الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَوَّلُ قِيلَ عُرْيَانٌ مَوْضِعٌ بِالْكُوفَةِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُؤَذِّنٌ مَسْجِدِ الْعُرْيَانِ فِي مَسْجِدِ بَنِي هِلَالٍ وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو جَعْفَرٍ مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الْعُرْيَانِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُسْلِمٍ
قَالَهُ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ (سَمِعْتُ أَبَا الْمُثَنَّى مُؤَذِّنُ مَسْجِدِ الْأَكْبَرِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الْمُثَنَّى مُؤَذِّنُ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ
وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ مُؤَذِّنٌ كَانَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَأَبُو الْمُثَنَّى مُسْلِمُ بْنُ الْمُثَنَّى وَقِيلَ مِهْرَانُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ
قَالَهُ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ (وَسَاقَ الْحَدِيثَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَوْ أَبُو الْمُثَنَّى
9 -
(بَابٌ الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ)
[512]
(فِي الْأَذَانِ أَشْيَاءَ) أَيِ الْبُوقَ وَالنَّاقُوسَ وَالْقَرْنَ (قَالَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (فِي الْمَنَامِ) أَيْ فِي الرُّؤْيَةِ (فَأَتَى) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ (فَأَذَّنَ بِلَالٌ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قِيلَ مُنَاسَبَةُ اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِالْأَذَانِ دُونَ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ كَانَ لَمَّا عُذِّبَ لِيَرْجِعَ عَنِ الْإِسْلَامِ فَيَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ فَجُوزِيَ بِوِلَايَةِ الْأَذَانِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ وَهِيَ مُنَاسَبَةٌ حَسَنَةٌ فِي اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِالْأَذَانِ (أَنَا رَأَيْتُهُ) أَيِ الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ (وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ) أَيْ أَنْ أُقِيمَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى مَا فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَلَفْظُهُ فَقَالَ أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَأَلْقَيْتُهُ فَأَذَّنَ فَأَرَادَ أَنْ يقيم
فقلت يارسول اللَّهِ أَنَا رَأَيْتُ أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ قَالَ فَأَقِمْ أَنْتَ فَأَقَامَ هُوَ وَأَذَّنَ بِلَالٌ (قَالَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ (فَأَقِمْ أَنْتَ) أَيِ الْإِقَامَةَ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ الْمُؤَذِّنِ بِالْإِقَامَةِ
وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْوَاقِفِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ ضعفه القطان وبن نُمَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ عبد الله بن محمد
قال بن عبد البر
إِسْنَادُهُ أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ الْآتِي
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِنْ صَحَّا لَمْ يَتَخَالَفَا لِأَنَّ قِصَّةَ الصدائي بعد وذكره بن شَاهِينَ فِي النَّاسِخِ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَخْرَجَهَا أبو الشيخ عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَذَّنَ فِي الْإِسْلَامِ بِلَالٌ وَأَوَّلَ مَنْ أَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ الْحَافِظُ وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ رواه الحكم عن مقسم عن بن عَبَّاسٍ وَهَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يَسْمَعْهَا الْحَكَمُ مِنْ مِقْسَمٍ
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي أَقَامَ عَمْرٌو الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بن زَيْدٍ انْتَهَى
[513]
(بِهَذَا الْخَبَرِ) الَّذِي مَرَّ (قَالَ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (فَأَقَامَ جَدِّي) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ
[514]
(زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ) هُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَذَّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُعَدُّ فِي الْبَصْرِيِّينَ قَالَهُ الطِّيبِيُّ (الصُّدَائِيَّ) بِضَمِّ الصَّادِ مَنْسُوبٌ إِلَى صُدَاءَ مَمْدُودًا وَهُوَ حَيٌّ من اليمن
قاله بن الْمَلَكِ (لَمَّا كَانَ أَوَّلُ أَذَانِ الصُّبْحِ) أَيْ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ لِأَوَّلِ أَذَانِ الصُّبْحِ وَهُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَسَيَجِيءُ بَيَانُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الْإِقَامَةِ فَإِنَّهَا ثَانِيَةٌ (أَمَرَنِي) أَنْ أَذِّنْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ (فَأَذَّنْتُ) وَلَعَلَّهُ كَانَ بِلَالٌ غَائِبًا فَحَضَرَ (فَجَعَلَ يَنْظُرُ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَيَقُولُ لَا) أَيْ مَا جَاءَ وَقْتُ الْإِقَامَةِ (نَزَلَ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرَّاحِلَةِ (فَبَرَزَ) أَيْ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (وَقَدْ تَلَاحَقَ أَصْحَابُهُ) وَكَانُوا مُتَفَرِّقِينَ وَكَانَتْ هَذِهِ وَاقِعَةَ سَفَرٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ (يَعْنِي فَتَوَضَّأَ) هَذَا تَفْسِيرٌ لِبَرَزَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ (أَنْ يُقِيمَ) عَلَى عَادَتِهِ (وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ) أَيِ الْإِقَامَةَ
قُلْتُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الأولى أنه يكتفي الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ عَنْ إِعَادَةِ الْأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْإِقَامَةِ فَمَنَعَهُ إِلَى أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ
أَمَّا الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الأولى فبأن في إسناده ضعف وَأَيْضًا فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَكَانَتْ فِي سَفَرٍ فلا تقوم به الحجة وأيضا حديث بن عُمَرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَلَفْظِهِ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يؤذن بن أُمِّ مَكْتُومٍ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ وَلَا شَكَّ أَنَّ حَدِيثَ الصُّدَائِيِّ مَعَ ضَعْفِهِ لَا يُقَاوِمُ حديث بن عُمَرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَذَا مُلْتَقَطٌ مِنْ فَتْحٍ الْبَارِيِّ
وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَبِأَنَّ الْحَدِيثَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدٌ وَإِنْ كَانَتِ الشَّوَاهِدُ ضَعِيفَةً أَيْضًا وَأَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لِمَنْ أَذَّنَ وَمَا وَرَدَ فِي خِلَافِهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لِمَنْ أَذَّنَ فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ وَعَضَّدَ حَدِيثُ الباب حديث بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَهْلًا يَا بِلَالُ فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وإن كان قد ضعفه أبو حاتم وبن حِبَّانَ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْحَدِيثُ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادَ بْنِ أَنْعَمَ الْإِفْرِيقِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ
وَقَالَ أَحْمَدُ لَا أَكْتُبُ حَدِيثَ الْإِفْرِيقِيِّ قَالَ وَرَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يُقَوِّي أَمْرَهُ وَيَقُولُ هُوَ مُقَارِبٌ الْحَدِيثَ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ أذن فهو يقيم
قال الحارمي فِي كِتَابِهِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ غَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ لَا فَرْقِ وَالْأَمْرُ مُتَّسِعٌ وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا أَذَّنَ الرَّجُلُ أَحْبَبْتُ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ
وَقَدْ عَرَفْتَ تَأْخِيرَ حَدِيثِ الصُّدَائِيِّ هَذَا وَأَرْجَحِيَّةَ الْأَخْذِ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ لَكَانَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقُ خَاصًّا بِهِ والأولوية باعتباره غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ
وَقَالَ الْحَافِظُ الْيَعْمَرِيُّ وَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ الصُّدَائِيِّ أَوْلَى لِأَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقَ كَانَ أَوَّلُ مَا شُرِعَ الْأَذَانُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَحَدِيثُ الصُّدَائِيِّ بَعْدَهُ بِلَا شَكَّ انْتَهَى
وَقَدْ مَضَى بَعْضُ بَيَانِهِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ
قال المنذري والحديث أخرجه الترمذي وبن ماجه