المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب التشديد في ترك الجماعة) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٢

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ)

- ‌(بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)

- ‌ بَابُ الرجل يسلم)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌(بَاب الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ)

- ‌(بَابٌ فِي طُهُورِ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَتْ)

- ‌(بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ)

- ‌ بَابُ الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ)

- ‌(بَابُ الْبُزَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ)

- ‌2 - كِتَابِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب فِي الْمَوَاقِيتِ)

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْعَصْرِ)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ)

- ‌ باب وقت العشاء اخرة)

- ‌ بَابُ وَقْتِ الصُّبْحِ)

- ‌ بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ)

- ‌ باب إذا أخر امام الصَّلَاةَ عَنْ الْوَقْتِ)

- ‌ بَاب فِي مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا)

- ‌(بَاب فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌(بَاب اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ)

- ‌(بَاب فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب في حصى المسجد)

- ‌(باب كَنْسِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ)

- ‌(باب ما يقول الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌ بَاب فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ)

- ‌(باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصَّلَاةُ)

- ‌(بَاب مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب بَدْءِ الْأَذَانِ)

- ‌(بَاب كَيْفَ الْأَذَانُ)

- ‌(بَاب فِي الْإِقَامَةِ)

- ‌(بَابٌ الرَّجُلُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ)

- ‌ بَاب رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ)

- ‌(باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ)

- ‌(باب المؤذن يستدير في أذنه)

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ)

- ‌(بَاب (مَا جَاءَ فِي) الدعاء عند الأذان)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ)

- ‌ بَاب فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ لِلْأَعْمَى)

- ‌(بَاب الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ)

- ‌(بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا)

- ‌(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(بَاب فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ)

- ‌(باب ما جاء في فضل المشي إلى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ في المشيء إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظَّلَمِ)

- ‌ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(باب في من خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا)

- ‌(باب ما جاء في خروج النساء إلى الْمَسْجِدِ)

- ‌(بَاب السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ)

- ‌(باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي)

- ‌(بَاب إذا صلى في جماعة ثم أدرك جَمَاعَةً يُعِيدُ)

- ‌(باب جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا)

- ‌(باب في كراهية التدافع)

- ‌ بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ)

- ‌(بَاب إمامة الأعمى)

- ‌(بَاب إِمَامَةِ الزَّائِرِ)

- ‌(باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان الْقَوْمِ)

- ‌(بَابُ إِمَامَةِ مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ)

- ‌ بَاب إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ)

- ‌(بَاب الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ)

- ‌(بَاب مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ)

- ‌(بَابُ التشديد فيمن يرفع قبل الإمام)

- ‌(بَابٌ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الْإِمَامِ)

- ‌(باب جماع أثواب ما يصلي فيه)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي في ثوب بَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ)

- ‌(باب إذا كان الثوب ضيقا يتزر به)

- ‌(بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ)

- ‌(بَاب الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ)

- ‌(بَابُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ)

- ‌(بَاب الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ)

- ‌(باب الصلاة على الحصير)

- ‌(بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ)

- ‌كتاب الصُّفُوف

- ‌ بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ)

- ‌ بَاب الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي)

- ‌ بَاب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصف وكراهية التأخير)

- ‌ بَاب مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الصَّفِّ)

- ‌ بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَالتَّأَخُّرِ عَنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ)

- ‌ باب مقام الامام في الصف)

- ‌ بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ)

- ‌ بَاب الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ)

- ‌(كتاب السترة)

- ‌ بَاب مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ)

- ‌ بَاب الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا)

- ‌ بَاب الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ)

- ‌ بَابُ إذا صلى إلى سارية)

- ‌(باب الصلاة إلى المتحدثين)

- ‌(بَاب الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ)

- ‌ بَاب مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ)

- ‌ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي)

- ‌(كتاب ما يقطع الصلاة وما لا يقطعها)

- ‌ بَاب مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ باب السترة الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَابُ مَنْ قَالَ الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ)

- ‌ بَاب مَنْ قَالَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ)

- ‌كتاب اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاة

- ‌ بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌ بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قَامَ مِنْ الثِّنْتَيْنِ)

