قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ

وَهُوَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُقَابِلُ الشَّمْسَ حِينَ طُلُوعِهَا وَيَنْتَصِبُ دُونِهَا حَتَّى يَكُونَ طُلُوعُهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَهُمَا جَانِبَا رَأْسِهِ فَيَنْقَلِبُ سُجُودَ الْكُفَّارِ عِبَادَةً لَهُ

انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيُّ

وَهَذَا الْوَجْهُ الْخَامِسُ رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الْعَلَامَةُ الدَّهْلَوِيُّ (قَامَ) أَيْ إِلَى الصَّلَاةِ فَنَقَرَ (أَرْبَعًا) أَيْ لَقَطَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ سُرْعَةُ أَدَاءِ الصَّلَاةِ وَقِلَّةُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فيها

قال القارىء فَنَقَرَ مِنْ نَقْرِ الطَّائِرِ الْحَبَّةَ نَقْرًا أَيِ الْتَقَطَهَا وَتَخْصِيصُ الْأَرْبَعِ بِالنَّقْرِ وَفِي الْعَصْرِ ثَمَانِي سَجَدَاتٍ اعْتِبَارًا بِالرَّكَعَاتِ وَإِنَّمَا خُصَّ الْعَصْرَ

ص: 60

بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا الصَّلَاةُ الْوُسْطَى وَقِيلَ إِنَّمَا خَصَّهَا لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي وَقْتِ تَعَبِ النَّاسِ مِنْ مُقَاسَاةِ أَعْمَالِهِمُ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

[414]

(الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ) أي بغروب الشمس أواصفرارها أَوْ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ (فَكَأَنَّمَا وُتِرَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ سلب وأخذ (أهله وماله) بنصبهما ودفعهما فَمَنْ رَدَّ النَّقْصَ إِلَى الرَّجُلِ نَصَبَهُمَا وَمَنْ رَدَّهُ إِلَى الْأَهْلِ وَالْمَالِ رَفَعَهُمَا أَيْ فَكَأَنَّمَا فَقَدَهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ نَقَصَهُمَا

قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى قوله وترأى نُقِصَ أَوْ سُلِبَ فَبَقِيَ وِتْرًا فَرْدًا بِلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ يُرِيدُ فَلْيَكُنْ حَذَرُهُ مِنْ فَوْتِهَا كَحَذَرِهِ مِنْ فَوَاتِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ (عُبَيْدُ الله بن عمر) بن حَفْصٍ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ يُرْوَى عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (أُتِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ التَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ قُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةٌ كَمَا فِي أُجُوهٍ وَأُورِيَ وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وإذا الرسل أقتت قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وُقِّتَتْ عَلَى الْأَصْلِ

قَالَ الْخَفَاجِيُّ قَوْلُهُ عَلَى الْأَصْلِ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَضْمُومَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُطَّرِدٌ كَمَا بُيِّنَ فِي مَحَلِّهِ (وَاخْتُلِفَ عَلَى أَيُّوبَ) السِّخْتِيَانِيِّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ نَافِعٍ (فِيهِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عن أيوب عن نافع عن بن عُمَرَ مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ وُتِرَ بِالْوَاوِ وَغَيْرُ حَمَّادٍ رَوَى عَنْ أَيُّوبَ أُتِرَ بِالْهَمْزَةِ وَرِوَايَةُ حَمَّادٍ هَذِهِ أَخْرَجَهَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ كَذَا فِي الْفَتْحِ قَالَ وُتِرَ بِضَمِّ الْوَاوِ وَرِوَايَةُ الزهري هذه وصلها مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ وَمَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ رِوَايَةِ وُتِرَ بِالْوَاوِ لِاتِّفَاقِ أَكْثَرِ الْحُفَّاظِ عَلَى ذَلِكَ اللَّفْظِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[415]

(وَذَلِكَ) أَيْ فَوَاتُ الْعَصْرِ

وَاخْتُلِفَ فِي معنى الفوات في هذا الحديث فقال بن وَهْبٍ هُوَ فِيمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا فِي وَقْتِهَا المختار وقيل بغروب الشمس

وفي موطإ بن وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ تَفْسِيرُهَا ذَهَابُ الْوَقْتِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِلْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِ وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَذَا الحديث عن بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ قُلْتُ لِنَافِعٍ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ قَالَ نَعَمْ

قَالَ الحافظ وتفسير

ص: 61