الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 -
(بَاب فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ)
[3461]
(مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ صَحَّحَ الْبَيْعَ بِأَوْكَسِ الثَّمَنَيْنِ إِلَّا شَيْءٌ يُحْكَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَهُوَ مَذْهَبٌ فَاسِدٌ وَذَلِكَ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ هَذَا الْعَقْدُ مِنَ الْغَرَرِ وَالْجَهْلِ
قُلْتُ قَالَ فِي النَّيْلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَالَهُ هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ بِالْأَوْكَسِ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْبَيْعِ بِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حُكُومَةٍ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ دِينَارًا فِي قَفِيزِ بُرٍّ إِلَى شَهْرٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ وَطَالَبَهُ بِالْبُرِّ قَالَ لَهُ بِعْنِي الْقَفِيزَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ بِقَفِيزَيْنِ إِلَى شَهْرَيْنِ فَهَذَا بَيْعٌ ثَانٍ وَقَدْ دَخَلَ عَلَى الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَصَارَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَيَرُدَّانِ إِلَى أَوْكَسِهِمَا أَيْ أَنْقَصِهِمَا وَهُوَ الْأَصْلُ فَإِنْ تَبَايَعَا الْبَيْعَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا الْأَوَّلَ كَانَا مُرْبِيَيْنِ انْتَهَى
قلت وقد نقل هذا التفسير الإمام بن الأثير في النهاية وبن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ
وَتَفْسِيرُ مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْدًا بِعَشَرَةٍ أَوْ نَسِيئَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا الثَّمَنُ الَّذِي يَخْتَارُهُ مِنْهُمَا فَيَقَعُ بِهِ الْعَقْدُ وَإِذَا جَهِلَ الثَّمَنَ بَطَلَ الْبَيْعُ انْتَهَى
قُلْتُ وَبِمِثْلِ هَذَا فَسَّرَ سِمَاكٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلَفْظُهُ قَالَ سِمَاكٌ هُوَ الرَّجُلُ يَبِيعُ الْبَيْعَ فَيَقُولُ هُوَ بِنَسَاءٍ بِكَذَا وَهُوَ بِنَقْدٍ بِكَذَا وَكَذَا وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فَقَالَ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ بِأَلِفٍ نَقْدًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ إِلَى سَنَةٍ فَخُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ أَنْتَ وَشِئْتُ أنا
ونقل بن الرِّفْعَةِ عَنِ الْقَاضِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَبِلَ عَلَى الْإِبْهَامِ أَمَّا لَوْ قَالَ قبلت
بِأَلْفٍ نَقْدًا أَوْ بِأَلْفَيْنِ بِالنَّسِيئَةِ صَحَّ ذَلِكَ كَذَا فِي النَّيْلِ
ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي جَارِيَتَكَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَهَذَا أَيْضًا فَاسِدٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ ثَمَنَ الْعَبْدِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ جَارِيَتَهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ وَإِذَا لَمْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ سَقَطَ بَعْضُ الثَّمَنِ فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهُ صَارَ الْبَاقِي مَجْهُولًا
قَالَ وَعَقْدُ الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا عند أكثر الفقهاء فاسد
وحكي عن طاووس أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْدًا بِعَشَرَةٍ وَإِلَى شَهْرَيْنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَذْهَبُ بِهِ إِلَى إِحْدَاهُمَا انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ هُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْدًا بِعَشَرَةٍ وَنَسِيئَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا الثَّمَنُ الَّذِي يَخْتَارُهُ لِيَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ
وَمِنْ صُوَرِهِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا بِعِشْرِينَ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي ثَوْبَكَ بِعَشَرَةٍ فَلَا يَصِحُّ لِلشَّرْطِ الَّذِي فِيهِ وَلِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ بَعْضُ الثَّمَنِ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مَجْهُولًا وَقَدْ نُهِيَ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَهُمَا هَذَانِ الْوَجْهَانِ انْتَهَى
(فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا) أَيْ أَنْقَصُهُمَا (أَوِ الرِّبَا)
قَالَ فِي النَّيْلِ يَعْنِي أَوْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ هُوَ وَصَاحِبُهُ فِي الرِّبَا الْمُحَرَّمِ إِذَا لَمْ يَأْخُذِ الْأَوْكَسَ بَلْ أَخَذَ الْأَكْثَرَ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ في التفسير الذي ذكره بن رَسْلَانَ وَغَيْرُهُ
وَأَمَّا فِي التَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ سِمَاكٍ وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فَفِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ يَحْرُمُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِ يَوْمِهِ لِأَجْلِ النَّسَاءِ
وَقَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِجَوَازِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ بَيَّنَ صَاحِبُ النَّيْلِ وَجْهَ الظُّهُورِ إِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَعَلَيْكَ بِالنَّيْلِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ (وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ) وَالْمَشْهُورُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو مِنْ رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ (وَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْمُجْتَبَى)
قُلْتُ وَكَذَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو الْمَذْكُورِ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي الْمُجْتَبَى وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ رِوَايَةَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا فِيهَا شُذُوذٌ كَمَا لا يخفى