- ‌ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع)

- ‌(باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة)

- ‌ بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنْ الدُّعَاءِ)

- ‌ بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ)

- ‌ بَاب السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ)

- ‌ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِبِسْمِ الله الرحمن الرحيم)

- ‌ بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا)

- ‌(بَاب تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ)

الفصل: ‌(باب التشديد في ترك الجماعة)

قَامَتِ الصَّلَاةُ بَلِ الْمُرَادُ بِهَا إِقَامَةُ الصَّلَاةِ وأدائها كما في قوله تعالى أقيموا الصلاة قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ السِّجِسْتَانِيُّ فِي غَرَائِبِ الْقُرْآنِ

يُقَالُ إِقَامَتُهَا أَنْ يُؤْتَى بِهَا بِحُقُوقِهَا يُقَالُ قَامَ الْأَمْرُ وَأَقَامَ الْأَمْرَ إِذَا جَاءَ بِهِ مُعْطًى حُقُوقِهِ

انْتَهَى

فَالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ وَمَا رَأَى الْمُصَلِّينَ إلا قليلا جلس لانتظار المصلين وإن رأى هم كَثِيرًا صَلَّى وَأَمَّا الْإِقَامَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَوَقْتُ الْقِيَامِ لِلْإِمَامَةِ

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ظَاهِرَ الْمَعْنَى وَهُوَ الْإِقَامَةُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَعْرُوفَةِ وَأَمَّا الِانْتِظَارُ لِلْمَأْمُومِينَ فبعدها وكان ذلك بعض الأحيان لولا فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ لَفْظُ كَانَ وَهُوَ يُفِيدُ الدَّوَامَ وَالِاسْتِمْرَارَ

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَتْ هَذِهِ الْإِفَادَةُ بِمُطَّرِدَةٍ

وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ يَنْطَبِقُ الْحَدِيثُ بِالْبَابِ لِأَنَّهُ لَمَّا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ مُنْتَظِرٌ لِلْمُصَلِّينَ فَكَيْفَ يَقُومُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ فِي الصَّفِّ بَلْ عَلَيْهِمُ الْجُلُوسُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ

6 -

(بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ)

[547]

(مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ) وَتَقْيِيدُهُ بِالثَّلَاثَةِ الْمُفِيدُ مَا فَوْقَهُمْ بِالْأَوْلَى نَظَرًا إِلَى أَقَلِّ أَهْلِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ أَكْمَلُ صُوَرِ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ كان يتصور باثنين

قاله على القارىء (وَلَا بَدْوٍ) أَيْ بَادِيَةٍ (الصَّلَاةُ) أَيِ الْجَمَاعَةُ (إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ) أَيْ غَلَبَهُمْ وَحَوَّلَهُمْ إِلَيْهِ فَهَذِهِ كَلِمَةٌ مِمَّا جَاءَ عَلَى أَصْلِهِ بِلَا إِعْلَالٍ خَارِجَةٍ عَنْ أَخَوَاتِهَا كَاسْتَقَالَ وَاسْتَقَامَ

قَالَهُ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ (الشَّيْطَانُ) فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ (فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ) أَيِ الْزَمْهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ بَعِيدٌ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَيَسْتَوْلِي عَلَى مَنْ فَارَقَهَا (فَإِنَّمَا) وَالْفَاءُ فِيهِ مُسَبَّبَةٌ عَنِ الْجَمِيعِ يَعْنِي إِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْحَالَةَ فَاعْرِفْ مِثَالَهُ فِي الشاهد (يأكل الذئب) بالهمز والياء

قاله القارىء (الْقَاصِيَةَ) أَيِ الشَّاةَ الْبَعِيدَةَ عَنِ الْأَغْنَامِ لِبُعْدِهَا عن راعيها

قاله علي القارىء

وَقَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ هِيَ الْمُنْفَرِدَةُ عَنِ الْقَطِيعِ الْبَعِيدَةُ عَنْهُ

أَيْ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَسَلَّطُ عَلَى خَارِجٍ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

انْتَهَى وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ

ص: 176

[548]

(لَقَدْ هَمَمْتُ) الْهَمُّ الْعَزْمُ وَقِيلَ دُونُهُ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَقَدَ أُنَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ

لَقَدْ هَمَمْتُ فَأَفَادَ ذِكْرَ سَبَبِ الْحَدِيثِ (فَتُقَامُ) أَيِ الصَّلَاةُ (ثُمَّ آمُرُ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ آمُرُ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنُ لَهَا ثُمَّ آمُرُ رَجُلًا فَيَؤُمُّ النَّاسَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِيهِ الرُّخْصَةُ لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِأَجْلِ إِخْرَاجِ مَنْ يَسْتَخْفِي فِي بَيْتِهِ وَيَتْرُكُهَا انْتَهَى

قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي رِوَايَةِ إِنَّهَا الْعِشَاءُ وَفِي أُخْرَى الْفَجْرِ وَفِي أُخْرَى الْجُمُعَةِ وَفِي أُخْرَى يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصلاة مطلقا ولا تضاد بينها لجواز تعد الْوَاقِعَةِ (ثُمَّ أَنْطَلِقُ) أَيْ أَذْهَبُ (حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ حَزَمْتُ الدَّابَّةَ حَزْمًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ شَدَدْتُهُ بِالْحِزَامِ وَجَمْعُهُ حُزُمٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ وَحَزَمْتُ الشَّيْءَ جَعَلْتُهُ حُزْمَةٌ وَالْجَمْعُ حُزَمٌ مِثْلُ غُرْفَةٌ وَغُرَفٌ

انْتَهَى

الْحِزَامُ الْحَبْلُ

قَالَ فِي مُنْتَهَى الْأَرَبِ الْحُزْمَةُ بِالضَّمِّ مَعْنَاهَا بِالْفَارِسِيَّةِ بندهيزم (إِلَى قَوْمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَنْطَلِقَ (فَأُحَرِّقَ) بِالتَّشْدِيدِ وَالْمُرَادُ بِهِ التَّكْثِيرُ يُقَالُ حَرَّقَهُ إِذَا بَالَغَ فِي تَحْرِيقِهِ قَالَهُ الْحَافِظُ (عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَيْسَتْ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمَالِ بَلِ الْمُرَادُ تَحْرِيقُ الْمَقْصُودِينَ وَالْبُيُوتِ تَبَعًا لِلْقَاطِنِينَ بِهَا

وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ فَأُحَرِّقُ بُيُوتًا عَلَى مَنْ فِيهَا قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا

قِيلَ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا فِي جَمِيعِ النَّاسِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُنَافِقُونَ فِي زمانه نقله بن الْمَلَكِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي إِذْ مَا كَانَ أَحَدٌ يَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي زَمَانِهِ عليه السلام إِلَّا مُنَافِقٌ ظَاهِرُ النِّفَاقِ أَوِ الشَّاكُّ فِي دِينِهِ

انْتَهَى

قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعُقُوبَةَ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْمَالِ لِأَنَّ تَحْرِيقَ الْبُيُوتِ عُقُوبَةٌ مَالِيَّةٌ

وَقَالَ غَيْرُهُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِ الْعُقُوبَةِ بِالتَّحْرِيقِ فِي غَيْرِ الْمُتَخَلِّفِ عَنِ الصَّلَاةِ وَالْغَالِّ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهِمَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى مَنْعِ تَحْرِيقِ مَتَاعِهِمَا

انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي الْمُنَافِقِينَ لِقَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ الْآتِي لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ الْحَدِيثُ

وَلِقَوْلِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا إِلَى آخِرِهِ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ لَائِقٌ بِالْمُنَافِقِينَ لَا بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ لَكِنِ الْمُرَادُ بِهِ نِفَاقُ الْمَعْصِيَةِ لَا نِفَاقُ الكفر

ص: 177

بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَجْلَانَ لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاءَ فِي الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاءَ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هريرة عند أبي دواد ثُمَّ آتِي قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نِفَاقَهُمْ نِفَاقُ مَعْصِيَةٍ لَا كُفْرٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ إِنَّمَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَإِذَا خَلَا فِي بَيْتِهِ كَانَ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ

وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْمَقْبُرِيِّ لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا لِأَنَّ تَحْرِيقَ بَيْتِ الْكَافِرِ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى الْغَلَبَةِ عَلَيْهِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُودَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ فِي بَيْتِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنِّفَاقِ فِي الْحَدِيثِ نِفَاقَ الْكُفْرِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ أَنَّ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَقَدْ نُهِينَا عَنِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ

وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ مِنْ جِهَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي ذَمِّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ

[549]

(أَنْ آمُرُ فِتْيَتِي) أَيْ جَمَاعَةً مِنْ شُبَّانِ أَصْحَابِي أَوْ خَدَمِي وَغِلْمَانِي (لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ) أَيْ عُذْرٌ وَالْعُذْرُ الْخَوْفُ أَوِ الْمَرَضُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أن اعذار تبيح التخلف عن الجماعة (ياأبا عَوْفٍ) كُنْيَةٌ لِيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ (الْجُمُعَةَ) مَفْعُولُ عَنَى (عَنَى) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (أَوْ غَيْرَهَا) أَيِ الْجُمُعَةِ (قَالَ) أَبُو عَوْفٍ (صُمَّتَا) بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ مِيمٍ أَيْ كُفَّتَا عَنِ السَّمَاعِ وَهَذَا عَلَى نَهْجِ وَأَسَرُّوا النجوى الذين ظلموا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ

قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (يَأْثُرُهُ) أَيْ يَرْوِيهِ (مَا ذَكَرَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا) يَعْنِي أَنَّ الْوَعِيدَ وَالتَّهْدِيدَ فِي الْمُتَخَلِّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا أَنَّهَا أَيِ الصَّلَاةَ الَّتِي وَقَعَ التَّهْدِيدُ بِسَبَبِهَا لَا تَخْتَصُّ بالجمعة

وأما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ الْجَزْمُ بِالْجُمُعَةِ وَهُوَ حديث مستقل لأن مخرجه مغائر لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا

ص: 178

[550]

(عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) أَيْ مَعَ الْجَمَاعَةِ (حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ) مِنَ الْمَسَاجِدِ وَيُوجَدُ لَهُنَّ إِمَامٌ مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرٌ مُعَيَّنٍ (فَإِنَّهُنَّ) أَيِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِالْجَمَاعَةِ (مِنْ سُنَنِ الْهُدَى) رُوِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا حَكَاهُمَا الْقَاضِي وَهُمَا بِمَعْنًى مُتَقَارِبٍ أَيْ طَرَائِقَ الْهُدَى وَالصَّوَابِ

قَالَهُ النَّوَوِيُّ (وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا) أَيْ نَحْنُ مُعَاشِرُ الصَّحَابَةِ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ

قَالَ الطِّيبِيُّ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ اتِّحَادَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إِنَّمَا يَسُوغُ فِي أَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَأَنَّهَا مَنْ دَاخَلَ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ وَالْمَفْعُولَ الثاني الذي هو بمنزلة الخبر محذوف ها هنا وَسَدَّ قَوْلُهُ (وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ لِوَصْفِ الدَّوَامِ وَهُوَ حَالٌّ مَسَدَّهُ وَتَبِعَهُ بن حَجَرٍ لَكِنْ فِي كَوْنِ اتِّحَادِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ هُنَا بَحْثٌ إِذِ الْمُرَادُ بِالْفَاعِلِ الْمُتَكَلِّمُ وَحْدُهُ وبالمفعول هو وغيره

قاله علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ (إِلَّا مُنَافِقٌ بَيِّنُ النِّفَاقِ) أَيْ ظَاهِرُ النِّفَاقِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ قَالَ الشُّمُنِّيُّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُنَافِقِ ها هنا مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَإِلَّا لَكَانَتِ الْجَمَاعَةُ فَرِيضَةً لِأَنَّ مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ كَافِرٌ وَلَكَانَ آخِرُ الْكَلَامِ مُنَاقِضًا لِأَوَّلِهِ

انْتَهَى

وَفِيهِ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ النِّفَاقَ سَبَبُ التَّخَلُّفِ لَا عَكْسُهُ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ لَا فَرِيضَةٌ لِلدَّلِيلِ الظَّنِّيِّ وَأَنَّ الْمُنَاقَضَةَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ

قَالَهُ فِي الْمِرْقَاةِ

وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ بَيَانِ النِّفَاقِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِصِحَّةِ مَا سَبَقَ تَأْوِيلُهُ فِي الَّذِينَ هَمَّ بِتَحْرِيقِ بُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُنَافِقِينَ (لَيُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ) هُوَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُمْسِكُهُ رَجُلَانِ مِنْ جَانِبَيْهِ بِعَضُدَيْهِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا

قاله النووي

وقال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ مَعْنَاهُ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا مِنْ ضَعْفِهِ وَتَمَايُلِهِ مِنْ تَهَادَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ مَشْيِهَا إِذَا تَمَايَلَتِ

انْتَهَى

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْ يُرْفَدُ مِنْ جَانِبَيْهِ وَيُؤْخَذُ بِعَضُدَيْهِ يُتَمَشَّى بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ

انْتَهَى

وَفِي هَذَا كُلِّهِ تَأْكِيدُ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ وَتَحَمُّلُ الْمَشَقَّةَ فِي حُضُورِهَا وَأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ التَّوَصُّلَ إِلَيْهَا اسْتُحِبَّ لَهُ حُضُورِهَا (مَسْجِدٌ فِي بَيْتِهِ) أَيْ مَوْضِعُ صَلَاةٍ فِيهِ (وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيّكُمْ) قال الطيبي

ص: 179

يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ الْعَزِيمَةُ

قَالَ الشيخ بن الْهُمَامِ وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّةً عَلَى مَا فِي حَدِيثِ بن مَسْعُودٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْقَائِلِينَ بِالسُّنِّيَّةِ إِذْ لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ سُنَنَ الْهُدَى أَعَمُّ مِنَ الْوَاجِبِ لُغَةً كَصَلَاةِ الْعِيدِ

انْتَهَى

وَقَدْ يُقَالُ لِهَذَا الْوَاجِبِ سُنَّةً لِكَوْنِهِ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ أَيِ الْحَدِيثِ (لَكَفَرْتُمْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤَدِّيكُمْ إِلَى الْكُفْرِ بِأَنْ تَتْرُكُوا عُرَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى تَخْرُجُوا مِنَ الْمِلَّةِ

انْتَهَى

وَهُوَ يُثْبِتُ الْوُجُوبَ ظَاهِرًا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[551]

(مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِي) أَيْ صَوْتَ الْمُنَادِي وَالْمُؤَذِّنَ وَمَنْ مُبْتَدَأٌ (فَلَمْ يَمْنَعْهُ) أَيِ السَّامِعَ (مِنِ اتِّبَاعِهِ) أَيِ الْمُؤَذِّنِ (قَالُوا) أَيِ الصَّحَابَةُ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (لَمْ تُقْبَلْ) أَيْ قَبُولًا كَامِلًا وَهُوَ خَبَرُ مَنْ وَهَذَا مَوْضِعُ التَّرْجَمَةِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّامِعِ الْقَاعِدِ فِي بَيْتِهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَنَابٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ الكلبي وهو ضعيف

والحديث أخرجه بن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ وَإِسْنَادُهُ أَمْثَلُ وَفِيهِ نَظَرٌ

[552]

(ضَرِيرُ الْبَصَرِ) أَيْ أَعْمَى (شَاسِعُ الدَّارِ) أَيْ بَعِيدُ الدَّارِ (وَلِي قَائِدٌ) الْقَائِدُ هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ يَدَ الْأَعْمَى وَيَأْخُذُهَا وَيَذْهَبُ بِهِ حَيْثُ شَاءَ وَيَجُرُّهُ (لَا يُلَاوِمُنِي) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا يُرْوَى فِي الْحَدِيثِ وَالصَّوَابُ لَا يُلَائِمُنِي أَيْ لَا يُوَافِقُنِي وَلَا يُسَاعِدُنِي فَأَمَّا الْمُلَاوَمَةُ فَإِنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنَ اللَّوْمِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ وَاجِبٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ نَدْبًا لَكَانَ أَوْلَى مَنْ يَسَعُهُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا أَهْلُ الضَّرَرِ وَالضَّعْفِ وَمَنْ كَانَ في مثل حال بن أُمِّ مَكْتُومٍ

وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فِي الْحَضَرِ وَالْقَرْيَةِ رُخْصَةٌ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ فِي أن يدع الصلاة جماعة وقال الأوزاعي لاطاعة لِلْوَالِدِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ يَسْمَعُ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ

وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يُوجِبُ حُضُورَ الْجَمَاعَةِ وَاحْتَجَّ هُوَ وَغَيْرُهُ

ص: 180

بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل أَمَرَ رَسُولَ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلَمْ يَعْذُرْ فِي تَرْكِهَا فَعُقِلَ أَنَّهَا فِي حَالِ الْأَمْنِ أَوْجَبُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضٌ عَلَى الكفاية لا على الأعيان وتأولوا حديث بن أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى أَنَّهُ لَا رُخْصَةَ لَكَ إِنْ طَلَبْتَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّكَ لَا تُحْرِزُ أَجْرَهَا مَعَ التَّخَلُّفِ عَنْهَا بِحَالٍ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عليه السلام صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً انْتَهَى

(هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ) أَيِ الْإِعْلَامَ وَالتَّأْذِينَ بِالصَّلَاةِ (لَا أَجِدُ لَكَ رخصة) قال علي القارىء مَعْنَاهُ لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً تُحَصِّلُ لَكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهَا لَا الْإِيجَابُ عَلَى الْأَعْمَى فَإِنَّهُ عليه السلام رَخَّصَ لِعِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فِي تَرْكِهَا وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ والحديث أخرجه بن مَاجَهْ

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى فَذَكَرَ نَحْوَهُ

[553]

(كَثِيرَةُ الْهَوَامِّ) أَيِ الْمُؤْذِيَاتِ مِنَ الْعَقَارِبِ وَالْحَيَّاتِ (وَالسِّبَاعِ) كَالذِّئَابِ أَوِ الْكِلَابِ (حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَيْ) الْأَذَانُ وَإِنَّمَا خُصَّ اللَّفْظَانِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ مَعْنَى الطَّلَبِ (فَحَيَّ هَلَا) قَالَ الطِّيبِيُّ كَلِمَةُ حَثٍّ وَاسْتِعْجَالٍ وُضِعَتْ مَوْضِعَ أَجِبِ انتهى

وقال بن الأثير في النهاية وفي كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً فَحَيَّ بِمَعْنَى أَقْبِلْ وَهَلَا بِمَعْنَى أَسْرِعْ وَفِيهَا لُغَاتٌ انْتَهَى

قَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ وَفِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ مُرَكَّبٌ مِنْ حَيَّ وَهَلْ وَهُمَا صَوْتَانِ مَعْنَاهُمَا الْحَثِّ وَالِاسْتِعْجَالِ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا وَسُمِّيَ بِهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ وَكَانَ الْوَجْهُ أَنَّهُ لا ينصرف كحضر موت وَبَعْلَبَكَّ إِلَّا إِنْ وَقَعَ مَوْقِعَ فِعْلِ الْأَمْرِ فبنى كصومه وَفِيهِ لُغَاتٌ وَتَارَةً يُسْتَعْمَلُ حَيَّ وَحْدَهُ نَحْوُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَتَارَةً هَلَا وَحْدَهَا وَاسْتِعْمَالُ حَيَّ وَحْدَهُ أَكْثَرُ مِنِ اسْتِعْمَالِ هَلَا وَحْدَهَا (وَكَذَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ) يَعْنِي كَمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ عَنْ سُفْيَانَ كَذَلِكَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْقَاسِمُ الْجَرْمِيُّ عَنْ سُفْيَانَ (لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ حَيَّ هَلَا) يَعْنِي إِلَّا أَنَّ فِي حَدِيثِ

ص: 181